مثلت ندوة " صحافة القرب بين الممارسة و تحديات المهنة " التي انتظمت على هامش فعاليات المهرجان الدولي للزيتونة بالقلعة الكبرى مناسبة للمهنيين و الصحفيين في الجهات لطرح مشاكلهم و تطلعاتهم و انتظاراتهم من أجل تحسين مردودهم و عملهم الصحفي في تغطية الأحداث المحلية و الجهوية و الاقتراب أكثر من المتلقي.و جاءت غالبية المداخلات خلال الندوة على هشاشة الوضع المادي و المعنوي على حد السواء ، فالمؤسسات الإعلامية حسب شهادات عدد من المراسلين بمدن الساحل لا تكترث كثيرا لما قد يتحمّله المراسل من أخطار جسدية و معنوية عند قيامه بعمله الميداني بل أنه يتحمّل الاعتداءات و الإهانات و تكاليف التنقّل بمفرده و في المقابل يتحصّل على أجر لا يفي بالحاجة. و يرى الصحفي و الاعلامي سفيان بن فرحات أن صحافة القرب تقع بين المبدأ و الممارسة و الجميع يقرّ بأهميتها و يضيف محدّثنا أن المتأمّل في واقع الإعلام التونسي يلاحظ هيمنة واضحة لصحافة المركز و لا نجد التغطية الإعلامية للأحداث بالجهات و بالقرى و المناطق الداخلية . و يرى سفيان بن فرحات أن المواضيع التي تطرح غالبا في الاعلام العمومي أو الخاص بالمركز أخبار يكون فيها البعض من الإثارة أو تكتسي صبغة سياسية. و يؤكّد سفيان بن فرحات أن الوضع المادي للصحفيين و المراسلين الجهويين أمر يتطلّب التدخّل و يجب أن تفكّر نقابة الصحفيين في وضعهم بصفة استشرافية من الناحية المادية و المعنوية و كذلك التكوينية. من جهة أخرى يقول بن فرحات أن التطورات التكنولوجية ألغت المسافات بين المركز و الحال أنه من الممكن أن نجد في هذه المدن جمهورا يتابع و خير دليل على ذلك وجود إذاعات جمعياتية أو محلية تنقل مشاغل المنظقة و لها جمهورها و بالتالي تصبح هي المركز في حدّ ذاتها. و للصحفية بالقناة الألمانية مبروكة خذير رأي آخر فتقول أن الصحافة هي مهنة المتاعب و الخطر الذي يتعرّض إليه الصحفي هو جزء لا يتجزّأ من عمله اليومي. و أضافت محدّثتنا أن الصحفي هو الوحيد القادر على حماية نفسه و ذلك باعتماده الموضوعية والحرفية و المهنية، فعندما ينتهج الصحفي منهجية واضحة قائمة على الحجج و لا يقصي أحدا و في نفس السياق تؤكّد الصحفية مبروكة خذير على أن الصحفي الجهوي و المراسل أصبح موجودا في كل نقطة من نقاط تونس و يقومون بعمل جبار لكن نحن للأسف نفتقد إلى المنظومة القانونية التي تحمي الصحفي و نفتقد أيضا اللحمة لحماية بعضنا البعض في حالات الاعتداء على الميدان. شهادة أخرى تؤكّد أهمية صحافة القرب في أيامنا الحالية و في تطوير العمل الصحفي و هي شهادة الصحفية حنان زبيس التي كانت لها تجربة في كردستان العراقية و اشتغلت في الصحافة العراقية و ترأست تحرير مجلة الكترونية عراقية موجّهة إلى المرأة . و ذكرت حنان زبيس أهمية وجود صحفي ابن المنظقة إلى جانب الصحفي الأجنبي فهو العارف بخصائص منطقته و خفاياها و هو القادر أيضا على توفير الحماية له. و انطلاقا من تجربتها الصحفية بالمجلّة تؤكّد حنان زبيس أن التعامل مع المراسلات الجهويات في المجلّة من مناطق بعيدة و غير آمنة في التراب العراقي ساعدها على نقل مشاغل عدد من النساء و مشاكلهن ، فلم يكن أي شخص أقدر على القيام بهذه المهمّة غير الصحفيات المحليات التي كنّ يتنقّلن إلى أماكن كانت أحيانا كثيرة ممنوعة عن أشخاص آخرين أو صعب الوصول إليها. كما أتاحت هذه المراسلات الفرصة للكشف عن قصص و حكايات لم يكن من السهل التعرّف إليها لولا التعامل مع صحفييات محليات.