لم يجد التونسيون من يشفي غليلهم من مشاهد القتل و التدمير الإسرائيلي غير الأغاني الملتزمة، وما يعجز التونسيون على فعله و قوله، تردده أغاني مارسيل و فيروز و جوليا بطرس و ماجدة الرومي... في الإذاعات يغني مرسيل خليفة " منتصب القامة امشي". سائق سيارة الأجرة يقول" في هذه الأيام الحزينة كل الإذاعات تبث الأغاني الملتزمة. فحتى إذاعة موزاييك التي عودتنا على أجوائها المرحة يبدو أنها دخلت في حداد". حزن عميق يخيم على التونسيي، تبدو الحركة في الشوارع بطيئة و مشهد الأعلام منكسة يلح على تذكيرك بمجزرة قانا. داخل المغازة العامة تنساب من السقف اغنية فيروز"بحبك يا لبنان". زوار المغازة،عدلوا خطواتهم و تحركاتهم على أغاني فيروز. شارع شارل ديغول، فقد بريقه أيضاً، هنا كان باعة الأشرطة الغنائية، و السي دي، يطلقون عقيرة أبواقهم لشتى أنواع الأغاني. شعبية، غربية، او شرقية. المشهد تغير، الأشرطة التي كانت مدفونة في الرفوف الخلفية، تصدرت المحلات، و أسباب رواجها عادت "من سيشفي غليلنا و يطفئ نارنا، غير و فيروز؟" يقول أحد الباعة. و في تونس قليلون هم من يحدثونك عن الحرب و الجهاد. لكنهم كثيرون من يرون في التبرع و المساندة المعنوية، حتى بمجرد الاستماع إلى أغنية ملتزمة، ابسط الأشياء التي يمكن تقديمها للشعبين اللبناني و الفلسطيني في محنتهما. في الحقيقة اغاني فيروز و مرسيل و ماجدة...هي ليست اغاني مناسبات او نكبات و نكسات، هي أغاني تتعدّى ظروفها لتناشد العدالة و الحرية و الديموقراطية و الحب و التسامح و هي قيم إنسانية خالدة مهما كانت الظروف.