"الصوناد" تعمل على إعادة تزويد مدن قليبية وحمام الغزاز ومنطقة وادي الخطف بمياه الشرب بداية من منتصف الليل -    حجز أكثر من 3380 مكيفا غير مطابق للشروط الفنية    توننداكس ينهي جلساته الأسبوعية متراجعا بنسبة 20ر0 بالمائة في ظل معدل تداول يومي عند 4ر4 مليون دينار    باكستان: ارتفاع حصيلة قتلى الأمطار إلى 194 شخصا    الملعب التونسي يعلن انتداب السنغالي أمادو نداي    الليلة: أمطار بهذه المناطق والحرارة تتراوح بين 22 و32 درجة    الفنان صابر الرباعي يختتم مهرجان المنستير الدولي    عاجل: وزارة التربية تكشف تفاصيل حركة النقل الوطنية 2025 للقيمين العامين    تحب تسكن في الحي الجامعي؟ التسجيل بدا و الفرصة ما تتعاودش!    تصفيات مونديال 2026: طاقم تحكيم تونسي يدير مباراة موريتانيا وجنوب السودان    مونديال الكرة الطائرة للفتيات: المنتخب الوطني يفوز على نظيره الجزائري    اقتصاد تونس ينمو ب 3.2 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من 2025    قريبا.. افتتاح عيادتين جديدتين لعلاج الإدمان #خبر_عاجل    عاجل/ القيروان: حفل زفاف ينتهي بحادث أليم    علاش سوم ''الكرموس والعنب'' ارتفع العام هذا؟    إلغاء عرض "أم كلثوم: مائة سنة من الإبداع" في مهرجان صفاقس الدولي    عاجل/ كارثة طبية..مسكّن ألم ملوّث يُودي بحياة 96 مريضا..!    ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في السودان    عادات يومية تقتلك مخك و انت متعرفش ؟    إيطاليا: فيروس غرب النيل يزيد الانتشار.. عدد الحالات والوفيات في تصاعد...شفما؟    انخفاض نسبة البطالة في تونس إلى 15.3%    شوف كميات الأمطار في 24 ساعة لبعض المناطق    القبض على شاب قتل والده ودفن جثته في القصرين    توم كروز يرفض تكريما رئاسيا من دونالد ترامب    سنة 2025: رخصتك تتسحب بالوقت كان تجاوزت السرعة ولا تعدّيت على الضوء الأحمر!    الأولمبي الباجي يحصن دفاعه باللاعب محمد أمين الذويبي    عرض "الزيارة " ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي يجدد الموعد مع النجاحات    بعد انهاء التفرغ النقابي ..فاطمة المسدي تطرح انهاء توريث المناصب النقابية والامتيازات    10 سنوات سجنا لإطار بنكي استولى على أموال الحرفاء    مصري يقتل والده بعد عودته من السعودية بسبب والدته    وزارة الاسرة تنظم باليابان فعالية للتعريف بأبز محطات الفعل النسائي على امتداد مختلف الحقبات التاريخية    تركيا: اعتقال رئيس بلدية منطقة في إسطنبول ضمن تحقيق فساد    مفزع/ 13 ألف طفل بغزة يعانون سوء التغذية الحاد..    أسعار ''الحوت''غلات! شنوة الأنواع الي سومها مُرتفع وشنيا الأسباب؟    عاجل: إلغاء مفاجئ للرحلات في هذه الدولة..شوفو شنو صاير    الاتحاد الأوروبي يدعو الاحتلال لوقف بناء المستوطنات    عاجل/ تورط مصحة في التجارة بالاعضاء: الاتحاد الجهوي للصناعة و التجارة يكشف..    رسالة من الدكتورة ديفاني خوبراغادي سفيرة الهند لدى تونس بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال الهند 15 آُوتْ    بعد موجة انتقادات... مهرجان قرطاج الدولي يلغي عرض "كي-ماني مارلي"    عاجل: أحلام الإماراتية توضح للتونسيين حقيقة أجرها في مهرجان قرطاج    برلمان تونس: قانون جديد لتجريم رمي النفايات في الأماكن العامة...غرامات وعقوبات    عاجل/ تفاصيل ومعطيات جديدة في قضية مقتل المحامية منجية المناعي على يد أبنائها..    الرابطة المحترفة الأولى: برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    الترجي الرياضي: انتقالات، صفقات جديدة، ومفاوضات جارية..شنيا الجديد؟    جريمة شنيعة: مقتل طفل على يد زوج والدته..وهذه التفاصيل..    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    عاجل من واشنطن: تسريح 300 ألف عامل من الوظائف الحكومية    الرّهان على الثقافة    لافروف حول قمة ألاسكا: موقفنا واضح وسنعلنه ونعول على حوار بناء    وزارة الصحة الكويتية تعلن ارتفاع حالات التسمم والوفيات الناتجة عن مشروبات كحولية ملوثة    وعد ووعيد.. حرب من الله ورسوله    خطبة الجمعة...التوسّط في الإنفاق ونبذ الإسراف والتبذير    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    عاجل: إلغاء عرض 'كي-ماني مارلي' في مهرجان قرطاج وتكريم الفاضل الجزيري    وزارة التجارة تنفذ حملة ضد أجهزة التكييف المتاتية من السوق الموازية    نبيهة كراولي تختتم مهرجان الحمامات الدولي: صوت المرأة وفلسطين يصدح في سهرة استثنائية    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : رجال أعمال فاسدون وصحافة صفراء... ولعبة خدمات متبادلة
نشر في الوسط التونسية يوم 26 - 02 - 2012

المشهد الإعلامي أكثر سوريالية من عالمي المال والقضاء، فالصحف الجادة والجديدة تتعرض للمضايقات، فضلاً عن الضنك الاقتصادي الذي تعاني منه بسبب التأخير في تنظيم سوق الإعلان ومسالك توزيع الصحافة المكتوبة. ومع ذلك يتبرم المسؤولون من الصحف الجديدة لأنها تتسم بالجسارة ولا تسير في الطرق المعبدة كما يُقال، بينما تعيث الصحف الصفراء فساداً في الساحة الإعلامية. الفساد والصحافة الصفراء صنوان لا يفترقان... الصفراء القديمة التي زادت اصفراراً باستمرارها في التقلب كالحرباء، خاضعة لمن يدفع أكثر، والصفراء الصاعدة التي تقتدي بها وتُحاول تقليدها، بخاصة في التطاول على شخصيات وطنية واستخدام اللغة السوقية الفائضة من قاموس الشتائم الذي كرسته صحافة الأجهزة الأمنية في العهد السابق. هؤلاء لا يُحاسبون، بل نراهم يُكدسون المال الحرام ويبثون سمومهم في المجتمع بلا رقيب.
عبدالرؤوف المالكي-صحف-الوسط التونسية:
المشهد الأول: مضى أكثر من سنة على الثورة التونسية، لكن يد العدالة لم تستطع حتى اليوم أن تقتص من متسلقين أصبحوا بين عشية وضحاها أصحاب ثروات لارتباطهم بالأسرة الحاكمة السابقة. ينتسب هؤلاء إلى عالم رجال الأعمال، بل يُنسبون إليه ظلماً، ففي تونس كثير من أصحاب المشاريع الذين كدوا وجدوا ليقيموا مشاريعهم بعرق جبينهم. وخلف كل عصامي من هؤلاء قصة نجاح تستحق أن نُعلمها لأطفالنا. لكن في مقابل هؤلاء يوجد فاسدون ومُفسدون جمعوا ثرواتهم بالحيلة والغش والالتفاف على القانون. ولم يجدوا طريقاً للإثراء السريع أقصر من التحالف مع جماعة الأسرة المتنفذة، لكي يصبحوا شركاءها في بعض المشاريع، أو يقبلوا أن يكونوا واجهة لها في مشاريع أخرى. بعض هؤلاء بدأ موظفاً صغيراً والآخر كان يدفع عربة يبيع عليها الموز المُهرب، والثالث كان من حملة الحقائب المملوءة بالعملات إلى الخارج، والرابع انطلق جمركياً صغيراً أو مُزوراً... قبل أن ينضموا سريعاً إلى نادي رجال الأعمال. وأتيح للرأي العام التونسي طيلة الأشهر الماضية أن يطلع على صفحات من هذا الفساد من خلال تقارير دامغة أشهرتها لجان التحقيق الوطنية والخارجية، وهي معلومات لا تدل فقط على مقدار الفساد الذي غرق فيه بعض رجال الأعمال المزيفين، وإنما تُبرهن أيضاً على عمق علاقات «البزنس» التي كانت تربطهم بأفراد الأسرة الذين باتوا يُعرفون في المخيال الشعبي ب «عصابة السراق».
وعلى رغم كل تلك الحقائق والقرائن ما زال هؤلاء طُلقاء يسرحون ويمرحون، يتوعدون ويُكافئون، بل ويتحكمون في قسم من الإعلام المحلي بعدما وجدوا من يخضع لنفوذهم المالي ومن يضعف وينهار أمام إغراءاتهم. وكم من مرة حذر أهل الذكر في القطاع الإعلامي من خطورة سيطرة رجال الأعمال الفاسدين على بعض الصحف تمويلاً وتوجيهاً، وهي الظاهرة التي انتقدتها نقابة الصحافيين وحضت على علاجها أيضاً «الهيئة العليا لإصلاح الإعلام والاتصال».
لكن الجهات المعنية لا تستمع إلى تلك الأصوات، أو توحي للمتابعين بأنها لم تسمعها. يجرى ذلك في وقت بات القضاء، الذي كانت الأسر المتنفذة السابقة تكتم أنفاسه وتتلاعب بالتعيينات في أسلاكه المختلفة، طليقاً من القيود. لكن الغريب أنه ما زال غير قادر على ضبط تطاول الفاسدين وتنفيذ القانون عليهم بصرامة، ما جعل بعضهم يستهزئ بالقضاء، بل ويتبجح في المجالس الخاصة بأنه ما زال يُوزع الرِّشى ليبقى طليقاً، على رغم الملاحقات القضائية العالقة في حقه. وعندما يُدعى أحد غلاة الفاسدين إلى قاضي التحقيق ثم يُخلى سبيله، على رغم ما يعرفه الخاص والعام عن تورطه مع الأسرة المتنفذة السابقة، يحق للرأي العام أن يتساءل عن مبررات هذا التسامح الذي يتعارض مع الحزم المطلوب لاسترجاع هيبة الدولة واستعادة أموال المجتمع التي تعرضت للنهب طيلة أكثر من عشرين عاماً.
ألا يُصدم المرء عندما يرى أن الحرب التي شنها هؤلاء على الرئيس الراحل ل «اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد» البروفسور عبدالفتاح عمر قصفت عمره من دون أن يُحاسب أحد على حملات التشويه وحفلات الشتيمة التي ناله منها الشيء الكثير، وهو صامت، صابر، مترفع... حتى مات كمداً؟
- المشهد الثاني: المشهد الإعلامي أكثر سوريالية من عالمي المال والقضاء، فالصحف الجادة والجديدة تتعرض للمضايقات، فضلاً عن الضنك الاقتصادي الذي تعاني منه بسبب التأخير في تنظيم سوق الإعلان ومسالك توزيع الصحافة المكتوبة. ومع ذلك يتبرم المسؤولون من الصحف الجديدة لأنها تتسم بالجسارة ولا تسير في الطرق المعبدة كما يُقال، بينما تعيث الصحف الصفراء فساداً في الساحة الإعلامية. الفساد والصحافة الصفراء صنوان لا يفترقان... الصفراء القديمة التي زادت اصفراراً باستمرارها في التقلب كالحرباء، خاضعة لمن يدفع أكثر، والصفراء الصاعدة التي تقتدي بها وتُحاول تقليدها، بخاصة في التطاول على شخصيات وطنية واستخدام اللغة السوقية الفائضة من قاموس الشتائم الذي كرسته صحافة الأجهزة الأمنية في العهد السابق. هؤلاء لا يُحاسبون، بل نراهم يُكدسون المال الحرام ويبثون سمومهم في المجتمع بلا رقيب.
وعندما يُصدر القضاء حكماً مُخففاً بالسجن على كبيرهم تُسارع «لجنة حماية الصحافيين» (الدولية) إلى طلب تعليق تنفيذ العقاب الجسدي. في المقابل انفتح باب السجن بسرعة عجيبة ليبتلع ثلاثة مسؤولين عن صحيفة يومية من أجل «جريمة» ترتكبها غالبية الصحف والمجلات الأجنبية التي يُسمح برواجها في السوق المحلية كل يوم (صورة لاعب كرة قدم تونسي مع زوجته الألمانية ونصفها الأعلى شبه عار)، ما يجعل القرار مريباً.
وعلى رغم إطلاق رئيس تحرير الصحيفة ومحرر الخبر بعد يومين من الاحتجاجات، ما زال صاحب الامتياز محتجزاً... كيف تستقيم الموازين والمكاييل في الحالتين؟ إجماع على حصول الجريمة وضرورة العقاب هناك، مع «تسامح» وتساهل مثيرين للاستغراب، في مقابل حزم بل مغالاة هنا بلا أساس من قانون أو منطق أثارا استغراب، بل وامتعاض الوسط الإعلامي بأسره.
هل من تفسير لهذه الازدواجية؟
المصدر : صحيفة الحياة السعودية -الأحد, 26 فبراير 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.