فتح حسابات بالعملة الأجنبية للتونسيين: توضيحات النائب محمد علي فنيرة    البرلمان: المصادقة على فصل إضافي لتبسيط إجراءات إثبات إرجاع محاصيل التصدير    الشركة الجهوية للنقل بهذه الولاية تعزز أسطولها ب3 حافلات رفاهة جديدة..    تونس: 3 مؤسسات عمومية تنتفع بالطاقة الشمسية    تطاوين: تواصل موسم جني الزيتون بإنتاج واعد وارتفاع ملحوظ في الغراسات المروية    عاجل/ قرار إسرائيلي جديد بشأن معبر رفح..    الملعب التونسي: التركيبة الكاملة للإطار الفني الجديد    كأس العرب قطر 2025/ موعد مباراة تونس وفلسطين والنقل التفزي..    فرجي تشامبرز يحسم مصير تمويلاته للنادي الإفريقي    وجبة خفيفة يوميا/ تؤدي إلى قوة الذاكرة..تعرف عليها..    غياب أصدقاء المرحوم في الجنازة : ابنة نور الدين بن عياد تكشف الحقيقة    محرز الغنوشي: بداية من الليلة القادمة...وصول التقلّبات الجوية الى تونس    أب يُلقي ابنته من الطابق الثالث والسبب صادم..!    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    ليبيا.. وزير الداخلية بحكومة الوحدة يحذر من مشروع توطين صامت    إدارة ترامب تصدر قرارا بشأن الهجرة وتفصل قضاة مكلفين بها    كاس التحدي العربي للكرة الطائرة - المنتخب التونسي يتوج باللقب    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    عاجل: أمريكا تعلن تعليق شامل لطلبات الهجرة من 19 دولة..    عاجل/ السجن لأجنبي وزوجته بتهمة ترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    تهمّ هؤلاء فقط: بلدية تونس تنظّم رحلة عمرة بأسعار تفاضلية    مداهمات أمنية في الزهروني تطيح بعدة شبكات وعصابات إجرامية    أرقام صادمة.. مقتل 45 ألف طفل سوداني واغتصاب 45 قاصراً بالفاشر    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    مفاجأة المونديال 2026: فيفا يغيّر قواعد الVAR... الركلات الركنية في خطر!    رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات..#خبر_عاجل    طقس اليوم: أمطار غزيرة بعدة جهات مع تساقط للبرد    جندوبة تستقبل أكثر من 1.4 مليون سائح جزائري... وقطاع السياحة ينتعش بقوّة    سعيّد: الشراكة مع اليابان استراتيجية... و'تيكاد' يعزز مكانة تونس في إفريقيا    كأس إيطاليا : يوفنتوس يتأهل الى الدور ربع النهائي على حساب أودينيزي    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق    تركيا تعلن اعتقال 58 شخصا بتهمة الانتماء لحركة الخدمة    تقدّم أشغال بناء عدد من المستشفيات، أبرز محاور لقاء رئيس الجمهوريّة بوزير الصحة    البرلمان... ملخّص فعاليّات الجلسة العامة المشتركة ليوم الثلاثاء 02 ديسمبر 2025    كأس العرب 2025... الجزائر والعراق والأردن في اختبارات قوية اليوم    لاليغا الاسبانية.. برشلونة ينتصر على أتلتيكومدريد ويحافظ على الصدارة    انتخاب المديرة العامة للخطوط التونسيّة نائبة أولى لرئيس اتحاد شركات الطيران الإفريقي    تفتتح بفيلم «فلسطين 36» ..تفاصيل الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية    الليلة: اجواء باردة وأمطار غزيرة بهذه المناطق..    تراجع مخزون السدود يُعمّق أزمة المياه في ولاية نابل    حدث فلكي أخّاذ في ليل الخميس المقبل..    ديمومة الفساد... استمرار الفساد    شنوا يصير في بدنك كان تزيد القرنفل للتاي في الشّتاء؟    موش الشوكولا برك.. أكلات ترجّع نفسيتك لاباس    نحو ارساء منظومة إسترسال ملائمة لنشاط الزربية والنسيج اليدوي في تونس    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    اكتشاف الطفرة الجينية المسؤولة عن الإصابة بالأمراض العقلية..    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    المنستير تستعد لاحتضان الدورة 29 لمهرجان خليفة السطنبولي للمسرح من 6 إلى 13 ديسمبر الجاري    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    البريد التونسي يصدر سلسلة طوابع جديدة تحت عنوان "نباتات من تونس"    استمرت أقل من 15 دقيقة.. كواليس مكالمة ترامب ومادورو    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    أيام قرطاج السنيمائية الدورة 36.. الكشف عن قائمة المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة    بنزرت: مكتبة صوتية لفائدة ضعيفي وفاقدي البصر    ابدأ الامتحانات بثقة: دعاء يحفظ المعلومات في عقلك وذاكرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي الكعلي: "من الضروري استعادة الثقة في الدولة"
نشر في المصدر يوم 20 - 10 - 2020

"تسعى الحكومة في ما تبقى من سنة 2020 أساسا الى استعادة الثقة في الدولة من خلال الإيفاء بالتزاماتها والاقتصار على النفقات الضرورية"، هذا ما أكده وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار، علي الكعلي، خلال حوار أجراه مع وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات).
وأوضح أن مشروع قانون المالية لسنة 2021 سيعتمد كذلك هذه الفلسفة، والتي ستركز على تبسيط النظام الضريبي من خلال توحيد الضرائب الموظفة على المؤسسة عند مستوى 18 بالمائة أو مراجعة النظام التقديري.
سؤال: ما هو تقييمكم لوضع الماليّة العموميّة خاصّة بعد تولّيكم ادارة وزارة المالية منذ فترة وجيزة؟
جواب: حقيقة لم أتفاجئ كثيرا بوضعيّة الماليّة العموميّة لأنني أعي جيّدا ما يحدث في البلاد حتّى قبل وصولي إلى وزارة الماليّة خلال شهر سبتمبر 2020. ويعد الوضع حسّاسا للغاية خلال هذه الفترة. كانت تونس في وضعية حرجة سنة 2010 ومرّت بعدّة تجارب منذ ذلك التاريخ، بعضها أثبتت نجاعتها في حين حققت بعض التجارب الأخرى نجاحا متباينا. وانطلقنا في خوض سنة 2020 بهشاشة كبيرة.
وزادت الكارثة الصحيّة، غير المتوقّعة، وانتشار فيروس كوفيد-19، في تأزّم هذا الوضع وهي بالتأكيد أحد أصعب الأزمات، التي نواجهها منذ أكثر ما يزيد عن 100 عام. وأدّت الجائحة الى اهتزاز عديد الاقتصاديات المتماسكة، على غرار ألمانيا، فما بالك ببلد يعاني صعوبات مثل تونس.
سؤال: ما مدى تقدّم المفاوضات مع الجهات المانحة في إطار اللقاءات السنويّة لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي؟ هل يوجد برنامج تمويل جديد مع صندوق النقد؟ وفي حالة وجود هذا البرنامج متى تستانف المفاوضات وبأي شروط؟
جواب: حافظت تونس طيلة سنوات عدّة على علاقات متميزة مع الجهات المانحة، سواء في إطار علاقاتها الثنائية مع حلفائها أو في إطار علاقاتها مع الهياكل والمؤسسات المالية على غرار صندوق النقد الدولي والبنك العالمي.
بالنسبة لصندوق النقد الدولي، لا أعتبرها مفاوضات لأن التفاوض يكون عادة بين طرفين لهما وجهات نظر مختلفة، بل هو حوار قائم منذ أكثر من 30 سنة ولم يتوقف أبدا. وقد عقدت اجتماعات في هذا الشأن خلال الأسبوع الماضي والذي سبقه، كما سأعقد اجتماعات أخرى في الأيام القادمة. وستسنح لنا هذه الاجتماعات الفرصة لعرض وضعنا الحالي ولفهم السياق العالمي والتوجهات الرئيسية، التّي اعتمدها شركاؤنا في صندوق النقد الدولي، حتى نتمكن من إيجاد أفضل الطرق لإخراج تونس من هذه الأزمة.
ويتزامن هذا الأسبوع مع عقد اللقاءات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي، التي سيتم، في اختتامها، الاعلان عن برنامج عملها مع مختلف بلدان العالم خلال الأشهر والسنوات القادمة.
بمجرد الاعلان عن هذه القرارات، سنفتح بالتأكيد باب الحوار والمناقشات الدقيقة مع صندوق النقد الدولي لتحديد شكل ومضمون تعاوننا المقبل، اعتمادا على ماخلصت اليه هذه المناقشات وأولويّات الحكومة.
سؤال: ما هي التوجّهات الرئيسيّة لمشروع قانون الماليّة لسنة 2021؟
جواب: قبل الخوض في سنة 2021 ، أعتقد أنه من الضروري معرفة الوضع، الذي سننطلق منه.
تعتبر سنة 2020 استثنائية، لأن الفرضيّات المعتدمة سنة 2019 لاعداد قانون المالية لسنة 2020، أصبحت خاطئة تماما بسبب تأثيرات جائحة كورونا. فقد توقعنا تحقيق نمو بنسبة 3 بالمائة خلال 2020، في حين بلغ النمو نسبة 8 بالمائة سلبي (فارق 11 نقطة) مما قلّص المداخيل للميزانية بنحو 8 مليار دينار.
لذلك سعينا، في اطار مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2020، الى التقليص من عجز الميزانية من 8 مليار دينار الى 6 مليار دينار. وستمر المداخيل المتوقّعة من 36 مليار دينار إلى 30 مليار دينار، أي بانخفاض بحوالي 20 بالمائة.
في ما يتعلق بالنفقات، فقد سجّلت الدولة انزلاقا حادّا مقارنة بالنفقات المخطط لها، وذلك راجع بالأساس لعاملين أساسيين وهما الكلفة الاضافية للحد من انتشار جائحة كورونا، التّي ناهزت 5ر2 مليار دينار وتوجّهات الحكومة للايفاء بتعهدات الدولة تجّاه المزوّدين (المؤسّسات العمومية والخاصّة).
نعتقد أنه من الضروري استعادة الثقة في الدولة وتعزيز الشعور بذلك تجاهها، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الالتزام بالتعهدات وأخذ القرارات.
لم نتمكن الى غاية اليوم من تسوية كل الديون السابقة، لذلك قررنا عدم تحميل الآخرين الأعباء، التي على الدولة تحملها. وقرّرنا، تبعا لذلك، سداد الديون الأكيدة للدولة في سنة 2020. وبذلت مختلف مصالح الوزارة جهدا استثنائيا لتحديد هذه الديون وتثبيت قيمتها، المقدّرة بنحو 5ر4 مليار دينار، لنشرع في تسويتها اثر المصادقة على مشروع قانون المالية التكميلي 2020.
سؤال: وفي ما يتعلّق بقانون الماليّة 2021؟
جواب: ستؤدي النفقات الإضافية لسنة 2020 إلى عجز في الميزانيّة في حدود 14 بالمائة. وسنحاول الهبوط بهذه النسبة في 2021 إلى مستوى 7 بالمائة. ولا يخفى عن أحد أن نسبة عجز ب7 بالمائة هي نسبة جد مرتفعة. لكن دون أن ننسى أنّ هذه النسبة من العجز تشمل تحديّات هامّة من ذلك خدمة الدين، التّي من المفترض أن تبلغ خلال السنة القادمة قيمة 15،8 مليار دينار. وقد كان هذا العجز اقل من 4 مليار دينار في 2010 وتجاوز 9 مليار دينار في 2019.
ويعود هذا الفارق إلى تطوّر حجم الديون طيلة تلك الفترة لكن، أيضا، إلى اعتقاد اصحاب القرار خلال السنوات من 2012 وحتى 2015 وما بعدها أن سنة 2021 لا تزال بعيدة وأن 10 سنوات ما بعد الثورة كفيلة بجعل الوضع افضل وبإمكاننا ترحيل الديون إلى سنة 2021.
ومن بين التحديّات الهامّة المطروحة هو سداد هذا الدين. في البلدان المتطوّرة يعد سداد الديون آلية طبيعيّة. ففي الولايات المتحدة الأمريكيّة، مثلا، هناك اصدارات لرقاع الخزينة بانتظام تأتي لتعويض أقساط القروض، التيّ تمّ سدادها. وسنحاول اعتماد هذه الآلية في تونس.
وتعلّقت الكتلة الاخرى، الهامّة، في نفقات الدولة خلال سنة 2021 بالأجور، المقدّرة قيمتها ب21 مليار دينار، وهو ما يعادل تقريبا ميزانية الدولة خلال سنة 2011 وعلى الدولة احترام التزامها بهذه الكتلة والسهر على عدم حدوث مزيدا من الانفجار في هذا المستوى.
وحاولنا، في ما يتعلق بميزانيّة التنمية، المحافظة على قيمة الاستثمار في حدود 7 مليار دينار وبخصوص الدعم فان القيمة المخصّصة لهذا الجانب هي في حدود 6 مليار دينار. وأتحدّث هنا عن الدعم في شكله الموسّع، الذّي يشمل الدعم المباشر والدعم غير المباشر، الذّي يتم انفاقه في شكل مساعدة لفائدة المؤسّسات العموميّة، التّي تمرّ بصعوبات.
حين تطلب الدولة من شركة نقل عموميّة بعدم الترفيع في اسعار التذاكر والبيع باقل من الكلفة مع تحمّل هذه الخسائر يعد ذلك شكلا من الدعم غير المباشر. لكن في المقابل حين تقتني الدولة موادا مثل السكر بسعر معيّن وتبيعه بسعر أقل يعتبر ذلك دعما مباشرا.
وبالنسبة لسنة 2021 توقّعنا، أيضا، أن تكون نسبة نمو الناتج الداخلي الخام في حدود 4 بالمائة وعملنا على ان لا تتجاوز النفقات العمومية الناتج الداخلي الخام واعتقد أنّ ذلك حدث جديد في تاريخ تونس المعاصر اذ غالبا ما تجاوزت النفقات مستوى الناتج.
سؤال: كيف تعتبرون مستوى تداين تونس؟ واي قدرة للبلاد على الايفاء بالتزاماتها في هذا السياق؟
جواب: لا يعتبر التداين سوى نتيجة وليس هدفا في حد ذاته. كما يمكن ان نتخيّل أنّ الدولة لا يمكن لها أن تخل بتعهداتها في مجال الدعم وفي سداد الأجور ولا يمكن أن نتخيّلها الإخلال بسداد ديونها. بلغ اليوم مستوى التداين 90 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة بنقطتين أو ثلاث نقاط خلال سنة 2021. وتقدّر الديون الداخليّة لليابان ب300 بالمائة لكن لا أحد ينتابه القلق لقدرة هذا البلد على تمويل هذا الدين محليّا.
وبالنسبة للدين التونسي لا يتعلّق الإشكال بحجم الدين لكن بتركّز أقساطه وبحصّة الدين الخارجي من هذه الديون مقارنة بالديون الداخليّة وسنعمل على تغيير هذا الصنف من المزيج خلال الأشهر والسنوات القادمة إلى حدود جعل الدين أقل تأثيرا على الاقتصاد وإن حافظ حجمه على ما هو عليه.
سؤال: هل تعتقدون أنّ خيار اللجوء، في اطار قانون المالية لسنة 2021، إلى التداين لدى السوق الداخليّة سينجر عنه تجفيف مصادرالسيولة بالنسبة للمؤسّسات؟
جواب: اعتبر شخصيّا أنّ الاستثمار بقي لأكثر من 10 سنوات في تونس جد محدود. وعند الحديث عن تجفيف السيولة يتوقع من وراء ذلك وجود طلب هام على القروض لكن الأمر ليس كما يعتقد. وخلال السنوات الأخيرة كان هناك طلب كبير أكيد على قروض الاستهلاك مقابل طلب ضعيف على قروض التجهيز. في حين أنّ قروض التجهيز هي الكفيلة بالاعداد للنمو في الغد. في 2020 وتبعا للجائحة الصحيّة تمّ انجاز نسبة ضئيلة من الاستثمار في حين توفّرت سيولة هامّة على مستوى السوق وهناك المزيد منها واعتقد ان السوق بالعمق الكافي لتمويل الطلب، في هذا السياق.
وللاشارة فإنّ جزء كبير من الاموال يتم تدويرها فقط. وقبل قليل تطرّقنا إلى قيمة 4،5 مليار دينار، التّي ستستخدم لتغطية ديون الدولة لدى مزوّديها. ولن تضيع هذه الأموال اعتبارا إلى أنّه عند خلاص الدولة لمزوّديها سيقوم هؤلاء بدفع ما تخلّد بذمتهم لفائدة البنوك ممّا سيوفر لهذه الهياكل المالية امكانية اقتناء رقاع الخزينة، التّي تصدرها الدولة ولهذا السببب حبذنا اللجوء الى الاقتراض من السوق الداخليّة.
وسنقوم بالتوازي، أيضا، بطلب من البنك المركزي التدخل بشكل مغاير على غرار ما تقوم به البنوك المركزيّة على المستوى الدولي. حين يتم في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكيّة إذ يقوم نظام الاحتياطي الفيدرالي بضخّ حوالي 20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام الأمريكي لشراء الدين وحين تقوم البنوك المركزيّة في بلدان أخرى، التّي تعد معقل الليبرالية، بنفس الشيء اعتقد أنّ بمقدور البنك المركزي التونسي ضخّ 1 أو 2 أو 3 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لاعادة شراء الدين العمومي أو الخاص. صحيح أنّه علينا البقاء يقظين بخصوص التضخّم لكن التجربة في عديد البلدان حيث تمّ ضخّ للأموال بشكل مكثّف في الاقتصاد أظهر أنّ التضخم لم يرتفع بشكل غير معقول.
أعتقد أنّه بالسهر على تحقيق شيء من التوازن بامكاننا التوفيق بين توفير حاجة الدولة من التمويل مع التحكم في الأسعار.
سؤال: لماذا لم يتضمن قانون المالية 2021 تمويلا خاصا لانقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تضررت بسبب الحجر الصحي العام؟
جواب: أظن أنه من الصعب التأكيد على صنف واحد من المؤسسات، لان الدولة حاولت في إطار مشروع قانون المالية الحالي الاستمرار في حماية المؤسسات العمومية والخاصة على حد السواء لان هذه المؤسسات هي التي تخلق الثروة ومواطن الشغل.
وستقوم الدولة في 2021 ، بتعبئة 7 مليار دينار بعنوان الاستثمارات و 5،6 مليار دينار لمساندة المؤسسات العمومية وبعنوان التعويضات.
هذه المبالغ الهامة سيتم رصدها دون الترفيع في الضرائب سواء بالنسبة للمؤسسات أو الافراد. وقد رأت الحكومة أن الافراد وخصوصا الاجراء يخضعون إلى نسبة ضريبة مرتفعة جدا وبالتالي قررت عدم الترفيع في النسب الحالية وذلك لأول مرة منذ سنوات، بل بالعكس تشجع الحكومة الاشخاص على الادخار عن طريق الترفيع في سقف حسابات الادخار في الاسهم والتأمين على الحياة وعلى شراء العقارات بتمكينهم من منحة تشجيع شهريّة تقدر ب100 دينار. أما بالنسبة للمؤسسات فقد حاولنا توحيد نسبة الضريبة في حدود 18 بالمائة ، بالرغم من العجز الهام للميزانية.
سؤال: هل بإمكان اقتصاد يعيش أزمة من تحمّل عجز في الميزانيّة بنسبة 14 بالمائة متوقّعة لسنة 2020؟
جواب: وهل لدينا الخيار للتصرف بطريقة أخرى؟ هل بإمكاننا أن نقرر عدم دفع الاجور في شهر أكتوبرأو التوقف عن صرف المساعدات، التّي تم إقرارها لفائدة الافراد والمؤسسات لمواجهة جائحة كورونا أو عدم الايفاء بتعهدات الدولة ؟ الجواب هو لا بالتأكيد.
من الاكيد أنه في سنة 2021، قررنا أن لا نلتزم بالنفقات اللازمة، فقط، والتّي نعتقد أننا نمتلك التمويلات الكافية لها. إن العجز المقدر ب14 بالمائة في الميزانية لم يكن خيارا بالتأكيد ولكن نتيجة لواقع ولازمة غير متوقعة قلصت بشكل كبير في مداخيلنا وفي المقابل رفعت من نفقاتنا.
وليس الامر حكرا على تونس بل العديد من الدول مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الامريكية سجلت عجزا برقمين. أما في الدول المجاورة مثل المغرب ومصر فقد سجلت هي الاخرى عجزا لم يتم احتسابه في الميزانية.
في 2021، نتوقع أن نقلص من هذه النسبة إلى النصف وسنعمل على تخفيضها أكثر لتقترب من حافة الصفر في أفق 2024.
سؤال: هل يمكن لمشروع قانون المالية لسنة 2021 أن يكون بداية لرفع الدعم خصوصا وقد قرر ضريبة ب100 مليم على السكر؟
جواب: لقد استهلك التونسيون حوالي 300 ألف طن من السكر في 2018 و350 ألف طن في 2019، أي بزيادة تقدر ب 20 خلال في ظرف سنة.
وقد بلغ الاستهلاك الوطني من هذه المادّة إلى موفى سبتمبر 2020 حوالي 400 ألف طن وستبلغ هذه النسبة 450 ألف طن مع نهاية 2020، أي بزيادة بنسبة 50 بالمائة مقارنة ب2018.
لا أظن أن الاسر التونسية هي، التّي ضاعفت من استهلاك السكر ولكن التهريب هو، الذّي ضخم هذا الاستهلاك لان أسعار السكر في تونس هي من بين الاقل مقارنة بالاسعار العالمية والاسعار المقررة في الدول المجاورة. وبالتالي فنحن لم نكن ندعم المستهلك التونسي وإنما المهرّبين والتهريب. وهذا الترفيع في الضريبة على السكر وأن كان ضئيلا سيساهم في تعديل استهلاك هذه المادة.
سؤال: وفي ما يخص الدعم بصفة عامة، ماهو التوجه الذي تدعمونه؟
جواب: التوجه الذي ندعمه هو إيصال الدعم إلى مستحقيه عبر رقمنة كل التمشي وتحديد الفئات والمجموعات، التي يجب أن يستهدفها الدعم.
سؤال: وماذا عن الاصلاح الجبائي؟
جواب: الاصلاح الجبائي هو مجهود لم يتوقف منذ أكثر من 10 سنوات. وسنستمر في 2021 في الاصلاحات التي بدأت في الماضي، ولكن بوتيرة أسرع. ومن بين الخطوات التي يتضمنها قانون المالية لسنة 2021، توحيد الضريبة على المؤسسات في حدود 18 بالمائة وتبسيط وتحسين النظام التقديري. والهدف من هذه الاجراءات هو تبسيط نظام الجباية في تونس الذي تعد مشكلته الرئيسية التعقيد و تعدد القوانين والقواعد.
سؤال: وما الذي تنوون فعله بخصوص الاقتصاد الموازي؟
جواب: يشمل الاقتصاد الموازي العديد من المستويات، من الاجراء البسيط، الذي يتضمن تشغيل أشخاص دون التصريح بهم لدى المصالح الجباية إلى الشراء دون فواتير أو عدم دفع الضريبة على القيمة المضافة وصولا الى تجارة المخدرات وتجارة البشر والأسلحة. ولا تتسامح الدولة مع هذه المستويات الاخيرة بأي شكل من الاشكال وتحاربها بكل الوسائل.
ولكن بالنسبة الى التجاوزات المالية، أظن أن نظاما ضريبيا غير مصادر واجراءات مبسطة ونسب ضريبة مخففة يمكن أن تشجع شريحة كبيرة من العاملين في القطاع الموازي على تسوية وضعياتهم والدخول في مسالك الاقتصاد المنتظم.
كما يجب أن يصاحب مجهود الدولة، في مجال تبسيط الاجراءات، التطبيق المحكم للقانون وانخراط العاملين في القطاع الموازي، الذين لابد أن يفهموا أنه لا يمكن المطالبة بالحقوق دون تأدية الواجبات.
ترجمة فاتن الباروني ونادية عطية ومريم الخضراوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.