حافظ الحزب الحاكم في تونس على سيطرته على مكتب جمعية المحامين الشبان المتكوّن من تسعة أعضاء. في حين أفرزت النتائج صعود اثنين من المستقلين وتجديد انتخاب خمسة من الهيئة السابقة. وقد أعلن عن نتائج الانتخابات صباح أمس الأحد (9/3) بعد حوالي سبع عشرة ساعة من فرز أصوات ألف وستمائة مقترع. وتنافس على مكتب الجمعية 33 محاميا من جملة ألفي منخرط. وتقدمت إلى الانتخابات قائمات ضمّت إحداها عناصر ما يعرف بخلية الحزب الحاكم في مهنة المحاماة، وأخرى تحت اسم "القائمة المهنيّة المستقلّة" وضمّت تحالفا من المحامين المقربين من التيار الإسلامي ومحامين قوميّين، وفاز منها اثنان هما المحامي خالد الكريشي الذي سبق أن صعد إلى المكتب في دورة سابقة، وضياء الدين مورو ابن المحامي المعروف الشيخ عبد الفتاح مورو أحد مؤسسي حركة النهضة. كما ترشحت قائمة تضمّ عناصر من أقصى اليسار ولم تحز سوى على أصوات معدودة. وقال الكريشي في تصريح خاص ل"قدس برس" إنّ القائمة المهنيّة المستقلّة كان بإمكانها تحقيق نتيجة أفضل خاصّة وأنّ الفارق في الأصوات بين محاميي الحزب الحاكم والأصوات التي حازها المستقلون ضئيل، وكان بالإمكان تداركه. وقال إنّ ذلك يعود إلى "عدم تنسيق وللحسابات الإيديولوجية التي طغت لدى بعض الأطراف السياسية، إذ كان بالإمكان الفوز بقائمة كاملة من المستقلين وهي القائمة الوحيدة التي واجهت الحزب الحاكم وصمدت أمامه. أمّا قائمة اليسار فقد أعلنت أنّها تقاطع أي تحالف مع الإسلاميين أو القوميين". ورجّح أحد المحامين فضّل عدم ذكر اسمه أن تكون تلك العناصر اليسارية وضعت في حساباتها التكتيكية إمكانية التحالف مع الحزب الحاكم إلاّ أنّ حساباتها سقطت في الماء. وبحسب مصدر من المحامين فإنّ الحزب الحاكم قد وفر إمكانيات مادية كبيرة لضمان الفوز في هذه الانتخابات حيث تكفل بنقل حشد هائل من المحامين إلى العاصمة وبإقامتهم ومصاريفهم. وكان التجمع الدستوري الحزب الحاكم قد نظّم قبل يومين من الانتخابات ندوة وطنية للمحامين التجمعيين بالعاصمة حضرها أمين عام الحزب ووزير العدل. وقد سيطر الحزب الحاكم على مكتب الجمعية لدورتين متتاليتين. وجرت آخر انتخابات في آذار (مارس) 2006 ومنع خلالها المحامون من غير الحزب الحاكم من الدخول إلى مكتب الاقتراع من قبل عناصر الحزب الحاكم المدعومة بالبوليس السياسي. وقد شهدت الجلسة العامة لجمعية المحامين الشبان يوم الجمعة الماضي (7/3 ) اتهامات للهيئة المتخلية "بالسطو على الجمعية" وروى بعض المحامين كيف وقع منعهم قبل سنتين من دخول مقر الاقتراع بأحد نزل العاصمة والاعتداء عليهم بالعنف. وكانت هيئة المحامين التونسيين قد رفضت الاعتراف بنتائج تلك الانتخابات، غير أنّ مكتب الجمعية واصل عمله. وفي تشرين ثاني (نوفمبر) 2007 وبمناسبة الذكرى العشرين لوصول الرئيس بن علي للحكم، أصدر مكتب الجمعية مناشدة له بالترشح للانتخابات الرئاسية لولاية خامسة والمقررة في نهاية 2009. ويقلل مراقبون من أي رهان قد يعلّق على جمعية المحامين الشبان طالما أنّ الهيئة الوطنية للمحامين وعلى رأسها العميد هي الممثل الوحيد والجامع لقطاع المحاماة في ما يهمّ شؤون القطاع. وقال المحامي الفائز خالد الكريشي ل"قدس برس" إنّ جمعية المحامين الشبان تبقى "جمعية ثقافية حقوقية، كانت رائدة في الدفاع عن القضايا العادلة داخل القطر وعلى المستوى القومي والمستوى العالمي"، مضيفا إنّه رغم أنّ المستقلّين أقلية داخل المكتب فإنّهم سيدافعون عن الخط الاستقلالي للمهنة.