عد شهرين من صدور تقرير الحكومة المغربية حول حرية الصحافة، والذي رسمت فيه وزارة الاتصال (الإعلام) صورة وردية عن أوضاع الممارسة الصحافية في المغرب، جاء تقرير منظمة «مراسلون بلا حدود» الصادر أمس مخالفاً لذلك تماماً، إذ وضع المغرب في المرتبة 131 من بين 180 بلداً ضمن التصنيف العالمي لحرية الصحافة، متراجعاً بدرجة واحدة عن العام الماضي. وسجل تقرير المنظمة المذكورة أنه لأول مرة تتصدر تونس قائمة الدول العربية في هذا التصنيف، ملاحظاً أنه بالرغم من أنها ما زالت بعيدة عن الدول الأوروبية الرائدة عالمياً من حيث حرية واستقلالية الصحافة، فإن تونس حققت قفزة ب30 درجة في سنة لتحتل المركز 96. وأوضح التقرير أنه رغم هشاشة الوضع الأمني في هذا البلد، فإن مسار تعزيز حرية الإعلام والصحافة لم يتأثر بذلك، حيث انخفضت الاعتداءات، رغم بلوغ العنف ذروته في بعض الأحيان، خاصة من طرف قوات الأمن ضد الصحافيين. كما لاحظت «مراسلون بلا حدود» وجود انخفاض في عدد المخالفات ضد محترفي الإعلام، بالرغم من أن الاستنطاقات البوليسية ضدهم بحجة مقاومة الإرهاب تبقى مقلقة. وفي التصنيف الجديد ل»مراسلون بلا حدود» جاء لبنان في المرتبة 98 والكويت في المرتبة 103، والجزائر في المرتبة 129. أما بخصوص مصر، فقد لاحظ التقرير أنه «في سياق أمني يطغى عليه التوتر، يجد الصحافيون أنفسهم أمام نظام يقمع الأصوات المنتقدة تحت ذريعة الاستقرار والأمن القومي. فرغم المشهد الإعلامي الذي يشهد رواجاً كبيراً، فإن وسائل الإعلام في البلد أصبحت مرآة لمجتمع يئن تحت وطأة الاستقطاب بين مؤيدي السيسي ومعارضيه، حيث تخضع الصحافة لسيطرة نظام استبدادي يحكمها بيد من حديد، إذ تقبع مصر في المركز 159 على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، مما يعكس تراجع مصر تدريجياً منذ نهاية عهد مبارك، حيث كانت تحتل حينها المرتبة 127 (من أصل 173 دولة)، وفي المقابل، كانت البلاد قد تقهقرت في عهد الرئيس مرسي، عامي 2012 و2013، إلى المركز 158 من أصل 178 دولة». بينما سجل التقرير خطورة الوضعية خلال هذه السنة في خمسة بلدان عربية هي: البحرين، السعودية، ليبيا، اليمن، سوريا، وهي موجودة في أسفل المراتب في التصنيف العالمي. ويستند التصنيف على قياس حالة حرية الصحافة، انطلاقاً من تقييم مدى تعددية واستقلالية وسائل الإعلام ونوعية الإطار القانوني وسلامة الصحافيين في 180 بلداً. ويوضع جدول الترتيب على أساس استبيان معياري بعشرين لغة مختلفة، وذلك بمشاركة خبراء من جميع أنحاء العالم. وبالإضافة إلى التحليل النوعي، يؤخذ في الاعتبار إحصاء لعدد أعمال العنف المرتكبة ضد الصحافيين خلال الفترة المدروسة. على صعيد آخر، نفذ عدد من الصحافيين والحقوقيين المغاربة صباح الثلاثاء وقفة تضامنية مع عبد الله البقالي، مدير صحيفة «العَلم» ونقيب الصحافيين المغاربة، أمام المحكمة الابتدائية في الرباط، احتجاجاً على الدعوى القضائية التي رفعتها ضده وزارة الداخلية المغربية حول مقال تحدث فيه عن «الفساد» إذ قال إنه شاب انتخابات مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي) التي جرت أوائل أيلول/ سبتمبر من العام المنصرم جو من الفساد. واعتبر فرع الرباط للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وكذلك المنظمات الحقوقية الممثلة في «لجنة دعم قضية حرية الصحافة والتعبير» في المغرب والجسم الإعلامي بكل مكوناته أن «هذه المحاكمة الصورية تعد محاولة أخرى للنيل من الجسم الصحافي وتراجعاً خطيراً عن حرية الصحافة والتعبير». وأكدت النقابة من خلال فرعها بالرباط أنها «ستواصل النضال من أجل القضايا العادلة ومساندة عبدالله البقالي بكل الأشكال النضالية التي تستدعيها المرحلة، خصوصاً وأننا نعتبر هذه الدعوة في حق رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية هي رسالة موجهة لكل الصحافيين ومحاولة لإضعاف النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجسم الصحافي برمته»، بحسب بلاغ في الموضوع تلقت «القدس العربي» نسخة منه. وتجدر الإشارة إلى أنه تم تأجيل محاكمة نقيب الصحافيين المؤازر من طرف عدد من المحامين إلى جلسة يوم الثلاثاء 24 أيار/ مايو المقبل.