يحظى الوجود الإسلامي في إيطاليا بأهمية خاصة تلك البلاد القريبة جغرافيًّا من المنطقة العربية الإسلامية؛ التي يقدر المسلمون فيها بنحو مليون شخص. وخلال الفترة الأخيرة شهدت إيطاليا عددا من الفعاليات الفكرية التي تهدف إلى مزيد من التعرف على الإسلام، وتحقيق التعايش والتفاهم بين الحضارة الأوروبية والإسلام. استضاف المعهد الإيطالي لإفريقيا والشرق ومقره روما في 30 مايو الماضي ندوة بعنوان "الإسلام في إفريقيا المعاصرة الإشكاليات، والآفاق، ومسارات التحديث"، تناولت ما يسمى ب"الإسلام الإفريقي"، كأحد التخصصات الناشئة في إيطاليا. وأشار المتحدثون في الندوة التي ألقاها عدد من أساتذة الجامعات الأوروبية إلى ضرورة عدم النظر إلى الإسلام على أنه كتلة متجانسة، وأهمية الأخذ في الاعتبار الاختلافات الفكرية بين المسلمين أنفسهم وخلفياتهم الاقتصادية والبيئية والثقافية. كما تم تناول ما أطلق عليه إعادة أسلمة المجتمع السواحلي، بالإضافة إلى الصلة بين الطرق الصوفية والحركات الإسلامية الأصولية في جنوب الصحراء الإفريقية، مع التركيز على النموذجين النيجيري والسنغالي مثالا للتحالف والتآلف بين الجانبين وفقا لما أوردته وكالة "آكي" الإيطالية للأنباء. وفي نفس اليوم الذي استضافت فيه روما هذه الندوة، كانت العاصمة البلجيكية بروكسل على موعد مع جلسة حوار وتبادل رأي بين المؤسسات الأوروبية وعدد من ممثلي الديانات المختلفة حول كيفية تعزيز التعايش في ظل التنوع فيما بينهم. وعقدت هذه الجلسة التي شارك فيها ممثلون عن الديانة اليهودية والإسلامية والكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية وأساقفة إنجليكانيين بدعوة من رئيس المفوضية الأوروبية "خوسيه مانويل باروسو" والمستشار النمساوي "فولفجانج شوسيل". وأشار "باروسو" إلى أن هذا اللقاء يهدف إلى تفعيل الحوار مع الآخر وليس الكلام عنه، والعمل على ترجمة الإيمان بوجود قيم مشتركة إلى أعمال ملموسة، في إطار من الاحترام المتبادل. ومن ناحيته، أكد المستشار النمساوي "شوسيل"؛ الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، أن هذا الاجتماع يعقد بهدف التفكير في كيفية العمل كمؤسسات أوروبية وممثلي أديان؛ لمواجهة التحديات التى تعصف بالعالم أجمع، مضيفًا: أن تجديد أوروبا يحتاج إلى مؤمنين قبل حاجتها إلى سوق أوروبية موحدة. وكانت جامعة "إنسوبريا" الإيطالية قد استضافت يومي 26 و27 من مايو الماضي ا لمناقشة قضايا متعلقة بحوار الثقافات، وبحث كيفية تعزيز التعايش السلمي بين الحضارتين الإسلامية والأوروبية، بالإضافة إلى تناول مسائل استراتيجية مثل الأسرة والمدرسة والدين. وشارك في الملتقى الذي يعقد تحت عنوان الإسلام في أوروبا و: الجاليات الإسلامية بين الحقوق والمجتمع عدد من الباحثين والمختصين في شؤون الإسلام والهجرة. وخصصت الجلسة الختامية لنقاش ثنائي عنوانه (تحديات الإسلام الأوروبي)، شارك فيها كل من الباحث الفرنسي والمدير السابق للمعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية بروما "موريس بورمانس"، والباحث السويسري (المصري الأصل) "طارق رمضان" حسبما ذكرت وكالة "آكي" الإيطالية للأنباء. ويشار في هذا الصدد إلى أن الحكومة الإيطالية كانت قد أنشأت (اللجنة الاستشارية حول الإسلام) في سبتمبر الماضي برئاسة وزير الداخلية، تهتم بشؤون الإسلام وإدماج المسلمين في إيطاليا، بهدف توفير معرفة أفضل عن الجاليات الإسلامية في إيطاليا وتقديم آراء واقتراحات حول القرارات التي تتخذها وزارة الداخلية وتمس المسلمين في البلاد، فيما اعتبر خطوة أولى في سبيل تشكيل إسلام إيطالي؛ حيث تندمج الجالية الإسلامية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع، في إطار من الاحترام الكامل للدستور والقوانين المعمول بها في البلاد، وفي نفس الوقت يكفل لها حرية التعبير عن قناعاتها الدينية والحفاظ على هويتها. وتتألف اللجنة من 15 شخصا؛ سبعة منهم من أصل عربي والباقون ممن لهم إلمام بالثقافة الإسلامية. تصويت لحزب شيوعي وفي مبادرة تعد الأولى من نوعها دعا الأمين العام لاتحاد الجاليات والمنظمات الإسلامية في إيطاليا "حمزة بيكاردو" الناخبين المسلمين الإيطاليين إلى التصويت لحزب الشيوعيين الإيطاليين في الانتخابات التشريعية التي جرت في أبريل الماضي، مشيدًا بشخصية "أوليفيرو ديليبرتو" زعيم حزب الشيوعيين الإيطاليين، وأوضح أنه ساهم في تحسين أوضاع المسجونين المسلمين بالسجون الإيطالية، عندما كان وزيرا للعدل عام 1999. وأشار "بيكاردو" إلى أنه دعا بشكل واضح إلى التصويت لصالح حزب إيطالي معين بسب النتائج السلبية التي يمكن أن تلحق بالمسلمين الإيطاليين جراء بقاء "سيلفيو برلسكوني" في الحكم لخمس سنوات أخرى، خاصة بعد إعلانه التحالف مع حزب عصبة الشمال المعروف بعدائه للإسلام، مؤكدا أنه في حالة فوز التحالف الحكومي برئاسة "برليسكوني" في الانتخابات، فإن المسلمين والأجانب سيتعرضون للإقصاء. ورغم قيام السلطات الإيطالية بترحيل عدد من الأئمة المسلمين من البلاد بعد اتهامهم بأنهم يمثلون خطرا على الأمن القومي الإيطالي، أو أنهم يقومون بإطلاق تصريحات متشددة في المساجد الإيطالية، أو يجمعون تبرعات لتمويل حركات أصولية، غير أن كثيرًا من المسلمين الإيطالين ينظرون إلى هذه الإجراءات على أنها تأتي في إطار ما يسمى في الغرب بالخوف من الإسلام أو (الإسلاموفوبيا)؛ خاصة وأن هذا الإجراءات تتم دون محاكمة. تشكل الجالية المغربية النسبة الأكبر من المسلمين في إيطاليا؛ إذ يقدر عددهم بأكثر من 300 ألف، ثم تأتي بعدها الجالية التونسية، ثم السنغالية، ثم المصرية، ولا يزيد المسلمون من أصل إيطالي على 5% فقط من مسلمي إيطاليا. ونظرا لعدم اعتراف الحكومة سوى بمسجدين اثنين فقط في إيطاليا كلها، فقد قام مسلمو إيطاليا بإنشاء عددا من المراكز الإسلامية غير الرسمية، ونحو 300 مكان للصلاة تتوزع منها في شقق أو مواقف للسيارات. ويعتبر المركز الإسلامي الثقافي الإيطالي الجهة الوحيدة التي تحظى باعتراف رسمي من الحكومة الإيطالية منذ عام 1974، وهو يدير شؤون جامع روما الأكبر، أما الجمعية الإسلامية بإيطاليا فقد أنشئت عام 1996، بهدف خدمة المسلمين في إيطاليا، وهي تتبع وزارة التربية والثقافة الإيطالية من الناحية الإدارية والتعليمية. ويتم حاليا تدريس الدارسات الإسلامية بكليات الآداب بجامعات إيطاليا، إلا أن من يقوم على تدريسها هم من غير المسلمين.