بينما يتشعب المشهد السياسي في تونس وتحتدم المنكافات والمعارك، الحقيقية منها والمفتعلة، أطلّ علينا وزير المالية نزار يعيش الإثنين 13 جويلية في ندوة صحفية مشتركة، بأرقام أقل ما تدعو إليه هو الفزع والجزع على مستقبل هذا الوطن حيث تشير كل الأرقام، والأرقام لا تخطئ، إلى سقوط المنظومة الاقتصادية والمالية للبلاد سقوطا حرا. ففي خضم الوضع الاقتصادي العالمي حيث يلامس سعر برميل النفط الأربعين دولارا ويتوقع ارتفاعه ارتفاعا طفيفا في الأشهر القادمة بزيادة نحو خمسة دولارات تقريبا للبرميل الواحد، تبدو الوضعية الاقتصادية في بلادنا أسوأ مما كانت عليه. وتوقع وزير المالية تراجعا حادا في نسبة النمو. وبالأرقام يُتوقع تسجيل نسبة 6.5 بالمائة سلبي كنسبة نمو. وعلى مستوى ميزانية الدولة يُتوقع تسجيل عجز بنسبة 7 بالمائة من الناتج المحلي الخام الذي يُعد المؤشر الاقتصادي لحساب القيمة الجملية لإنتاج الثروة الداخلية للبلاد. وهذا يعني أن الاستثمار الوطني سيشهد تراجعا كبيرا. بينما سيبلغ حجم التداين العام 85 بالمائة من الناتج المحلي الخام، من بينها 62 بالمائة حجم تداين خارجي. وذلك في مقابل انخفاض في حجم المداخيل الجبائية بما يقارب 5.4 مليار دينارا مقارنة بالسنة الماضية. وهذه النقطة تعكس بشكل أساسي تراجع حجم الاستثمار في تونس وانكماش الأنشطة الاقتصادية التي تخلق الثروة وفرص العمل. واستطرد وزير المالية بأن إجراءات جبائية "تحفيزية" جديدة سيتم الإعلان عنها في الأيام القليلة القادمة ستساهم في تقليص حدة تراجع حجم مداخيل الدولة إلى حوالي 4.6 مليار دينار، وذلك في إطار خطة وطنية لامتصاص الآثار السلبية لتراجع مؤشرات النمو والنشاط الاقتصادي. وللحد من حجم التداين الخارجي وإيقاف نزيف الدين الخارجي تقرر عدم خروج تونس إلى الأسواق العالمية هذا العام. كل هذا التهاوي يقابله عدم اهتمام أو قلة وعي بما تعانيه بلادنا وستعانيه الأجيال القادمة التي تم رهن مستقبلها لدوائر المال العالمية. فلا حديث في كواليس السياسة إلا عن التحالفات والخصومات والدسائس وتوجيه التهم بالاصطفاف إلى هذا المحور أو ذاك. هؤلاء هم الذين يسعون إلى الخراب ويسعون إلى الحكم في نفس الوقت، فهل سيحكمون الخراب بعد أن تستنفد كل وسائل الرهن والارتهان؟؟ ومن يقدر على حكم الخراب؟