* وقعت الجاليات الكاثوليكية والمسلمة واليهودية في الأرجنتين، الأسبوع الماضي إعلانًا عامًّا ضد الإرهاب. وبهذا الإعلان ينوي كبار ممثلي هذه الجاليات توطيد التعايش السلمي بينهم في هذا البلد. والذي شهد هجمات إرهابية دموية في عامي 1992 و1993. وفي حديث مع اثنين من الموقعين على الإعلان هما الحاخام "دانيال غولدمان" و"عمر عبود" سكرتير المجلس الإسلامي، يرى كلاهما في الإعلان مثالاً يمكن أن تحتذِيَه الدول المتقدمة في الغرب. ووفقًا للحاخام "دانيال غولدمان"؛ فإن الإعلان يحمل دليلاً على التعايش السلمي بين الطوائف الدينية المختلفة في الأرجنتين. ويرى "غولدمان" أنه في الدول التي تُدعى متحضرة فإنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، الاتفاق على مثل هذه الوثيقة. ووفقا للوثيقة فإن الموقعين يرفضون أي شكل من أشكال الإرهاب. ويقول "غولدمان": إن معاناة إخواننا هي معاناة لنا. ويقدم "غولدمان" إجابة للسؤال التالي: لماذا يكون حوار الأديان في الأرجنتين أسهل منه في أوروبا؟!.. يرى أن الأرجنتين وبعكس أوروبا هي بوتقة للثقافات والهويات، أكثر من هذا فإن الأزمة الاقتصادية زادت من التضامن بين أتباع الديانات المختلفة. فقد توحدت الطوائف الدينية مع بعضها من أجل مكافحة الفقر والبطالة. وقد وقعت هجمات في الفترة ما بين عامي 1992 و1994 على مواقع إسرائيلية في الأرجنتين. وقد استهدف هجوم 1992 السفارة الإسرائيلية في بيونس أيريس، مخلفًا 22 قتيلاً و200 جريح. وفي عام 1994 تعرض المعهد الأرجنتيني الإسرائيلي لهجوم بقنبلة، نتج عنه 85 قتيلاً و300 جريح. وقد نُسِبَ كلٌّ من الهجومين إلى منظمات إسلامية متشددة. ولكن لم يتم العثور على الجناة. ومع ذلك لم تمنع الهجمات الحوار. ويرى "غولدمان" أنه لابد من التمييز بين التدين الصادق والمتناسق وبين الأصولية. كما يرى "غولدمان" أيضا أن الهجمات ربما تكون قد عملت على تعزيز التضامن بين المتدينين الحقيقيين، عبر الجماعات الدينية المختلفة. ويقول "عمر عبود" سكرتير "المركز الإسلامي في الأرجنتين": إن كل أعضاء الطوائف الدينية في الأرجنتين دائمًا ما يرفضون الأصولية وإن هذا الإعلان يؤكد هذا الموقف ويجعله بمثابة بيان لبقية العالم، لا مكان فيه للشك أو الانحياز. ويشدد "عبود" على أنه وزملاءه لا يسعون فقط إلى التسامح، بل إلى التعايش السلمي الحقيقي، والفرق بينهما هو أن التسامح يتنزل من أعلى ويمنحه طرف لأخر، بينما التعايش السلمي الحقيقي ينطوي على القبول بالآخر والاعتراف به مساويا وندا. مثل هذا التعايش لا يعني فقط قبول معتقدات الآخر الدينية، بل يعنى أيضا التعاون في شؤون الحياة اليومية، واندماج أفراد الطوائف الدينية المختلفة في الحياة العامة، مثل التعليم وغيره. ويقول "عبود": نريد أن نحرر أنفسنا من فكرة أن العالم متجه إلى حرب دينية. ويرى "عبود" أن العديد من الساسة والخبراء الأوروبيين ينطلقون من فكرة خاطئة، فالاندماج الحقيقي يتجاوز المتطلبات القانونية، ويعتمد على تعبيرات حسن النية اليومية البسيطة الموجهة للجالية الإسلامية. ويشدد "عبود" على أن البلد؛ الذي لا يستطيع أن يوفر للمهاجرين فرصة المشاركة في حياتها العامة عليه ألا يقبل مهاجرين من الأصل. ومن جهة أخرى فإن المسلمين الذين يأتون إلى أوروبا يجب عليهم أن يدركوا أنهم جاءوا كي يعيشوا في مجتمع آخر، وفي هذا السياق فإن المسلمين غالبا ما ينقصهم نقد الذات المطلوب. تقرير: أليجاندرو بيتمالي إذاعة هولندا العالمية ترجمة: محمد عبد الرؤوف