أعرب الغالبية العظمى من الألمان عن رفضهم العدوان الإسرائيلي على لبنان والأراضي الفلسطينية، فيما عبر غالبية من رجال الأعمال عن استيائهم إزاء طريقة تعامل حكومتهم مع الأزمة، وذلك وفق استطلاعين للرأي حول الصراع بالمنطقة. تزامن ذلك مع تواصل الانتقادات من جانب المعارضة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بسبب "موقفها السلبي" إزاء الوضع المتردي بالشرق الأوسط. وبحسب استطلاع لرأي الشارع أجراه معهد "فورسا الألماني لقياس توجهات الرأي العام"، بالتعاون مع مجلة "شتيرن"، فقد عبر 75% من المواطنين الألمان عن رفضهم القاطع للعدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية وعلى الفلسطينيين بقطاع غزة ومبررات إسرائيل لشن العدوانين. بينما رأى 12% من المشاركين في الاستطلاع أن حزب الله كان البادئ بالعدوان عندما أسر جنديين إسرائيليين، فيما أدلى 13% من الألمان بموقف غير قاطع تجاه الأحداث. وأجري الاستطلاع على عينة متنوعة من أطياف المجتمع الألماني بلغ عددها 1005 أشخاص، واستمر الاستطلاع على مدار يومي الخميس والجمعة الماضيين. وفي استطلاع موازٍ للرأي أجراه معهد "ألينسباخ" الألماني لصالح مجلة "كابيتال" الاقتصادية، أعرب 67 % من كبار رجال الأعمال بألمانيا عن "استياء شديد" من الائتلاف الحاكم (حزب الاتحاد المسيحي–حزب الديمقراطي الاشتراكي) وانتقدوا موقفه الذي اعتبروه "سلبيا" تجاه تردي الأوضاع في الشرق الأوسط الذي يعد سوقا خصبا للاقتصاد الألماني. وشارك بالاستطلاع 507 من كبار الشخصيات المؤثرة بالاقتصاد الألماني، ونشرت نتائجه الأربعاء 19-7-2006. وتزامنا مع نشر نتائج الاستطلاعين، انطلقت أصوات من صفوف المعارضة الألمانية انتقدت أيضا "الموقف السلبي" للمستشارة الألمانية ميركل تجاه الأوضاع. وحذر حزب الخضر المعارض من خطورة الوضع بمنطقة الشرق الأوسط، ونادت أصوات بالحزب إلى ضرورة أن تولي ألمانيا اهتماما أكبر بالمنطقة. وقال فولكر بيك المسئول البارز بالحزب في تصريحات لصحيفة نت تسايتونج الألمانية الأربعاء: "إن التصعيد المستمر لوتيرة العنف بالشرق الأوسط قد يؤثر سلبا على الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب". كما وجهت ريناتا كوناست رئيسة الهيئة البرلمانية لحزب الخضر تساؤلات لميركل دارت حول "الدور الألماني المفقود في تهدئة الأوضاع"، وقالت: "أين مكان أنجيلا ميركل من قضية الشرق الأوسط؟ وما هي إسهاماتها في حل الأزمة هناك؟". وأشارت كوناست إلى أن ميركل، التي كانت تظهر نفسها، منذ توليها شئون المستشارية بألمانيا على أنها الأقدر على إدارة الشئون الخارجية بصورة جذابة، "صمتت الآن أمام موقف جاد يتطلب دورا ألمانيا فاعلا". وطالبت كوناست في تصريحات أوردتها الصحيفة نفسها بضرورة أن "تضغط المستشارة ميركل على الرئيس الأمريكي، وأن تستغل العلاقات الطيبة بينهما، وأن تطالبه بحث الطرفين (إسرائيل وحزب الله) على وقف إطلاق النار حتى يمكن الجلوس إلى مائدة المفاوضات". الموقف الرسمي وكانت الدبلوماسية الألمانية ممثلة في وزير الخارجية فالتر شتاينماير (عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي) قد انتقدت العدوان الإسرائيلي في بداية الاعتداءات على لبنان، حيث قال آنذاك: "إن إسرائيل يجب أن تكون متوازنة في ردود الأفعال التي تصدر عنها (...) فتدمير البنى التحتية لا يندرج تحت بند الدفاع عن النفس". إلا أنه أضاف إلى تصريحاته بعدا آخر فيما بعد، بعد أن قوبل بانتقادات شديدة من ممثلي الأقلية اليهودية بألمانيا، حيث ركز الانتقادات على قيام حزب الله بعملية أسر الجنديين الإسرائيليين، معتبرا أن ذلك يعطي لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. بينما اكتفت المستشارة الألمانية ميركل بالدعوة خلال قمة الثمانية التي عقدت في سان بطرسبرج بروسيا أوائل هذا الأسبوع، إلى ضبط النفس ومحاولة فرض التهدئة بالمنطقة. وقالت متحدثة باسم القمة: "يجب عدم السماح للقوى الإرهابية ومن يرعاها بإثارة الفوضى بمنطقة الشرق الأوسط"، في إشارة إلى حزب الله. ويفر مئات الألمان حاليا -ضمن عشرات الآلاف من الأجانب- من لبنان منذ بدء العدوان الإسرائيلي. وحسب معطيات وزارة الخارجية الألمانية فقد تجمع حتى الآن 3 آلاف ألماني لمغادرة بيروت، وقد بدأت أعمال نقلهم إلى سوريا منذ اليوم الأول للعدوان، ووصل منهم المئات إلى ألمانيا بالفعل بينما ينتظر الباقون العودة إلى ديارهم. وبنهاية اليوم الثامن العدوان الإسرائيلي أمس الأربعاء بلغ عدد القتلى اللبنانيين نحو 300 قتيل غالبيتهم العظمى من المدنيين بجانب أكثر من ألف جريح ونحو نصف مليون نازح. كما قُتل خلال المواجهات نحو 29 إسرائيليا وأصيب العشرات. وعلى الجبهة الأخرى في الأراضي الفلسطينية قتل أمس 15 فلسطينيا في توغلات للاحتلال بالضفة الغربية وقطاع غزة ليرتفع إجمالي عدد قتلى العدوان الإسرائيلي المستمر منذ نحو 3 أسابيع على الأراضي الفلسطينية إلى نحو 130 شهيدا. إسلام أون لاين.نت