تجاوزت معدلات البطالة في العالم العربي حاجز ال 14.6%، أي كثر من 15 مليون عاطل عن العمل أغلبهم في الدول العربية الواقعة في شمال إفريقيا، و هي من أكبر المعدلات في العالم. العراق على رأس القائمة ب29%، ثم الصومال بنسبة 25% من نسبة القوة العاملة.و من الناحية الأخرى تمثل دولة الكويت البلد الأقل بطالة بنسبة 1.7% و في مجموع البلدان العربية تنتشر البطالة في صفوف الإناث أكثر من الذكور. و قالت المنظمة العربية للعمل في تقريرها إلي صدر أول أمس في القاهرة "إن البطالة في الوطن العربي سببها عدم قدرة القطاع العام على تشغيل كافة الأيدي العاملة العربية مع ارتفاع نسبة الملتحقين الجدد بسوق العمل و نوعية التعليم وجودته بالإضافة إلى محدودية القطاع الخاص. إناث وذكور و أشار التقرير المذكور إلى التباين الملحوظ بين الدول العربية، إذ بلغت نسبة العاطلين عن العمل في الدول الواقعة في أفريقيا 16.1% مقابل 13.8 في الشطر الآسيوي من البلدان العربية. وينخفض معدل البطالة في دول أخرى مثل ليبيا 10% و مصر 10.7% بينما تصل نسبته إلى 14% في تونس و 25% في الصومال أما في العراق فوصلت نسبة البطالة إلى 29.5 % من و هي النسبة الأعلى مقارنة مع باقي الدول العربية الأخرى. و مما يزيد معظلة التشغيل تعقيدا هو افتقار الأسواق العربية إلى التنظيم و العصرنة. وساهمت الهجرة إلى بلدان الخليج العربي في حل مشكلة البطالة في بلدان مثر مصر و الأردن و فلسطين و سوريا لكن بشكل طفيف، إلا أنها تضاءلت بسبب المنافسة الشديدة للقادمين من الدول الآسيوية وغيرها، كما أن تلك الهجرة كانت متاحة لحملة الشهادات و الفنيين مقارنة مع الباحثين عن فرص عمل من دون مؤهلات. وبلغت نسبة العاطلين عن العمل من الإناث أربعة أضعاف ما هي عليه بالنسبة إلى الذكور في مصر و ضعفين في الأردن لكنها تكاد تكون متساوية في الجزائر و المغرب و البحرين وتونس. و في كل البلاد العربية تصل نسبة الجامعيات العاطلات عن العمل نحو 23% أغلبهم يقطنون في دول الخليج العربي و يعود السبب بشكل عام إلى بعض التوجهات الاجتماعية التي ما تزال فاعلة بالنسبة لفكرة عمل المرأة بالإضافة إلى الاحتياجات المتطورة لأسواق العمل مقارنة مع طبيعة ومحتوى التعليم نفسه. ومن ناحية أخرى أشارت بيانات تقرير المنظمة العربية للعمل إلى أن الأميين هم الفئة الأقل تعرضا للبطالة في كل البلدان العربية،في حين أنها مرتفعة لدى المؤهلين و المتعلمين لتصل عشرة أضعاف مقارنة مع الأميين في مصر وخمسة أضعافها في المغرب،وثلاثة أضعافها في الجزائر. ويشير التقرير إلى " تدني مساهمة النساء في النشاط الاقتصادي العربي، " كما يواجه الباحثون صعوبات في دراسة ذلك الدور نظرا إلى توجه نسبة كبيرة من العاملات إلى الاقتصاد غير المنظم و في الملكيات العائلية وخاصة الزراعية ويعملن في الغالب بدون أجر مما يجعل مردود المرأة المادي غير منظور و بلغ عدد المشتغلين في عموم الوطن العربي نحو 88 مليون مشتغل، منهم23% (أي 22 مليون) يعملون في قطاع الزراعة و الصيد و تربية المواشي، أما الفنيون و المختصون فيبلغ عددهم نحو 14.3 مليون من مجموع القوى العاملة في الدول العربية بنسبة 15.2%. وتشير التقرير إلى أن أكثر من نصف القوة العاملة العربية هم من العاملين بأجر(أي يتقاضون أجورا شهرية) ما عدا في الجزائر و السودان و المغرب و فلسطين حيث يستنتج أنه في الدول الأربعة المذكورة يعزف المشتغلون عن العمل لدى الآخرين سواء في القطاع العام أو الخاص بالإضافة إلى النقص في فرص العمل مما يدفع بالكثير من الناس إلى العمل كأصحاب عمل أو يمارسون مهنا حرة لحسابهم الخاص.ففي قطر يشتعل أكثر من 97.4% من العاملين بأجر شهري. و تتزايد نسبة البطالة سنويا بنحو 3% في البلدان العربي و يرجعها تقرير المنظمة العربية للعمل إلى عدة أسباب أبرزها: ضعف الاستثمار و النمو الاقتصادي، و تخلف القطاعات الإنتاجية وضعف التأهيل و انتشار الفساد في أجهزة الدولة و الإدارة بصفة عامة، ووصف التقرير هذا الوضع "بالأسوأ من نوعه بين جميع مناطق العالم الأخرى دون منازع وأنه في طريقه إلى تجاوز الخطوط الحمراء" وأن الاقتصاديات العربية تحتاج بالدرجة الأولى إلى ضخ نحو 70 مليار دولار من أجل إنعاش سوق العمل و التخفيف من آثار البطالة على المجتمع، وذكر أن البطالة لدى العرب لها ميزات خاصة يجب أخذها في الحسبان: فهي ظاهرة شبابية تمس فئة الشباب بالدرجة الأولى، ويعاني العاطلون ضعف المستوى الدراسي و الخبرات المهنية بالإضافة إلى أن فرص التأهيل و التكوين غير متناسبة و لا تنسجم مع متطلبات سوق العمل و يعود السبب إلى ضعف التخطيط . الهجرة الاستثمار :الحل و المشكلة ! أتاحت الهجرة العربية متنفسا مهما لفائض اليد العاملة في العقود الماضية، لكن حدثت مؤخرا العديد من الأحداث الإقليمية و الدولية أثرت بشكل مباشر على التدفق الطبيعي لليد العاملة و الهجرة العابرة للحدود، بل أدت إلى تراجع القوى العاملة العربية أما المنافسة الآسيوية خاصة في الخليج العربي. وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كادت الأسواق الأوربية تغلق أمام اليد العاملة العربية في شكل قوانين جديدة متشددة، ونتيجة للخلط بين الهجرة و الإرهاب أدى ذلك إلى المزيد من العنصرية و التهميش للمهاجرين العرب. وعلى المستوى الإقليمي العربي يمارس الاحتلال الإسرائيلي ضغوطا مختلفة من أجل دفع الشعب الفلسطيني إلى الهجرة و النزوح لإعادة رسم الخارطة السكانية للمنطقة إضافة إلى ما أدت إليه الحرب على العراق و هو البلد الذي كان يستضيف أربعة ملايين مغترب في السابق أغلبهم من العرب أصبح لديه الآن أكثر من أربعة ملايين لا جيء في الداخل و الخارج و في البلدان العربية المجاورة ونتج عن الحرب الأخيرة في لبنان نزوح مئات الآلاف من اللبنانيين إلى البلدان العربية. و لا تزال البطالة في البلدان العربية أحد أهم الدوافع إلى الهجرة، و يعتبر لبنان البلد الأكثر من حيث الهجرة الاقتصادية حيث أصبح عدد مهاجريه الآن يفوق عدد السكان القاطنين في لبنان، و تعتبر الجزائر و المغرب و تونس دولا ذات تقاليد و تجربة فيما يخص إدارة عمليات الهجرة واستغلالها للحد من آثار البطالة من خلال تحويلات المهاجرين للأمول إلى داخل بلدانهم. وعدد التقرير المهاجرين العرب في الخارج بنحو عشرة ملايين مهاجر يقومون بتحويل أكثر من عشرين مليار دولار سنويا من أجل الإنفاق الشخصي و العائلي. وطالب التقرير بضرورة الاستثمار في النمطقة العربية من أجل التقليل من الهوة بين العرض و الطلب في سوق العمل العربية كما أحصى وجود ما يقرب من أثنى عشر مليون عامل أجنبي في البلدان العربية. وقال التقرير " إن العالم العربي الذي يستثمر ما بين 800 إلى 2400 مليار دولار في الخارج يعيش في معظمه حالة من التخبط التشريعي وعدم ثبات القوانين الحاكمة للعملية الاستثمارية مما يجعل راس المال غير آمن فيتجه إلى مناطق أخرى من العالم. كما أن العالم العربي في حاجة ماسة إلى الأموال العربية الموجودة في الخارج خصوصا و أن البلدان العربية مصنفة بالأكثر طردا للاستثمارات في العالم." و أوصى التقرير بضرورة التكامل الاقتصادي بين بلدان المنطقة العربية خاصة في زمن العولمة وإيجاد سياسات رشيدة لتخطيط سوق العمل و تحسين التدريب المهني و التعليم الفني و الدقة في توجيه الشباب إلى تعلم المهن و المهارات التي تسهل إدماجهم المهني. وأهمية المشاريع الصغيرة في تشغيل الشباب العاطل عن العمل، لأنها تساعد على توثيق فكرة القطاع الخاص و تنمي فكرة العمل الحر و الاعتماد على الذات، وتساهم المؤسسات الصغيرة هذه بنحو 50 من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي و تشغل أكثر من 60% من القوى العاملة.