حتى المقابر لم تسلم من سطوة المعتدين خلنا أن ثورة 14 جانفي ستكون بحق ثورة الكرامة و الحرية و ستعمق فينا حب البلاد و احترام المواطنة لكننا بتنا اليوم نشاهد بعض المظاهر التي أصبحنا نعيشها نحزن لرؤيتها و نتألم لمشاهدتها. لقد بادر بعض الفوضويين مباشرة بعد الثورة بالتسابق لاجتياح الملك العمومي و تشييد محلات تجارية و حتى محلات سكنية فوضوية غير عابئين بالمواصفات البيئية منها و الأمنية. و الأمر تعدى الملك العمومي لينتهك الملك الخاص الأمر الذي عايناه في منطقة دار فضال سكرة على مستوى إقامة إلياس حيث و بتواطؤ غريب من النيابة الخصوصية تمكن البعض من الحصول و لا ندري بأي وسيلة على ترخيص لتشييد كشك رغم عدم ملكيته للأرض و هو ما أزعج متساكني المنطقة الذين جوبهوا عند اعتراضهم على ما يحدث بترخيص إداري و قانوني. و السؤال المطروح: إلى أين نحن سائرون بعد هذه المهزلة و كيف يمكن لنيابة خصوصية أن تسمح لنفسها بالتعدي على القانون و تمد المواطن بمثل هذه الوثائق لتشرّع الإعتداء على الملك الخاص؟ و ما هو ذنب أصحاب الشقق الذين ضحوا بالغالي و النفيس من أجل «قبر للحياة « يطيب فيه العيش ليصدموا عند فتح نوافذ منازلهم برؤية مظهر مرعب و غير منظم و غير آمن. هذا و تجدر الإشارة إلى أن الأشخاص المتحصلين على رخص البناء هم من ذوي السوابق العدلية و تعلقت بهم عدة قضايا خطيرة في مجملها تحصلوا على عفو و يعللون تصرفهم بالقانونية و أنه من حقهم أن يبنوا حياة جديدة. ومظاهر البناء الفوضوي لا تقتصر على المنطقة التي ذكرناها فحسب بل تشمل المناطق المجاورة لها و كامل تراب الجمهورية و رغم صدور قرارات هدم حوالي (3476 قرار) في عدد منها إلا أن عدد قليل منها قد نفذ (157 قرار ). كما لم تسلم المقابر بدورها من سطوة المعتدين و لم يراع المستغلون حرمة الموتى ليستثمروا الفوضى و غياب التنظيم لفائدتهم. و هذا يعني أنه مرة أخرى ستمتلأ أروقة المحاكم بعدد كبير من المتقاضين يضاف إليهم كم هائل من الملفات هي في غنى عنهم. و أصبحت مشاريع البناء معطلة لأن بعض البلطاجية لازالوا فاعلين و لهم القدرة على مصادرة أراضي الغير بتواطؤ مريب مع النيابات الخصوصية التي أصبحت تتهاون في القيام بواجبها و تحمل مسؤولياتها.