نفى رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي، أحداث الشغب التي شهدها ميناء سيدي أفني الواقع في جنوب البلاد، وقال أن ما جرى مجرد مطالب تدل على أن المغرب يعيش أجواء الحرية. وكان المغرب قد احتج بشدة على قناة الجزيرة الفضائية، التي ذكرت في تغطياتها الإخبارية، أن شخصين قتلا في المواجهة التي شهدها ميناء أفني بين الشباب الغاضب ورجال الأمن. ووفقا لنائب محلي فإن الأحداث بدأت يوم 30 مايو، بعد إعلان نتيجة مسابقة لتوظيف ثلاثة أشخاص، وبعد إجراء عملية القرعة، توجه 120 شابا وحاصروا ميناء صيد السمك، معطلين العمل فيه، مما استدعى تدخل قوات الأمن، ويذكر شهود عيان أن حوالي 44 شخصا أصيبوا بجروح بينهم 27 شرطيا، كما أوقفت السلطات حوالي 20 شابا عاطلا عن العمل كانوا يمنعون الشاحنات المعبئة بالسمك من مغادرة الميناء، بعد أسبوع من الحصار الذي فرضه المتظاهرون على الميناء، ولم يعرف إلى حد الآن عدد القتلى في هذه المواجهات، وإن كان المركز المغربي لحقوق الإنسان يقدرهم بين قتيل واحد إلى خمسة قتلى. ومن الواضح أن المتظاهرين يشكون من البطالة، ومن إهمال الرباط لمنطقتهم، وإسقاطهم من حسابات التنمية، وخاصة أنهم كانوا يأملون أن تتحول أفني إلى محافظة في إطار عملية تعديل وشيكة على الحدود الإدارية، ولكن الحكومة قررت الإبقاء على نفس الحدود الإدارية للمنطقة. احتجاجات في الحوض المنجمي في تونس أصيب أكثر من 120 شخصا في مدينة الرديف الغنية بالفوسفات، في مواجهات بين الشباب العاطل عن العمل ورجال الأمن، وكان وزير العدل التونسي، بشير التكاري قد اتهم المتظاهرين باستخدام قنابل مولوتوف، مؤكدا أن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي لمواجهة ما وصفه بالخروج على القانون، في الوقت الذي شجبت فيه أحزاب المعارضة، والنقابات، والجمعيات الحقوقية لجوء قوات الأمن إلى استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وكانت الاحتجاجات على غلاء الأسعار والبطالة قد انطلقت في مدينة قفصة في شهر يناير الماضي، لتعم فيما بعد معظم مدن الحوض المنجمي، مثل الرديف، أم العرائس، المتلوي، وفريانة. والعجيب أن الأحداث في قفصة بدأت بشكل مشابه لما حدث في أفني المغربية، فقد بدأت باحتجاج بسيط على عدم النزاهة في مناظرة لتعيين عمال جدد بمجمع الفوسفات، وحتى الآن تزاوج السلطات بين استخدام القوة لفض الاحتجاجات، وبين الاستجابة لبعض مطالب المحتجين، حيث عزل عبد الحفيظ النصري، مدير عام شركة فوسفات قفصة عن منصبه، وهو ما اعتبره بعض الأهالي انتصارا لنضالهم، بينما اعتبره آخرون مجرد مسرحية لامتصاص نقمتهم. تاريخ من التهميش يقدر عدد العاملين بشركة فوسفات قفصة بحوالي 5300 عاملا، بينما كانوا في الثمانينات في حدود 14 ألف عامل، وذلك بعد أن اعتمدت الشركة على الميكنة، واستغنت على آلاف العمال، ولم تقم الدولة بأي محاولة لاستيعاب العمال الذين صرفوا عن العمل في وظائف بديلة، مما رفع نسبة البطالة إلى 14.7 % في عام 2007، وتقدر نسبة البطالة في منطقة الحوض المنجمي بأكثر من هذه النسبة، وإذا كانت أسباب انتفاضة عام 1984 التي اجتاحت الجنوبالتونسي، هي رفع أسعار الخبز، فإن أسباب الانتفاضة الحالية تعود إلى تجاهل الدولة للتنمية في الجنوب، مقارنة بالشمال الذي يستحوذ على نصيب الأسد، بالرغم من ارتفاع أسعار الفوسفات في السنوات الأخيرة من 38 دولار ، إلى 140 دولار للطن الواحد. بلد غني وشعب فقير! إذا كانت المغرب وتونس يعتمدان على تصدير الفوسفات والسياحة، فإن الجزائر التي تعتمد على تصدير النفط والغاز لم تنج من الاحتجاجات الشبابية، الناتجة عن البطالة وغلاء الأسعار، حيث شهدت مدينة وهران عاصمة الشرق الجزائري، أعمال شغب شبابية بعد هبوط نادي مولودية وهران إلى الدرجة الثانية، ولكن الاحتجاج سرعان ما تحول إلى احتجاج سياسي ضد النخبة السياسية، التي فشلت في تحويل عوائد النفط إلى وظائف تستوعب الشباب، ومساكن تأويهم، ونهب الشبان العاطلون عن العمل البنوك والمتاجر والسيارات، وكانت مدينة الشلف وبريان قد شهدتا أعمال شغب مشابهة، وإن غلفت في بريان بمواجهات عرقية بين القبائل العربية والأمازيغية في المنطقة، ولكن السبب كان اقتصاديا منذ البداية، وخاصة وأن الإحصائيات تقدر أن 75 % من الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة عاطلون عن العمل، وبالتالي فيمكن اعتبار هؤلاء قنابل موقوتة، قد تنفجر في احتجاجات شبابية، وقد يتحولون إلى وقود للجماعات الإرهابية السلفية، التي تنشط في الجزائر، والتي نجحت مؤخرا في القيام بتفجيرين، سقط في احدهما مهندس فرنسي، وسقط في التفجير الثاني خمسة من المسعفين. من الصعب تفسير ما يجري في الجزائر، إذا علمنا أنها توفر خمس احتياجات أوروبا من الغاز، وتصدر سنويا 62 مليار متر مكعب من الغاز، كما تنتج يوميا 1.4 مليون برميل من النفط، ونظرا لارتفاع أسعار النفط، فقد وظفت الحكومة 140 مليار دولار لخطة خمسية تنموية، ولكن بنية الاقتصاد الجزائري الذي يجمع بين القطاع العام والخاص، جعله مرتعا للفساد، بحيث لم تصل هذه المليارات للشباب العاطل عن العمل، والذي سدت الأفاق في وجهه، ولم يبق له سوى الاحتجاج العنيف . المصدر : اذاعة هولندا العالمية -10