العودة حق الجميع ما يجب ولا يجب أن يستثني أحدا ممن أضطر للمنفى في إطار ملف الإسلاميين منذ بداية الثمانينات إلى اليوم تلك هي الرسالة الأساسية من وراء النص الذي نشرناه منذ يومين. وقد كتبنا ذاك بلغة حميمية وخطابية مقصودة في ذاتها، ليكون النص مقدمة لما يليه من حلقات سنكتبها تباعا حتى نوضح مقصدنا من شعار العودة بدون استثناء. نتناول اليوم على بركة الله ثلاثة أبعاد أساسية لتلك العودة المنشودة 1 مشروع العودة للجميع، هو رسالة إخلاقية إلى الوسط المهجري المناضل، تقول أن قيمة الأخوّة وبعد سنوات الجمر هي آخر الحصون التي بقيت لنا. فمهما اختلفت بيننا مسالك التفكير في مستقبل قضيتنا، تبقى الأخوة في الله رداءنا الذي قدت خيوطه بدماء شهداءنا... أحبتنا الذين قضوا وعلى شفاهم بسمة انتصار على قتلتهم، بسمة تنشد ببراءة سأرى لحظة الانتصار ....سأراها بعيني أخي نشيد كتب بزيت المشكاة الربانية ليرسم للعالمين ألق الحب في الله . العين عيني وعينك وعينه والقلب واحد هذا ما تعلمناه في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم رباط الولاء أن فقدناه فقدنا الانتماء والمصيبة في الدين، مصيبة في الولاء فإن جف ذلك المعين ماتت الشجرة. ولأنني ممن يحسب أن ما أصاب الشجرة صفرة خريف، يعقبه شتاء ماطر، ومن بعده ربيع زاهر، فأنني أدعو من يشاركني محنة المنفى وقبل التفكير في العودة أن يستحضر قيمة التضامن الأخوي الذي ألتقيناا عليه. فلا تتخلوا أيها الأخلّة عن أخلّتكم، فحرقة الشوق للبلد الطيب، وأهله قمحه الاسمر،واحدة عند الجميع. وإن كنا لا نبكي فلا يعني إننا لا نتألم، والدمعة التي ستفرح عدو زنيم دونها الموت الزؤام. فأما عودة كريمة للجميع، نفرح فيها سويا بلقاء الأهل والأحبة وأما فالصبر قدرنا. فلن تفرح أمي برؤيتي إذا لم تفرح كل الأمهات، لن تزغرد عائشة لتولول فاطمة وقد كنا في حارتنا نلغي أعراسنا و أفراحنا إذا فجعت الحارة في عزيز، فهل نسيتم جمال وعفوية وبراءة وصدق وحميمية المعنى، أم على القلوب أقفالها!!!!!!!! 2 رسالة ثانية موجهة إلى السلطة التي تتعامل مع ملف العودة بمنطق السجان: ّاحكي على روحكّ " إن أردت الحصول على جوازك وذلك ما بلغني عن العديد من الاخوة الذين قدموا مطالب جوازاتهم وللمفارقة في هذا الإطار فإن سيادتهم لا يمانعون في أن تتحدث باسم الجميع، إذا تعلق الأمر بتجريم ماضينا وتشريح جسد النهضة الجريح، فسؤال هل أمضيت على بيان جماعة مايو؟؟ سأله أكثر من موظف في القنصليات عند تقديم مطلب الجواز، فما هو ممنوعا يصبح مستحبا وأحينا شرطا لقبول مطلب إداري بسيط،. ومع ذلك هناك من يحاول أن يقنعنا أن عودة الخلاص الفردي تعكس تطورا ايجابيا في سياسة السلطة تجاهنا إن الرد الطبيعي على تلك المسخرة هي في ان ندخل عليهم مجتمعين لنفتك حقنا الدستوري في الحصول على وثائقنا المدنية ... أن نسحب منهم المزايدة في الحصول على ذلك الحق ضمن تخطيط حكيم نستجمع فيه كل ممكنات ومقومات افتكاك ذلك الحق 3 رسالة ثالثة موجهة إلى الرأي العام الوطني وروافده الحقوقية التي تشاركنا هم النضال السياسي، ومن بعدهم الرأي العام الدولي، بأننا عازمون على فتح ملف المهجرين بعد ملف السجون، وأن لامعنى لأي انفتاح سياسي، دون أن ننهي مأساة المنفى، وعودة كل المهجرين دون استثناء، فمظلمة المنفى هي الوجه الأخر لمحنة إجتماعنا الوطني في عشريتي الحصاد المر. سنقبل على الرأي العام الوطني والدولي بخطة شاملة لتحركات إعلامية وسياسية وميدانية، أفقها إفتكاك حق المهجرين في عودة كريمة تضمن لهم جميع حقوقهم المدنية والسياسية . بل وسنطالب كما كل المتضررين من المحاكمات السياسية بحقنا في التعويض عن الضرر المعنوي والمادي الذي لحقنا، وسنشهد العالم من خلال شهادات حية وموثقة بالكلمة والصوت والصورة عن مأساة أطفالنا وأمهاتنا وعائلاتنا. لن نسكت بعد اليوم عن مظلمة لم يعرفها تاريخ البلاد من قبل، سنبدأ بإحصاء رسمي لكل المنفيين في القارات الخمسة، وسنبرز تلك المأساة للعالم بكل تفاصيلها سننقلها إلى الأممالمتحدة وإلى كل فضاء حقوقي في البلاد وخارجها وسنضغط بالمتاح لنحقق الطموح أن عاجلا أو آجلا. وأحسب أن ما بأيدينا من شبكة علاقات ممتدة شمالا وجنوبا، تمكننا اليوم إذا عزمنا وتوكلنا في تحقيق القليل أو الكثير من مطالبنا المشروعة. يبقى في الأخير أن أنبه إلى قضية جوهرية على صلة بعودة بعض الأخوة عبر مساك التسوية الفردية. لأقول لهم إن عودتكم قد أهنأ بعضكم عليها دون أن أغبطهم لأنها ملوثة كما تعلمون وتكابرون ولا تعلنون بلوثة التخلي عن رداء النضال ففي الأخوة العائدين معادن من الرجال(1) لا تخطئهم ا لفراسة، ولكنه الفراغ وحالة البهتة والتردد هي التي تدفع إلى مثل تلك العودة، فعودتهم البائسة في الحقيقة، هي مرآة لبؤس واقعنا، وتردد عجز الجهات المسئولة في أن تحسم في ذلك الاختراق الذي نبه إليه العديد من الأخوة في السنوات الأخيرة... ولكن لا حياة لمن تنادي!!! ل تثريب ولا لوم على من عاد عبر بوابة الخلاص الفردي، ما لم يعد علينا بقبح مدح خصومنا، وما لم يتحول إلى عجلة سادسة وبوق لدعاية السلطة، يمشي في صفوفنا بالغمز واللمز، ويكتب في مواقعنا نصوص التبخيس لتضحياتنا ونضالنا. أبدا لن نحترم أولائك الذين يخاطبون السلطان بلسان الأرنب الوديع ويزأرون في وجوهنا أزير الأسود المفترسة. وقد نسوا أن سلطانهم أهون على الله من جناح بعوضة ،وهو في عيوننا فأر نجس. فليلزم هؤلاء حدودهم، وقديما قيل عاش من عرف قدره، ومن اضطر إلى معصية، فلا أقل من أن يستتر، واللبيب من الإشارة يفهم. ولب المعنى من السابق هو أن نحذر من أن نجعل تلك العودة مقياسا للفرز في صفوفنا. فكما أنه لا بطولة في البقاء في المنفى فلا خيانة في الرجوع للبلاد. بل وأشدد على أن عودة بعض الأخفياء الأتقياء وأظن أن أغلبهم كذلك ولا أزكي على الله أحدا يجب أن نعرف كيف نحولها إلى رصيد بأيدينا، قد يعود علينا وعلى البلاد بخير عميم. يجب أن نعرف كيف نقلب السحر على الساحر، فنحول تلك العودة من عودة مساكين، إلى عودة جزء من الرأسمال البشري لمشروع التغيير يجب أن لانقطع الصلة مع أخواننا العائدين، وأن لا نشيح بوجوهنا عنهم فنعين الشيطان عليهم، وندفعهم إلى ردود فعل قد تحولهم إلى أدوات بأيدي خصومنا وأعداء مشروعنا. العودة بشكلها البائس بقدر ما ننبه إلى سلبياتها يجب أن ننتبه إلى إيجابياتها أيضا، وأن نتعامل معها ضمن أفق توظيفها في الاتجاه الصحيح، والرد عليها ليس بتجاهلها، أو تجريمها، بل من خلال منافسة أخرى في الخير. أي من خلال مشروع آخر لعودة أكثر كرامة وعزة وهذا ما ننشده من خلال ما نحن عليه عازمون ، ما لي أراكم أيها الأحبة تترامون بالحجر، هل نخركم سوس المنفى ونسيتم أنكم تربيتم على رمي خصومكم قبل أصحابكم بالثمر !!!! أوبوا إلى محاضن النبوة ففي الحلم والتسامح جوامع الخلق استودعكم الله وإلى حديث الغد والذي سيكون موضوعه النهضة وملف العودة نورالدين ختروشي باريس في 29 ماي 2008 (1) أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر السادة بوعبدالله بوعبدالله ولزهر عبعاب ومصطفى لونيسي وشكري الحمروني خالد الجويني كل هؤلاء لن ننسى لهم ما قدموا ومازالوا من أعمارهم وأموالهم للقضية وأسأل الله لهم ولنا وللجميع حسن الخاتمة .