لكلّ تونسي: 5 نصائح قبل ما تقدّم استقالتك    نحو صابة قياسية للتمور في تونس    الحماية المدنية: 422 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل : القبض على صانعة محتوى عربية متهمة بنشر فيديوهات خادشة للحياء    الترجي الرياضي: غيابات بالجملة في مواجهة النادي البنزرتي    تحذير للنساء: انتفاخ البطن المفاجئ ما هوش مجرد مشكل هضم..حاجات أخطر!    غدا.. إنطلاق مهرجان الرمّان في تستور    تنبيه عاجل للمسافرين: بعض المسارات الجوية في هذه الدولة مغلقة لساعات محددة!    عاجل: 5 فيروسات تهدّد التونسيين هذا الشتاء    صفاقس: غدا الانطلاق الرسمي لموسم جني الزيتون    رغم مخاوف العمر واللياقة: ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم    الرابطة الأولى: الملعب التونسي يؤكد التمسك بالمدرب شكري الخطوي    الحنة والفوائد الصحية: معجزة طبيعية للكبد على حسب الباحثين    الديوان الوطني للصناعات التقليدية يشارك في معرض دولي بالهند من 31 جانفي الى 15 فيفري 2026    عاجل: تونس تدخل اليوم في الرّوج    صدور الأمر المتعلق بدعوة الناخبين للتصويت على سحب الوكالة بمعتمدية شربان ولاية المهدية بالرائد الرسمي    سيميوني وبايينا يهزان الشباك وأتليتيكو يعزز سجله الخالي من الهزائم    حكم بالسجن لمغتصب فتاة من ذوي الإحتياجات الخاصة    تجاوزات في السكن والنقل والتأمين.. موسم العمرة يبدأ بالشكوى!    عاجل: ''Ciné Jamil'' المنزه 6 تُغلق أبوابها نهائيًا    تنديد بالإرتفاع المُشط في أسعار اللحوم الحمراء.. #خبر_عاجل    بمنافس جديد.. إيلون ماسك يتحدى "ويكيبيديا"    بعد أشهر من الخلاف.. ترامب لماسك: "سأظل أحبه دائما"    "من العين إلى القلب": إكتشاف طبي جديد للتنبؤ بخطورة الأمراض    إسرائيل تنشر فيديو جديد ليحيى السنوار.. وسط أنقاض الحرب    عاجل: عودة الأمطار بداية نوفمبر... وتقلبات منتظرة في الأسبوع الثاني    طقس الثلاثاء: الحرارة بين 19 و30 درجة مع سحب عابرة ورياح قوية    السعودية: 54.5 مليون زائر ومعتمر بالحرمين الشريفين في شهر    وزير التجهيز: ينتظر ان تصدر قريبا النصوص التطبيقية لقانون البنايات المتداعية للسقوط    قيس سعيد: الحلول قادمة وسيتنفّس كلّ تونسي هواء نقيّا خاليًا من كلّ أنواع التلوّث    تطورات جديدة في قضية شفيق الجراية    سعيّد يدعو إلى إصلاح الصناديق الاجتماعية وتطبيق قانون منع المناولة    عاجل: النجم الرياضي الساحلي يرفض استقالة زبير بيّة    الاتحاد الجهوي للشغل بتونس يعلن الشروع في سلسلة من التحركات اثر نُقْلة نقابي وإلزامه بتسليم مفاتيح المكتب النقابي    وزارة الصحة : اطلاق خطة وطنية لحماية الأطفال من التهاب الشُعيبات    هدية شخصية من اليابان تلامس قلب ترامب    مدنين: قروض بقيمة 20 ألف دينار لتشجيع الشباب على الاستثمار في السياحة    أولا وأخيرا: خلاص الفاتورة في الدورة    البطولة العربية للكرة الطائرة للسيدات: النادي النسائي بقرطاج يواصل التألق ويفوز على نادي سلوى الصباح الكويتي بثلاثية نظيفة    جبنيانة ..يستدرجون ضحاياهم ل «الحرقة» ثمّ يفتكّون أموالهم    المهدية .. بمشاركة أكثر من 550 مُمرّضا من تونس والخارج ..اختتام الأيام الوطنيّة ال19 للإطارات شبه الطبيّة    اليوم وتحت شعار «روح دار الثقافة في نواديها» ...دار الثقافة سبيطلة تفتتح موسمها الثقافي الجديد    ملتقى حول الشيخ الطاهر بن عاشور    40 دينار للعلوش و32 للبقري... منظمة الدفاع عن المستهلك تدق ناقوس الخطر    الوسلاتية: ضبط شاحنة محمّلة ب21 رأس غنم مسروقة من ولاية منوبة    جندوبة: افتتاح الدورة الأولى للمهرجان الدولي للأثر البيئي بجامعة جندوبة    صدور مجلة "جيو" الفرنسية في عدد خاص بالتراث التونسي    عاجل/ حالة إحتقان بهذه الجهة بعد حادث مرور قاتل    تنشط بين ليبيا وتونس.. تفكيك شبكة إجرامية دولية في مجال ترويج المخدرات    عاجل/ زبيّر بيّة يستقيل من رئاسة النجم الساحلي    نابل: توقعات أولية بإنتاج القوارص في حدود 270 ألف طن ودعوة لاتخاذ إجراءات لتيسير عملية ترويج المنتوج    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    رسالة من صاحبة "أكبر شفاه في العالم"    برنامج "The Voice" يعود من جديد.. ومفاجأة في تشكيلة لجنة التحكيم    رابطة أبطال إفريقيا: مولودية الجزائر تبلغ دور المجموعات بعد تعادل صعب أمام كولومب الكاميروني    كيف سيكون طقس الاثنين 27 أكتوبر؟    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعترافات سياسي فاشل
نشر في الوسط التونسية يوم 05 - 03 - 2008

بمعزل عن أي شيئ لا أملك إلا أن أشكر السيد المنصف المرزوقي على الضحكات التي منحها لي و التي لم أتوقعها منه شخصيا إثر قراءة إعترافاته البارحة ("الوضع التونسي بين الكوميديا و التراجيديا. تونس المسخرة" تونسنيوز 3 مارس 2008). الحقيقة تلك كانت مظاهر التفاعل العفوية الوحيدة التي منحها لي طيلة السنوات التي راقبت فيها ما فعله ضمن ما يمكن أن يشاهده أي ملاحظ للوضع التونسي. و بالنسبة لي كانت تلك الصيغ الكوميدية السوداء إنجازه الوحيد.
ربما يرى البعض أن السيد المرزوقي و حزبه "مأج" ("المؤتمر من أجل الجمهورية") أمر ضروري في أي حياة سياسية مثلما الملح أو التوابل في صحن يستحق الأكل. لكن ذلك سيكون أمرا مفهوما لو أراحنا و تخصص مع "المكتب السياسي" و القيادة التاريخية لحزب "الخمسين سنة القادمة"، حزب "مأج" العتيد و البدون منازع، لو تخصص في كتابة البيانات الكوميدية (من النوع الذي كتبه البارحة) حيث سيحظون بأقل لامبالاة. إذ لا أحد عاقل، حسب علمي، يأخذ توفيق بن بريك على محمل الجد غير أنه يحظى بالاهتمام على كل حال إلى الحد الذي تعتقد فيه "الجمهورية الشعبية الديمقراطية الجزائرية" أن في دخوله لترابها الوطني خطرا محدقا. تصور، إذا، لو وقع منع السيد المرزوقي و بقية أعضاء "مجلس مفوضي الإقليم" ل"مأج" بقوة السلاح (و ليس بمجموعة من الغوغائيين البلطجية) من دخول حتى أحد أحياء مدينة القصبة ألن يخلق ذلك حدثا يستحق تصريحا في نشرة منتصف الليل للمغرب العربي للجزيرة و رزمة بيانات من هنا و هناك؟ ألا يجب أن يغبط السيد المرزوقي بل و كافة "اللجنة المركزية" ل"مأج" توفيق بن بريك على ما حققه في مسيرته "السياسي-كوميدية"؟
لا يملك السيد المرزوقي أن يمنح لنفسه وقتما أراد مساحة اعترافات يدلق فيها علينا مما عمرت به غرفه المعتمة من حقد على التوانسة الذين يملؤون، للأسف، تونس، في حين يرجع إلينا بعد أسبوع أو إثنين لمنصته و منبر "الإيقو" (ego) المتضخم ليقسم المساحة التونسية حسب معاييره الطهرانية، التي تضعه طبعا في موقع "المسيح الثائر" الذي يدعو نفس أولائك التونسيين لاتباع وصفته الخلاصية. لا يملك أن يفعل ذلك و ألا يستحق في المقابل بعض اللامبالاة، أو كثيرها لا فرق لأن قليل اللامبالاة كثير. و الحقيقة إذا كان هناك أمر يميز "سيرة" السيد المرزوقي، التي كان أنهى كتابتها تحت هالة من القداسة مثل جنرال في "مائة عام من العزلة"، فتلك ستكون اللامبالاة التي لطالما حظي بها و ذلك بشكل مفارق تماما مع أناه المتضخمة و التي تصدر الأوامر كأنها تملك جيوشا جرارة رهن سبابتها الصغرى.
ما يجعل السيد المرزوقي غاضبا ليس على السلطة فحسب بل أيضا على توانسة تونسه "الخضراء"، الذين يستحقون، حسب رئيس "المجلس المركزي" و "لجنة الطوارئ" لحزب نصف القرن القادم حزب "مأج"، إيداعهم في ملجأ يخضع لحظر التجول لولا الدواعي اللوجيستية، ما يجعله غاضبا هو أنهم لم يمتثلو لاستقباله كفاتح في مطار تونس- قرطاج الدولي ذات مساء مشرق و هو الذي لم يشترط حتى حصانا لتنفيذ الوصية الإلهية القاضية بتنصيبه مهديا منقذا متوحدا لعصره البائد. كان ذلك كافيا حتى يعلن بكل التواضع الممكن و من دون أي إشعار أنه "يمسح يديه" الطاهرتين من هذه الكتلة الهلامية التي تسمى شعبا و التي تستحق، لتلك الخطيئة وحدها على الأرجح، مكانا في متحف الشموع.
في الحقيقة يسحب أسلوب و "إيقو" السيد المرزوقي مني حتى أدنى رغبة في مجادلة جدية لنصوصه. هل هناك أي جدوى للفت إنتباهه أن التموقع الحقوقي الذي جعل له إسما في وقت ما لا يكفي لبناء حركة سياسية؟ هل هناك من أي جدوى للإشارة الى أن التضخم الإعلامي وحده لا يخلق آفاقا سياسية فعالة، إلا إذا رافقته العناية الإلهية؟ بل هل من المجدي أن نتذكر و نقول للسيد المرزوقي أن السياسة ليست لعبة إرادوية؟هل من العناء تذكيره أن نبذ الإعلانات و البيانات و القرارات لكافة "الراطسة" السياسية التونسية لا يستقيم مع الإعلان من جانب واحد، مثلما هو حال كل "مهدي منتظر" على كل حال، عن "قرار العصيان المدني" عشية السبت في شارع الحبيب بورقيبة أو في ساحة الباساج حذو مأوى الحافلات؟ أنه لا يمكن التهكم على سوريالية "المترشحين" (من غير القادرين على الترشح) لإنتخابات 2009 في حين كان هو هايبر-سورياليا (hyper-surrealist) بما فيه الكفاية حتى يترشح لانتخابات سنة 1994 عندما كانت "حملته الانتخابية" لا تتعدى الجهاز اللاسلكي ل"وكالة فرانس بريس" و حديقة منزله، ربما؟ و أخيرا ما الداعي للتساؤل في حضرته عن مغزى خروج أعضاء و منخرطي "مأج": هل يتأتي ذلك من "فشل المتلقين" أم من جراء "فشل الإلقاء"؟ عن أن الفشل السياسي يرجع، كما يجب أن يقنعنا السيد المرزوقي، إلى عجز كل "الآخرين" عن فهم طبيعة المرحلة و هي، من دون شك، مرحلة إشراق "مأج" بقيادة المنصف المرزوقي كحزب الطليعة-القائد الذي يفهم مصلحة "الجماهير" أكثر منها؟
أعتقد أنه حان الوقت أن نهتم بالتصريح بأمر أساسي إزاء الخطاب النرجسي الممجوج ل"القيادة العليا" و "مجلس أمناء" حزب "مأج" و الذي لا يخص السيد المرزوقي وحده بالمناسبة: لقد كان هناك ركود سياسي طيلة السبعة عشر سنة الماضية و ذلك وحده الذي سمح بظهور "مأج" و "الحزب الليبرالي المتوسطي" و بقية الأحزاب "تحت التأسيس" ذات القيادات و القواعد الميكروسكوبية. لكن لا يجب، مع كل المتعة التي يمنحها إيانا هذا الاستعراض الفكاهي، أن نعتقد للحظة أن هذه السيرورة الكوميدية تعني بأي حال من الأحوال تغيير قواعد اللعبة السياسية.
لازالت نفس الأطراف السياسية المشكلة لمشهد ما قبل سنة التسعين هي ذاتها التي تقبض (مع كل الأسف الممكن) على تشكيلة المشهد السياسي التونسي. طبعا لا تمثل هذه الأطراف (سلطة و معارضة)، على الأقل في صيغها الراهنة، مستقبل هذا المشهد. و هذا بالتحديد ما يجعل طبيعة المشهد الراهن "راكدا". و لهذا ليس هناك من داعي لتكريس الفشل في مسيرة السيد المرزوقي، حيث لا يتصف به وحده. لكن ليس هناك من شك أن فشله كان و لازال براقا خاصة بترافقه مع النرجسية الخطابية الملازمة له. و حتى نشهد تجديدا سياسيا يبعث على الاهتمام لا فائدة من إعلان "العصيان" في نشرة الساعة الثانية ليلا و استحضار روح "المهدي". حان الوقت للاستفاقة من هذه القيلولة الطويلة التي كان يمكن فيها لسراب "الزعيم" الإعلامي-الإفتراضي أن يظهر كأنه زعامة جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.