في وقت تسعى الدول الكبرى إلى إيجاد "حل تفاوضي مبكر" للأزمة مع إيران بشأن ملفها النووي من خلال عرض مبادرة دبلوماسية جديدة على طهران، حظرت روسيا تسليمها صواريخ أس 300 تاكيداً منها على إحترام القرارات الأممية بشأن العقوبات المفروضة ضدها. حظر الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف تسليم صواريخ اس-300 المثيرة للجدل الى إيران تطبيقا لقرار الاممالمتحدة الذي اتخذ في حزيران/يونيو وفرض عقوبات جديدة على طهران، في قرار متوقع بعد اشهر من المباحثات بين المسؤولين الروس. ورحب البيت الابيض بقرار حظر تسليم الصواريخ معتبرا ان الخطوة تدل على التعاون بين الولاياتالمتحدةوروسيا "لمصلحة الامن العالمي". واعلن المتحدث باسم مجلس الامن القومي مايكل هامر "ان البيت الابيض يستقبل بكل ترحيب المرسوم الذي وقعه الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ويحظر تسليم اسلحة حديثة الى ايران، وبينها اس-300". واضاف هامر في بيان من نيويورك حيث يشارك الرئيس باراك اوباما في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة "نعتقد ان الرئيس مدفيديف اظهر عن صفات القادة بحمله طهران على الوفاء بالتزاماتها الدولية من البداية حتى النهاية". واوضح ان هذا القرار "يظهر استمرار التعاون الوثيق بين روسياوالولاياتالمتحدة لما فيه مصالحنا المشتركة والامن العالمي". واصدر الكرملين مرسوما وقعه الرئيس الروسي الاربعاء يحظر تسليم صواريخ اس-300 الروسية لإيران، حسب ما ورد على موقع الكرملين. وقال الكرملين في بيان على موقعه ان مدفيديف "وقع مرسوما يتعلق باجراءات تطبيق قرار مجلس الامن الدولي رقم 1929 الصادر في 9 حزيران/يونيو 2010" ويحظر بيع إيران ثمانية نماذج جديدة من الاسلحة الثقيلة لإيران. في حين اعلن مسؤول روسي كبير اليوم الخميس ان حظر روسيا تسليم صواريخ اس-300 الى ايران لا يعني وقفا تاما للتعاون العسكري والتقني بين موسكووطهران. وقال نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف في نيويورك بحسب ما اوردت وكالة ريا نوفوستي "لم نضف شيئا الى اللائحة، لكن سيكون هناك المزيد من التعاون العسكري مع ايران بشان كل من هذه النقاط. هناك مع ذلك اشكال اخرى" من التعاون العسكري التي تبقى مسموحة. وبين هذه الاجراءات خصوصا حظر تسليم إيران صواريخ ارض-جو اس-300 من ضمن عقد انتقده الغربيون واسرائيل. وقد "جمدت" روسيا العقد في حزيران/يونيو بعيد تبني مجلس الامن الدولي القرار بسبب برنامج إيران النووي المثير للجدل. الحظر الروسي يشمل الدبابات والمروحيات الحربية وتضمن مرسوم الكرملين ايضا اضافة الى صواريخ اس-300، حظر تسليم إيران دبابات وطائرات ومروحيات حربية وكذلك سفن حربية. وحظر المرسوم ايضا دخول مجموعة من المسؤولين الإيرانيين المرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني الى الاراضي الروسية. ويؤكد هذا القرار التصريحات التي ادلى بها في وقت مبكر اليوم رئيس هيئة اركان القوات الروسية نيكولاي ماكاروف. واعلن قائد اركان الجيش الروسي الجنرال نيكولاي ماكاروف الاربعاء ان روسيا عدلت عن تسليم إيران صواريخ من نوع اس-300 من دون ان يستبعد تنفيذ هذا العقد بين البلدين في حال تقديم طهران تنازلات. وقال الجنرال ماكاروف كما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية "اتخذ قرار عدم تسليم إيران صواريخ اس-300 كونها تدخل بشكل لا لبس فيه في اطار العقوبات" التي فرضتها الاممالمتحدة على طهران. وفي حزيران/يونيو وخلال زيارة الى باريس، اعلن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ان موسكو اتخذت قرارا ب"تجميد" شحنة صواريخ اس-300 الى طهران. ورحبت فرنسا بهذا الموقف واشادت الولاياتالمتحدة ب"اعتدال" موسكو في هذه القضية. وكانت اسرائيل والولاياتالمتحدة والعديد من الدول الاوروبية انتقدت هذه الصفقة باعتبار ان هذه الصواريخ المتطورة تتيح لطهران حماية منشآتها النووية بفاعلية في حال تعرضها لضربات جوية. وكان مسؤولون روس كثفوا عندئذ التصريحات المشككة في مسالة تسليم هذه الصواريخ الى الجمهورية الاسلامية الإيرانية والمتوقع منذ وقت طويل، واكد البعض انها تقع تحت العقوبات بينما زعم اخرون العكس. وامر مدفيديف انذاك السلطات بوضع لائحة بكل الاسلحة التي تشملها عقوبات الاممالمتحدة. وكانت روسياوإيران اتفقتا العام 2007 على صفقة صواريخ اس-300 الا ان موسكو لم تسلم إيران ايا منها متذرعة احيانا باسباب تقنية. وتشتبه الدول الكبرى في ان إيران تريد امتلاك السلاح الذري تحت غطاء برنامج نووي مدني وهو ما تنفيه طهران باستمرار. وكانت روسيا الدولة الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي، صوتت في مجلس الامن الى جانب العقوبات التي فرضت على إيران رغم العلاقات القوية بين البلدين في المجال الاقتصادي. وبنى الروس خصوصا اول محطة نووية إيرانية في بوشهر (جنوب) التي بدأ تشغيلها في نهاية آب/اغسطس. مبادرة دوبلوماسية لحل النزاع وعلى صعيد متصل عرضت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ونظرائها من روسيا والصين وبريطانيا وفرنساوالمانيا، مبادرة دبلوماسية جديدة على إيران على هامش اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك. واشارت إيران الى استعدادها مجددا للتحاور مع المجتمع الدولي بشان برنامجها النووي، الا انها لم تف حتى الان بالشروط اللازمة لاجراء المحادثات وادى ذلك الى فرض مجموعة رابعة من العقوبات الدولية عليها في حزيران/يونيو الماضي. وجاء في البيان الختامي "لقد اعدنا التاكيد على تصميمنا والتزامنا السعي لحل تفاوضي مبكر لمسالة النووي الإيراني، وركزنا في مناقشاتنا على اتخاذ مزيد من الخطوات العملية لتحقيق ذلك في تاريخ مبكر". واقترح مسؤولون اميركيون عقد اجتماع في الخريف. وصرح مسؤول اميركي بارز طلب عدم الكشف عن هويته للصحافيين لاحقا ان الدول الستة مستعدة لهذه العملية. واضاف "نحن ملتزمون بالحل الدبلوماسي، ويبقى ان نرى ما اذا كان الإيرانيون كذلك". وجاء في البيان ان الدول الست الكبرى "مستعدة للتحاور مع إيران" في سياق تطبيق اتفاق التبادل النووي الذي تم الاتفاق عليه في جنيف في تشرين الاول/اكتوبر العام الماضي، وتتطلع الى عقد "اجتماع في وقت قريب" مع إيران. وبموجب ذلك الاتفاق يتعين على إيران نقل معظم اليورانيوم المنخفض التخصيب الذي تملكه الى فرنساوروسيا حتى يتم تخصيبه واعادته الى إيران لاستخدامه كوقود في مفاعل نووي للابحاث الطبية في طهران. ويهدف الاتفاق الى بناء الثقة فيما ينتظر المجتمع الدولي ان تلبي إيران مطلب وقف تخصيب اليورانيوم الذي تخشى الدول الغربية ان يؤدي الى امتلاك إيران قنبلة نووية. الا ان تنفيذ الاتفاق لم يتم نظرا لسعي إيران لتعديل شروطه في اتفاق جديد تم التوصل اليه بوساطة البرازيل وتركيا. وفي حزيران/يونيو الماضي اي بعد شهر من التوصل الى الاتفاق بوساطة البرازيل وتركيا، صادق مجلس الامن على فرض مجموعة رابعة من العقوبات على الجمهورية الاسلامية التي قالت بدورها انها ستعلق المحادثات حتى ايلول/سبتمبر. وناقش الوزراء كذلك ضرورة التطبيق التام للعقوبات الجديدة. وتقول واشنطن، التي تتزعم فرض العقوبات، ان طهران لن تعود الى طاولة المفاوضات الا اذا شعرت باثار العقوبات. وتؤكد ان العقوبات الحالية بدأت تؤثر على إيران، بينما تنفي إيران ذلك. وجاء في البيان الختامي "نؤكد على ضرورة التزام إيران بمتطلبات مجلس الامن الدولي ومجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية". ويطلب مجلس الامن والوكالة الدولية من إيران فتح منشآتها النووية امام عمليات التفتيش ووقف تخصيب اليورانيوم الذي تقول الدول الغربية انه يمكن ان يؤدي الى امتلاك إيران اسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران. وصرح الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد الموجود في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، للصحافيين ان بلاده مستعدة لاستئناف المحادثات مع الدول الكبرى بشان برنامجها النووي. وقال ان العقوبات الدولية اضرت بفرص تحسين العلاقات بين الولاياتالمتحدةوإيران، والقى على السياسة الدولية بمسؤولية زيادة التوتر بشان البرنامج النووي. وردا على سؤال حول ما يمكن ان يحدث في حال لم تستجب إيران لهذا العرض، قال مسؤول اميركي بارز للصحافيين ان الحوار مع إيران "هو ما نركز عليه الان". وتضم مجموعة الست الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الصين والولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا وروسيا) اضافة الى المانيا.