من جوان وحتّى سبتمبر 2025: الشركة التونسيّة للملاحة تبرمج 149 رحلة بحرية    شركة'ايني' الإيطالية تعزز استثماراتها في تونس    في الرشقة الأخيرة: إيران تستخدم صواريخ "أسرع من الصوت".. #خبر_عاجل    الليلة: أمطار متفرقة محليا غزيرة بالشمال الشرقي والحرارة تتراوح بين 20 و29 درجة    مدير عام الامتحانات: استكمال إصلاح اختبارات البكالوريا    معهد باستور: تراجع مبيعات لقاح السل وتوقف بيع الأمصال ضد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب    وزارة الفلاحة تدعو كافّة شركات تجميع الحبوب إلى أخذ كلّ الإحتياطات اللاّزمة والإستعداد الأمثل للتّعامل مع التقلبات الجوية المرتقبة    ترامب: لا أستطيع الجزم بشأن قصف إيران    بنزرت: العثور على جثة طفل ملقاة على الطريق    "نهدف الى تطوير قاعدة ممارسي الرياضات البارالمبية في تونس" (رئيس اللجنة الدولية البارالمبية)    جمعية سلك المعتمدين تطالب بتسوية وضعية المعتمدين المنهاة مهامهم    النادي الإفريقي: التركيبة الكاملة للقائمة المترشحة    صفارات الإنذار تدوي في إسرائيل بعد رصد إطلاق صواريخ من إيران    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    نابل: مخاوف من تفشي مرض الجلد العقدي ببوعرقوب وإدارة الإنتاج الحيواني تؤكد تلقيح كافة القطيع مع الاستجابة المستمرة للتدخل في حالات الاشتباه    عاجل/ روسيا تحذّر من كارثة نووية وشيكة في الشرق الأوسط    هيونداي تونس تطلق النسخة الثانية من جولتها الوطنية المخصصة للنقل الجماعي    مكتب نتنياهو يعلن حصيلة أضرار الصواريخ الإيرانية وأعداد النازحين حتى اليوم    عاجل: ''الضمان الاجتماعي''يُكذّب منحة ال700 دينار ويُحذّر من روابط وهمية    وزارة الداخلية: تنفيذ 98 قرارا في مجال تراتيب البناء ببلدية تونس    عاجل/ وفاة أب وابنته غرقا والبحث جارٍ عن ابنته المفقودة    بداية من الغد/ أكثر من 33 ألف تلميذ يجتازون مناظرة "النوفيام"..    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    الكاف: اليوم انطلاق توزيع مادتي القمح الصلب والقمح اللين المجمّعة على المطاحن (المدير الجهوي لديوان الحبوب)    18 اعتداء ضد الصحفيين خلال شهر ماي..    عاجل: وزارة الشباب والرياضة تفتح باب الترشح لانتداب أساتذة ومعلمين لسنة 2025... تعرّف على الروابط وطريقة التسجيل    خامنئي: الكيان الصهيوني ارتكب خطأ فادحا وسيلقى جزاء عمله    عاجل/ تطورات جديدة في قضية مقتل المحامية منجية المناعي..    غوارديولا: ''أحب تونس أقدر موهبة شمال إفريقيا''    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عاجل : انتداب جديد في النادي الافريقي    عاجل - يهم التونسيين المقبلين على الزواج : وزارة الصحة تصدر بلاغا هاما    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    الحماية المدنية تتدخل لإخماد 198 حريقاً خلال 24 ساعة فقط    بطولة برلين للتنس: "أنس جابر" تواجه اليوم المصنفة الخامسة عالميا    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    كأس العالم للأندية: التعادل يحسم مواجهة إنتر ميلان الإيطالي ومونتيري المكسيكي    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود..    العرب في قلب الحدث: أبرز مواجهات اليوم في كأس العالم للأندية ...التوقيت    طقس الاربعاء: الحرارة في انخفاض مع أمطار بهذه الجهات    كأس العالم للأندية 2025 : صن داونز الجنوب أفريقي يهزم أولسان هيونداي الكوري 1-صفر    تونس تتسلم دفعة تضم 111 حافلة جديدة مصنعة في الصين    خامنئي يعلن بداية المعركة.. ويدعو للرد بقوة على إسرائيل    3'' حاجات'' لا تخرج من المنزل بدونها فى الطقس الحار    علاش يلسعك إنت بالذات؟ 5 أسباب تخليك ''هدف مفضل'' للناموس!    عاجل/ اضراب بيوم في "الستاغ"..    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقاش هام وثري في ندوة حول مشروع قانون النظام الأساسي للبنك المركزي: دعم إستقلالية البنك المركزي والحث على الإستقرار النقدي
نشر في الخبير يوم 28 - 01 - 2016


تصوير: عبد المجيد ثابت
نظمت عمادة المهندسين التونسيين وجمعية التونسيين خرّيجي الجامعات الألمانية ندوة حول:»مشروع قانون النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي» بنزل «الشيراتون» بتونس حضرها عدد من الخبراء في الاقتصاد والمالية منهم على سبيل الذكر لا الحصر الأستاذ علي الشابي والدكتور ياسين العنابي.
ولئن أريد لهذه الندوة أن تكون فرصة لإطلاق حوار مفتوح وبنّاء حول مشروع القانون الذي سيكون له ولا شك تبعات مهمة على المؤسسات الاقتصادية في الدولة وعلى السياسة النقدية وعلى الاقتصاد الوطني في مُجمله فقد كانت بالفعل فضاء طرحت فيه العديد من الآراء والأفكار التي تتعلّق بهذا الموضوع الهام الذي لم يكن النقاش فيه متاحا إلا في دوائر ضيّقة جدا.
وشارك في هذه الندوة إلى جانب الجامعيين والخبراء بعض المهنيين بالإضافة إلى عدد من المهندسين يتقدّمهم العميد أسامة الخريجي وعبد الستار حسني الكاتب العام لعمادة المهندسين وعدد من التونسيين من خريجي الجامعات الألمانية.
ودار النقاش في هذه الندوة حول العديد من المحاور التي تتعلق بمشروع القانون ومنها الأسئلة أو الإشكاليات التي طرحها المنظمون قبل عقد الندوة ومنها بالخصوص:
على أساس أيّة إصلاحات هيكلية تمت بلورة هذا القانون؟ وكيف يمكن تصنيفه بالمقارنة بأفضل الممارسات المرجعية العالمية؟ وهل يفي بمتطلبات تحديث النظام البنكي؟ وما هي تبعاته الممكنة؟
وفي إطار هذه الندوة حاولنا نقل آراء بعض الخبراء والمسؤولين المشاركين في هذه الندوة والتي جاءت كما يلي:
شكري عسلوج (رئيس الهيئة الشرفية وعضو الهيئة المديرة التابعة لجمعية التونسيين خريجي الجامعات الألمانية)
تندرج هذه الندوة في محاولة من المجتمع المدني لايلاء الاهتمام والمشاركة في النقاشات التي تتعلّق بالمسائل الكبرى التي تحدّد مستقبل البلاد وخياراتها الكبرى.
وقد نظمت جمعية التونسيين خريجي الجامعات الألمانية بالشراكة مع عمادة المهندسين المعماريين هذه الندوة لكوننا فاعلين من المجتمع المدني حيث نرى أنّ هذا القانون هو الذي سيحدّد السياسة النقدية بل الاقتصاد الوطني ككل وبالتالي مصير البلاد الذي لم يقع التطرّق إليه بالطريقة التي يستحقّها.
وهذه الندوة تمثّل فرصة لإطلاق هذا الحوار بين خبراء أخصائيّون وأساتذة جامعيّين في الاقتصاد وفي الشأن المالي والاقتصادي بالإضافة إلى البرلمانيّين الذين سيأخذون على عاتقهم مسؤولية المصادقة على هذا القانون ولا يمكن أن ننسى كذلك المنظمات الوطنية والمجتمع المدني ككل.
إذن هذا الحوار لابدّ له أن يكون بنّاء وبعيدا كل البعد عن التجاذبات السياسية، وبالتالي فنحن كمجتمع مدني ليست لنا مآرب سياسية بل غايتنا هو الوصول بالبلاد واقتصادها إلى برّ الأمان ونكون إطارا فاعلا وحقيقيّا في تناول ومناقشة خفايا مثل هذه المواضيع وتداولها في إطار الشفافية.
محمد رابح (رئيس جمعية التونسيين خريجي الجامعات الألمانية)
هذه الندوة تدور حول مناقشة مشروع قانون النظام الأساسي للبنك المركزي، حيث اقترحنا هذا المشروع في إطار المجتمع المدني والذي يتمثّل في استشارة خبراء وأخصّائيين في هذا المجال وبالتالي أردنا أن يكون للمهندس دورا فعّالا في تحديد ومناقشة السياسات المالية المستقبلية للبلاد لأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسات التنموية التي ستنتهجها البلاد في تحديد المستقبل ونحن كجمعية خرّيجي الجامعات الألمانية وعشنا بألمانيا وتعرّفنا على التجربة الألمانية والتغييرات التي حدثت بدول شرق أوروبا والاستفادة من تجاربها من خلال الأخذ من ايجابياتها كي لا نضطرّ إلى اجترار التجارب الفاشلة ونظرا لكون هذه التجارب تتضمّن عناصر ايجابية وأخرى سلبية وللتركيز على الجانب الايجابي منها سعينا إلى أن تتمّ هذه المبادرة بحضور خبراء بجميع الميادين من اقتصاديين وماليّين كذلك مهندسين من الذين سيكون لهم دور فعّال في تطوير وتنمية الاقتصاد في المستقبل.
أسامة الخريجي(عميد المهندسين التونسيين)
إن مشروع هذا القانون هو مهم نظرا للاستتباعات التي يمكن أن تنجر عنه من خلال تأثيره على الاقتصاد التونسي في مجمله وعلى السياسات الاقتصادية وحركية المؤسسات الاقتصادية وبالتالي فإن مشروع هذا القانون لابدّ له أن يحظى بالموافقة من قبل كل الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين ولا بدّ له كذلك بأن يحظى بحوار عميق ونقاش من قبل مكوّنات المجتمع المدني المعنية به.
في هذا الإطار حرصت العمادة بالتعاون مع جمعية التونسيين خرّيجي الجامعات الألمانية على فتح هذا الحوار الأوّل حول مشروع هذا القانون كي يأخذ حظّه من النقاش وبالتالي بعد المصادقة على هذا المشروع من قبل مجلس نواب الشعب يكون قد اكتمل ونضج وضمن كلّ مقوّمات النجاح لاقتصادنا الوطني، هذا هو الإطار الذي تندرج فيه تنظيم هذه الندوة.
الهدف من هذا المشروع أنه قُدّم لمجلس النواب ولكن لاحظنا أنّه مرّ دون أن يحظى بتغطية إعلامية أو حوارات في شأنه وتعديلات في اتجاه التحسين والتطوير ولتقديرنا أن مشروع هذا القانون جدّ مهم نظرا لتأثيره الكبير على الاقتصاد وقد اطّلعنا عليه ولاحظنا عديد المآخذ في شأنه وذلك بفضل الخبراء وبالتالي قرّرنا توفير مساحة حوارية ليُدلي كلّ بما لديه خاصة من أهل الاختصاص وكلّ المعنيّين بهذا القانون من فاعلين اقتصاديين وسياسيين ومنظمات المجتمع المدني حتى تنضج الفكرة ويتم إدخال التعديلات اللازمة عليه من خلال الدراسة والتعمق ويقع أخيرا المصادقة عليه وبذلك ضمان انه عند المصادقة على هذا القانون سيعطي الإضافة المرجوّة للاقتصاد الوطني.
علي الشابي (أستاذ جامعي وخبير اقتصادي)
نظرا إلى المرحلة الانتقالية التي مرّت بها بلادنا وما شهدته من عدم استقرار في المنظومة المؤسّساتية فقد تطلّب ذلك الإسراع في إجراء إصلاحات من الجانب المؤسساتي وكذلك الاقتصادي الذي يعتبر الأهم وكان ذلك مطلبا جماعيّا.
والبنك المركزي انخرط في سياق هذه الإصلاحات وهذا جيّد لتكون بالتالي مؤسّسة لها قانونها الأساسي ويضمن نجاعة سياستها الاقتصادية ويضمن اضطلاعها بأدوارها ومهامها.
في إطار هذا القانون الموجود بين أيدي البرلمانيّين وكقراءة أولية لمشروع هذا القانون الذي يتضمّن ايجابيات ولكن أيضا جوانب لابدّ من مناقشتها بين المعنيّين لرفع الغموض الموجود ضمن بعض الفصول وللتصريح فمن بين 100 فصل هناك الثلث يهتم باستقلالية البنك المركزي وهذا مهم جدّا.
ومن خلال هذا الحوار وجدنا تراوح بين استقلالية البنك المركزي وعدم استقلاليته حسب النماذج الموجودة بمختلف الدول، لذلك إذا تم التنصيص على استقلالية البنك المركزي لابدّ من إضافة طرح للأسباب حيث أدلى البنك المركزي بسببين فقط أوّلهما أنه منخرط في الإصلاحات منذ سنة 1958 وهي استمرارية لدوره والسبب الثاني هو وجود تعقيدات بالقوانين الصادرة ومن الضروري إيضاحها لإنارة المعنيين بالأمر لكن لابدّ أيضا من وجود أسبابا أخرى كي يكون مشروع هذا القانون قائما على إصلاحات هيكلية إستراتيجية عميقة في خطوطها العريضة والتي تخص غياب التنسيق بين البنك المركزي والسلطة الجبائية، لذا لابدّ من التنسيق، هذه الكلمة التي وجدت مرّتين فقط، مرة بصفة مقتضبة ومرّة أخرى تخص نظام الصرف. إذن لابدّ لهذا المشروع أن يكون قائما على مشاريع لإصلاحات هيكلية تتناسب مع المستقبل المؤسساتي للبلاد بعد 14 جانفي وهذا يُلزم كذلك تحديد مفهوم الاستقلالية حيث يبدو أنه بالنسبة لقانون 2006 فإن مشروع هذا القانون يعطي صلوحيات أكثر بكثير من قانون 2006 الخاص بالسياسة النقدية ومحافظ البنك المركزي، ذلك يعني أنه لابدّ من تحديد الوسائل لتحقيق هذه الأهداف لأنه في بنوك من العالم هناك تفرقة بين الاستقلالية، فمثلا البنك بانقلترا مستقل فقط بالهدف أمّا الوسائل فبيد السلطة التنفيذية بينما البنك بألمانيا مستقل بالهدف والوسائل، وقد تجاوزنا المثال الألماني نظرا وأنه في تحديد الحوكمة الداخلية للبنك المركزي يصبح لديه صلوحيات البنك الألماني.
كذلك من الأفضل أن يخصّ البنك المركزي بالاهتمام لا استقرار الأسعار فقط بل كذلك في تحديد السياسة المالية والتنمية الاقتصادية للبلاد، كما أنه من واجب محافظ البنك المركزي خلق مواطن شغل وقنوات للسياسة النقدية واثبات مدى تأثيرها على السياسة الجبائية لأنه في استمرارية هذا الغموض بمشروع القانون يمكن أن يولّد تضارب المصالح بين هدف السياسة الجبائية وهدف السياسة النقدية المتمثّل في السيطرة على الأسعار، ففي عدم وجود تنسيق يتسبّب ذلك في التضخّم.
إنّ استقلالية البنك المركزي ليست هدفا في حدّ ذاتها بل هي إطار معيّن للوصول بها إلى نجاعة السياسة النقدية وتكون متناسقة مع الأهداف الإستراتيجية للتنمية الاقتصادية بالبلاد.
واقتراحي يتمثّل في إرساء مؤسسة أخرى مستقلة في إطار السياسة الاقتصادية الكلية، كما أن العلماء هم ضدّ فكرة «أكثر استقلالية تؤدّي إلى مزيد التضخّم» بل لابدّ من الاعتبار من الحالات الاقتصادية والمؤسساتية ومرحلة الاستراتيجيات التي تقوم بها تونس ليكون الأداء أفضل.
حاتم صالح (أستاذ جامعي في الاقتصاد)
إن مشروع القانون الذي وقع تقديمه لمجلس النواب الخاص بالنظام الأساسي للبنك المركزي يمثّل نقلة نوعية التي تحسّن من أداء البنك المركزي وقد جاء مشروع هذا القانون بعدة إصلاحات هيكلية كإنشاء هيئة للرقابة الافتراضية بالإضافة إلى صلاحيات البنك في التدخل في إنقاذ مؤسسة مالية مهدّدة بالإفلاس وهذا الأمر الذي لم يكن موجودا من قبل في نص القانون لكن الآن أصبح موجودا ليكون بالتالي إصلاح جوهري مرحّب به.
لكن في نفس الوقت هناك بعض الاخلالات في هذا النص والتناقض بين الفصول كالفصل 8 الذي يعطي صلاحيات للبنك المركزي والفصل 22 الذي يربط مهام البنك المركزي برئاسة الجمهورية وهذا يخلق بعض المشاكل لذلك لابدّ من إيضاح المسألة بالتنسيق مع الحكومة لخلق التناسق بين فصول هذا القانون للحفاظ على الاستقرار المهني للقطاع.
نفس الشيء بالنسبة لهذا القانون الذي أتى بالجديد كالاستقرار المالي نظرا للظروف الصعبة التي عاشتها البلاد وما تعرّضت له من أزمة مالية سنتي 2008 و2009 وهذا دليل على أهمية التدارك لبلوغ الاستقرار المالي دون غضّ الطرف عن أهمية النمو الاقتصادي.
إن الاكتفاء باستقرار الأسعار متداول في العالم ولكن برأيي وحسب الوضع الراهن بتونس لابدّ من التنصيص عليه وإضافة لهذا الهدف لابدّ من النصّ على النمو الاقتصادي مخافة تعيين محافظ بنك يؤمن بسياسات التقشّف والتي قد تؤدّي إلى نتائج عكسية، فسياسة النقد تشجّع على الاستثمار وتخفّض من التضخّم.
ألفة سكري شريف (مقرّرة لجنة المالية بمجلس النواب)
لقد شاركت في هذه الندوة المتعلّقة بالنقاش حول مشروع النظام الأساسي للبنك المركزي والذي لم يقع مراجعته منذ سنة 2006، وقد وقع إيداع مشروع هذا قانون جديد لدى مجلس نواب الشعب من قبل الحكومة ومن أهمّ ما جاء فيه هو موضوع استقلالية البنك المالية والإدارية وصلاحياته وكيفية تسييره للإدارة والسياسة المتوخّاة في ذلك، تلك العناصر التي تعتبر شكليّة نظرا لغموض بعض فصوله وبالأساس تلك التي تتعلّق بالتركيبة الإدارية للبنك وطرق اختيار الأعضاء واحتكار السلطة الفعلية لدى محافظ البنك والذي يخضع مباشرة لإشراف رئاسة الجمهورية وقد كان هذا العنصر من أهم العناصر المطروحة في النقاش الذي يدور في كنف الشفافية من خلال النص على ضرورة مصادقة مجلس نواب الشعب على تعيين المحافظ وأعضاء مجلس إدارة البنك.
إنّ البنك المركزي يتمتّع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي إلاّ أنّ هذه الاستقلالية لابدّ لها أن تكون خاضعة للمراقبة في مباشرة مهامه وتحقيق أهدافه وما يقتضيه مشروع هذا القانون لا أن تكون خاضعة لسلطة الحكومة.
عدّة عناصر برزت في هذا المشروع من أهمها الرقابة على أنظمة ووسائل الدفع كذلك تحديد العلاقة مع الحكومة والرقابة على البنك المركزي في حدّ ذاته.
إنّ هذه الإجراءات والإصلاحات لابدّ لها أن تكون قائمة على حضور عناصر تقنية وعلمية بحتة بعيدة عن أي تجاذبات سياسية كي نتقدّم بهذه الأهداف مع احترام المقاييس والمعايير التي تنضوي داخل هذا القانون من خلال الحوار مع الخبراء والأساتذة الجامعيّين في هذا المشروع والذي تضمّن 100 فصل تمحور حول تحديد مهام البنك وطرق تسييره وتركيبته الإدارية، هذه المحاور العميقة التي تطرّقت إلى نقائص قانون النظام الأساسي للبنك المركزي للوصول إلى الاستقلالية المالية من خلال الاستئناس بتجارب من دول أخرى.
فاضل الحرباوي (كاتب عام النقابة الوطنية للمهندسين المعماريين التونسيين وناشط ببعض مكوّنات المجتمع المدني)
إنّ مشروع القانون قيّم ووجيه اعتبارا لما يكرسه من استقلالية للسياسة النقدية وللنمو الاقتصادي الوطني، وأن دور البنك المركزي التونسي في تقويم السياسات النقدية الوطنية وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي المنشود وتجنيب البلاد الأزمات النقدية المحتملة على غرار التضخم المالي أو الانكماش أو تضاؤل المدخرات من العملة الصعبة وغيرها يجعله في طليعة المؤسسات الوطنية التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وبالتالي فإن إخضاعها للقرار السياسي سيجردها من مهمة الرقابة النقدية والتعديل وما سلف ذكره من أدوار.
كما أنّ القرارات السياسية غالبا ما تكون غير متزنة لعدة أسباب كالوعود الانتخابية والشعبوية والرضوخ لضغط الشارع والارتجال والتسرع لتحقيق البرامج ومحاولة إبراز الإنجازات للعموم وغيرها… وللغرض ذاته أود التذكير بنسبة النمو التي تجاوزت الواحد تحت الصفر والناتج القومي الخام الذي تدحرج
إلى تحت الواحد بالمائة حسب تصريح العديد من الخبراء التونسيين والأجانب بقنوات أجنبية ومجلات متخصصة، في حين أن نسبة التداين الخارجي قد تجاوزت بكثير نسبة ال 53 % من الناتج القومي الخام التي قدمها السيد رئيس الحكومة سابقا أمام مجلس النواب.
وللإفادة أيضا فإن جزءا هاما من الديون لم يقع استهلاكها في الإبان مما أثر سلبا على مردودية المشاريع نتيجة تراكم الفوائض هدرا. وللحيلولة دون المزيد من الأضرار والمخاطر المالية أرى أنه يتعين علينا جميعا حكومة وسياسيين وشعبا إعادة النظر في المنوال التنموي المعتمد لتكريسه الطابع الاستهلاكي والتبعي والاهتمام أكثر بالجانب العلمي التقني كالهندسة المعمارية والمدنية والإعلامية والكيمياء وغيرها… وذلك لدورها المحوري في رسم مسارات التنمية لمختلف البنى التحتية والنهوض بالاقتصاد الوطني ومن ثمة خلق الثروة الوطنية، وحسن دراسة المشاريع ومختلف الرزنامات المتعلقة بالإنجاز والتمويل، مع تمكين البنك المركزي التونسي من أداء دوره التعديلي والرقابي النقدي بكل استقلالية.
إذًا فلقد اعتبر أغلب المحاضرين أنّ المشروع الجديد ( 2016) أفضل بكثير من مشروع 2006 لعدّة اعتبارات أهمها أن محافظ البنك المركزي كان يخضع مباشرة إلى إشراف رئيس الجمهورية وسلطته بينما ينص المشروع الجديد على ضرورة مصادقة مجلس نواب الشعب على تعيين المحافظ وأعضاء مجلس إدارة البنك. وفي هذه النقطة بالذات تم اقتراح إدخال تعديل يتمثّل في إعادة النظر في تركيبة مجلس الإدارة الذي يضمّ حاليا تسعة أعضاء ستّة منهم معيّنون.
وتطرّق النقاش أيضا إلى الدور الفعلي الجديد للبنك المركزي في السياسة المالية والنقدية للبلاد ومدى استقلالية هذا البنك أو نسبية هذه الاستقلالية وما يجب عليه فعله من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية والمالية في البلاد.
وأثيرت كذلك نقطة هامة وهي أن البنك المركزي لم يكن يعلن عن برامجه بينما يفرض مشروع القانون الجديد أن يعلن عن ذلك كي ينال مصادقة مجلس نواب الشعب.
وإلى جانب ما ذكر أثيرت أيضا نقطتان على غاية من الأهمية:
– الأولى تتعلّق بتعيين محافظ البنك المركزي من قبل السياسيين وهل إن ذلك يتناقض مع مبادئ الديمقراطية وهل يجب إعادة النظر في تعيينه؟
– أما النقطة الثانية فتتعلّق بالصلاحيات المطلقة لمحافظ البنك حتى إزاء مجلس الإدارة ومنها على سبيل المثال أن باستطاعته نقل مقرّه ( مقرّ عمل المحافظ ) إلى أي مكان بما في ذلك إلى خارج البلاد وهنا تم الاستدلال بمثال محافظ البنك المركزي الليبي الذي يعمل انطلاقا من «مقّره» بمالطا.
وتمت الإشارة أيضا إلى البعض من نقائص مشروع القانون الجديد ومنها على سبيل المثال الفصلان 8 و 22 اللذان يعطي أحدهما صلاحيات كبيرة لقرارات المحافظ بينما يربطها الفصل الآخر بالتنسيق مع مجلس نواب الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.