وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    المرصد الوطني لسلامة المرور يدعو إلى الحذر مع تواصل تهاطل الأمطار بالعاصمة وخليج تونس    يستهدف مواقع عسكرية في حيفا وتل ابيب.. هجوم إيراني مركب بالصواريخ والمسيّرات القتالية    البيت الأبيض: يجب ألا يفاجأ أحد بموقف ترامب بشأن إيران    صفاقس: كسر الحصار على غزة ليس مهمة قافلة واحدة ونستعد لإطلاق قافلة الصمود 2 (المتحدث الرسمي بإسم قافلة الصمود(    بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية لأقل من 17 سنة: فوز للذكور وهزيمة للفتيات في مواجهة الأوروغواي    نزول كميات هامة من الأمطار بعدة مناطق من البلاد بينها المروج وتينجة ومنزل بورقيبة    المنار.. بطاقات ايداع بالسجن لمتورطين في تحويل مركز تدليك لمحل دعارة    تسجيل انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب ببعض المناطق من ولاية سوسة مساء الخميس    في قلالة بجزيرة جربة مازالت النساء يتجملن "بالحولي"    راج أن السبب لدغة حشرة: فتح بحث تحقيقي في وفاة فتاة في جندوبة    إيران تعلن تفكيك شبكة جواسيس إسرائيلية تشغل طائرات مسيرة    النادي الإفريقي: بلاغ جديد من لجنة الإنتخابات    غسل قشرة "الدلاع" و"البطيخ" ضروري قبل الاستهلاك    الدولار يتخطّى حاجز 3 دنانير والدينار التونسي يواصل الصمود    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    صابر الرباعي في افتتاح الدورة 25 للمهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون وكريم الثليبي في الاختتام وتنظيم معرض الاسبو للتكنولوجيا وندوات حوارية بالحمامات    كرة اليد : ياسين عبيد مدربا جديدا لنادي ساقية الزيت    ديوان التونسيين بالخارج يفتح باب التسجيل في المصيف الخاص بأبناء التونسيين بالخارج    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    مأساة على شاطئ المهدية: شاهد عيان يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة    بوتين وشي: لا تسوية في الشرق الأوسط بالقوة وإدانة شديدة لتصرفات إسرائيل    عاجل : الخطوط الجوية السورية تعلن عن إجراءات مهمة    نُقل إلى المستشفى.. ريال مدريد يعلن تطورات حالة مبابي    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    اتحاد الفلاحين ينظم، اليوم الخميس، النسخة الرابعة لسوق الفلاح التونسي    بطولة برلين للتنس (منافسات الزوجي): التونسية أنس جابر وشريكتها الاسبانية باولا بادوسا في الدور نصف النهائي    المنافسات الافريقية للأندية : الكاف تضبط تواريخ مباريات موسم 2025-2026    وزارة التجارة: شركات إلكترونية في تونس تخرق القانون.. والمستهلك هو الضحية    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وزارة التجارة للتونسيين: فاتورة الشراء حقّك... والعقوبات تصل إلى 20 ألف دينار    تحذير للسائقين.. مفاتيح سيارتك أخطر مما تعتقد: بؤرة خفية للجراثيم!    الترجي في مواجهة مفصلية أمام لوس أنجلوس بكأس العالم للأندية..تدريبات متواصلة    عاجل/ الإطاحة بشبكة تستقطب القصّر عبر "تيك توك" وتقدّمهم للأجانب    الفيفا يوقف لاعبين من بوكا جونيورز الارجنتيني لأربع مباريات في كأس العالم للأندية    أزمة لقاحات السل في تونس: معهد باستور يكشف الأسباب ويُحذّر    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    بالفيديو: أمطار غزيرة في منزل بورقيبة بولاية بنزرت صباح اليوم الخميس    تونس: مواطنونا في إيران بخير والسفارة تتابع الوضع عن قرب    عاجل/ إضراب ب3 أيام بشركة الملاحة    هكذا علّق بوتين على "احتمال" اغتيال خامنئي.. #خبر_عاجل    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    قيس سعيد: يجب إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    قيس سعيد: يجب توفير كلّ الوسائل اللاّزمة للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم لتقوم بدورها    رئيس الجمهورية يشدّد على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية    كأس العالم للأندية: العين الإماراتي يسقط أمام يوفنتوس بخماسية    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    الإعلاء    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرض كتاب "الثورة التونسية المجيدة"

على الرغم من أن كتاب "الثورة التونسية المجيدة" جاء والاحداث تتسارع وتتواتر في المشهد التونسي، إلا أن أهميته تبرز كونه يقدم عبر التحليل والمقارنة عونا في تشخيص أحداث أخرى جارية أو يحتمل أن تجري في مرحلة التغيرات الاجتماعية الكبرى التي يشهدها الوطن العربي والتي يمكن وصفها مبدئيا بمرحلة ثورات المواطنة أو " ثورات المواطنين" تمييزا لها عن " الثورات الانقلابية" في العقود السابقة.
في كتابه "الثورة التونسية المجيدة" يسلّط المفكر العربي عزمي بشارة الضوء على الأسبابَ الجوهريّةَ التي قادت إلى الثورة في تونس، في إطار منهجية تحليلية توثيقية تابعت تطور الأحداث وأعادت تشكيل مسار الثورة، وتحولها من عملية احتجاجية إلى ثورة، ثم عملية انتقال ديمقراطي فرضت على النظام القائم.
ويتوقف الكاتب عند أهم محطات هذه الثورة وعناصرها بما يتسق مع منطق صيرورتها الداخلية، معتمدا على تعددية منهجية من مجالات العلوم الاجتماعية، وفي ضوء مقاربة التاريخ الحي أو المباشر (HistoireImmediate)، وما تمثله الثورة من فتح لبداية عصر عربي جديد وإن لم تتضح معالم النهائية بعد.
وتتجلى الإضافة الرئيسية للكتاب الذي صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في كانون الثاني/ يناير 2012، في كونه ما يقدمه د.بشاره في الفصل الأول من الكتاب ما يمكن اعتباره مادة مكثفة لبناء نظرية عن الثورة في الوطن العربي، ليس بالتركيز على الحالة التونسية وإنما بوضعها في سياق تعارض وتناظر مع حالات ثورية في التاريخ الحديث أو مع ثورتي مصر وليبيا وسورية.
كما يعمل على استكشاف العناصر المسببة للثورة في خصوصيتها التونسية والعربية، ومصير الثورات وأسس النجاح أو الفشل، وتبيان الشروط الاجتماعية والاقتصادية لنشوب الثورات، وتحليل خصائص النظام السياسي العربي وظاهرة الجمهوريات الوراثية السالبة للحريات العامة والمزاوجة بين السلطة والمال.
وتبرز أهمية الكتاب الواقع في (496) صفحة، من أن مؤلفه الدكتور عزمي بشارة -الذي عُرف بتحليله العميق للثّورات العربيّة - قد أرسي عددا من الشواهد التي تنذر باقتراب اندلاع الثورة التونسية وزوال نظام زين العابدين، نحو ما تحقق بالفعل، منها زيادة معدلات البطالة التي ولدت حركات احتجاجية ناقمة على الفقر والفساد والمحسوبية في الدولة.
ويرى الكاتب أن ثورة تونس بدأت بانتفاضات خبز محلية، تكررت عدة مرات في الأعوام الخمسة التي سبقت الثورة، وذلك في وسط البلاد وجنوبها الداخليين، والطرفيين بالنسبة إلى الساحل (المركز) الذي يحظى بثروة وتنمية واهتمام أكبر، ولكن الانتفاضة الأخيرة دامت زمنا يكفي كي تنضم إليها المدن والجهات (الأقاليم) التونسية الأخرى، واندماج فئة رجال الأعمال بمنظومة الجهاز الاستبدادي، وظهور جيل جديد من أبناء المسؤولين العسكريين والأمنيين الذين اتجهوا نحو الاستثمارات، ولجأوا إلى طريقة عيش مُترفة، وإلى الاستهلاك المبتَذَل كسلوك استعراضي.
ويقول "كان ذلك كله محاولة لإعطاء صورة غير حقيقية عن الواقع التونسي تخفي الجرائم المرتكَبَة في أقبية التحقيق والتعذيب وإظهار صورة الدولة المترفة بجيش من المثقفين والكتاب والفنانين وروّاد الصالونات الثقافيّة المكرّسة لهذه الغاية. هذا كله شكّل مادة مشتعلة تسعّر نار الغضب".
ثورة الأطراف المهمشة:
ويعود د.بشاره في كتابه إلى ما قبل الثورة التونسيّة، ويرصد تاريخ الانتفاضات، ويشرح خريطة الأحزاب في تونس عشيّة نشوب الثورة. ثم يعرض تفاصيل الوقائع في يوميّات الانتفاضة، وكيف تطورت الأحداث تدريجيًّا حتى لم يبقَ أمام زين العابدين بن علي غير الهرب.
ويرى أن "الفضل في الثورة يعود إلى عناد وبسالة أهالي ولاية سيدي بوزيد والولايات الطرفية الأخرى التي انضمت إليها، وناشطيها السياسيين الذي اختلط لديهم المطلب الاجتماعي بالغضب والدفاع عن الكرامة التي جسّدها حرق شابّ لنفسه رافضا تقبّل العجز في مواجهة الإذلال".
ويقول "إن حرق الذات هو صرخة قصوى، ذهب فيها فرد يشعر بالظلم والعجز أمام الانسداد إلى أقصى ما يمكنه الصّراخ. كانت البداية إذن انتفاضة الخبز والكرامة، وليس الخبز وحده. هذا المركّب من رفض الحرمان ورفض الذل هو الذي يؤدّي إلى العناد في التغيير عن الغضب".
ويخلص إلى نتيجة مفادها بأن ثورة تونس إلى حد بعيد كانت ثورة الأطراف المهمشة ضد المركز السياسي والاقتصادي. وسوف تظل بنية الثورة هذه تحكم مسار السياسة التونسية لمرحلة طويلة.
درس تاريخي:
أما عن مخرجات الكتاب فيقدم د..بشارة اقتراح للمجتمعات متعددة الهويّات، والتي تتضامن بعض هويّاتها مع النظام القائم (مثل حالة سوريّة والعراق)؛ فيقترح أن يتم الإصلاح بالتدريج، وأن يجري انتقال السلطة سلميًّا، والأفضل أن يكون الانتقال بمشاركة النظام القائم خوفًا من أن يشُق أي تحرك ثوري المجتمع شاقوليًّا.
لكنّ بشارة يتساءل: "ما العمل إذا ما رفض النظام نفسُهُ الإصلاح، وأصرَّ على تأجيج سياسة الهويّات كوسيلة لتعبئة أنصاره، هل يمكن لتغيير النظام بالقوة في بعض الحالات أن يتحول إلى تفكيك الكيان السياسي؟
ويحيل الكاتب في سياق الإجابة عن هذا التساؤل الأمر إلى الديمقراطيين العرب، ويعرض عليهم خيار السعي إلى الديمقراطيّة على أساس المواطنة المتساوية، وتجنُّب صراع الهويات؛ ذاك الذي يؤدي بالضرورة إلى التحول نحو الصراع ضد جماعات متماهية مع النظام.
ويرى أن الثورة الديمقراطيّة تعني، أولًا وأخيرًا، ممارسة الشعب لسيادته باعتباره شعبًا موحَّدًا، وأي ثورة تجزّئ الشعب إلى هويّات جزئيّة ليست ثورة ديمقراطيّة.
وعلى الرغم من أن كتاب "الثورة التونسية المجيدة" جاء والاحداث تتسارع وتتواتر في المشهد التونسي، إلا أن أهميته تبرز كونه يقدم عبر التحليل والمقارنة عونا في تشخيص أحداث أخرى جارية أو يحتمل أن تجري في مرحلة التغيرات الاجتماعية الكبرى التي يشهدها الوطن العربي والتي يمكن وصفها مبدئيا بمرحلة ثورات المواطنة أو " ثورات المواطنين" تمييزا لها عن " الثورات الانقلابية" في العقود السابقة.
فتونس برأي المفكّر عزمي بشارة حالة متطورة وناضجة. تبدو وكأنها جسد مدني سياسي تمايزت فيه الاعضاء،ويكاد يكون مكتمل النموّ. انها لوحة تمايزت فيها الالوان، ولا تكتفي بالأسودوالأبيض.
ويبقى صدور هذا الكتاب وبعد مرور العام الأول على الثورة يشكل مجهودا علميا، يستحق القراءة والاهتمام، ويقدر للكاتب هذا المجهود الكبير الذي بذله لإخراجه للقارئ العربي ولتوضيح الكثير من النقاط التي كانت غامضة حول ارهاصات الثورة في تونس، وإلقاء مزيد من الضوء عليها، ومعالجتها بحكمة وموضوعية في ستة فصول، تناول الفصل الأول العربي والتونسي في الثورة التونسية، الفصل الثاني ما قبل الثورة، وتناول الفصل الرابع الخريطة الحزبية في تونس عند نشوب الثورة، والفصل الخامس عن يوميات الثورة التونسية والفصل الاخير هو رصد للمواقف الدولية من الثورة التونسية ومن ثم الخاتمة.
وعليه، يحاول د.بشارة أن يشكل بكتابه منظومة متكاملة عن الثورة التونسية ومرجعاً مهماً لكل الباحثين والمهتمين وصناع القرار، وإضافة نوعية لمكتبات الجامعات ومراكز الأبحاث وطلبة العلم والقارئ العادي في فترة تكثر فيها الأسئلة ويزداد فيها الاهتمام الشعبي بالسياسة والقضايا العامة.
هذا عرض مختصر لكتاب الثورة التونسية وموضوعاته، حاولت فيه تقديم فكرة وتصور عام للمهتم والباحث والقارئ العادي, وأعتقد أنه لا يكفي للحكم على كتاب يحوي كمّا هائلا من الأفكار والتفصيلات التي لا يمكن استيعابها في عرض كهذا.
تحديث الخميس 5 إبريل, 2012
المصدر: فلسطين أون لاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.