وافق مجلس الشعب في جلسته أمس على تعديلات قانون العقوبات في جرائم النشر بصفة نهائية، بعد تدخل الرئيس مبارك لإلغاء حبس الصحفيين في الطعن في الذمة المالية للموظفين العموميين أو الأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة ، واقتصار العقوبة في هذه الحالة على الغرامة المالية فقط. ووافق أعضاء المجلس بالإجماع على طلب الرئيس مبارك بإلغاء تعديل المادة 303 وإضافة عقوبة الغرامة التي وردت بها إلى المادة الثانية من مشروع قانون عقوبات النشر ، والتي تتضمن إلغاء عقوبة الحبس في الجرائم المنصوص عليها في المواد 182 و185 و303 من قانون العقوبات ورفع الغرامة إلى مثليها في الحدود الدنيا والقصوى. وكشفت مصادر عن أن عددا كبيرا من نواب المجلس بمن فيهم نواب من الأغلبية أكدوا خلال مناقشات جلسة أمس أن قانون العقوبات يتضمن نحو 43 مادة تجيز حبس الصحفيين في قضايا النشر ، وهي المفاجأة التي التزمت الحكومة حيالها بالصمت ، ولم تعقب بالنفي أو التأكيد عليها ، وهو ما يعني أن القانون مازال به 35 مادة أخرى تجيز حبس الصحفيين رغم التعديلات الأخيرة وتدخل الرئيس مبارك . وزادت التعديلات قيمة الغرامة في عقوبة القذف والسب بغير طريق النشر إذا وقع القذف في حق الأفراد العاديين إلى ما بين عشرة آلاف جنيه و20 ألف جنيه ، بينما كانت تتراوح قبل التعديل ما بين 2500 و7500 جنيه ، أما إذا وقع القذف في حق موظف عام أو عضو مجلس نيابي منتخب أو مكلف بخدمة عامة مثل رؤساء تحرير الصحف المملوكة للدولة فتكون الغرامة 15 ألف جنيه في الحد الأدنى و30 ألف جنيه في الحد الأقصى. ويقضى قانون العقوبات بمضاعفة عقوبة القذف والسب إذا وقعت الجريمة بطريق النشر في الصحف والمطبوعات. ولم يتطرق التعديل إلى المواد القائمة في قانون العقوبات والتي تجيز الحبس لإهانة رؤساء وملوك الدول الأجنبية ، كما تجيز الحبس لإهانة ممثلي الدول الأجنبية إذا تعلق الانتقاد بأدائهم لأعمال وظائفهم. واقتصرت التعديلات على قانون العقوبات ، ولم تتطرق إلى مادة في قانون الصحافة تعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة في حالة التعرض للحياة الخاصة للمواطنين أو التعرض للمسلك الخاص للموظفين العموميين وأعضاء المجالس المنتخبة والمكلفين بخدمة عامة. كما استحدثت التعديلات عقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين فى حالة نشر صور أو رسوم خادشة للحياء ، مع فرض غرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه ، أو العقاب بإحدى هاتين العقوبتين. من جانبه ، أعلن الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية أن الحكومة تلقت تكليفًا من الرئيس مبارك باقتصار عقوبة الطعن في الذمة المالية للموظفين العموميين أو الأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة على الغرامة وحدها دون الحبس، وبناءً عليه اقترحت الحكومة إلغاء عقوبة الحبس في المادة 303 ورفع الغرامة المالية إلى مثليها. وكانت الجلسة قد شهدت مشادة حامية بين النائب حسين إبراهيم نائب رئيس الكتلة البرلمانية ل "الإخوان المسلمين" والدكتور عبد الأحد جمال الدين زعيم الأغلبية، عندما اتهم الأول نواب الحزب الوطني - ضمنيًا - بإقحام موضوع الذمة المالية في مشروع القانون انحيازًا لمصالحهم وانفصالاً عن إرادة الشعب. وأشار إلى أن نواب المعارضة والمستقلين اتفقوا على الانسحاب من الجلسة في حالة إقرار المادة 303 كما وردت من الحكومة، وتساءل: إلى متى سيتدخل الرئيس مبارك لإصلاح ما أفسده نواب الحزب الوطني. وعلى إثر ذلك، ثار نواب الحزب الوطني واعترضوا على اتهامات حسين إبراهيم ، وأكدوا أن الرئيس مبارك تدخل للتعديل من منطلق حرصه على الاستماع للأغلبية والمعارضة. ورفض الدكتور سرور الاتهامات الموجهة للحزب الوطني، وقال إن المادة 303 التي طلب الرئيس تعديلها لم تكن قد عرضت على المجلس لمناقشتها ولم يتحدث فيها نواب الأغلبية. وقال إن الرئيس مبارك هو رئيس الحزب الوطني والأغلبية ، وعندما يعدل مشروع قانون ويأمر الحكومة بتعديله فإن ذلك يأتي من منطلق حرصه على الاستماع لرأي الأغلبية والمعارضة. وأدخل المجلس تعديلاً جديدًا اقترحه الدكتور سرور على نص المادة 200 مكرر ( أ ) يقضي بأن تكون مسئولية رئيس التحرير شخصية ويعاقب بغرامة لا تقل عن 5000 جنيه ولا تتجاوز 10 آلاف جنيه إذا وقعت الجرائم نتيجة إخلاله بواجب الإشراف ، أما في حالة علمه بالنشر فيطبق الحد الأقصى للغرامة وهو 20 ألف جنيه. وكانت المادة تنص قبل تعديلها على أن "يعاقب رئيس التحرير أو من يقوم مقامه في الإشراف على النشر عن أي من الجرائم المشار إليها في الفقرة السابقة بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه ، وذلك إذا ثبت أن النشر قد تم بعلمه أو نتيجة إخلاله بواجب الإشراف.