"إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي، يا من رفعتم في برنامجكم الانتخابي شعار حامي حمى الوطن والدين، ويا من زينتم في شمال العاصمة التونسية مسجدا شامخا سميتموه بمسجد زين العابدين، إليكم أقول: إن هناك رمزا شامخا في جنوب العاصمة التونسية يسمى بمسجد المركب (مجمع للكليات) الجامعي لجامعة المنار (جنوبي العاصمة) مقفل بالضبة والمفتاح.. وتتعرض ساحته لتدنيس لا يرضاه مسلم". نداء وجهه عبر إسلام أون لاين.نت الطالب عبد الحميد الصغير، منسق "اللجنة الطلابية للمطالبة بإعادة فتح مسجد المركب الجامعي" في مناشدة عاجلة إلى الرئيس التونسي للتدخل لإعادة فتح مسجد المركب الجامعي، ذي المئذنة التي استوحى تصميمها من مئذنة مسجد سامراء التاريخية الشهيرة التي تعرضت للقصف عام 2004، المغلق منذ عام 2002، و"منع مظاهر التدنيس الحاصلة الآن؛ حيث أصبحت ساحته مقصدا للمنحرفين ومكبا لزجاجات الخمر والكلاب والقطط الضالة"، على حد قوله. وكانت اللجنة الطلابية -التي تضم في عضويتها الطلاب زياد بن سعيد، وأحمد العويني، وحافظ الجندوبي، وعبد الحميد الصغير- قد قامت بالعديد من التحركات على مدى تلك السنوات لإعادة فتح المسجد، إلا أن تلك المحاولات قوبلت بصد وتجاهل كبيرين من جانب المسئولين. وقال الطالب عبد الحميد الصغير ل"إسلام أون لاين.نت" عبر الهاتف الإثنين 17-4-2006: "لم أترك مسئولا في تونس يمكن أن يطرق بابه إلا طرقته، ولكن لا مجيب!! وتحملت في ذلك ما تحملت". و آثار القصف عليها وحول سبب إغلاق المسجد قال "الصغير": "تم إغلاق المسجد في 21 يوليو 2002 وفي ظروف غامضة بالنسبة لنا، وإلى الآن لم تعلن أي جهة عن أو موعد فتحه في المستقبل... تعللوا وقتها بإجراء أشغال تخص المسجد، لكننا علمنا بعدها أن ما أعلن كان مجرد حجج واهية". عضو آخر بالرابطة -فضل عدم ذكر اسمه- اعتبر في تصريح ل "إسلام أون لاين.نت" أن "ذلك جزء من خطة تجفيف المنابع (الإسلامية)". وأوضح قائلا: "المقصود هو مقاومة ما سمي بالظاهرة الإسلامية بشكلين: أمني عن طريق الاعتقالات، وأخلاقي عن طريق تمييع الشباب، وهذا هو ما قصدوه، ولكن الله غالب على أمره". أبواب الوزراء وعن التحركات التي قامت بها اللجنة قال "الصغير": "لم نترك بابا إلا طرقناه، لكن الأبواب لا تزال مغلقة، ونحن لم نيأس وأملنا أن يستجيب لندائنا السيد رئيس الجمهورية". وأضاف: "قدمنا مراسلات إلى جميع الدوائر المختصة بداية من وزارة التعليم العالي التي كان جوابها عن طريق رئيس الجامعة السيدة زينب مملوك التي قالت لي بالحرف: وزارة التعليم العالي لا دخل لها بموضوع مسجد المركب الجامعي". ومضي "الصغير" يقول: "عندها التجأنا إلى وزارة الشئون الدينية وطلبت مقابلة السيد الوزير عدة مرات لكن جوبهت بالمنع والصد واعتدي عليّ لفظيا، وعنفت أشد تعنيف، فطلبت منهم أن يقبلوا مني المراسلة لتسجل بمكتب الضبط، فكان الجزاء طردي شر طردة". ولم ييأس "الصغير وقرر الاتصال بمفتي الديار التونسية الشيخ كمال جعيط، غير أنه فوجئ "بالبرود الذي استقبلني به الشيخ المفتي ليعلمني بعد ذلك بقوله: والله الصومعة (المئذنة) لم تكتمل بعد. لم يأخذ هو الآخر مني حتى الأوراق، وعندها كتبنا مراسلة إلى رئيس الدولة، وما لا نزال ننتظر الرد عليها". الاحتجاجات السلمية للفت الأنظار إلى "المأساة" التي يعيشها المسجد كانت الملاذ الأخير ل 35 ألف طالب وطالبة بالمركب الجامعي لا يوجد لهم مسجد واحد. وقال "الصغير": "نادينا لتنظيم اعتصام أمام المسجد بتاريخ 14 إبريل 2006 لنفاجأ بالشرطة تعتقلني في ذلك اليوم، ويحاصر المسجد من كل جهة بأعداد كبيرة من البوليس السياسي"، ويضيف ساخرا: "فكان أن قام البوليس السياسي بالاعتصام بدلا منا". وتابع: "ثم مررنا عريضة وقع حتى الآن عليها 800 طالب وطالبة كلهم يطالبون بسرعة إعادة فتح المسجد وضرورة احترام المقدسات". الشهيرة قبل تعرضها للقصف فوق الهضاب المطلة على العاصمة التونسية، وبين أهم الكليات العلمية والقانونية شيد مسجد المركب الجامعي ذو المئذنة الحلزونية التي استوحاها مصممها الدكتور مختار العتيري، مؤسس ومدير المدرسة الوطنية للمهندسين سابقا والوزير التونسي السابق، من زيارة له إلى سامراء بالعراق؛ حيث شاهد مئذنتها الشهيرة. وكان القناصة الأمريكيون يتخذون من قمة موقعا لهم؛ وهو ما أدى إلى استهداف المئذنة البالغ ارتفاعها 52 مترًا والتي أقيمت قبل ما يزيد عن ألف عام؛ حيث أصيبت بقذيفة مورتر ونيران أسلحة صغيرة في أكتوبر 2004؛ وهو ما أحدث بها فتحة. وقال كاتب عام للطلبة (أمين اتحاد الطلاب) لإحدى الكليات التونسية، فضل عدم ذكر اسمه: "لقد كان للسيد العتيري فضل كبير في تأسيس المسجد، وقد كان مدعوما من الهيئة النقابية للطلاب تخطيطا وتنفيذا". وأضاف: "لقد بدأ بناؤه في أواسط السبعينيات، ثم ما لبث أن أصبح في الثمانينيات منارة للعلم والإيمان يؤمه آلاف المصلين من طلاب كليات الحقوق والعلوم الاقتصادية والطبيعة والبيولوجيا المجاورة، غير أن يدا امتدت إليه في الظلام لتغلقه وتمنع أن يذكر فيه اسم الله فيه".