وكالات-احتلت تونس المركز 96 من بين 180 بلدا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة مُتقدمة بذلك 30 رتبة. وقد أظهرت نسخة 2016 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادرة عن مراسلون بلا حدود مدى حدة الانتهاكات التي تئن تحتها حرية الإعلام واستقلالية الصحافة على أيدي بعض الدول أو بفعل النزوات الأيديولوجية والمصالح الخاصة. وكشف هذا التصنيف المراتب التي يحتلها كل بلد على صعيد حرية عمل الصحفيين، حيث يشمل 180 دولة من جميع أنحاء العالم. وبالنظر إلى المؤشرات الإقليمية، يبدو أن أوروبا (19.8 نقطة) مازالت هي المنطقة التي تنعم وسائل الإعلام بأكبر قدر من الحرية، بينما تليها (بفارق شاسع) أفريقيا (36.9)، التي تمكنت على نحو غير مسبوق من تجاوز منطقة الأميركتين (37.1)، حيث تشهد أمريكا اللاتينية عنفاً متزايداً ضد الصحفيين ، ثم تأتي آسيا (43.8) ثالثة وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى (48.4) رابعة، أما شمال أفريقيا والشرق الأوسط (50.8) فإنها تظل المنطقة التي يئن الصحفيون تحت وطأة الضغوط بجميع أنواعها وشتى أشكالها. وبحسب مراسلون بلا حدود فان ثلاث دول من شمال أوروبا تحتل قمة الترتيب العالمي، حيث تحافظ فنلندا على موقعها في الصدارة منذ عام 2010، متبوعة بكل من هولندا والنرويج. وفيما يتعلق بأبرز التطورات الملحوظة، فقد أحرزت تونس تقدماً كبيراً، بفضل انخفاض وتيرة الانتهاكات والإجراءات العدوانية، كما سُجل تحسُّن ملحوظ في أوكرانيا نظراً لهدوء الصراع. وفي المقابل، يُلاحَظ تقهقر واضح لبولندا بسبب الحملة التي أطلقها الحزب المحافظ المتشدد بهدف الاستيلاء على وسائل الإعلام، أما الجزء الأسفل من التصنيف، فيعكس تراجعاً كبيراً لطاجيكستان ، التي تعاني الأمرَّين تحت النزعة الاستبدادية للنظام الحالي. بدورها شهدت بروناي تدهوراً مأساوياً يُعزى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية التي شجعت الرقابة الذاتية. ومن جهتها، شهدت بوروندي تقهقراً ملحوظاً وهي التي كانت مسرحاً لهجمات عنيفة ضد الصحفيين بعد إعادة انتخاب الرئيس بيير نكورونزيزا وما سبق ذلك من جدل واحتجاجات حول ترشحه، وفي المقابل، يتذيل جدول الترتيب الثلاثي الجهنمي المتكون من تركمانستان (178) وكوريا الشمالية (179) وإريتريا (180). وقال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، «لسوء الحظ، يُلاحَظ أن عدداً هائلاً من المسؤولين في جميع أنحاء العالم يُظهرون نوعاً من الريبة ضد الممارسة المشروعة للعمل الصحفي"، مضيفاً أن «المناخ العام الذي يطغى عليه الخوف يؤدي إلى كراهية متنامية حيال النقاش والتعددية، وأيضاً إلى إقدام بعض الحكومات على حجب وسائل الإعلام في انجراف تام نحو نزعة سلطوية سالبة للحريات، ناهيك عن وقوع مؤسسات إعلامية بشكل متزايد في أيدي شركات القطاع الخاص خدمةً لمصالحها". وأكد كريستوف ديلوار على «ضرورة الدفاع عن الصحافة الجديرة بهذا الاسم والوقوف ضد كل ما من شأنه أن يعزز سُبل الدعاية أو الأخبار التي تُملى من جهات خفية أو تلك التي تموِّلها مصالح أطراف معينة»، موضحاً في هذا الشأن أن «ضمان حق المواطنين في الحصول على أخبار مستقلة وموثوق بها هو أحد السُّبل إلى حل المشكلات المحلية والعالمية التي تشهدها الإنسانية جمعاء». يُذكر أن التصنيف العالمي لحرية الصحافة يُنشر سنوياً منذ عام 2002 بمبادرة من منظمة مراسلون بلا حدود، وهو يمثل أداة أساسية في عملية الدفاع عن حرية الإعلام واستقلاليته، وذلك على أساس مبدأ المنافسة بين الدول، إذ يمكنه انتشاره الواسع من التأثير بشكل متزايد في وسائل الإعلام والسلطات العامة على الصعيد الوطني والمنظمات الدولية كذلك. ويستند التصنيف على قياس حالة حرية الصحافة، انطلاقاً من تقييم مدى التعددية واستقلالية وسائل الإعلام ونوعية الإطار القانوني وسلامة الصحفيين في 180 بلداً. ويوضع جدول الترتيب على أساس استبيان معياري بعشرين لغة مختلفة، وذلك بمشاركة خبراء من جميع أنحاء العالم. وبالإضافة إلى التحليل النوعي يؤخذ في الاعتبار إحصاء لعدد أعمال العنف المرتكبة ضد الصحفيين خلال الفترة المدروسة.
