مثل قرار تسليم رئيس الوزراء السابق في النظام الليبي البغدادي المحمودي للحكومة الليبية من طرف رئاسة الحكومة التونسية محل استياء لدى العديد من الحقوقيين وأثار العديد من نقاط الاستفهام واعتبروه قرارا جائرا وظالما ولا يستجيب لمبادئ حقوق الانسان. وفي هذا السياق عبر رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان عبد الستار بن موسى عن رفضه القاطع لقرار تسليم البغدادي المحمودي للسلطات الليبية معتبرا انه قرار فيه خرق لأبسط مبادئ حقوق الانسان وللاتفاقيات الدولية المبرمة خاصة منها مناهضة التعذيب الى جانب انه اختراق لصلاحيات رئاسة الجمهورية التي لم يتم اعلامها باتخاذ القرار. وأكد بن موسى أن جل المنظمات الدولية أجمعت في تقارير قامت بها أن ظروف المحاكمة ليست عادلة والقضاء ليس مستقلا إلى جانب عدم الاستقرار الأمني والسياسي واعتبر ان القرار تختفي وراءه خلفيات عديدة تتمثل في وجود صفقة بين الطرفين والأيام القادمة ستبرز حقيقة ذلك، كما انه سوف يكون له تداعيات سلبية على المستوى الداخلي والخارجي باعتبار ان السلطات الليبية لن تلتزم بتعهدها مع الحكومة التونسية بخصوص البغدادي المحمودي وهو ما سيجعل الموقف اكثر تعقيدا مستغربا من قرار الحكومة بالتسليم وعزوفها عن المطالبة بتسليم من اجرموا في حق الشعب التونسي. من جهته اعتبر الحقوقي صلاح الدين الجورشي أن قرار التسليم خطا فادح ومن شانه ان يخلق نوعا من التشويه لصورة تونس خارجيا خاصة وانها اخترقت كل الاتفاقيات الدولية ومبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها وبذلك فهي عرضت حياة انسان للخطر باعتبار ان محاكمة البغدادي المحمودي لن تكون عادلة امام ما تشهده ليبيا من غياب للقضاء العادل والاستقرار السياسي وسوف يكون التعامل معه بمنطق التشفي والانتقام. وأكد الجورشي أن الاسراع بتسليم المحمودي سينعكس سلبا على مستقبل العلاقات التونسية الخارجية مع تعميق الازمة داخليا وذلك بخلق فجوة بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية وهو ما سيدخل البلاد من جديد في بلبلة وعدم استقرار في اتخاذ القرارات وهو ما يثير العديد من نقاط الاستفهام. واعتبر رئيس ''حركة وفاء'' عبد الرؤوف العيادي ان تسليم المحمودي في ظروف مريبة ودون ضمانات للمحاكمة العادلة هي وصمة عار في المشوار الحقوقي لتونس خاصة وانه لم يتم التأكد من وجود قضاء عادل ومستقل في ليبيا وذلك ما يجعله مستهدفا للتعذيب ورغم ما أقدم عليه من جرائم الا انه لا يمكن تسليمه ما لم تتوفر الضمانات اللازمة لذلك. وتساءل العيادي عن الدوافع الخفية التي أحيطت بقرار التسليم والتي كثر حولها الحديث دون ان تبادر الحكومة بدحضها. من جهتها أكدت امنة منيف رئيسة حركة 'كلنا تونس' تنفيذ القرار مثل صدمة كبيرة وانه يكاد يكون خلسة بحكم توقيت تنفيذه في ساعة مبكرة من صباح يوم الاحد معربة انها شخصيا ضدّ ظروف التسليم خاصة أمام الظروف المريبة التي تم فيها القاء القبض على القذافي وهذا يشكل خطرا على حياة المحمودي خاصة وان المنظمات الدولية والحقوقية اثبتت المخاطر التي من المتوقع ان يتعرض اليها. واشارت منيف الى ان ذلك يمثل صدمة ايضا من خلال الفقدان التام للتنسيق وانعدام احترام المؤسسات وانه من الخطير ان يقع تقزيم مؤسسة رئاسة الجمهورية الى هذا المستوى والاغرب ان رئاسة المجلس التأسيسي لم تدل بأي تصريح وهو ما يبعث على قلق كبير من قبل الرئاسات الثلاث والتمادي في أحادية القرار. ويعتبر قرار التسليم من وجهة نظرها تتويجا لأزمات سياسية واختراقات سابقة لخطوط حمراء والتي تناساها حزبي التكتل والمؤتمر من أجل الجمهورية وهو ما يجعل رئاستي الجمهورية والمجلس التأسيسي في موقع ضعف ويبرز انعدام الفكر التوافقي مع باقي القوى السياسية. فاتن العيادي واسماء بن مسعود