تجمع نحو 400 نقابي الاثنين في العاصمة تونس تعبيرا عن تضامنهم مع منطقة سيدي بوزيد التي تشهد منذ تسعة ايام احتجاجات على خلفية تفشي البطالة بشكل واسع. ويأتي هذا التجمع بدعوة من نقابات تونسية شملت التعليم الثانوي والاساسي والبريد واطباء الصحة العمومية. وحصل التجمع في ساحة محمد علي امام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل وسط حضور امني مكثف. ورفعت لافتات كتب عليها "عار عار يا حكومة الاسعار شعلت نار"، و"الشغل استحقاق" و"لا لا للاستبداد" و"الحرية كرامة وطنية". كما طالب المتظاهرون ب"مساندة ودعم اهالي سيدي بوزيد" وب"توزيع عادل للثروات". ولما حاول المشاركون في التجمع التحرك للقيام بمسيرة، تدخل عناصر قوى الامن واجبروهم على التفرق من دون تسجيل وقوع اصابات. وهو ثاني تحرك يقوم به النقابيون الذين شاركوا السبت مع حقوقيين وطلبة في تظاهرة بالعاصمة تونس للاسباب نفسها، وقد جاب المتظاهرون شارع المنجي سليم المحاذي لمقر الاتحاد العام للشغل. وفي سيدي بوزيد الواقعة على بعد 265 كيلومترا من العاصمة تونس في وسط غرب البلاد، شارك الاثنين نحو 200 شخص في اعتصام امام مقر الامن الوطني للمطالبة باطلاق سراح موقوفين، حسب ما اعلن علي بوعزيزي عضو "اللجنة الجهوية لمتابعة الاوضاع في سيدي بوزيد". واضاف المصدر نفسه ان مواجهات وقعت في منطقة جلمه الواقعة على بعد نحو 35 كلم عن سيدي بوزيد بين متظاهرين وعناصر من الشرطة في اطار حملة الاحتجاجات نفسها، من دون ان يشير الى وقوع اصابات او حصول اعتقالات. وقد اعد الاتحاد العام للشغل التونسي دراسة حول منطقة سيدي بوزيد عرض فيها خبراء اقتصاد الوضعين الاجتماعي والاقتصادي في هذه المنطقة، وقدموا حلولا وآليات للنهوض بهذه المنطقة، حسب ما افاد مصدر من الاتحاد لفرانس برس. وكانت اندلعت في 19 كانون الاول/ديسمبر اشتباكات في مدينة سيدي بوزيد، احتجاجا على اقدام شاب تونسي على احراق نفسه بعد ان صادرت الشرطة عربته التي كان يستخدمها لبيع الخضار والفاكهة في مدينة سيدي بوزيد، ما ادى الى اصابته بحروق لا يزال يعالج منها في المستشفى قرب العاصمة تونس. وقال سالم بوعزيزي شقيق المصاب لفرانس برس ان شقيقة "لا يزال على قيد الحياة لكن وضعه الصحي لا يزال حرجا وهو يرقد في العناية المركزة". وبعد خمسة ايام اقدم شاب تونسي اخر في المنطقة نفسها على الانتحار عبر تعمد اصابته بصدمة كهربائية، فتوسعت التظاهرات لتشمل مدنا مجاورة مثل المكناسي وبوزيان والرقاب والمزونة. وتعليقا على هذه الاحداث قال رئيس الفرع الجهوي للرابطة لحقوق الانسان رؤوف النصيري ان "نسبة البطالة المرتفعة التي تطال خريجي الجامعات، وارتفاع اسعار المواد الاولية هي من اهم الاسباب الرئيسية للاضطرابات". ويعتبر تشغيل حاملي الشهادات العليا من اكبر التحديات التي تؤرق الحكومة التونسية التي تسعى لتوفير مزيد من فرص العمل في بلد تصل فيه نسبة البطالة الى 14 بالمئة وفقا للارقام الرسمية. ويتعين على الدولة ان توفر في السنوات الخمس المقبلة 425 الف فرصة عمل لتغطية الاحتياجات الاضافية وخفض نسبة البطالة بنسبة 1,5 بالمئة لضمان مورد رزق واحد على الاقل لكل اسرة تونسية. واعتبر المعارض التونسي رشيد خشانة ان "مشروع التنمية لم ينجح في خلق توازن بين الجهات بل دعم الفوارق بينها لا سيما وان 90 بالمئة من المشاريع تتمركز في المناطق الساحلية والباقي في الجهات الداخلية". وراى ان "التفاوت بين الجهات زاد اتساعا مع وصول الالاف من حاملي الشهادات من هذه المناطق الى سوق الشغل". ويعيش اهالي سيدي بوزيد من تربية المواشي والتجارة الموازية. وهي قريبة من منطقة قفصة التي شهدت هي الاخرى حركة احتجاج اجتماعي في كانون الثاني/يناير 2008 على خلفية البطالة وغلاء المعيشة. كما تسبب اغلاق المركز الحدودي الوحيد بين تونس وليبيا بمواجهات في منطقة بن قردان الحدودية التي تعيش من التجارة مع ليبيا المجاورة وذلك في اب/اغسطس الماضي. وامام موجة الاحتجاجات في منطقة سيدي بوزيد سارعت الحكومة التونسية التي عبرت عن ادانتها لما سمته "محاولات بعض الأطراف استغلال الاحداث لأغراض سياسية غير شريفة" الى الاعلان عن اجراءات لصالح هذه المنطقة. وزارها وزير التنمية محمد نوري الجويني الخميس ليعلن عن اجراءات رئاسية لاحداث وظائف واطلاق مشاريع بقيمة 15 مليون دينار. واكد على ان "العمل حق شرعي لكل شخص لكن المطالبة به لا تتم بالعنف" وهو ما دعا اليه ايضا الحزب الاجتماعي التحرري القريب من السلطة داعيا الى "الحوار من اجل ايصال المطالب الاجتماعية".