القصرين : إحالة موظف والاحتفاظ بمقاول في قضية تدليس    تونس تدعو من الأمم المتحدة إلى جعل صحة الإنسان محورًا للسلام والاستقرار العالمي    وزير السياحة يواكب المشاركة التونسية في معرض السياحة " توب ريزا " بباريس    وزارة الصناعة: محطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بولاية توزر سجلت تقدما في الأشغال بنسبة 75 بالمائة    المنستير: تقدم أشغال مشروع توسعة وتهيئة ميناء الصيد البحري بطبلبة    ضبط ملفات "سرية" ووثائق "أسلحة دمار شامل" لدى بولتون    ترامب يتوعد ABC بعد عودة الكوميدي جيمي كيميل إلى الشاشة: "ربما أربح أكثر هذه المرة"    طيران مكثف للمسيّرات فوق أسطول الصمود واستهداف احدى السفن بقنبلة دخانية    وفاة أيقونة السينما العالمية كلوديا كاردينالي    ماذا في ميزانية 2026: التشغيل، الاستثمار والتحول الرقمي في صميم الأولويات    عاجل : دوي انفجار قرب إحدى سفن أسطول الصمود العالمي في البحر المتوسط.    تفاصيل الهجوم الذي استهدف اسطول الصمود العالمي    عاجل: صدور قرار يتعلق بمؤسسات إسداء الخدمات بالرائد الرسمي... التفاصيل    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    قيمتها 100 مليار..وثائق مزوّرة فضحت تهريب حبوب الهلوسة    بحث التعاون لتعزيز الاستثمارات    ثمن نهائي بطولة العالم للكرة الطائرة ..المنتخب يفشل في امتحان التشيك    الموت يغيّب الممثلة كلاوديا كاردينالي    منظمة الصحة العالمية ترد على ترامب: لا صلة مثبتة بين الباراسيتامول والتوحد    انطلاق نشاط وحدة بنك الدم بالمستشفى الجامعي بسيدي بوزيد    عاجل/ ماكرون لترامب: جائزة نوبل للسلام غير ممكنة إلا في هذه الحالة..    عاجل/ تفكيك شبكة خطيرة لترويج الكوكايين بهذه الجهة من العاصمة    مسرح الأوبرا يعلن عن فتح باب التسجيل في ورشات الفنون للموسم الثقافي الجديد    تظاهرة "الخروج إلى المسرح" في دورتها السادسة تحمل اسم الراحل الفاضل الجزيري    بطولة العالم لألعاب القوى - عدد قياسي للدول الفائزة بميداليات في النسخة العشرين    كاس العالم لكرة السلة... قطر 2027 : تونس تحتضن تصفيات النافذة الاولى    على متنها 3000 سائح...سفينة كوستا كروازيار ترسو بميناء حلق الوادي    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    ماتنساوش: مباراة إياب دوري أبطال إفريقيا بين الاتحاد المنستيري والأسود السيراليوني في هذا التاريخ    عاجل/ تعليق الدروس في هذه الولاية..    في بالك ... فما اختبار دم يقيس قداش كل عضو في بدنك تقدم في العمر؟    مدنين: 90 الف طن تقديرات صابة الزيتون الاولية لهذا الموسم    أطفال ضحايا الطلاق في تونس..أرقام مفزعة..#خبر_عاجل    أوت 2025: شهر قريب من المعدلات العادية على مستوى درجات الحرارة    رغم الغياب عن البطولة: الترجي الرياضي يحافظ على الصدارة.. النجم الساحلي في المركز الثالث والنادي الإفريقي في المركز ال6    عاجل: ظهور سريع للسحب الرعدية يفرض الحذر في كل مكان!    "DONGFENG" تمر للسرعة القصوى في تونس…! "DONGFENG" تُقدّم مجموعتها الجديدة من السيارات التي تشتغل بالطاقة المتجددة    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    الترجي الرياضي: اصابة عضلية لنجم الفريق    اللاعب التونسي مراد الهذلي يجدد التجربة مع أهلي طرابلس الليبي    عاجل/ "كوكا، زطلة وأقراص مخدرة": أرقام مفزعة عن حجم المخدرات المحجوزة في تونس..    مواطن يقوم بقيادة حافلة..وشركة النقل بين المدن توضّح وتكشف.. #خبر_عاجل    الحماية المدنية :594 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    كان عندك برنامج آخر الويكاند... شوف الطقس كيفاش؟    الشيبس كل يوم.. تعرف شنوّة اللي يصير لبدنك    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    ماذا حدث في مطار مدينة نيس الفرنسية بين طائرة 'نوفلار' و'ايزي جات'؟    رئاسة مؤتمر حل الدولتين: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى    إسبانيا تهدد بالرد على أي عمل إسرائيلي ضد أسطول الحرية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاضل البلدي : قول في الكارهين للمصالحة

إذا كانت الطريق إلى المصالحة هي بيان إمكانيتها وجدواها ثم إشاعة ثقافة المصالحة وتعبئة الرأي العام من أجلها ودفع كل ما من شأنه أن يعيقها.
وإذا كنت مؤمنا بالمصالحة وحريصا على تحقيقها فلن يثنيني أو يفل في عزيمتي ، تشكيك أو تثبيط أو مزايدة ، فأنا أعلم أن هذا المركب صعب وأن الكارهين للمصالحة كثيرون. وسأحاول في مقالتي هذه أن أفصل الحديث في ذلك ملتزما ما استطعت بالموضوعية والأدب دون أن أجامل أو أظلم.
ولكن قبل ذلك ، يحسن التنبيه إلى أني ملتزم بمنهاج واضح يقوم على تحديد كسب الحركات والأحزاب والأشخاص وفي مقدمتهم الإسلاميين أي مسؤولية هؤلاء فيما يقع من خصومة أو تدافع أو تشابك.
وهذا لا يعني بأية حال أني أقلل من مسؤولية السلطة أو النظام فذلك أمر بديهي وهو من سنن التدافع وشواهد التاريخ. وكل سلطة - من الناحية الموضوعية – تدافع عن سلطانها وهيبتها وأشخاصها ومنافعها – ودفاعها يتدرج بين اللين والبطش بحسب وعيها وثقافتها ومسؤوليتها الدينية أو الحضارية والأخلاقية من ناحية. ومن جهة أخرى بحسب وعي المعارض وثقافته ومنهاجه وسلوكه في المعارضة ومسؤوليته أيضا وحتى أكون أكثر وضوحا أقول
أ- إن مما يعين الفاعلين أو المعارضين أو الطالبين للإصلاح والتغيير هو أن يتفهموا موقف الأنظمة والأحزاب الحاكمة في الدفاع عن نفسها وعن مصالحها وامتيازات المرتبطين بها. وأن يدركوا أن ذلك من طبيعة الأنظمة وجبلة فيها.
ب- إن المعارض أو الطالب أو المصلح سواء كان شخصا أو حزبا أو منظمة أو حركة مدعو لأن يحسن تقدير السلطة التي أمامه ويعرف ما يحكمها من توازنات ويقدر الظروف الموضوعية التي يعمل فيها ويبحث عن مفاتيح التغيير الفاعلة ويتقن فن الممكن إحسانا للمعارضة والمطالبة وابتعادا عن تضييع الوقت والجهد في غير وقته أو محله واهتداءا لأفضل الطرق والمناهج حتى يبلغ بها هدفه في الإصلاح أو التغيير بأقل الخسائر.
ج- إن المعارضة لا تعني بالضرورة شتيمة أو سبابا أو إبرازا مغلظا للعورات أو حدة وعنفا في المطالبة فذلك يسد النفوس ويدفع إلى المكابرة ويستدعي الصلف والبطش ويستعدي الأنظمة فلا تعود قادرة على حسن الإصغاء أو الفهم فضلا عن أن تستجيب للنصائح والمطالب.
د- إن الرفق يزين الأعمال وإن الكلمة الطيبة العادلة تبلغ القلوب والعقول وإن حسن الطلب حري بالإجابة وهذا إذا كان الطالب أو المعارض أو المصلح مؤمنا بقضيته ملتزما بها مستعدا للتضحية من أجلها غير قابل للشراء لا يتعب ولا يكل قادرا على الصبر والمصابرة والمرابطة دون استعجال ولا استعداء. يحسن استغلال الفرص والظروف.
وهذا لا يعني سكوتا على الظلم أو قبولا بالدنية أو تفريطا في الحقوق أو كسلا في المطالبة ولكن تعديلا في المنهاج ونهوضا بالمسؤولية وتقليلا للأخطاء.
أعود بعد هذه التوضيحات إلى تفصل الحديث في الكارهين للمصالحة فأقول
1/ أول الكارهين للمصالحة هم المستفيدون من التشابك وتأبيد التدافع أي الذين استفادوا ولا يزالون مستفيدين ماديا وهؤلاء لا تعنيهم غير أنفسهم ولا يكترثون بآلام وجراحات الغير ولا يهمهم الاستقرار والوئام الاجتماعي لأن هذا يذهب بالحوافز ويقلل الحاجة إليهم. ويدخل في هؤلاء رجال الأمن وتجار الحروب وصناع مناخات التشابك مثلهم مثل أصحاب شركات المال والسلاح في الشأن الدولي الذين يدفعون بالسياسيين لصناعة الحروب والأزمات حتى تزدهر صناعتهم وتجارتهم.
2/ ثاني الكارهين للمصالحة هم الذين يريدون للإسلاميين أن يبقوا ملاحقين متابعين منهوكين مشغولين بتضميد الجراحات خائفين مهمومين لا يكادون يفرغون من محنة حتى تأتي أخرى لأن ذلك كله يحرمهم من فرص التعافي وإصلاح البناء واستثمار النتائج المتراكمة عبر الزمن ، والتفرغ للعطاء فتتوسع حركتهم ويتضاعف تأثيرهم ويغدون طرفا أساسيا في الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي ، مقبولا بهم حبا أو كراهية ويدخل في هؤلاء الكارهين كل الخصوم السياسيين وعلى رأسهم اليسار لأنهم لا يثقون في قدرتهم على المنافسة الديمقراطية لو توفر مناخها وكان للإسلاميين حضور ودور فيها. وهؤلاء الكارهون قادرون على صناعة أجواء التوتر ومناخات التشابك متوسلين في ذلك بالاندساس وتوظيف الدولة أو بركوب مركب حقوق الإنسان والجمعيات الاحتجاجية أو بالمعارضة "الجذرية" إلى غير ذلك من الفنون التي أتقنوها واستدرجوا الإسلاميين المضطهدين إليها.
3/ ثالث الكارهين للمصالحة دعاة الفسق والفجور وطلاب الشهوة والمنادون "بالحرية" في الدين والأخلاق والقيم أي الذين يحرجهم وجود حركة اجتماعية أو ثقافية أو سياسية قوية تشيع قيم الدين والأخلاق والطهارة والنظافة نظافة القول ونظافة السلوك.
ولا أحد يستطيع أن ينكر ما أصاب المجتمع في غياب الحركة الإسلامية كما أنه لا أحد ينكر ما كانت عليه الأوضاع عندما كان للإسلاميين حضور قوي في واقع البلاد لذلك فالكارهون للمصالحة من هذا الصنف يسوؤهم أن تتعافى الحركة الإسلامية وأن تتم مصالحة تكون هي أكبر المستفيدين منها إشاعة للقيم وحضورا معنويا وواقعيا يفرض الحياء ويمنع طلاب الشهوة من إشاعة الفساد فضلا عن الدعوة إليه.
4/ رابع الكارهين للمصالحة هو الأجنبي وإن بدا أنه ينادي بالديمقراطية ويبشر بها ويسند جمعيات حقوق الإنسان والمدافعين عن الحرية ويفتح بلدانه للمضطهدين طلاب اللجوء السياسي. وهذا الأجنبي يكره المصالحة لأن المصالحة توفر الوئام والسلم الاجتماعي وتقي الوطن من الهزات وتوفر مناخ البناء وهذا يساعد على النهوض والتطور والتحرّر. والتحرّر يعني استقلالا حقيقيا وقرارا سياديا وحسن استغلال للطاقات والإمكانات فيما ينفع الأوطان دون غيرها.
وقد يبدو أن الفاعل الأجنبي يستفيد من وضعية الاستقرار التي عليها الوطن رغم هشاشتها وهو ما يجعله يدعم النظام ويحسن الموازنة بين هذا الدعم وما يظنّ أنه مساندة لدعاة حقوق الإنسان والمنادين بالديمقراطية. ولكن الحقيقة أن لا أحد يحب الخير للوطن أكثر من أهله وهو ما يحتاج إلى وعي وفهم كبيرين ولا أظن الناس قاصرين على إدراك ذلك.
5/ خامس الكارهين للمصالحة بعض الإسلاميين وإن ادعى هذا البعض أنه سعى إليها وطلبها ووسط الوسطاء من أجل تحقيقها. لأن المصالحة في فهمي اقتناع وتقدير دقيق للمصلحة ثم سلوك يظهر في القول والممارسة وسعي مطرد من أجل ذلك بكل شجاعة وجرأة ومسؤولية دون إصدار أحكام مسبقة على النتائج أو اتهام للنوايا أو تعلل بمراعاة مشاعر القاعدة إلى غير ذلك من الحجج والعلل. ولا أحب أن أتحدث عن المنافع وغيرها لأن هذا موضوع حساس ومؤذ وأنا لا أريد أن أؤذي نفسي وأصحابي.
وفي الأخير أنا أحب لهؤلاء الكارهين جميعا أن يكونوا في مستوى المسؤولية التاريخية والوطنية وأن يتحولوا من موقع الكاره للمصالحة إلى موقع الطالب لها والساعي من أجلها توفيرا لشروطها وإعدادا للوطن للمحطات المقبلة حتى تتوفر له شروط الانتقال الديمقراطي في كنف من الوئام والسلم والأمن والعطاء والوطن مؤهل ذلك وأهل له.
فاضل البلدي
28 جوان 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.