قصفت طائرات حربية إسرائيلية أهدافا في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أمس في اليوم الثالث من هجوم هو الأقوى منذ عقود وأوقع أكثر من 300 قتيل فلسطيني كثير منهم مدنيون. وفي إطار العدوان على غزة وشدد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية على أنه "لا جدوى من حضور قمة بيانات عربية لا تتوافر لها شروط النجاح والتأثير". وقال في تصريح نقلته وكالة الأنباء السعودية "إن المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ناقش في اجتماعه التحضيري في مسقط باهتمام بالغ استمرار الاعتداءات الإسرائيلية الظالمة على قطاع غزة وآثارها وما يترتب عليها" مؤكدا أن المجلس الوزاري لم يتخذ قراراً بشأن الدعوة المطروحة لعقد قمة عربية طارئة وأحال الموضوع إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ الذي سيعقد في القاهرة الأربعاء المقبل لبحثه على المستوى العربي والنظر في إمكانية عقد قمة عربية يمكن لها أن تتخذ قرارات محسوسة. وفي سياق العدوان الجاري على غزة قال وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) "نحن في حرب شاملة ضد (حماس) وأمثالها" مستخدما تعبيرا ردده من قبل في الحديث عن صراع إسرائيل الطويل مع أعدائها الإسلاميين. وفي توسيع لأهداف تشمل حكومة (حماس) قالت مصادر فلسطينية إن طائرات حربية إسرائيلية قصفت أمس مبنى وزارة الداخلية التي يتبعها 13 ألفا من قوات أمن (حماس). وكان قد تم إخلاء المبنى ولم تقع خسائر في الأرواح. وتحدت (حماس) أقوى هجوم يستهدف النشطاء الفلسطينيين منذ حرب عام 1967 بشن هجمات صاروخية على إسرائيل أسفرت عن سقوط قتيل في مدينة عسقلان في جنوب إسرائيل هو الثاني منذ يوم السبت الماضي. وتقول إسرائيل إن الهدف من الهجوم هو وقف الهجمات الصاروخية الفلسطينية التي تصاعدت بعد انتهاء التهدئة التي توسطت فيها مصر واستمرت ستة أشهر حتى 19 كانون الأول(ديسمبر) الجاري. وقالت منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) إن ما لا يقل عن 57 مدنيا فلسطينيا قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية منذ السبت الماضي. واستندت منظمة الإغاثة في الرقم الذي أعلنته والذي وصفه المتحدث باسمها بأنه "متحفظ ومن المؤكد أنه سيرتفع" إلى زيارات قام بها مسؤولون في المنظمة إلى المستشفيات والمراكز الطبية في غزة. وقدر مسعفون فلسطينيون عدد القتلى في غزة بما يصل إلى 310 فلسطينيين غالبيتهم من (حماس). وذكرت (حماس) أن 180 من أعضائها قتلوا وأن بقية القتلى ويزيد عددهم على 300 بينهم مدنيون ومن بينهم 16 امرأة وبعض الأطفال. وأعلنت إسرائيل المناطق المحيطة بقطاع غزة "منطقة عسكرية مغلقة" مبررة ذلك بخطر إطلاق صواريخ فلسطينية وأمرت الصحافيين الذين كانوا يتابعون احتشاد القوات المدرعة بمغادرة المنطقة. وقال متحدث باسم الجيش لمراسلة رويترز بعد أن اعترضت على أمر من الشرطة العسكرية بمغادرة المنطقة "عليك أن تذهبي". ومن الممكن أن يساعد إبعاد الإعلام إسرائيل في التكتم على استعداداتها لهجوم بري محتمل يستهدف (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة بعد ثلاثة أيام من الغارات الجوية التي أشاعت الفوضى وحولت بعض المنازل إلى أنقاض وجعلت المستشفيات غير قادرة على استيعاب القتلى والجرحى. وبقى أغلب سكان القطاع الذي ترتفع فيه الكثافة السكانية داخل منازلهم في غرف بعيدة عن النوافذ التي يمكن أن تتحطم في انفجارات تسببها الضربات الجوية التي تستهدف منشات تابعة ل (حماس). من جهته قال مارك ريجيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت إن إسرائيل ستواصل حملتها "إلى أن تتهيأ أجواء أمنية جديدة في الجنوب (إسرائيل) وإلى أن تتوقف حالة الرعب والخوف التي يعيشها السكان هناك جراء الهجمات الصاروخية المستمرة". وصرح المتحدث العسكري الإسرائيلي آفي بناياهو بأن هجوم غزة قد "يستغرق أياما كثيرة". وارتفعت أسعار النفط العالمية 5.6 في المائة إلى نحو 40 دولارا للبرميل اليوم وقال محللون إن الصراع بين (حماس) وإسرائيل ذكر التجار بمخاطر الجغرافيا السياسية التي تتهدد إمدادات النفط الخام من منطقة الشرق الأوسط. بدوره، حث فوزي برهوم، المتحدث باسم (حماس)، الفصائل الفلسطينية على استخدام كل السبل المتاحة لحماية الشعب الفلسطيني بما في ذلك " العمليات الاستشهادية" في إشارة إلى التفجيرات داخل إسرائيل خلال الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 2000 . وأثارت الهجمات الإسرائيلية غضب العرب في شتى أنحاء الشرق الأوسط حيث قام محتجون بإحراق الأعلام الإسرائيلية والأمريكية للحث على رد أقوى من جانب زعمائهم على هجوم إسرائيل على غزة. وقالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني إن إسرائيل تحاول أن تبذل كل جهدها لاستهداف من وصفتهم بالإرهابيين فقط ومقار (حماس) وأماكنها ولكن مع الأسف في الحرب مثل أي حرب أحيانا ما يدفع المدنيون أيضا الثمن. وأعلن أحمد قريع كبير المفاوضين الفلسطينيين في محادثات السلام أن المحادثات التي ترعاها الولاياتالمتحدة مع إسرائيل علقت بسبب الهجمات التي تستهدف غزة. وقال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط خلال زيارة لتركيا إن على إسرائيل أن توقف قتل الفلسطينيين ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار. ونفى مسؤول إسرائيلي رفيع أي تلميح بأن إسرائيل قامت بهذه العملية في هذا التوقيت لأنها تعتقد أن الفرص المتاحة أمامها بدأت تتلاشى مع استعداد بوش لمغادرة البيت الأبيض وتأهب باراك أوباما الرئيس المنتخب لخلافته. وقال المسؤول في إشارة إلى الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المقبلة "لماذا يربط كل شيء بالولاياتالمتحدة. التاريخ الأهم لإسرائيل هو 10 شباط (فبراير) المقبل".ومضى المسؤول يقول "لم يكن من الممكن من الناحية السياسية أن يظل الزعماء في إسرائيل مكتوفي الأيدي والسماح ل (حماس) بمواصلة إطلاق الصواريخ".