في الوقت الذي يتواصل فيه حصار الحوض المنجمي الموضوع فعليا في حالة طوارئ غير معلنة ، وفي الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمتان الاجتماعية والأخلاقية وأزمة القيم، يكثف النظام هذه الأيام من الإجراءات القمعية الرامية لإرهاب ما بقي واقفا على قدميه من فعاليات المجتمع المدني. فالأستاذة زيهة رجيبة تتعرض حاليا لتهديدات مشينة تتعلق بسمعة وأمن عائلتها. كما يتعرض المحاميان عبد الرؤوف العيادي وعبد الوهاب معطر لتتبعات جبائية كيدية وقاصمة، في الوقت الذي يعاني فيه الصحفي سليم بوخذير من ظروف سجن بالغة القسوة. لكن قياديي المؤتمر من أجل الجمهورية ليسوا وحدهم المستهدفين حيث تعرض المناضلان عمر المستيري وسهام بن سدرين لاعتداءات جسدية. ويتعرض عدد من قيادات النهضة وأساسا المناضل عبد الكريم الهاروني لمحاصرة لصيقة وتضييقات خانقة, كما يقع هذه الأيام تهديد الكاتب توفيق بن بريك ليلزم الصمت كما استهدف قبلهم كم من سياسيين وحقوقيين . ما يلفت النظر في هذه الأحداث أنها تندرج في خطة إخراس كل الأصوات وتحييد كل أشكال المعارضة في علاقة بما يسمى انتخابات 2009 ومن المنتظر أن تتكثف الحملة وتتوسع حتى مرور هذا "الاستحقاق " البائس بسلام كما يفهمه النظام طبعا أي بإعادة تركيز الرئيس غير الشرعي بوسائل التزييف المعروفة. ما يلفت الانتباه أيضا هو أن الوسائل القذرة التي استعملها النظام من قبل على استحياء أصبحت اليوم أصلا وقاعدة مما ينذر بتفاقم دور المنحرفين والمجرمين في التعامل بأحط الوسائل مع نخب البلاد. والمؤتمر من أجل الجمهورية : يرفع صوته مجددا لتحذير المجتمع المدني والبلاد من موجة قمع همجي جديد تجاه النخب وعموم المواطنين، ومن استعداد الدكتاتورية للتعامل مع الاحتجاجات الجماعية بمنتهى القسوة والعنف. كما يتوجه مجددا لكل الأطراف السياسية الفاعلة لتتحمل بكل شجاعة مسؤوليتها التاريخية . إن الدلائل من تغيير القوانين الانتخابية واستعمال الوسائل الحقيرة ضد المعارضين تظهر عبثية الركض وراء أوهام التغيير من داخل منظومة الدكتاتورية أو عبر آلياتها. فلا يليق بحال من الأحوال مواصلة تجاهل الأمر الواقع أو الحقيقة التي تعمي الأبصار وهي أننا أمام نظام يرفض كل مصالحة وإصلاح ومقر العزم أكثر من أي وقت مضى على رفض المس بأي من ثوابته وهي التشبث في الحكم إلى ما لانهاية، والحق في المال العام ،وخصخصة الدولة، والتزييف الوقح لمفاهيم الديمقراطية وآلياتها. كما لا يمكن افتعال عدم فهم المؤشرات الأخيرة والحال أنها تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن النظام لن يتورع عن استعمال أقسى وأحقر الوسائل لفرض بقائه وتواصل تحكمه في رقاب شعبنا المقهور. إن نظاما كهذا لا يواجه إلا بتنظيم جبهة سياسية تتقدم للشعب كبديل للحكم ببرنامج واضح وخطة لإدارة المقاومة المدنية إلى نهاية الدكتاتورية وبناء النظام الديمقراطي على أنقاضها. لكن مسؤولية إنقاذ تونس من حكم العصابات ليست ملقاة فقط على عاتق بعض رجال المعارضة ونسائها، من الذين صمدوا طيلة عقدين من الزمن، رغم قلة عددهم وضعف إمكانياتهم في وجه أشرس دكتاتورية عرفتها بلادنا. إنها حقا مسؤولية كل التونسيين وخاصة منهم أطر الدولة التي صادرتها العصابة لصالحها. إننا نهيب برجال الأمن والقضاء والجمارك وكل المؤسسات لتحمل مسؤولياتهم في حماية التونسيين والتونسيات من بلطجية عصابة الحكم، ونذكرهم بأن هذا النظام سيرحل طال الزمان أم قصر، لكن الوطن سيبقى كما الدولة والذاكرة والشرف، وسيسأل كل مسؤول عن فعله أو صمته عندما كانت عصابات الحق العام تروع التونسيين وتذلهم وتستنزف خيراتهم. إن المؤتمر من أجل الجمهورية يدعو كل تونسي وتونسية للانخراط في المقاومة المدنية ويطلب من القوى الشابة التقدم لساحة الشرف وتنظيم وقيادة المعارك الميدانية، كل في مستواه وبالطريقة لتي يراها صالحة من مكانه وبالتنسيق المتصاعد، لأنه لا يوجد اليوم هدف أشرف من تحرير تونس من عصابة سلبت التونسيين والتونسيات أعز شيء يملكه إنسان أو شعب : الكرامة. عن المؤتمر من أجل الجمهورية د.منصف المرزوقي المصدر : صحيفة الوسط التونسية + http://www.cprtunisie.net