الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    المسرحيون يودعون انور الشعافي    أولا وأخيرا: أم القضايا    بنزرت: إيقاف شبان من بينهم 3 قصّر نفذوا 'براكاج' لحافلة نقل مدرسي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    نابل.. وفاة طالب غرقا    مدنين: انطلاق نشاط شركتين اهليتين ستوفران اكثر من 100 موطن شغل    كاس امم افريقيا تحت 20 عاما: المنتخب ينهزم امام نظيره النيجيري    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    منتخب أقل من 20 سنة: تونس تواجه نيجيريا في مستهل مشوارها بكأس أمم إفريقيا    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    عيد الشغل.. مجلس نواب الشعب يؤكد "ما توليه تونس من أهمية للطبقة الشغيلة وللعمل"..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    كأس أمم افريقيا لكرة لقدم تحت 20 عاما: فوز سيراليون وجنوب إفريقيا على مصر وتنزانيا    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    ترامب يرد على "السؤال الأصعب" ويعد ب"انتصارات اقتصادية ضخمة"    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    كرة اليد: الافريقي ينهي البطولة في المركز الثالث    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    عاجل/ اندلاع حريق ضخم بجبال القدس وحكومة الاحتلال تستنجد    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطاقة الهوية: الشيخ خليفة يطوق الأزمة و يسحب البساط

أصدر رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أمرا باستمرار السماح للسعوديين بدخول الإمارات بالبطاقة الشخصية، في خطوة من شأنها تطويق الأزمة الناجمة عن قرار وزارة الداخلية السعودية قبل نحو أسبوع وقف عبور الإماراتيين للمملكة ببطاقة الهوية.
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي، الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، أن هذا القرار "يأتي انطلاقاً من حرص قيادة دولة الإمارات وسياستها الثابتة لتعزيز مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتمسك بالانجازات والمكاسب التي حققها المجلس خلال السنوات الماضية على صعيد تسهيل تنقل أبناء دول مجلس التعاون وبما يحافظ على مصالحهم ويقوي أواصر العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين دولهم وشعوبهم".
وأضاف "دولة الإمارات ماضية قدماً في تطبيق ما تم الاتفاق عليه مع المملكة العربية السعودية الشقيقة بشأن اتفاقية التنقل بصرف النظر عن القرار الأخير الذي اتخذته السلطات السعودية في شأن عدم السماح للإماراتيين الذين يرغبون بالسفر للسعودية باستخدام بطاقة الهوية".
وأعتبر وزير التربية والتعليم الإماراتي، حميد القطامي، في تصريح لصحيفة "البيان" الإماراتية أن هذا القرار "يؤكد نهج وحكمة قيادة الدولة الرشيدة وحرصها على تدعيم مسيرة الوحدة الخليجية لدول المجلس التي تم بناؤها على ثوابت راسخة منذ سنوات طويلة".
يذكر أن دولة الإمارات، التي شهدت ميلاد مجلس التعاون في مايو 1981، كانت سباقة في تطبيق مبدأ استخدام بطاقة الهوية وذلك بينها وبين سلطنة عمان.
و من جهته، اعتبر سفير الإمارات لدى السعودية، سعيد الظاهري، أن «المشكلة لا تعدو عن كونها سحابة صيف"، لافتا إلى أن دولة الإمارات سوف تشارك مشاركة واسعة في اجتماع وزراء الخارجية المقرر عقده في جدة يوم الثلاثاء المقبل.
وقبيل صدور أمر الشيخ خليفة، كان الظاهري قد شدد على أنه "ينبغي قبل اتخاذ القرار من الجانب السعودي إعطاء مهلة لوزارة الخارجية الإماراتية لإبلاغ مواطنيها بالمستجدات أو على الأقل ضمان عودة المواطنين الإماراتيين الذين دخلوا ببطاقة الهوية بأن يخرجوا بها أيضاً".
وكانت وسائل الإعلام الإماراتية قد شنت هجوما عنيفا على إدارة الجوازات التابعة لوزارة الداخلية السعودية بعد أن شكا مواطنون عائدون من السعودية من تشدد السلطات السعودية في منفذ البطحاء حيال الإماراتيين.
وأكد السفير في تصريح نشره موقع "الوئام" أنه "على ضوء القرار السعودي بإلغاء التنقل ببطاقة الهوية، أصبح يتوجب على مواطني البلدين استخدام جواز السفر عند التنقل بينهما".
وقد فجر قرار الشيخ خليفة سيلا من التعليقات على العديد من المواقع الإلكترونية خاصة السعودية منها، مثل "إيلاف" و "الوئام" و "لجينيات".
وكانت ردود الفعل في أغلبها مشيدة ب"القرار الحكيم" الذي "من شأنه أن يحرج الحكومة السعودية" و الذي "سحب البساط من تحت أرجل الحكومة السعودية"، كما ورد في مئات التعليقات بعد ساعات قليلة من الإعلان عن الأمر الرئاسي.
فهذا "سعد" يقول: "بغض النظر عن خلفيات وأهداف هذا القرار، إلا إنه يعكس بعد نظر القيادة الإماراتية، ويوقع حكومتنا في حرج كبير... أتمنى أن نتعلم الدرس!!".
ويعقب "جاسم الشحي" قائلا: "قرار حكيم من ابن حكيم، زايد الخير، وليس مثل قرارات بعض الأمراء بما فيها من عدم مراعاة لمصالح شعوبها والتي تطغى عليها الغيرة والحسد من نجاحات الدول الأخرى".
ويهلل "أبو حمد": "الكبير كبير... حتى في توجيه الضربات! هذا الرد يدل على الحكمة والتعقل، بعيدا عن ردود الفعل الغير عقلانية... أصيل يا أبو سلطان... الكبير كبير ... فهذا الشبل من ذاك الأسد، زايد الله يرحمه!"
غير أن قرار الشيخ خليفة لم يسلم من الانتقاد، إذ فسره البعض ب"محاولة استعطاف واسترضاء السعوديين، لأن الإمارات تستفيد من زياراتهم واستثماراتهم"، كما تقول "سعودي أصيل".
أما "حزم الظامي"، فيطالب الشيخ خليفة ب"اتخاذ قرار فعال يرضي الحكومة السعودية، وذلك بتعديل الخريطة".
ويوافقه "معتوق"، مضيفا: "نتمنى الالتزام بالاتفاقيات، وخاصة اتفاقية جدة. وإلا فلا نلوم إيران باحتلال الجزر الإماراتية و عدم التزامها بالاتفاقيات".
وكانت وزارة الداخلية السعودية قد قررت في 21 أغسطس/آب وقف العمل بالتنقل بالبطاقة الشخصية بين البلدين تحت ذريعة أن خارطة الإمارات التي تحملها الهوية الإماراتية "لا تتوافق مع اتفاقية تعيين الحدود" بين البلدين، الموقعة بجدة في 21 أغسطس/آب 1974.، أي قبل 35 عاما.
و"اتفاقية جدة" حصلت بموجبها الرياض على خور العيديد الذي يشمل منطقة ساحلية بطول 25 كم تقريباً، وهي المنطقة التي فصلت أراضي أبوظبي وقطر، كما حصلت على قرابة 80 بالمائة من آبار الشيبة النفطية التي تضم حوالي 20 مليار برميل من النفط و650 مليون متر مكعب من الغاز.
ورغم أن الاتفاقية نصت على احتفاظ الإمارات بقرى منطقة البريمي الست التي كانت في حيازتها أصلا، بما فيها العين، وصحراء الظفرة، إلا أنها اعتبرت الاتفاقية مجحفة لها. وظلت الإمارات، التي لا تعترف بالسيادة السعودية على شريط العيديد البحري، تطالب بالمياه الإقليمية المحاذية للشريط الواقع جنوب دولة قطر، والسيادة الكاملة عليها وهو ما ترفضه السعودية.
ويأتي قرار الرياض إحياء القضية الحدودية بعد انسحاب دولة الإمارات من مشروع الوحدة النقدية لمجلس التعاون الخليجي في مايو الماضي في أعقاب اختيار الرياض مقراً للمصرف المركزي الخليجي.
وكانت السلطات السعودية قبل حوالي شهرين قد فرضت إجراءات مشددة على حركة النقل البري للشاحنات بين السعودية والإمارات عبر المعبر الحدودي السعودي، مما أدى إلى حدوث أزمة خانقة حيث وصل طابور الشاحنات إلى حوالي 35 كيلومترا وسط ظروف مناخية صعبة للغاية، وهو ما عزته السلطات السعودية إلى تطبيق "معايير جديدة" .
فجر القرار السعودي الأخير بوقف العمل بالتنقل بالبطاقة الشخصية بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة جدالا حاميا بين مدافعين عن "حق المملكة في أن تحمي حدودها بالوسائل التي تراها مناسبة" ومنتقدين ل"عنجهية الشقيقة الكبرى ونواياها التوسعية على حساب أخواتها الصغريات"، كما ورد في مواقع إلكترونية موالية وأخرى مناهضة للسعودية.
"يتنصلون من الاتفاقية!"
فهذا "نايف" يقول على موقع "إيلاف": "الأحرى بالإمارات احترام المعاهدات المبرمة مع زايد الخير... بدلا من سياسة إحراج المملكة ولوي الذراع"..
ويوافقه "سعودي بقوة" قائلا: "الإمارات وقعت اتفاقية مع السعودية ومن وقعها هو الشيخ زايد رحمة الله عليه. فهل انتم أحرص على الإمارات من الشيخ زايد؟"
ويتناوب "أبو احمد" و"صادق" وغيرهما على موقع صحيفة "الوطن" محذرين بأن "المملكة لن تتنازل أو تقبل الإهانة أو تتخلى عن أراضيها أو مصالحها من اجل إرضاء طمع وجشع بعض الأشقاء"، وأن "المملكة لن تسامح من يتجرأ على اخذ شبر من أرضها، ولو على الورق".
أما "جابر"، فيكتفي بالثناء على النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي أصبح الرجل الثاني في تراتبية السلطة بعد مرض أخيه الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد. كما يشكر في صحيفة "الاقتصادية" الحكومة السعودية "الرشيدة لعدم التهاون بسيادة أراضينا وحمايتها وصيانتها".
وفي صحيفة "الرياض"، يذهب "أبو ريان الحربي" إلى القول بأن "المفروض أن تطالب المملكة أبو ظبي بتصحيح الخريطة وإلا يجب أن تشتكي للمحكمة الدولية".
"ما هو الفرق بين إيران والسعودية ؟"
في المقابل، تعالت الأصوات في عدة مواقع، مثل "إيلاف" و"الساحات الحرة"، مستهجنة القرار السعودي الذي "يعتمد أسلوب التعالي والضغط على الدول التي ترتبط بحدود مباشرة معها والتي أصبحت ترفض الانصياع لإملاءات القيادة السعودية"، كما قال "حضرمي".
ويناشد "احمد بن بقشان"، "الإخوة حكام الإمارات بعدم أخذ القدوة من الرئيس اليمني الذي سلم بالأمر الواقع وتنازل عن نصف أراضي اليمن الشمالي سابقا للشقيقة الكبرى"، في إشارة إلى تخلي اليمن عن محافظات عسير ونجران وجيزان، بعد تجديد العمل باتفاق الطائف الحدودي الموقع عام 1934 بين البلدين.
فيجيبه "عبد الله الظاعني": "الإمارات عبرت مرارا وتكرارا عن رغبتها في تصحيح وتوضيح هذه الاتفاقية التي فرضتها ظروف قاسيه كونها دولة وليدة حينها، و لم تكن تملك أي خيار إلا قبولها رغم الظلم والغبن والغموض الذي احتواها".
ويعقب "الكويتي" قائلا أن "المملكة توحدت بعد 1932 وأخذت بالتوسع شمالا وجنوبا، شرقا وغربا. فسلبت الأراضي من جميع دول الخليج (...) إذا، ما الفرق بين السعودية وإيران؟ إيران استولت على الجزر الإماراتية، والسعودية على أراضى أمارة أبوظبى وكل منهما فرض الأمر الواقع".
"سحابة صيف ؟"
ويتدخل "نايف الحربي" ناصحا الجميع بعدم "توتير العلاقات بين البلدين الشقيقين"، قبل أن يضيف: "هذا اختلاف بسيط بين بلدين شقيين سيزول قريبا إن شاء الله ... كسحابة صيف"..
وهذا ما يتمناه "خالد" متسائلا: "وأين سيسهر السعوديون إذا منعوا من الدخول إلى الإمارات؟ لا حول ولا قوة إلا بالله".
فهو من مئات الآلاف من السعوديين، ومن ضمنهم مئات المستثمرين، الذين يزورون الإمارات سنويا... وبالذات دبي، وجهتم السياحية المفضلة.
كما ناقش برنامج "تحت الضوء" على قناة "العالم" الإيرانية قرار السعودية منع مواطني الإمارات من التنقل ببطاقة الهوية بين البلدين، حيث اعتبر الدكتور محمد النقبي، الباحث في العلوم السياسية، أن "القرار غير مبرر ويأتي ضمن الضغوط التي تمارسها السعودية على دول مجلس التعاون من أجل إظهار هيمنتها وتفوقها"، قائلا "إن السعودية دائما ما تقوم بافتعال أزمات غير مبررة مع الإمارات".
"السعودية تتصيد الأذى"
وتماشيا مع إجراءات أخرى، فمن الواضح أن الأزمة الراهنة ليست سحابة صيف، ولا يبدو أنها عابرة، ولكنها "سياسة تأزيم" متعمدة تقصد هدم مفاصل العلاقات بين البلدين بالتدريج، كما يعتقد العارفون بالشؤون الخليجية.
وصرح أحد المحللين لموقع "سعودي ويف" أن "الأمر يبدو كحملة ابتزاز وضغط لإجبار الإمارات على الرضوخ للإملاءات السعودية، ليس في ما يتعلق بالخلاف حول الحدود، وإنما في العديد من القضايا الأخرى التي تتبنى فيها الإمارات موقفا يتلاءم مع مصالحها الوطنية، وفي مقدمتها الامتناع عن الانخراط في مشروع الوحدة النقدية الذي تدرك الرياض انه سيحاط بالفشل ما لم تلتحق به ثاني أكبر قوة اقتصادية في مجلس التعاون".
ويضيف المحلل الذي طلب عدم ذكر اسمه قائلا: "الشيء المؤكد، في مقابل سياسات الابتزاز التي يمارسها "الأخ الأكبر" هو أنها لن تجدي نفعا مع الأمارات. وذلك لعدة أسباب يجدر أخذها بعين الاعتبار:
أولا، الإمارات ليست قطر. واقتصادها أكثر تنوعا وتشعبا وامتدادا من أي دولة خليجية أخرى، بما فيها السعودية نفسها. فسياسات الابتزاز نفعت مع قطر لأنها ليست "قوية" إلا بالأوهام التي توفرها لها "قناة الجزيرة"، ولكنها طبل أجوف داخليا، وهو ما يجعلها أقل قدرة على تحمل ضغوط "الأخ الأكبر" وسياسات الابتزاز التي يمارسها ضد "إخوته الصغار".
ثانيا، تستطيع السعودية أن تتلاعب بالعلاقات مع قطر من دون أن تخشى تبعات اقتصادية وإقليمية. خاصة وانه لا استثمارات سعودية في قطر. كما أن الدوحة التي تبدو بمثابة "الخروف الأسود" لدى العرب لا تحظى في الواقع بالمكانة التي تتمتع بها أبوظبي. وهو ما يعني انه إذا شاءت السعودية أن تثقب القارب الذي تسبح فيه العلاقات السعودية الإماراتية، فان الرياض لن تنجو من أضرار الغرق وعواقبه على علاقاتها الإقليمية والعربية والدولية.
ثالثا، تستطيع السعودية، لو أرادت، عرقلة مسيرة مجلس التعاون الخليجي، إلا أن هذه السياسة التخريبية لن تجديها نفعا و لن تحصد منها إلا ما زرعت.
رابعا، الإمارات في أعين الكثيرين (عربا وأجانب) هي الدولة الأكثر صداقة للجميع، والأكثر حرصا على علاقات التعاون والتضامن. وهي لم تدخل في نزاعات سياسية أو مذهبية أو اقتصادية أو إستراتيجية مع أي أحد. وهذا ما يجعل الموقف السعودي حيالها واضحا كموقف متشدد يقصد إلحاق الأذى، وليس اقتفاء أثر مصالح مشروعة.
خامسا، فان آخر ما يريده تاجر أو رجل أعمال سعودي هو أن تختنق استثماراته في الإمارات أو أن تصبح العلاقة متأزمة بما يسد هذا المنفذ الحيوي والذي يعد اكبر متنفس ترويحي للسعوديين.
سادسا، الإمارات، كما يعرف المسؤولون السعوديون، أنقذت الكثير من الأموال السعودية التي غادرت الغرب بعد أحداث 11 سبتمبر. والسعي المنظم للإضرار بالعلاقات مع الإمارات لن يبدو مجرد سياسة جاحدة على فضائل التعاون بين البلدين، ولكنه سيقطع الطريق على منافع العلاقة مع قوة اقتصادية لن يعمل الاقتصاد الخليجي من دونها كما يعمل بوجودها.
مع ذلك، فالإجحاف وتصيد الأذى، في القرار السعودي، واضح لأعين الكثيرين. وهو يعكس تمسك الرياض بإجحاف مسبق أيضا، باتفاقية على خلاف حدودي وقعت بين البلدين منذ 35 سنة، فرضت على أبوظبي تحت الضغط. فالسعودية اشترطت هذه الاتفاقية للاعتراف بالاتحاد الإماراتي الفتي حينها".
"... وتتذرع بما هو أسوأ"
وتبرر وزارة الداخلية السعودية إجراءها الجديد بمنع التنقل بالهوية الوطنية، بالقول أن خارطة الإمارات التي تحملها الهوية الإماراتية "لا تتوافق مع اتفاقية تعيين الحدود" بين البلدين في 21 أغسطس/آب 1974.
ويقول مدير عام الجوازات، اللواء سالم بن محمد البليهد، أن المملكة "دعت الأشقاء في دولة الإمارات إلى تصحيح الخارطة بما يتفق مع الواقع الحالي للحدود المشتركة بين البلدين".
وكان رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، قد أثار موضوع الحدود مع المسؤولين السعوديين، فور توليه السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2004، خلفا لوالده الشيخ زايد الذي لعب دورا رئيسيا في تشكيل مجلس التعاون الخليجي والذي بدأ نشاطه رسميا في أبوظبي عام 1981.
وهو ما يعني أن الخلاف مطروح ومثبت في محاضر اللقاءات الرسمية وموروث بالنسبة لقيادة البلدين.
ويعلق المحلل بالقول أن "القاعدة المتعارف عليها في خلافات من هذا النوع تقضي، على الأقل، امتناع الطرفين عن التصعيد بإضافة عوامل جديدة فوق الخلاف. وفي العادة، فان أولئك الذين يختارون التصعيد لا يستطيعون الزعم أنهم يقفون على الضفة الأخلاقية الصحيحة".
ويضيف: "وإذا كانت لديهم مطالب، فإنهم بهذه الوسيلة يضرون بها، ويثبتون تهافت حجتهم فيها.. والتعلل برسمة الخارطة على بطاقة الهوية يبدو من تهافت التهافت إلى درجة انه يثير التساؤلات عن الحكمة من ورائه. السعودية، على أي حال، تحاول أن تتمسك بالمجحف في العلاقات بين البلدين، وتتذرع بما هو أسوأ".
إتفاقية مجحفة
ف"اتفاقية جدة" حصلت بموجبها الرياض على خور العيديد الذي يشمل منطقة ساحلية بطول 25 كم تقريباً، وهي المنطقة التي فصلت أراضي أبوظبي وقطر، كما حصلت على قرابة 80 بالمائة من آبار الشيبة النفطية التي تضم حوالي 20 مليار برميل من النفط و650 مليون متر مكعب من الغاز.
ورغم أن الاتفاقية نصت على احتفاظ الإمارات بقرى منطقة البريمي الست التي كانت في حيازتها، بما فيها العين، وصحراء الظفرة، إلا أنها اعتبرت الاتفاقية مجحفة لها.
وظلت الإمارات، التي لا تعترف بالسيادة السعودية على شريط العيديد البحري، تطالب بالمياه الإقليمية المحاذية للشريط الواقع جنوب دولة قطر، والسيادة الكاملة عليها وهو ما ترفضه السعودية.
"مشروع جسر" يؤجج الخلاف الحدودي
وقد ساهم اعتراض السعودية على مشروع إقامة جسر يربط بين الإمارات وقطر في تأجيج الخلاف الحدودي السعودي – الإماراتي. إذ نقلت الصحف السعودية في يوليو/تموز 2005 عن وزير الداخلية السعودي أن المملكة احتجت لدى قطر والإمارات على المشروع، على أساس انه يمر عبر مياهها الإقليمية.
ورأى مراقبون آنذاك أن السعوديين لا يحبذون إقامة هذا الجسر، ولا الجسر الذي سيربط بين قطر والبحرين، مما سيساهم في فك العزلة الجغرافية التي فرضتها الاتفاقيات الحدودية بين المملكة وتلك الدول.
وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات وقطر والبحرين مرتبطة بحدود مباشرة مع السعودية فيما لا رابط بري بين أي منها ببعض. وبالتالي سيشكّل الجسور أساساً متيناً وواعداً لعلاقات تجارية وسياسية واجتماعية بينها.
"أزمات مفتعلة لمعاقبة المتمرد"
وحتى هذه الساعة لم يصدر رد فعل رسمي في الإمارات على القرار السعودي والذي دعت وزارة الخارجية الإماراتية المواطنين إلى تنفيذه دون أن تشير إن كانت ستقوم بمعاملة السعوديين بالمثل.
غير أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، الدكتور عبد الخالق عبد الله، اتهم السعودية على قناة "الجزيرة" القطرية بافتعال هذه المعركة لمعاقبة الإمارات بسبب انسحابها من اتفاقية العملة الخليجية الموحدة بعد رفض طلبها لاستضافة البنك الخليجي الموحد، واختيار الرياض مقرا له.
وكانت السلطات السعودية قبل حوالي شهرين قد فرضت إجراءات مشددة على حركة النقل البري للشاحنات بين السعودية والإمارات عبر المعبر الحدودي السعودي، مما أدى إلى حدوث أزمة خانقة حيث وصل طابور الشاحنات إلى حوالي 35 كيلومترا وسط ظروف مناخية صعبة للغاية، وهو ما عزته السلطات السعودية إلى تطبيق "معايير جديدة".
المصدر الوسط التونسية + http://www.saudiwave.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1848:2009-08-23-03-42-23&catid=50:2008-12-02-08-52-24&Itemid=115


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.