مفارقة عجيبة واختلافا في المواقف تنضاف الى تاريخ النهضة اليوم بخصوص فيديو مسرب للغنوشي على الانترنت والذي تداولته صفحات التواصل الاجتماعي الفايسبوك في اجتماع له مع السلفيين "تحت عنوان المستقبل الخطير والغامض لتونس" والذي دعا فيها الى السيطرة على الاعلام والإدارة والجيش والشرطة قبل انشاء الدولة الاسلامية وضرورة التحرك بكل حرية. وعلى خلفية الضجة التي احدثها الفيديو أكد عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة في تصريحاته ان الفيديو مفبرك وفيه تلاعب حيث تم اخراج الكلمات عن سياقها من خلال عملية القص والتلصيق والتي تقف وراءها اطراف وصفها بالخبيثة وتبث البلبلة والفوضى في هذا الوقت بالذات خاصة انه موجود على اليوتيوب منذ شهر افريل. وفي ذات السياق كانت تصريحات حركة النهضة موافقة لتصريحات عامر العريض حيث أصدرت بيانا تبرر فيه موقف راشد الغنوشي في الفيديو الذي وقع نشره مشيرة الى ان جهة مجهولة نشرت شريطا تضمّن فقرات متقطّعة ومركبة من كلام رئيس الحركة راشد الغنوشي و ان هذا الشريط يتعلق بمداخلة الغنوشي أمام مجموعة من الشباب السلفي في شهر فيفري 2012 خلال المناقشات حول الفصل الأول من الدستور. وأشارت الى أنه وقع إخراج جمل وفقرات عن سياقها وتركيبها مما حرف معانيها وهذا حسب رأيها سلوك وعودة إلى الأساليب البالية للتشويه ذلك ان قول الغنوشي أن "الشرطة غير مضمونة" جاء في إطار الحديث عن احتواء كل المؤسّسات على أقليّات فاسدة مرتبطة بالنظام السابق وهي التي تعرقل بناء الأمن الجمهوري وهذا ما يقوله الأمنيّون أنفسهم. واللافت للانتباه ان تصريحات كل من عامر العريض وحركة النهضة جاءت في الوقت الذي نشرت فيه وكالة رويترز تصريحات أخرى متناقضة حول الفيديو من مكتب راشد الغنوشي الذي أكّد للوكالة صحة الفيديو وأنه يندرج ضمن محاولات الشيخ في إقناع السلفيين بالعمل السلمي والمشاركة في الحياة في تونس بعيدا عن العنف. يأتي تكذيب راشد الغنوشي لتصريحات عامر العريض وتبريرات حركة النهضة ليؤكد مرة اخرى الاضطرابات الداخلية في الحركة وازدواجية الخطاب التي وصمت الحركة منذ رجوعها لتونس والمفارقة العجيبة في مواقفها.