وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب تركيا    كأس تونس: تشكيلة النادي الصفاقسي في مواجهة مستقبل المرسى    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. بحثا عن تعبيد الطريق إلى النهائي    توزر: حجز كمية كبيرة من المخدرات لدى بائع خمور خلسة    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني عن عمر 81 عاما    الخارجية: نتابع عن كثب الوضع الصحي للفنان الهادي ولد باب الله    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    عاجل/ مسؤول إسرائيلي يؤكد استهداف قاعدة بأصفهان..ومهاجمة 9 أهداف تابعة للحرس الثوري الايراني..    استثمارات متوقعة بملياري دينار.. المنطقة الحرة ببن قردان مشروع واعد للتنمية    الافراج عن كاتب عام نقابة تونس للطرقات السيارة    كأس تونس لكرة السلة: إتحاد الانصار والملعب النابلي إلى ربع النهائي    نقابة الثانوي: محاولة طعن الأستاذ تسبّبت له في ضغط الدم والسكّري    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    رفعَ ارباحه ب 43%: بنك الوفاق الدولي يحقق أعلى مردود في القطاع المصرفي    معرض تونس الدولي للكتاب يفتح أبوابه اليوم    ثبَتَ سعر الفائدة الرئيسي.. البنك المركزي الصيني يحافظ على توازن السوق النقدية    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    وزيرة التربية تتعهد بإنتداب الأساتذة النواب    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    غوغل تسرح 28 موظفا احتجّوا على عقد مع الكيان الصهيوني    عاجل/ بعد منع عائلات الموقوفين من الوصول الى المرناقية: دليلة مصدق تفجرها..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..سحب كثيفة مع الأمطار..    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    عاجل : هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    سلطنة عمان: ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيء إلى 21 حالة    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    بورصة تونس: "توننداكس" يقفل حصة الخميس على استقرار    عاجل/ هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين: اللّيلة تنقضي مدّة الإيقاف التحفّظي    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    ارتفاع نوايا الاستثمار المصرح بها خلال الثلاثية الأولى من السنة الحالية ب6.9 %    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    انخفاض متوسط هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمائة خلال شهر فيفري 2024    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    هام/ تطوّرات حالة الطقس خلال الأيام القادمة..#خبر_عاجل    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أراء حرة التعليم في تونس منذ الاستقلال : هل سمح التعليم الذي أقرّوه لنا باكتساب العلوم والمعارف والتكنولوجيا وهل تمكّنا من صناعة القطارات والحافلات والسيارات والآلات الفلاحية والصناعية؟
نشر في الخبير يوم 19 - 05 - 2016

بقلم رجل الأعمال والسياسي والجمعياتي البحري الجلاصي
عندما أطّلع على تواريخ الشعوب وما بلغه بعضها من درجات علوم ومعارف وتكنولوجيا وما يقدّمه أبناؤها من منتجات صناعية وتكنولوجية وطبّية وغيرها مما ينفع بلدانهم وبلدان العالم كلّه يحزّ في نفسي ما وصلنا إليه في تونس بالرغم من مرور 60 عاما على خروج الاستعمار الفرنسي الذي جثم على صدورنا 75 عاما بالتمام والكمال . وطبعا أنا لا أقارن بلادنا ببلدان أخرى متقدمة لم تعرف ويلات الاستعمار بل ببلدان تشبهنا كثيرا من حيث وضعها ومن حيث إمكاناتها ومن حيث المدة الزمنية التي مرت على استقلالها . ومن خلال ما سأكتب سأبيّن للناس أن ما يحدث في بلادنا لم يكن بالصدفة بل مخطط له وما زال المخطط متواصلا إلى اليوم وأن السلاح المستعمل لتحقيق هذا المخطط هو التعليم .
ضرب الهوية وفشل الاستعمار
يقول رب العزّة : « الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) «. وإن كتاب الله العزيز الذي أنزله على نبينا الكريم محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين لهو تبيان لكافة المخلوقات بمن فيهم الإنس والجان . وهذا الكتاب قد بيّن طريق الخير وطريق الشرّ والله سبحانه وتعالى هو العالم بما هو خير أو شرّ لكافة مخلوقاته . ومن أجل ذلك بيّن الله لرسوله الكريم عبر ما أوحى به له من تاريخ البشرية والخلق ( من عهد آدم وحواء إلى عهد النبيّ الكريم ) كل دلائل الخير والشرّ للأمة كلّها . وفي عهد الاستعمار الفرنسي لبلادنا كانت الكتاتيب منتشرة تقريبا في كافة أرجاء البلاد وفيها يتم تحفيظ القرآن الكريم وتعطى الدروس والعلوم الانسانية للكبار كما الصغار . وكان التونسيون رغم الاستعمار متشبّعين بالإيمان وبتعاليم دينهم . وعلى عكس ما حصل في نحو 55 بلدا استعمرتها فرنسا وغيّرت فيها هويّات الشعوب وأزالت لغاتها الرسمية لتزرع مكانها لغتها الفرنسية لم تستطع فرنسا الاستعمارية تغيير دين هذه الأمّة لأن القبائل ( فراشيش وهمامّة وجلاص … وغيرهم ) كانت متعلّقة بدينها وبقيم الاسلام العالية وحافظت على الدين والتعاليم رغم قهر الاستعمار للفلاّقة والكثير من المجاهدين .
تنفيذ ما عجزت عنه فرنسا
ثم جاء ما قيل إنه استقلال من خلال وثيقة لا أحد يعرف عنها شيئا لكنّي أكاد أجزم بأن بورقيبة قد أمضى فيها وتعهّد بالقضاء على الكتاتيب وبيوت الله ومنع الدروس القرآنية وما شابه ذلك . وقد جاءنا بورقيبة بمجّلة الأحوال الشخصية التي كانت مدخلا لمعاداة الدين من خلال سنّ قوانين تعارض الشريعة ومنها على سبيل المثال كل ما يتعلق بالتبني والاجهاض وغيرهما . وقد سعى بورقيبة إلى أن تكون الدروس في أغلبها ملائمة لمناهج الاستعمار وليس فيها من روح الفقه والاسلام أي شيء . وخلال 60 عاما سعى كل من حكموا البلاد إلى محو كافة المناهج التعليمية الاسلامية وتم تقزيم دور جامع الزيتونة الذي كان مستوى التعليم فيه مشهودا له في كافة أنحاء العالم وكان مقصدا للعديد من العلماء والفقهاء . كما سعى بورقيبة إلى غلق الجوامع خارج أوقات الصلاة لأن الجامع بالنسبة إليه كان وكرا للتزمّت والتشدد . وفي سنة 1974 ثارت ثائرته وتبنّى فرنسة الأمة التونسية من خلال جعل اللغة العربية لغة ثانوية وسعى إلى محو هوية الشعب التونسي . ومثلما يقول المثل « سيّب الحبل على الهارب « فقد أنتج منهج بورقيبة ثقافة تغريب وانفصام وتقرّب من المستعمر عوض التمسّك بما ترسّخ فينا منذ مئات السنين .
بن علي على خطى بورقيبة وأكثر
وبعد بورقيبة جاء بن علي الذي لم يحد كثيرا عن منهج سلفه بل جاء بما لم تأت به الأوائل . فقد دخل التعليم في عهده إلى نفق مظلم وصارت بلادنا مخبرا لتجارب المناهج التعليمية الغربية التي رغم فشل بعضها في البلدان التي خلقت فيها فإنها تواصلت عندنا على غرار تجربة التعليم الأساسي التي ابتدعتها كندا ثم تخلّت عنها بعد سنوات بعد ثبوت فشلها لكننا في تونس ما زلنا نستلهم منها ونتبع مناهجها رغم أننا نعرف حجم الكوارث التي نالتنا منها وخاصة في ضحالة مستوى التعليم لدى التلاميذ الذين صاروا ينجحون وينالون الشهائد بمختلف أنواعها واختصاصاتها وأغلبهم لا يعرف الفرق بين ألف لا شيء عليه وباء بنقطة من تحت . وفي عهد بن علي صارت برامجنا التي تعتمدها مدارسنا ورياض أطفالنا تفتتح أيامها بأغاني صوفية صادق ولطيفة العرفاوي ونانسي عجرم وإليسا ولم نعدّ نفرّق أو نعرف هل أن مرتادي المدارس والمعاهد والكليات تلاميذ يطلبون العلم أم مشجّعو كرة من كثرة ما كنّا نرى وما زلنا من أزياء فرق رياضية يرتدونها أوقات الدرس عوضا عن الأزياء الرسمية للتعليم . وفي عهد بن علي كما في عهد بورقيبة تم تخصيص أجزاء كبيرة من كتب التاريخ لتدريس تاريخ فرنسا وتمجيدها. كما تمّ تغييب الشخصيات الوطنية التي قامت بأدوار يفوق بعضها ما قام به بورقيبة . وتم أيضا شطب الشخصيات الاسلامية التي نحتت تاريخ هذه الأمة مثل عقبة بن نافع الذي نشر الفتوحات حتى بلغت أندلس الحضارة والعلوم والخير والعروبة من الذاكرة التونسية عمدا لأنها تخيف الحكام وتخيف المستعمر الفرنسي الذي سلّم البلاد إلى بورقيبة بشروط ومنها أن يمحو كل ما له صلة بماضينا وهويتنا وديننا .
هل نحن دولة مستقلّة فعلا ؟
ثم جاءت الثورة وجاءت « الترويكا « لتهدينا دستورا لا يوجد له مثيل في أية دولة عربية أو إسلامية إذ يمنح في فصله السادس حرية المعتقد بما يعني ذلك من إمكانية الخروج عن الاسلام والارتداد عنه وإباحة الحرية الكونية التي تبيح بدورها حتى الزواج بين المثليين الجنسيين على غرار ما صرّح به الغنوشي في فرنسا حول هذا الموضوع بما هؤلاء المثليين تنظر إليهم النهضة كوقود وخزان انتخابات يمكن أن ينفعها يوما ما . وها نحن نتابع آخر ما صدر من خلال ما أتى به النائب مهدي بن غربية الذي قال صراحة إنه يجب المساواة في الميراث لأن ما يجب أن نتّبعه في تونس هي القوانين الوضعية وأعلاها الدستور. وأقرّ بن غربية مثلا بأن التبنّي حرام في الدين وحلال في القانون وأن تعدد الزوجات حلال في الدين وحرام في القانون وأن الربا حرام في الدين وحلال في القانون وأن المساواة في الميراث حرام في الدين وحلال في القانون وأن بيع الخمر حرام في الدين وحلال في القانون الذي قد يحصل بمقتضاه المثليون ذات يوم على « حقّهم « في الزواج بمثليين آخرين . وهنا لابدّ أن أتساءل : إذا كانت فرنسا بقوتها قد عجزت عن جعل تونس فرنكوفونية وأن تخرجها عن الاسلام مثلما فعلت مع العديد من الدول التي استعمرتها ومسختها فهل سينجح هؤلاء الذين عوّضوها في هذا المخطط المرسوم منذ أمد بعيد ؟. ومن هنا أيضا أسأل : هل نحن دولة مستقلّة فعلا ؟ . هل إن هدف بورقيبة وبن علي ومن أتوا بعدهما هو القضاء على الأمة والدين ؟. هل يكون الجواب من خلال ما قاله رب العالمين : « ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ( 120 ) ؟ «.
وإذا كان هؤلاء الذين حكموا البلاد يعرفون أنها بلاد عربية مسلمة فلماذا يحكمون بهذه المناهج وهذا الدستور ؟. إذا كانوا يرون أن شعبنا ليس مسلما فليبيّنوا لنا ذلك على الأقل . ولكنّي أقول لهم أيضا دون أن أنتظر منهم جوابا إن دولتنا مسلمة ولا يجب أن تغلق فيها الجوامع في أي وقت وإنه يصحّ عليهم المثل الشعبي القائل « جا يتبّع في مشية الحمام تلّف مشيتو « فصار لا من هذا ولا من ذاك. وأعود لأسأل أيضا : هل هؤلاء متنصّرون أم مسلمون ؟. هل يحكمون في تونس أم في فرنسا ؟. كيف يكونون منّا وإلينا ثم يأتوننا بإيعاز من المستعمر فيحكموا هذه الابلاد حكما غير شرعي من خلال قوانين كلّها وضعية ولا تمتّ إلى الاسلام بشيء ؟. لقد خرج الاستعمار من تونس بفضل الله وبفضل الذين ضحّوا حتى بدمائهم وقهروه فهل ضحّى هؤلاء من أجل أن يؤبّد السياسيون استعمار البلاد وتغيير هويتها وديانتها ؟. هل إن الاستعمار الذي عجز عن مسخ هوية شعبنا طيلة 75 عاما قد نسّق وفعل الأفاعيل حتى قبل رحيله مع أشخاص ينوبونه وينفّذون ما عجز عنه ( بورقيبة وبن علي ومن أتوا بعدهما ) ؟. هل يريدون حكم البلاد بالطريقة الفرنسية ؟. وإذا كانوا يريدوننا متفرنسين مستعمرين نتبع الغرب فلماذا لا يحكمنا رجال الغرب مباشرة عوضا عن هذا المسرح المغشوش ؟. إن المستعمر على الأقل تفرض عليه القوانين والمعاهدات الدولية أن يضمن للشعب الذي يستعمره المعيشة والأمن والحماية والدواء وعدة أشياء يعجز من يحكموننا عن توفيرها لهذا الشعب . وإذا كان هؤلاء مكلّفين من قبل المستعمر بنيابته هنا في الحكم فلماذا لا يطلبون منه أن يضمن لنا الأمن والاستقرار والدواء وأن يدمجنا في الاتحاد الأوروبي لنضمن الحماية والصناعة وكافة أسباب الحياة المتوفرة للأوروبيين ؟. إذا كان الاستعمار الذي نخضع له « استعمار بوبلاش « ( يسهر عليه من كانوا يعرفون باسم الصبايحيّة والقيّاد وكل من لفّ لفّهم ) فيجب على هؤلاء أن يقولوا لأسيادهم في فرنسا وأن يطلبوا منهم أن ينهضوا بالبلاد وأن يجعلوا منّا أسيادا حسب القانون العالمي وإما أن يعودوا إلى وطنهم وإلى شعبهم ودينهم وأن يتّبعوا طريق الخير وأن يعيدوا فتح الكتاتيب ورياض القرآن لتعليم الدين وتعاليمه السمحة وهذا هو أملنا . وأقول أنا البحري الجلاصي وأنصح من يملى عليهم بالليل والنهار من حكام فرنسا أو من شياطينهم التي توسوس لهم أيضا بالليل والنهار هذا ما قاله المولى في أمثالكم : « وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ( 16 ).» فافهموا قولي جيّدا واحفظوه .
هذه « إنجازاتكم « فما قولكم ؟
وحتّى لا تقولوا إن البحري الجلاصي يتكلّم من فراغ ها إني أقدّم بعض المعطيات التي تبيّن إلى أيّ مدى قد أوصلنا تعليم بورقيبة وبن علي ومن أتى بعدهما . فبسبب مجلة الأحوال الشخصية نجد اليوم حوالي 6ملايين بين رجال ونساء يعيشون العنوسة . و نجد اليوم أكثر من مليون و200ألف من الشواذ ومن المساحقات . كما أن حوالي 80 في المائة من الشعب يتعاطون الخمر والتدخين والغرام بالكرة . ونجد اليوم أيضا أن حوالي 170 مليارا تنفق شهريا على الخمر وما يقارب 140 مليارا في الشهر تنفق على المشروبات الغازية وحوالي 200 مليار تنفق شهريا على الهاتف الجوال والارساليات القصيرة والأنترنات وحوالي 500 مليار تنفق شهريا على البروموسبور و « التيارسي « و « الدوبلي « وكافة أنواع « كورس الزوايل « دون أن ننسى أن حوالي 6 آلاف مليار تنفق سنويا على الدواء ( ما يتم استهلاكه من خمور ومشروبات ومخدرات يستوجب أكثر من 6 آلاف مليار للدواء ) . ولأن الوقت لا يسمح أقول فقط إن حوالي 80 بالمائة من الدخل القومي للتونسيين تنفق على النزوات والشهوات والأسفار والمخدرات والرقص والسهرات . وهؤلاء الذين حكموا البلاد مثل بورقيبة وبن علي ومن جاؤوا بعدهما أليسوا مترفين ؟. ألم يكن جديرا بهم أن يكونوا رعاة حقيقيين مثلما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه نقلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم « كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته «؟. فلماذا أباح هؤلاء « الرعاة « الخمر والميسر وكافة أنواع الموبقات ؟. ويوم يلاقون ربّهم ماذا سيقولون ؟. وهل سيشفع لهم القول إن شياطينهم قد أغوتهم وأملت عليهم ما يفعلون ؟.
تعليم ماذا وثقافة ماذا ؟؟.
صحيح أن بورقيبة عمل بعد الاستقلال على التقليص من أميّة الشعب من خلال نشر التعليم … وصحيح أن أغلب التونسيين اليوم متعلّمون لكن ماذا فعلنا بهذا التعليم ؟. هل سمح لنا التعليم الذي أقرّوه لنا باكتساب العلوم والمعارف والتكنولوجيا وهل تمكّنا من صناعة القطارات والحافلات والسيارات والآلات الفلاحية والصناعية ؟. ماهي حقّا صناعتنا ؟. هل تتلخّص في بعض الأواني المصنوعة من الفخار و» جمل محشي بالصوف « وشاشية سطمبولي وجبّي « تشرب « بمجرد غسلها فيلبسها الابن عوض أبيه وكل تلك الأمور التافهة التي نبيعها إلى السيّاح فإذا ما عادوا إلى بلدانهم ضحكوا علينا وقالوا : « أنظروا ماذا يصنع التونسيون بعد 60 عاما من الاستقلال ؟. « . ماهو تاريخنا وجغرافيتنا ؟. هل هو « قلّة مكسّرة وأحجار في الجبال كانت منازل للسابقين ؟. ماهي ثقافتنا ؟. هل هي العربدة والسهر والمجون و» التبهليل « والشعر والغناء والشذوذ ؟. ألا نخجل من أنفسنا عندما نرى دولا كانت مستعمرة مثلنا لكن بعضها اليوم في قمة المجد الصناعي والتكنولوجي على غرار تايلند وماليزيا وكوريا وإفريقيا الجنوبية وغيرها من البلدان التي نهضت وبنت صناعات بفضل العلوم والتكنولوجيا وليس بفضل « الشطيح والرديح « والعكاظيات الشعرية وثقافة « دوّر حزامك هاني جيت «وبلحسن الشادلي ورايس البحار؟. ألا نخجل من أنفسنا ونحن نرى منتجات هذه البلدان التي كانت مثلنا تغزو العالم وتنافس أقوى دول العالم شرقا وغربا وفي كافة مجالات الصناعات الغذائية والتكنولوجية والحربية وكل ما يتعلّق بالعلوم والمعارف . هل يعلم من يتباهى اليوم بصناعة « الجمل المحشي بالصوف « أن سعر 60 طائرة من نوع F16 أكبر من ميزانية تونس وأن من صنعها لا يتجاوز عددهم 100 أمريكي وأن هذا يعني أن عيشهم بالتقنية أفضل من 12 مليون تونسي ليس لهم علوم الصناعة ؟. بماذا نفعتنا ثقافة المثقفين وعلم المعلّمين وفليفة الفلاسفة مثل راشد الغنوشي ومن كتبوا لنا الدساتير ؟. ألا يعلم هؤلاء بأن مستوى التعليم في تونس انحدر منذ سنوات إلى أسفل السافلين وأن الترتيب العالمي السنوي للجامعات لم يعد فيه حتى رائحة جامعة تونسية منذ 10 سنوات أو أكثر في حين صعدت جامعات أخرى من دول كنّا نتفوّق عليها في كلّ شيء وأصبحت تحتلّ رتبة محترمة بين جامعات العالم ؟. هل تساءل هؤلاء لماذا لنا اليوم حوالي 800 ألف عاطل عن العمل أو ربّما أكثر ؟.إن الإجابة سهلة وهي أن برامج تعليمنا لا تخطط لخلق علماء في مختلف الاختصاصات للنهوض بالبلاد وتحقيق التقدم التكنولوجي والصناعي بل هي برامج تسعى إلى تخريج آلاف من المعلمين والأساتذة في اللغات والأدب والتاريخ والجغرافيا والمسرح والموسيقى وغيرها من المواد التي لا يمكن معها أن نصنع أكثر من الرقص وصناعة « جمل محشي بالصوف « علما بأن بطلة العالم مؤخرا في الأفلام الإباحية تونسية . أقول هذا بكل مرارة لأني أعرف الكثير من التونسيين الذين نجحوا وبرزوا وأصبحوا علماء في الطب والفيزياء والعلوم الطبيعية وحتى في علوم الذرّة تعلّموا خارج تونس وبقوا خارج تونس لأنهم يعرفون أنهم لو عادوا لقام السياسيون بتشغيلهم في الفلاحة أو في مكاتب الإدارات والبلديات فلا هم يستفيدون من العلوم التي درسوها ولا نحن نستفيد من علومهم . وها إنني أقولها عالية وبكل صراحة أنا البحري الجلاصي إن السياسيين في تونس وفي مختلف المراحل قد أرجعونا بعد الاستعمار إلى العصر الحجري وإلى عصر ما قبل الإسلام الذي بنى حضارة قوية امتدت إلى آسيا وإلى الأندلس ( أنظروا مثلا إلى باكستان التي تمكنت من صنع سلاح الردع النووي بواسطة علمائها ) وساهم في نشر العلوم والمعارف والطب والفيزياء والفلك وكل هذا استفادت منه البشرية جمعاء فأين نحن من ذلك العصر الذهبي للإسلام ؟.
لا أدعو إلى الفراغ وهذا ما أراه و ما أنصح به
وفي ختام هذا المقال أؤكّد للجميع بأنني أنا البحري الجلاصي لا أدعو إلى العدم ولا أتكلّم من فراغ لأني قد أرى ما لا يراه السياسيون في هذه البلاد . لذلك أقول إذا كنّا نفتخر ببورقيبة فقد علّمنا بورقيبة كيف نفتح طريق العودة إلى العصر الحجري وعلوم الدعارة لا علوم التكنولوجيا . وإذا أردتم أيها السياسيون أن تتعلّموا فارجعوا إلى ربكم وإلى كتابه العزيز وابتعدوا عن الخمر وإباحة الفجور والدعارة وعن سياسة مدّ الأيادي والتسوّل …إن سياسيي هذه البلاد أضرّوا بالشعب وبمستقبله وحياته . لقد دمّروه حياتيا وفكريا وجسديا واجتماعيا وثقافيا وعقليا وروحيا وعلى جميع المستويات . ويتمثّل هذا التدمير من خلال أرقام تقول إن لنا في تونس ما يقارب 15 بالمائة من المصابين بمرض السكري من الصنف الثاني أي ما يعادل مليونا و800 ألف بشر وإن لنا 9.2 بالمائة من المصابين بالسكري من الصنف 1 أي ما يقارب مليونا و300 ألف بشر ولنا حوالي 10 بالمائة من المصابين بمرض السكري الغير معروف أي حوالي مليون و200 ألف بشر علما بأن واحدا على 6 من أمراض السكري غير معروف حسب منظمة الصحة العالميو . كما أن ما يقارب 40 بالمائة من التونسيين يتعاطون المخدرات أي ما يقارب 4 ملايين و800 ألف شخص وحوالي 60 بالمائة يتعاطون الخمر أو مدمنون عليه أي حوالي 7 ملايين و200 ألف بشر وأن حوالي 95 بالمائة يتعاطون المشروبات الغازية وأنواع العصير المعلّب بكل ما تسببه هذه المشروبات من سكري وسمنة ومشاكل صحية كثيرة ( حوالي 9 ملايين و500 ألف شخص ) . كما أن حوالي 95 بالمائة من الشعب التونسي مغرمون بالكرة وألعاب القمار التي أشرت إليها سابقا والتونسي يضيّع 3 ساعات على الأقل يوميا على الكرة . وليس كل هذا سوى إهدار للوقت والمال على حساب التعليم والعمل . وفي تونس نجد أكثر من 680 ألف موظف عمومي أجورهم أكثر من 50 بالمائة من ميزانية الدولة والحال أن إنتاجهم لا تمثّل شيئا سوى استخراج بعض الوثائق من الحالة المدنية أو الرسوم العقارية أو وثائق ليس لها مردود على المواطن وأعتقد أن العدد الأقصى للموظفين العموميين لا يجب أن يتجاوز 200 ألف . أما البقية فيمكن للتقدم التكنولوجي أن يعوّضهم فيصبح بإمكان المواطن استخراج كافة الوثائق بالأنترنات ( حالة مدنية رسوم عقارية شهائد ملكية … وأيضا المعاملات البنكية ) وهو في منزله لأن إدارتنا بالشكل الحالي تعيش في عصر ما قبل الحداثة وهي مجرد إهدار للمال ومعيشة المواطن . ومن جهة أخرى نجد أن مراكز الأمن والشرطة والمحاكم في بلادنا مكبّلة بقوانين وضعية وبأعمال كثيرة لا لزوم لها في الواقع باعتبار أن أغلب القضايا بسيطة وتافهة أحينا ( تبادل للسب أو عنف خفيف أو مخالفات اقتصادية أو مرورية …إلى غير ذلك حيث أن حوالي 80 بالمائة من التونسيين تعلقت بهم قضايا من هذا النوع ) وكان بإمكاننا أن نعوّضها بالخطايا المباشرة دون إثقال كاهل المراكز والمحاكم على غرار ما يحدث في مصر مثلا . وهذه القضايا التي يمكن أن لا تصل إلى المحاكم أصلا أدت إلى حشر السجون بالسجناء والموقوفين . كما أن حوالي 50 ألف قضية طلاق منشورة ومنها 12 الف حالة تؤدّي إلى تحطيم حياة 12 ألف رجل بسبب النفقة وعجزهم عن إعادة حياتهم من جديد .
وأعود فأقول إن التعليم في تونس لا يسمن ولا يغني من جوع بل يزيد من مصائب العباد والبلاد لأن كافة المتخرجين يبحثون عن الوظيفة لدى الدولة وقد يفوق عدد الموظفين يوما عدد المواطنين ( سنصبح مثل المكسيك بعد الحرب حيث الجنرالات أكثر من الجنود ) وهؤلاء المتخرجون هم مثلما أشرت سابقا لا فائدة ترجى منهم لأنهم لن ينفعونا في تكنولوجيا وصناعات وعلوم . وليس حال الثقافة أفضل من حال التعليم لأن حوالي 95 بالمائة من التونسيين يجيدون الرقص بإمامهم وسكّيرهم والكثير منهم يتعلّمه في معاهد الرقص والفنون وحتى رياض الأطفال…
ولا سبيل لنا إذا أردنا أن نتدارك الأمر قبل فوات الأوان إلا بتغيير مناهج التعليم بالعودة إلى الإله الكريم وكتابه الحكيم ونشر العلم والمعارف والتكنولوجيا من أجل تحقيق الصناعات والعيش الكريم لهذا الشعب .
ولإنقاذ البلاد والعباد وحتى الحيوانات والنبات والرمال والجبال أقترح أن تزال البيروقراطية الإدارية وأن يتفاوض معي رؤساء الحكومة والدولة ومجلس نواب الشعب حول برنامج أقدمه لهم لتنفيذ إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية والصناعية والفلاحية والاستثمارية في كافة ميادين الحياة اليومية التي تجلب الخير للبلاد والعباد وتخرجنا من وطأة الضلال والاستجداء والديمقراطية الفاحشة التي تخرجنا من انسانيتنا ومن ديننا إلى الضلال وبئس القرار والتدمير الذاتي والعقلي والنفسي . وإن الديمقراطية تعني الحرية للغرب وتعني الصناعة والتعليم الحديث والتكنولوجيا وقد وجدت من أجل بناء الشعوب المتقدمة . أما في تونس فهي معاداة للاسلام وضياع للإنسان في صناعة الأوهام والتعليم الذي عاقبته الانحلال الأخلاقي والتربوي وتفريق الأمة وتكوين أحزاب ماركسية لينينية وشيوعية وهلمّ جرا .
وها نحن نرى أنهم يريدون أن يجعلوا من صنم بورقيبة هيكلا في شارع بورقيبة لأن الباجي هو الذي يحكم هذه البلاد . ولنا أن نتصور لو حكم الهمامي أو البعثيون أو القوميون فسيجلبون لنا تباعا أصنام ماركس ولينين وصدام حسين وجمال عبد الناصر . ولو حكم الشيعة الذين ما انفكّ عددهم يتزايد فسيأتوننا بالحسينيات . ولو انتصر أحد الصوفيين فسيبني لنا مئات من الزوايا مثل مقام بلحسن الشادلي وعبد القادر الجيلاني ومحرز بن خلف وغيرهم .ونحن اليوم لنا أكثر من 220 حزبا فيهم من له كرسي وفيهم من لا مكتب له ولنا أكثر من 1840 جمعية تدّعي أنها خيرية لكن بعضها يشجّع على الدعارة وسوء الأخلاق والشذوذ وهي ممولة في أغلبها من الخارج .
ولذا فإني بعون الله تعالى أنا البحري الجلاصي مستعدّ لجلب الاستثمارات وأقول إن هذا التفاوض الذي أشرت إليه سيؤدي إلى أن آخذ الضمانات الكافية من أجل إنشاء مصانع في كل الجهات دون استثناء . هذه المصانع هي لتجفيف الحليب وقبول كل الإنتاج الحيواني وحسب ما أعلم فإن لنا أكثر من 500 ألف بقرة حلوب وسوف أقبل بتصدير ما تنتجه هذه المصانع إلى جهة ما في العالم وأنا أحتاج فيها إلى مليار كلغ من الحليب المجفف كل عام . كما أني أشجّع كل من يريد أن ينشئ مصنعا مهما كانت هويته بتونس والمهمّ أني أقبل منه الحليب المجفف . وإني مستعد أيضا لتوريد 200 ألف بقرة حلوب تنتج كل واحدة منها حوالي 59 لترا من الحليب في اليوم . كما أشج{‬ع من يريد بناء مصانع « الأياروصول « وهو مثل « الفيتوكس « وإعطائه كافة المواد الضرورية في صنعه من أجل مكافحة مرض الملاريا في العالم وأعلم بأن شريكي في هذا الصدد تونسي وهو مخترع دوار الملاريا ومستعد لقبول أكثر من مليارين من قوارير بها علاج للملاريا .
كما أني مستعد لقبول كافة إنتاج زيت الزيتون والتمور والتنّ في تونس ومستعد لغرس نوعية من الأشجار التي تنتج البترول البيولوجي من غاز وبنزين و» قاز « وزيوت . وهذه الأشجار ستمون في كافة الأراضي الصحراوية والجافة أو مهما كان نوعها . وأعلم أيضا بأنني مستعد لبناء مليون مسكن في السنة بمواد ليست إسمنتية ولا حديد فيها ولا حجارة وهي مضادة للحرائق والرصاص والمطر وضد القنابل والقذائف اليدوية .
وإني مستعد صحبة شركائي لعقد شراكة مع الدولة في برامج تنموية واقتصادية وإنشائية وخاصة في مشروع سماء دبي سابقا ومشروع تبرورة ومشروع المرفأ المالي بروّاد وسبخة روّاد وجميع الأراضي التي هي على ملك شركة البحيرة والدولة بمنطقة البحيرة 3 . ونحن مستعدون للتفاوض في كل هذه المشاريع من أجل إنجاح المرحلة المقبلة وإخراج البلاد من الديون ومن الإفلاس . ونحن مستعدون لتقديم ما عندنا من أجل إصلاح منظومة التعليم من أجل إرساء العلوم والتكنولوجيا الحديثة وأيضا نحن على استعداد لتكوين المتخرجين في المواد العلمية والهندسية والتكنولوجية لمدة سنتين من أجل أن يواكبوا العصر الحديث … والله ولي التوفيق ومن اعتز بغير الله ذلّ . أما إذا بقيتم أيها السياسيون تعبدون بورقيبة وبن علي وأوليائكم فستجدون أنفسكم في إفلاس وفي حرب أهلية قد لا تترك شيئا لأن المواطن التونسي اليوم قد تعب ودمّرته سياستكم … فكفاكما ضحكا عليه واسمعوا كلامي وافهموه واتبعوا طريق الصلاح لأني لا أريد إلا مساعدتكم حبا في الله وهذا الوطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.