المراسل-وكالات- انتقد زعماء مسلمون نشر مجلة فرنسية رسوما للنبي محمد الاربعاء باعتبارها إساءة جديدة من الغرب لدينهم وحثوا الحكومة الفرنسية على اتخاذ إجراء حازم ضدها، فيما ردت باريس بأن الأمر يدخل في باب "حرية التعبير" التي يكفلها القانون الفرنسي. وأدان شيخ الأزهر أحمد الطيب الاربعاء نشر الرسوم، وقال في بيان "إن الأزهر يعبر عن كامل رفضه وكل المسلمين لإصرار المجلة الفرنسية لنشر الكاريكاتورات المسيئة للاسلام ورسوله، رسول الإنسانية". ونشرت الرسوم في مجلة "شارلي إبدو" الساخرة الفرنسية الاسبوعية. وأظهر غلافها يهوديا متدينا يدفع شخصا يرتدي عمامة في كرسي متحرك وحملت الصفحات الداخلية عدة رسوم للنبي منها رسوم له وهو عار. وافاد مصدر قضائي ان جمعية قدمت شكوى امام النيابة العامة في باريس ضد مجلة شارلي ايبدو بتهمة "الحض على الكراهية". واعلنت القنصلية الفرنسية في القاهرة الاربعاء اغلاق المدارس والمراكز الثقافية الفرنسية في مصر الخميس كاجراء احترازي بعد نشر اسبوعية شارلي ايبدو الفرنسية رسوما مسيئة للنبي. وقالت القنصلية في رسالة عبر البريد الالكتروني موجهة الى الرعايا الفرنسيين في مصر انه "رغم عدم رصد اي تهديد محدد في مصر، تقرر اغلاق المدارس والمراكز الثقافية الفرنسية الخميس". كما اعلنت السفارة الفرنسية في تونس ان المدارس الفرنسية في هذا البلد ستغلق ابوابها من الاربعاء في الساعة 14,00 (13,00 تغ) الى الاثنين في الساعة 08,00 (07,00 تغ) كاجراء احترازي بعد نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد في فرنسا. ووصفت صحيفة "اوسيرفاتوري رومانو" الصادرة عن الفاتيكان الاربعاء نشر الرسوم بانها "تصب الزيت على النار". وكتبت صحيفة الفاتيكان "في الوقت الذي يتم فيه بذل جهود مضنية لتخفيف التوتر الذي يعيشه العالم الاسلامي بسبب فيلم 'براءة الاسلام'، يخشى اليوم فتح جبهة احتجاج جديدة" بعد نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول. واعلن وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس الاربعاء ان حرية التعبير بما فيها رسم الكاريكاتور هي "حق اساسي" يصونه القانون. وقال الوزير ان "حرية التعبير حق اساسي وحرية رسم الكاريكاتور جزء من هذا الحق الاساسي". لكنه اضاف انه "يتعين على كل شخص تحمل مسؤوليته، وكل عمل فردي وكل مقالة وكل رسم وكل تصريح يمكن ان يؤجج او يتسبب في مواجهات". ورفض الوزير الفرنسي الذي استقبل مسؤولي المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية اي تعرض "لحرية التعبير وحرية الاعلام والرأي والكاريكاتور في اطار القانون"، موضحا ان "المحاكم موجودة لنصرة الذين يعتبرون انهم اهينوا". وخلص وزير الداخلية الى القول ان "كل تظاهرة تهدف الى الاخلال بالامن العام وتأجيج المشاعر وبث البغضاء، لن تنال الترخيص وستمنع واعطيت تعليمات الى كل مديري الامن لتطبيق هذه الموانع تطبيقا تاما". وقال عصام العريان القائم باعمال رئيس حزب الحرية والعدالة بمصر "نرفض وندين الرسوم الفرنسية المسيئة للرسول وندين اي عمل يسيء للمقدسات وفقا لمعتقدات الناس". وجاء نشر الرسوم بعد انتشار الغضب والاحتجاجات المناهضة للغرب على نطاق واسع في الكثير من الدول الإسلامية في اسيا وافريقيا في الاسبوع الماضي بسبب فيلم مسيء للنبي محمد انتج في الولاياتالمتحدة وانتشر على الانترنت. وقال العريان إن على القضاء الفرنسي التعامل مع القضية بحزم مثلما تعامل مع المجلة التي نشرت صورا لكاثرين ميدلتون دوقة كيمبردج البريطانية زوجة الامير وليام عارية الصدر. وأضاف "لو كانت قضية كيت (الدوقة) مسألة خصوصية فإن الرسوم إساءة لشعب بالكامل. يجب احترام معتقدات الآخرين". كما رفض العريان اي رد فعل عنيف من جانب المسلمين لكنه قال إن الاحتجاجات السلمية مبررة. واعلن مدير مجلة شارلي ايبدو الفرنسية الاربعاء ان موقع المجلة الالكتروني تعرض "لعملية قرصنة منعت الدخول اليه". وقال الرسام ستيفان شاربونييه الشهير ب"شارب" للصحافيين في مقر الاسبوعية في باريس "الموقع حجب لانه تعرض لقرصنة. ويبدو انه هجوم اوسع من ذلك الذي تعرض له عام 2011" عندما نشرت شارلي ايبدو ايضا رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد. ورحب محمود غزلان المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين بمصر بانتقاد الحكومة الفرنسية للرسوم لكنه قال إن على القانون الفرنسي أن يتعامل مع الإساءة للإسلام بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع إنكار محارق النازي. وقال "الحكومة الفرنسية عندها قانون لو أحد شكك في المحرقة يتم سجنه فلو أحد سب الصحابة او النبي عليه السلام او الإسلام اقصى حاجة تعتذر في كلمتين." وفي لبنان قال رجل الدين السلفي البارز الشيخ نبيل رحيم إن هذا سيزيد من غضب الناس ويزيد من التوتر الكبير بدرجة خطيرة بالفعل. واتهم الضالعين في هذا بمحاولة إثارة صدام بين الحضارات وليس حوارا. وقال إن القادة المسلمين سيحاولن السيطرة على الامور والحفاظ على الهدوء لكن هذه الامور يمكن أن تخرج عن السيطرة بسهولة مشيرا الى أنه يخشى من تزايد استهداف الأجانب معبرا عن أمله في الا تستمر هذه الاستفزازات. وقال مسؤول بالكنيسة القبطية الارثوذكسية في مصر إن هذ استفزاز متعمد. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن "بعض القوى العالمية" تريد تصعيد العنف في مصر حتى لا تتطور البلاد اقتصاديا. وفي عام 2005 أحدثت رسوم للنبي محمد نشرت في صحيفة دنمركية موجة احتجاجات عنيفة في مناطق متفرقة من العالم الإسلامي قتل خلالها 50 شخصا على الأقل.