عادت الخلافات مجددا داخل بيت الحزب العتيد، حيث كان بطلها هذه المرة عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام بالحزب حسين خلدون، الذي وجه انتقادات لاذعة للأمين العام جمال ولد عباس، بعد أن قدم استقالته مساء أول أمس، مبررا الأمر بأن الأخير أضحى يسير الحزب بعقلية "باترون المزرعة" ولا يأبه للضوابط والقواعد التي تسير الحزب. ويحدث كل هذا على مقربة من التشريعيات المقررة أفريل المقبل حيث تبدأ معركة كسر العظام معلنة بانطلاق حرب التموقع تحسبا لهذا الموعد الانتخابي. لكن في المقابل ، ظهرت بعض ملامح أوجه الاختلاف حين أقدم الأمين العام للحزب جمال ولد عباس على تعيين الوزير الأسبق للبريد وتكنولوجيات الاتصال موسى بن حمادي في منصب مستشار مكلف بالإعلام ، وهو نفس المنصب الذي كان يشغله القيادي خلدون ، مما جعل البعض يفسر ذلك بشروع ولد عباس في تقليم أظافر القيادة السابقة وإجراء تغييرات على تشكيلتها كون عناصرها كلهم من مقربي الأمين العام المستقيل عمار سعداني حيث يمهد ولد عباس لوضع رجالاته على رأس القوائم في جميع الولايات وتقريبهم إليه في المكتب السياسي. واتهم عضو المكتب السياسي سابقا والمكلف بالإعلام بجبهة التحرير الوطني حسين خلدون في تصريح " للجريدة التونسية " الأمين العام الحالي لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، " بالسعي لتصفية رجالات الرئيس بوتفليقة وتغييب دوره في الحزب"، مضيفا أن " ولد عباس يقوم بتسيير شؤون الحزب بعقلية المؤسسة الخاصة". و قال حسين " أن قرار الاستقالة جاء عقب تسجيله لتجاوزات ارتكبها الأمين العام الحالي في مقدمتها التسيير الانفرادي حيث يردد ولد عباس يوميا حسبه عبارة ""أنا الباترون" ، وهي العبارة التي يرفضها باعتبارها استعمارية تسير بها المزارع فقط. من جهة أخرى اتهم خلدون ولد عباس بغييب دور الرئيس في الحزب والعمل على تصفية رجالاته الأوفياء داخل الحزب، مستدلا بتدشين مقر الحزب وإعادة تسميته باسم الأحرار الستة، ونسب رعاية الحدث باسمه، في حين كان عليه أن يكون هذا الحدث تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، في حين أشرف على لقاء جهوي بسيط للمنتخبات تحت رعاية الرئيس. واتهم خلدون أيضا ولد عباس بتغييب قطاع الإعلام ومعاملة القائمين عليه كموظفين، في حين قام بتهميشه كعضو مكتب سياسي مكلف بالإعلام بعد أن أعد استراتيجية خاصة بالإعلام تحسبا للتشريعيات المقبلة. وفي رده على سؤال متعلق بتوقيت تقديم استقالته، قال حسن خلدون أن القرار جاء فرديا وعن قناعة، مشيرا إلى أن هذا الأخير تبت فيه اللجنة المركزية وليس للأمين العام أي صلاحية في هذا المجال، باعتباره عضوا يحظى بثقة اللجنة المركزية، كما نفى خلدون تصريحات ولد عباس الذي تحدث عن تكليفه بمهام الشؤون القانونية قائلا "كيف له أن يناقشني بشأن هذا المنصب في حين لا يستشير المكتب السياسي، ويصدر قرارات ويتم إعلامنا بها في وقت لاحق، وأحيانا نسمعها في وسائل الإعلام. من جهته، رد جمال ولد عباس على خبر استقالة المكلف بالإعلام في حزبه بالقول: "لن أذهب إلى مغامرة الانتخابات بنظام اتصال فاشل" الذي لم يكن، حسب ولد عباس، في المستوى. وأضاف ولد عباس أنه تم تقييم جميع القطاعات في الحزب ومن بينها قطاع الاتصال والإعلام". إلا أن المتتبعين للشأن السياسي الداخلي يؤكدون أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى إعادة ترتيب بيت الحزب تحسبا للتشريعيات المقبلة حيث ينوي ولد عباس دخول المعترك الانتخابي برجالاته لتفادي أي محاولة تمرد في القيادة قد يقودها رجالات سعداني.