في الوقت الذي أفاضت وسائل الإعلام الرسمية في الإشادة بتدخل الرئيس حسني مبارك من أجل إنصاف طالبة وإنقاذها من الرسوب على خلفية كتابتها لموضوع في مادة التعبير بامتحان الصف الأول الثانوي انتقدت فيه الرئيس الأمريكي جورج بوش، اعتبرت قوى معارضة مصرية أن هذا الإنصاف "دليل دامغ على الدكتاتورية"، خاصة أن هناك معارضين معتقلين بتهمة ؛ بسبب تعبيرهم عن آرائهم ومطالبتهم بالإصلاح السياسي في مصر. وصرّح جورج إسحق منسق عام الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) ل"إسلام أون لاين.نت": "أنا كمعلم في التربية والتعليم، أتصور أن المعالجة الأمنية التي تمت من جانب النظام لقضية الطالبة آلاء فضحته وكشفت عن مدى تغلغل العقلية الأمنية في كل جوانب حياتنا حتى إنها لم تستثنِ التعليم". واعتبر أن "تدخل الرئيس بنفسه لإنصاف الطالبة اعتراف واضح بدكتاتورية قائمة، ويكفي أن آلاء نجحت بقرار رئاسي، وليس حتى بقرار من وزير التعليم مثلاً، وهذا قمة الانحطاط في رؤية النظام للأجيال القادمة وقمة تركيز السلطة في يد شخص واحد فقط". وأشار إلى أنه "ما زال للحركة 4 من شباب الحركة يقبعون في سجن طرة (جنوبالقاهرة) منذ مايو 2006 بتهمة إهانة الرئيس خلال مظاهرات سلمية شاركوا فيها للتضامن مع مطالب القضاة بإصلاح السلك القضائي، أي بسبب تعبيرهم عن آرائهم مثلما عبرت الطالبة آلاء عن آرائها وبادرت العقلية الأمنية المسيطرة على النظام إلى معاقبتها". وطالب إسحق بإطلاق سراح المعتقلين من أنصار المعارضة قائلاً: "إنهم يدفعون ثمن الحرية... في ظل أوضاع لم يَعُد مقبولاً فيها أن يتم سجن أو إهانة إنسان بسبب تعبيره عن رأيه في الرئيس وترديده لهتافات تنتقده دونما تجريح". وطالب جورج إسحق الرئيس المصري "بتطبيق صحيح للقانون بحق المعتقلين، حيث خرج هؤلاء الشباب إلي المظاهرات للتعبير عن رأيهم في نظام حكمه، وهذا حقهم الذي يكفله الدستور طالما تم عبر أسلوب سلمي وعلني". وسلطت وسائل الإعلام الضوء مؤخرًا على واقعة حرمان الطالبة آلاء فرج مجاهد بالصف الأول الثانوي بمدرسة شربين الثانوية بمحافظة الدقهلية، شمال القاهرة، من النجاح في اللغة العربية؛ بسبب انتقادها لسياسات الرئيس الأمريكي في مادة التعبير. وتدخل الرئيس مبارك بعد نشر الواقعة وأصدر أوامر بإعادة تصحيح أوراق إجابتها إنصافًا لها. وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان رسمي أنه "فور علم الرئيس بحجب نتيجة الطالبة لكتابتها بعض العبارات في موضوع التعبير في مادة اللغة العربية خارج سياق الامتحان تحمل بعض الهجوم على بعض الدول وعلى النظام في مصر، أجرى الرئيس اتصالاً بالدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم واللواء سعيد صوان محافظ الدقهلية للاستفسار عن الواقعة، وأمر بإعادة تصحيح أوراق إجابتها وعدم حرمانها من الامتحان". وتفجرت أزمة مماثلة في جامعة أسيوط (جنوب) دون أن يتدخل الرئيس المصري هذه المرة، حيث تم حرمان طالب من التعيين معيدًا في كلية الزراعة؛ بسبب مشاركته في إحدى المظاهرات الطلابية. وأصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير الأهلية بيانًا تلقت "إسلام أون لاين.نت" نسخة منه يندد "بالظلم الذي وقع على الطالب"، ويكشف أسلوب وأسباب استبعاده رغم تفوقه، مشيرًا إلى أنه "لا يوجد أي اعتراض على تعيينه سوى بعض التقارير الأمنية التي اعتمد عليها رئيس الجامعة لحرمانه من جني ثمار تفوقه طوال سنوات الدراسة". "لا جدوى" من جانبه لا يرى د. عبد المنعم أبو الفتوح، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين أي جدوى من مطالبة الرئيس بالتدخل -مثلما فعل في حالة الطالبة آلاء- للإفراج عن معتقلي الجماعة الذين اعتقلوا على خلفية تعبيرهم عن آرائهم في المظاهرات المتضامنة مع القضاة. وقال ل"إسلام أون لاين.نت": "لقد تعهد الرئيس مبارك بإلغاء العمل بقانون الطوارئ ولم يفِ بوعده، ثم تعهد بأنه لن يطبق هذا القانون إلا على تجار المخدرات، ثم ترك المجرمين يهربون للخارج بأموال البنوك، ويغرقون الناس بإهمالهم في البحار، ويهربون من العدالة"، في إشارة ضمنية منه إلى كارثة غرق العبارة "السلام 98" في البحر الأحمر مطلع فبراير 2006 وسفر مالكها للخارج قبل أن يصدر حكم بتبرئته من المسئولية الجنائية. وأضاف: "لا أتوقع أن يتخلى الرئيس عن عدائه لكل أصحاب الرأي والمطالبين بالإصلاح والحرية؛ لأنه ظل طوال ربع قرن من الحكم قضاها في ظل أوضاع استبدادية لا يعترف فيها بحق الشعب في التعبير عن رأيه". وذكر أبو الفتوح بأن عددًا كبيرًا من أعضاء الجماعة ما زال ضمن المعتقلين، ومنهم رموز وقيادات معروفة من بينها القياديان الدكتور عصام العريان والدكتور حلمي الجزار. وقال ل"إسلام أون لاين.نت": "نعتبر أن 450 من أعضاء وقيادات الجماعة حاليًّا مختطفون على أيدي قوات الأمن وليسوا معتقلين؛ لأنهم بالفعل تم اختطافهم من الشوارع والبيوت دون أن يرتكبوا أي جريمة". وحول موقف نقابة الصحفيين من الصحفيين الذين اعتقلوا أو صدرت ضدهم أحكام مؤخرًا بتهمة إهانة الرئيس في ضوء حالة الطالبة آلاء، قال جمال فهمي عضو مجلس نقابة الصحفيين: "الصدفة وحدها طرحت قضية آلاء على الرأي العام في نفس توقيت طبخ الحكومة لقانون منع الحبس في قضايا النشر، فهل هذه العقلية التي تعاملت وقمعت تلميذة الثانوي، قادرة على استيعاب التحول الديمقراطي الذي يجري في مصر حاليًّا؟ بالطبع أنا أشك بدليل أن القانون جاء مشبوهًا ومبتورًا، ويكرس حصار الصحفيين ويقلص مساحات حرية التعبير". وأكد على أن "النقابة تمسكت بالإفراج عن أعضائها وبالفعل كان من بين المعتقلين في المظاهرات الأخيرة بعض الزملاء ونجحنا في فك سجنهم". واعتقلت قوات الأمن المصرية المئات من الأشخاص الذين تظاهروا في مايو 2006 من حركة كفاية وجماعة الإخوان المسلمين تضامنًا مع مطالب القضاة الإصلاحيين باستقلال السلطة القضائية. وأضاف جمال فهمي: "نددنا أيضًا بالحكم الذي صدر أواخر يونيو 2006 بحق إبراهيم عيسى رئيس تحرير (صحيفة) الدستور الذي صدر بحقه حكم بالسجن عام بتهمة إهانة الرئيس؛ لأننا في النقابة لا نعترف بشيء اسمه إهانة رئيس الجمهورية، فهذه شماعة يختبئ خلفها المستبدون، ويتحصنون بها من أي نقد يكفله القانون". وأضاف: "لسنا مع من يسب أو يقذف الرئيس أو أي شخص آخر، لكننا في الوقت نفسه ندعو إلى حرية النقد والاعتراض السياسي حتى لو وصل الأمر إلى حد مطالبة الرئيس بالتنحي أو حتى الاعتراض على سياساته غير السليمة... وإلا فأين الديمقراطية إذن.. وما فائدة حرية الإعلام؟". وكانت النيابة العامة قد وجهت لأغلب المتظاهرين المعتقلين خلال شهري إبريل ومايو 2006 تهمة إهانة رئيس الجمهورية؛ بسبب ترديدهم لشعارات تطالب الرئيس بالتنحي، وتم الإفراج عن بعضهم وما زال نحو 500 منهم معتقلين حتى الآن.