أب وابنه.. أستراليا تعلن تفاصيل جديدة عن مشتبه بهما في هجوم سيدني    بطولة المانيا: بايرن ميونيخ يختطف التعادل 2-2 على ملعبه أمام ماينتس المتعثر    عاجل/ حادث مرور مروع ينهي حياة أب وابنته..    تظاهرة بصفاقس لإحياء الذكرى التاسعة لاغتيال الشهيد محمد الزواري    تونس تدعو إلى تحالف من أجل الإنسانية    أخبار الملعب التونسي ...هزيمة ودية وتربص مغلق في سوسة    «شروق» على الملاعب العالمية ... صلاح يدخل التاريخ وفوضى وغضب في الهند بسبب ميسي    مصر تلوح بعمل عسكري ضد سد النهضة: "المفاوضات انتهت"    وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام بعد أزمة صحية طارئة    مجمع موزعي النظارات يرحب بالفصل 72    الحمامات .. بين 14 و15 ألف مريض يخضعون لتصفية الدم أزمة زرع الكلى تتفاقم    نابل .. استعدادات مكثفة بالمؤسسات السياحية لاستقبال العطلة ورأس السنة    العاصمة: يقتل جاره طعنا وشقيقته تُخفي أداة الجريمة... هذا ما حدث    الصالون الإفريقي للصناعات الغذائية...نحو شراكات أوسع    بشرى للسينمائيين التونسيين إثر صدوره بالرائد الرسمي .. إحداث صندوق التشجيع على الاستثمار في القطاع السينمائي والسمعي البصري    في كتابه الجديد «المدينة في زمن الباشا بايات» .. د.محمد العزيز بن عاشور يؤرخ للمدينة العتيقة ول«البلديّة»    اتحاد الكتاب فرع توزر يعلن مقاطعته مؤتمر اتحاد كتاب تونس    أولا وأخيرا .. أنا لست عربيا ولن أكون    كأس العرب قطر 2025: مدرب منتخب الأردن يؤكد السعي لبلوغ النهائي على حساب السعودية في مباراة الغد    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة التاسعة    شجاعته جعلته بطلا قوميا في أستراليا.. من هو أحمد الأحمد؟    وزارة الفلاحة تنطلق في العمل ببرنامج تخزين كميات من زيت الزيتون لدى الخواص مع اسناد منح للخزن    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    تطاوين: انطلاق الشباك الموحد للحجيج لموسم 1447 ه / 2026 م لفائدة 133 حاجًا وحاجة    فوز 11 تلميذا في مسابقات الملتقى الجهوي للصورة والسينما والفنون البصرية للمدارس الإعدادية والمعاهد    عاجل: ''poudre talc'' مشهورة مرفوعة ضدها قضية بسبب مريضتي سرطان...شنيا الحكاية؟    قفصة : إنطلاق الحملة الوطنية الأولى للكشف المبكر عن اضطرابات الغدة الدرقية    حجز 30 غراما من الماريخوانا لدى شخص عاد مؤخرا من ألمانيا..#خبر_عاجل    كأس تونس.. الجامعة تعلن عن موعد سحب قرعة الدور التمهيدي    عاجل: إصابة هذا اللّاعب تجدد القلق داخل الجهاز الفني    المعابر الحدودية بجندوبة تسجل رقما قياسيا في عدد الوافدين الجزائريين..    مدنين / بلدية بن قردان تنطلق في تركيز 390 نقطة انارة عمومية من نوع "لاد" بالطريق الرئيسية ووسط المدينة    عاجل: منخفض جوي قوي يضرب المغرب العربي.. أمطار غزيرة وثلوج كثيفة في الطريق    توفى بيتر غرين.. الشرير اللي عشنا معاه على الشاشة    دورة شتوية بمدينة العلوم متخصصة في علم الفلك الرقمي باستخدام "بايثون من 24 الى 27 ديسمبر الجاري"    الكاف : مهرجان "بدائل للفنون الملتزمة" يمنح جائزته السنوية التقديرية للفنّان البحري الرحّالي    شنيا اللي يخلي البنك يرفض يحلّك Compte؟    كشف هوية أول مشتبه به في هجوم سيدني    عاجل: التاكسي الفردي يلوّح بالإضراب بعد تجاهل المطالب    عاجل: شنيا حكاية ضبط كميات كبيرة من الكبدة المنتهية صلوحيتها كانت متجهة نحو الجزائر؟    شنيا حكاية المادة المضافة للبلاستك الي تقاوم الحرائق؟    الرياض تستضيف المنتدى العالمي ال 11 للحضارات بدعم غوتيريش و130 دولة    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    عاجل: الأطباء يحذرون...الطب الشعبي قد يؤدي للوفاة عند الأطفال    الفئة العمرية بين 18 و44 سنة تمثل 51 بالمائة من مجموع قتلى حوادث المرور (دراسة)    تطورات قضية مصرع مغنية تركية.. صديقة ابنتها تدلي باعترافات صادمة    شنيا يصير وقت شرب ال Chocolat Chaud في ال Grippe؟    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    جون سينا يقول باي باي للمصارعة بعد 23 عام مجد    جندوبة: استئناف النشاط الجراحي بقسم طبّ العيون    اعتقال سوري ومصري و3 مغاربة في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد    السعودية.. السماح للأجانب بتملك العقار وتطبيق النظام المحدث ينطلق قريبا    سوسة.. العثور على جثة مسن روسي الجنسية في حديقة المكتبة الجهوية    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعترافات سياسي فاشل
نشر في الوسط التونسية يوم 05 - 03 - 2008

بمعزل عن أي شيئ لا أملك إلا أن أشكر السيد المنصف المرزوقي على الضحكات التي منحها لي و التي لم أتوقعها منه شخصيا إثر قراءة إعترافاته البارحة ("الوضع التونسي بين الكوميديا و التراجيديا. تونس المسخرة" تونسنيوز 3 مارس 2008). الحقيقة تلك كانت مظاهر التفاعل العفوية الوحيدة التي منحها لي طيلة السنوات التي راقبت فيها ما فعله ضمن ما يمكن أن يشاهده أي ملاحظ للوضع التونسي. و بالنسبة لي كانت تلك الصيغ الكوميدية السوداء إنجازه الوحيد.
ربما يرى البعض أن السيد المرزوقي و حزبه "مأج" ("المؤتمر من أجل الجمهورية") أمر ضروري في أي حياة سياسية مثلما الملح أو التوابل في صحن يستحق الأكل. لكن ذلك سيكون أمرا مفهوما لو أراحنا و تخصص مع "المكتب السياسي" و القيادة التاريخية لحزب "الخمسين سنة القادمة"، حزب "مأج" العتيد و البدون منازع، لو تخصص في كتابة البيانات الكوميدية (من النوع الذي كتبه البارحة) حيث سيحظون بأقل لامبالاة. إذ لا أحد عاقل، حسب علمي، يأخذ توفيق بن بريك على محمل الجد غير أنه يحظى بالاهتمام على كل حال إلى الحد الذي تعتقد فيه "الجمهورية الشعبية الديمقراطية الجزائرية" أن في دخوله لترابها الوطني خطرا محدقا. تصور، إذا، لو وقع منع السيد المرزوقي و بقية أعضاء "مجلس مفوضي الإقليم" ل"مأج" بقوة السلاح (و ليس بمجموعة من الغوغائيين البلطجية) من دخول حتى أحد أحياء مدينة القصبة ألن يخلق ذلك حدثا يستحق تصريحا في نشرة منتصف الليل للمغرب العربي للجزيرة و رزمة بيانات من هنا و هناك؟ ألا يجب أن يغبط السيد المرزوقي بل و كافة "اللجنة المركزية" ل"مأج" توفيق بن بريك على ما حققه في مسيرته "السياسي-كوميدية"؟
لا يملك السيد المرزوقي أن يمنح لنفسه وقتما أراد مساحة اعترافات يدلق فيها علينا مما عمرت به غرفه المعتمة من حقد على التوانسة الذين يملؤون، للأسف، تونس، في حين يرجع إلينا بعد أسبوع أو إثنين لمنصته و منبر "الإيقو" (ego) المتضخم ليقسم المساحة التونسية حسب معاييره الطهرانية، التي تضعه طبعا في موقع "المسيح الثائر" الذي يدعو نفس أولائك التونسيين لاتباع وصفته الخلاصية. لا يملك أن يفعل ذلك و ألا يستحق في المقابل بعض اللامبالاة، أو كثيرها لا فرق لأن قليل اللامبالاة كثير. و الحقيقة إذا كان هناك أمر يميز "سيرة" السيد المرزوقي، التي كان أنهى كتابتها تحت هالة من القداسة مثل جنرال في "مائة عام من العزلة"، فتلك ستكون اللامبالاة التي لطالما حظي بها و ذلك بشكل مفارق تماما مع أناه المتضخمة و التي تصدر الأوامر كأنها تملك جيوشا جرارة رهن سبابتها الصغرى.
ما يجعل السيد المرزوقي غاضبا ليس على السلطة فحسب بل أيضا على توانسة تونسه "الخضراء"، الذين يستحقون، حسب رئيس "المجلس المركزي" و "لجنة الطوارئ" لحزب نصف القرن القادم حزب "مأج"، إيداعهم في ملجأ يخضع لحظر التجول لولا الدواعي اللوجيستية، ما يجعله غاضبا هو أنهم لم يمتثلو لاستقباله كفاتح في مطار تونس- قرطاج الدولي ذات مساء مشرق و هو الذي لم يشترط حتى حصانا لتنفيذ الوصية الإلهية القاضية بتنصيبه مهديا منقذا متوحدا لعصره البائد. كان ذلك كافيا حتى يعلن بكل التواضع الممكن و من دون أي إشعار أنه "يمسح يديه" الطاهرتين من هذه الكتلة الهلامية التي تسمى شعبا و التي تستحق، لتلك الخطيئة وحدها على الأرجح، مكانا في متحف الشموع.
في الحقيقة يسحب أسلوب و "إيقو" السيد المرزوقي مني حتى أدنى رغبة في مجادلة جدية لنصوصه. هل هناك أي جدوى للفت إنتباهه أن التموقع الحقوقي الذي جعل له إسما في وقت ما لا يكفي لبناء حركة سياسية؟ هل هناك من أي جدوى للإشارة الى أن التضخم الإعلامي وحده لا يخلق آفاقا سياسية فعالة، إلا إذا رافقته العناية الإلهية؟ بل هل من المجدي أن نتذكر و نقول للسيد المرزوقي أن السياسة ليست لعبة إرادوية؟هل من العناء تذكيره أن نبذ الإعلانات و البيانات و القرارات لكافة "الراطسة" السياسية التونسية لا يستقيم مع الإعلان من جانب واحد، مثلما هو حال كل "مهدي منتظر" على كل حال، عن "قرار العصيان المدني" عشية السبت في شارع الحبيب بورقيبة أو في ساحة الباساج حذو مأوى الحافلات؟ أنه لا يمكن التهكم على سوريالية "المترشحين" (من غير القادرين على الترشح) لإنتخابات 2009 في حين كان هو هايبر-سورياليا (hyper-surrealist) بما فيه الكفاية حتى يترشح لانتخابات سنة 1994 عندما كانت "حملته الانتخابية" لا تتعدى الجهاز اللاسلكي ل"وكالة فرانس بريس" و حديقة منزله، ربما؟ و أخيرا ما الداعي للتساؤل في حضرته عن مغزى خروج أعضاء و منخرطي "مأج": هل يتأتي ذلك من "فشل المتلقين" أم من جراء "فشل الإلقاء"؟ عن أن الفشل السياسي يرجع، كما يجب أن يقنعنا السيد المرزوقي، إلى عجز كل "الآخرين" عن فهم طبيعة المرحلة و هي، من دون شك، مرحلة إشراق "مأج" بقيادة المنصف المرزوقي كحزب الطليعة-القائد الذي يفهم مصلحة "الجماهير" أكثر منها؟
أعتقد أنه حان الوقت أن نهتم بالتصريح بأمر أساسي إزاء الخطاب النرجسي الممجوج ل"القيادة العليا" و "مجلس أمناء" حزب "مأج" و الذي لا يخص السيد المرزوقي وحده بالمناسبة: لقد كان هناك ركود سياسي طيلة السبعة عشر سنة الماضية و ذلك وحده الذي سمح بظهور "مأج" و "الحزب الليبرالي المتوسطي" و بقية الأحزاب "تحت التأسيس" ذات القيادات و القواعد الميكروسكوبية. لكن لا يجب، مع كل المتعة التي يمنحها إيانا هذا الاستعراض الفكاهي، أن نعتقد للحظة أن هذه السيرورة الكوميدية تعني بأي حال من الأحوال تغيير قواعد اللعبة السياسية.
لازالت نفس الأطراف السياسية المشكلة لمشهد ما قبل سنة التسعين هي ذاتها التي تقبض (مع كل الأسف الممكن) على تشكيلة المشهد السياسي التونسي. طبعا لا تمثل هذه الأطراف (سلطة و معارضة)، على الأقل في صيغها الراهنة، مستقبل هذا المشهد. و هذا بالتحديد ما يجعل طبيعة المشهد الراهن "راكدا". و لهذا ليس هناك من داعي لتكريس الفشل في مسيرة السيد المرزوقي، حيث لا يتصف به وحده. لكن ليس هناك من شك أن فشله كان و لازال براقا خاصة بترافقه مع النرجسية الخطابية الملازمة له. و حتى نشهد تجديدا سياسيا يبعث على الاهتمام لا فائدة من إعلان "العصيان" في نشرة الساعة الثانية ليلا و استحضار روح "المهدي". حان الوقت للاستفاقة من هذه القيلولة الطويلة التي كان يمكن فيها لسراب "الزعيم" الإعلامي-الإفتراضي أن يظهر كأنه زعامة جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.