بسم الله الرّحمان الرّحيم و الصّلاة و السّلام على نبيّنا سيّدنا محمّد الصّادق الوعد الأمين كتبته هند الهاروني : تونس في 21 ماي 2009- 26 جمادى الأولى 1430 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه". من سمح لنفسه أن يتدخّل في حياة النّاس الخاصّة بأيّ أسلوب كان مستغلا فرصة التّعامل معهم في جميع ميادين العمل والحياة فإنّه لم يجعل في حسبانه حدودا لذلك و خصوصا عندما يكون المراد هو التّدخّل في شؤون من تربّوا على احترام الآخرين و خصوصيّاتهم فهم ليسوا بضعفاء لكي يقع التّجرّؤ على محاولة التّدخّل في حياتهم ، و عند مواجهتهم له يقول لهم متملصا : أنتم تعرفون جيّدا كيف تتصرفون مع إلقاء اللّوم عليهم و على من حولهم بعد إحراجهم و التّدخّل في شؤونهم و في شؤون عائلتهم و في شؤون غيرهم عموما. إنّ لكلّ شخص في هذه الدّنيا شؤونه الخاصّة و مشاكله و حتّى مصائبه و من كان صادقا مع الله قبل أن يكون صادقا مع نفسه فهو الذي يتوكّل عليه وحده و بنيّة صادقة و بصبر على المحن، كما قال الله تعالى : "و الله مع الصّابرين" و لا ذاك الذي يتوكّل على النّاس و يتسبّب لهم في مشاكل فيما بينهم لأنّ ذلك أمر غير مبرّر و غير مشروع و لا يؤتي ثماره. فعليه أن يطمع فقط في رحمة الله و عونه عسا أن يفرّج عنه كربه الذي ابتلاه به ليختبر تصرّفاته و أعماله و لا أن يطمع في العباد و يتباكى على ما أصابه و يلقي اللّوم على غيره و يستبق المراحل و يتسبّب في مشاكل لغيره هذا لمن يحترم نفسه و يحترم الآخرين وعلى كلّ منهم أن يلزم حدوده و يترك غيره و شأنه و لا يتسبّب له في متاعب تحت أيّ مسمّى أو سياق أو مصلحة و بأن يبتعد عن هذا الطّريق و بأن يحفظ كرامته و يتوقّف و لا يهرب إلى الأمام لأنّه يضرّ نفسه عندما يقال له : يكفي...! فإنّ الكرامة تجعل من الإنسان شخصا حرّا لا يقبل على نفسه التّدخّل في حياة الآخرين وبذلك يجنّبها أن تسمع منهم نتائج أعماله تجاههم. إلى الّذين يحترمون أنفسهم و يحترمون الأصول و الأخلاق في المعاملات لدينا مثل آخر تونسي شهير يقول : "منين هاك العرف، من هاك الشّجرة" و من لا يحترم العائلة و الأسرة و هي النّواة الأولى التي بصلاحها يصلح المجتمع كلّه و العكس بالعكس و يقبل على نفسه فرضيّة "العرف المقطوع من الشّجرة" في هذه الحياة، فإنّه يعيش على الهامش و لا خير فيه. على البادئ و هو المخطأ أن يضع حدّا لنفسه و يتوقّف عن التّسبّب في الضّرر لغيره وألا يتملّص من مسؤوليّته و يحاول إلقائها على غيره و على الّذين يتدخّل فيهم و يستعمل أساليبه عندما يقع وضع حدّ لتصرّفاته و سلوكه. ثمّ إنّ " لحن القول" لا يفيد في شيء لأنّ المرفوض مرفوض. والحكيم هو الّذي يتعرف على أسباب المرض و يحدّد دواءه المناسب و يعالجه عند المرحلة الأولى من ظهوره إذ تكون نسبة الأمل في الشفاء بعون الله مرتفعة جدّا أمّا التّهاون معه يجعله يستفحل و يشتدّ في الجسم أكثر و يتطوّر إلى ما لا يحمد عقباه و المتضرّر هو من قبل التّمادي و عدم الاكتراث . و الّذي يريد فعل الخير بحقّ هو من يترك ما يجلب الشّرّ لغيره و لنفسه في الوقت ذاته. و الواعي هو ذلك الذي يفهم السياق كلّه و لا يكتفي فقط بأن يرى جزءا من المسألة لأنّ الجزء مرتبط بالكلّ. و في النهاية سأضيف إلى المثل المعروف فأقول : " من تدخّل في ما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه فتدخّل غيره فيه فلا حلّ أمامه سوى أن يوقف و يتوقّف عمّا تدخّل هو فيه ".