الغرب نفسه اليوم لم يعد الحلم فهو يعيش أزمة مالية خانقه وتكاد لا تخلو محطة قطار في أوربا اليوم من أوربي ابيض يفترش الأرض ، ويتسول وان كان في شكل عازف موسيقي أو رسام أو ممثل أولاعب سرك... فوزى عمار اللولكي- مقالات وآراء- الوسط التونسية: تصدر خبر هجرة قرابة أربعين ألف شخص من تونس الذين هاجروا سرًا نحو السواحل الشمالية لأوروبا منذ إنطلاق ثورة الرابع عشر من يناير 2011 اعمال المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية , و عدد المفقودين بلغ ألف مفقود، أما من غرقوا وانتشلت جثثهم فيقدر بحوالى 140 شخصا ، شعرت مرة اخري بالألم والأسى لهذا الموت الجماعي لهؤلاء الشباب في تونس هذا بالاضافة الي الأف الأخري التي هاجرت من ليبيا ولا نحيط بها علما ولا نعلم حصرا لها حتي الان لا من وصل ولا من غرق ، وما زاد في حزني وآلمني أن يكون الموت من جراء هجرات تحدث بعد انطلاق ثورات الربيع العربي ، هجرة و موت هذا الشباب الذي نعول عليه لبناء التنمية وبناء اوطان اتعبها الاستبداد والفساد والاقصاء وسد الافاق لعقود هو موت لهذه الاوطان نفسها. هؤلاء الشباب الباحثين عن حياة أفضل قرروا المغامرة بأرواحهم عبر الإبحار صوب القارة الأوربية، ولكنهم اليوم في رحلة يتصدر الموت عنوانها ، فأما الموت بردا أو غرقا جراء مشوار رحلة الموت التي حلم كثير من العرب و الأفارقة باجتيازها أو البقاء في أوطان تفتقر إلى الكثير من مقومات الحياة ، مشهد يتكرر بين الفينة والأخرى في كثير من الشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط والنتيجة أرقام الضحايا في ازدياد وتجارالموت و الحلم فارون من العدالة بعد أن زينوا للطامحين في الفردوس الأوربي سهولة الرحلة وربما قالوا لهم ان كثيرين سبقوكم فلماذا لا تجربون ؟ شباب يئس من واقعه وبات يبحث عن أحلامه في فضاء أخر، لكن الوسيلة تجعلهم يقامرون بأرواحهم في مراكب مهترئة وشجع مافيا الموت لا يهمها من يموت ومن يصل بقدر همها المال السهل. التونسيون و الليبيون اليوم مطالبون أخلاقيا ودينيا بالتحرك مجتمعا ودولة لوقف هذا الانتحار الجماعي للجياد العربية و الأفريقية على شواطئنا ووقف صهيل الموت الذي أصم أذاننا. و نحن هنا نحزن شديد الحزن وقلوبنا تحترق و نتأذى لفقدان شبابنا و لرؤية جثث الموت لأبنائنا و للمهاجرون الافارقة على أرضنا ، وتحرك المجتمع يجب أن يبدأ من وعاظ المساجد وعلماء الدين، الذين لم نسمع منهم شيئا حتى الآن بهذا الخصوص، للتوجه للأفراد المنخرطين في عمليات التهريب وتذكيرهم على أن هذا العمل ينافى ألاخلاق، ولا يتماشى وقيمنا الإسلامية ، وطريقة الكسب هذه غير مشروعة، بل وحرام... ومن قتل نفس فكأنما قتل الناس جميعا. فهذه العمليات تشوه صورة العرب في العالم ، وتصور و تقدم العرب على أنهم تجار للرق. وتحرك المجتمع في هذا الخصوص يمكن أن يبدأ إعلاميا بتوعية المواطن بالإبلاغ عن أماكن تجميع هؤلاء المساكين وان ينشط الامن والمباحث على الارض وليس فى البحر فقط بالإضافة للمجهودات الأمنية للدولة ، عليها الاتصال بالمجتمع الدولي ومؤسساته الدولية والإنسانية لخلق مشروعات للتنمية تحرك التنمية المعطلة في أفريقيا وتخفف من الفجوة بين أفريقيا وأوروبا. أوربا المسئولة من جهة أنها نهبت اموال أفريقيا فترة الاستعمار ومن جهة انها مارست لسنوات عدة سياسة الاستقطاب وقدمت ماكينتها الإعلامية الضخمة والبروباقندا الغربية، قدمت الغرب على انه النعيم الأرضي ، فاليسار في أوربا هو الذي اللهم الكثير من الثورات في أفريقيا والرأسمالية الغربية هي التي استنسخت منها الأحزاب الإفريقية برامج عملها وفشل اليسار الأفريقي واليمين معا في تحقيق مشروع نهضوي وتنمية مستدامة في أفريقيا. الغرب الذي يقبل هجرة الأموال العربية والإفريقية ويعتبرها شرعية وجزء من مشروعه العولمي بينما يعتبر هجرة الأفراد هجرة غير شرعية . الغرب نفسه اليوم لم يعد الحلم فهو يعيش أزمة مالية خانقه وتكاد لا تخلو محطة قطار في أوربا اليوم من أوربي ابيض يفترش الأرض ، ويتسول وان كان في شكل عازف موسيقي أو رسام أو ممثل أولاعب سرك. ان أوجه تحرك الدولة والمجتمع مع المجتمع الدولي قد يبدأ إعلاميا أيضا ويتمثل في تقديم فيلم وثائقي عالمي وتحسيس الشباب بمخاطر الهجرة ومنها الموت تيهاً في الصحراء وغرقاً في البحر تم الانتهاء إلى حياة شوارع المدينة الخلفية في أوربا حيث الجريمة والمخدرات والموت طعناً أو بالرصاص هذا اذا كان له حظ النجاة من رحلة الموت. يقيناً أن تونس و ليبيا ليست أصل المشكلة. ولكننا مجتمع ودولة نريد أن نكون جزءا من الحل. لعلنا بهذا قد نحيي نفسا كانت سوف تغرق ونكون عندها كمن أحيا الناس جميعا. *كاتب من ليبيا الوسط التونسية: 30 ديسمبر 2011