اعتاد المواطن التونسي انتظار مواسم التخفيض سواء الشتوية او الصيفية لاقتناء حاجاتهم ويرى المواطن في هذه المواسم فرصة جيدة لاقتناء... ما عجز عنه خلال بقية السنة لان الكل يعلم أن القدرة الشرائية ضعيفة لذلك فان المواطن التونسي عادة ما يهتم بمثل هذه المناسبات نظرا لقلة دخله حتى ان بدا مرتفعا. ووعيا منها بكل هذه الاوضاع نظمت وزارة التجارة بالاتفاق مع منظمة الاعراف و وخاصة الاتحاد الجهوي بتونس الدورة الجديدة لموسم التخفيضات الدورية لشتاء 2012 (الصولد الشتوي) يوم امس غرة فيفري ليدوم 6 أسابيع (من 1 فيفري إلى 15 مارس) قصد تنشيط الحركة التجارية بالعاصمة وبالعديد من المدن الأخرى سيما أنه يتم تسجيل حالة ركود في العديد من القطاعات على غرار الملابس الجاهزة والأحذية والأجهزة الكهرومنزلية. تشجيعات ويرى العديد من المختصين أن الحالة الاقتصادية والتجارية للبلاد تستوجب تنظيم تظاهرة الصولد الشتوي في هذا الظرف بهدف الخروج من الوضع الصعب خاصة للتجار والحرف الصغرى وبعض العلامات التجارية الأخرى التي تعول على هذه التظاهرة لتحقيق رقم معاملات محترم فضلا عن أن نسب التخفيض المعتمدة قد تشجع المستهلك على الاقتناء في ظرف تتسم فيه القدرة الشرائية بتواضعها وتدني مستوياتها وللتذكير فإن الصولد الشتوي للسنة الماضية انعقد مباشرة بعد الثورة وعرف فشلا ذريعا باعتبار أن اهتمامات المواطن آنذاك منصبة على الظرف السياسي والتزود بالمواد الغذائية إلى جانب أن العديد من المحلات التجارية لم تشارك في التظاهرة بعد حالات النهب والسرقة التي تعرضت لها، وفي المقابل أنقذ الصولد الصيفي الأوضاع نسبيا وتحسنت المسائل نسبيا على مستوى التسوق والإقبال والمشاركة من طرف التجار و هذا ما اكدته وزارة التجارة التي اقرت كذلك انه على امتداد اغلب دورات الصولد الشتوي والصيفي استأثر قطاع الملابس الجاهزة والأحذية بالنصيب الأوفر من حيث عدد المشاركين والعلامات التجارية (أكثر من 80%) في هذين القطاعين مع مشاركة متوسطة ومتواضعة لقطاع الهدايا والعطورات وبدرجة أقل قطاع الاتصالات والإعلامية ( الهواتف الجوالة والحواسيب) كما أنه على المستوى الجهوي يستحوذ إقليمتونس الكبرى على نصيب الأسد من حيث المشاركات إذ تفوق هذه المشاركة 80% مع مشاركة محتشمة في المدن الكبرى على غرار صفاقس وسوسة ونابل أما في بقية المناطق فتكاد تكون نسبة المشاركة منعدمة إذ يحبذ العديد من المواطنين من داخل الجمهورية التحول إلى العاصمة للتسوق في فترة الصولد. حضر كل شيء إلا الحريف! جريدة "الخبير" أرادت ان تنتقل ميدانيا وتكتشف الحركة التجارية وسط تونس العاصمة في أول يوم من أيام الصولد . لقد كانت هناك تشكيلة من البضائع: ملابس جاهزة للنساء والأطفال والرجال ومواد كهرومنزلية واكسسوارات نسائية وغيرها من المواد التي شملها الصولد الا أن ما لوحظ فقدانه هو اهم عنصر حتى تكون هذه الدورة ناجحة وهو الحريف. نعم ان الحريف غاب عن الساحة التجارية في أول يوم من الصولد مما بث الرعب والحيرة في صفوف التجار وخاصة في قطاع الملابس الجاهزة الذي عرف ازمة حادة خلال هذه السنة وظن اهل القطاع ان موسم الصولد سيكون بداية الانفراج وذلك حسب تعبير احد التجار (فوزي) بنهج جمال عبد الناصر بالعاصمة الذي قال بنبرة متشائمة " لقد ظننا ان موسم الصولد سيساعد على تخطي الازمة الا انه يبدو العكس فها نحن في اول يوم ولا وجود لأي بادرة من بوادر الانفراج فالمغازة لم تشهد قدوم أي حريف منذ الصباح فمقارنة بالسنوات الماضية واستثني طبعا السنة الفارطة نلاحظ تدفق الحرفاء على المغازات قبل انطلاق موسم الصولد ببضعة اياما ليختاروا البضاعة التي سيشترونها عند انطلاق الصولد (وهنا يلوح هذا التاجر الى ان البضاعة لا يقع تغييرها او تقصى بعضها من التخفيض بل هي نفس البضاعة على عكس ما يعتقده بعض الحرفاء). اما نور الدين وهو كذلك تاجر مختص في بيع الملابس النسائية فقد بدا اكثر تفاؤلا وقال إنه ربما يكون موسما ناجعا وقد فسر غياب الحرفاء بالتوقيت الذي انطلق فيه الصولد فغرة فيفري هذه السنة لم يكن يوم عطلة لذلك لاحظنا غياب الحرفاء وقد يكون المشهد مغايرا تماما في الأيام المقبلة ولقد انتهزنا طابعه التفاؤلي حتى يقدم لنا بعض التوضيحات , فحول مجال التخفيضات فهو منحصر بين 20% و 50% على اقصى تقدير وابدى استغرابه من التجار الذين يعتمدون على نسب تفوق ذلك . معادلة صعبة! اما عن البضاعة التي يمكن ان يشملها التخفيض فقد قال ان القانون يشترط وجود البضاعة 3 اشهر قبل انطلاق الصولد و يعتبر التاجر مخالفا في صورة عدم احترامه لذلك لكنه اضاف أن التحيل يبقى واردا. وختم هذا التاجر حديثه بتاكيده علي ضرورة تحلي المشتري بالوعي بحجم المصاريف التي يتكبدها التاجر والتي قد تجعل الاسعار محل تساؤلات و ربما محل اتهام. فقد قال ان الخروج من الازمة يبقى رهين مدى تفهم المواطن لوضعية التاجر الذي يجب ان لا يبالغ في الغلاء و يراعي المقدرة الشرائية للمواطن دون ان يتسبب له ذلك في خسائر. كما التقينا السيدة سامية حمدي وهي حريفة كانت تتجول بين المغازات بتونس العاصمة قصد شراء ملابس لأطفالها الاانها صدمت بغلاء مشط لملابس الاطفال وقد قالت حرفيا " وكانه ليس بموسم صولد فالأسعار مبالغ فيها والتخفيض صوري فكيف يكون ثمن فستان بنت لا يتجوز عمرها سنتين 60 دينارا وهو لا يتطلب ربع متر من القماش؟ فحتى ان كان رفيع الجودة فلا يمكن ان يبلغ هذا الثمن المبالغ فيه جدا جدا ؟ وقد شاطرتها العديد من الحريفات الاخريات رايها وهن يأملن في اعادة النظر في هذه الاسعار خاصة بالنسبة لملابس الاطفال . كما اشتكى العديد من الحرفاء من جودة البضاعة وقد اتهموا التجار بتحضير بضائع خاصة لموسم الصولد و هذا ما نفاه بعض التجار الذين اتصلنا بهم والذين اكدوا انهم خاضعين لمراقبة صارمة من قبل وزارة التجارة. كما نشير الى ان التخفيضات شملت بضائع اخرى مثل الاكسسورات النسائية والمواد المنزلية والمواد الكهربائية وكل التجار المعنيين بدوا كتجار الملابس بعضهم متفائل والبعض الاخر متخوف من استمرار الازمة الاقتصادية التي يعيشونها والتي يمكن ان تنهي وجودهم التجاري ان تواصلت لذلك فهم ياملون ان تخيب ظنونهم و يكون هذا الموسم بداية الانفراج. ريم حمودة