صدر عن «منشورات كارم الشريف» كتاب «دولة ما بعد الثورة» للخبير التونسي في العلاقات الدولية المقيم بباريس أيمن البوغانمي، وهو باحث في جامعة السوربون بباريس، متحصل على الاستاذية في الترجمة والماجستير في الحضارة البريطانية اختصاص اقتصاد وسياسة وهو بصدد الاعداد لنقاش أطروحة الدكتوراه بعنوان: الامبريالية البريطانية زمن التجارة الحرة من 1842 الى 1932 «تحليل جيو اقتصادي». وله عديد البحوث والدراسات والمقالات السياسية. وجاء الكتاب الذي يضم 267 صفحة في طبعة أنيقة من الحجم المتوسط أشرف على تنفيذه فنيا الفنان التشكيلي التونسي حسين مصدق بمشاركة ابراهيم بن هقي، وقام بمراجعته لغويا الاستاذ محمد الثابت، وطبع بمطابع «المغاربية للطباعة واشهار الكتاب»، وتقوم بتوزيعه «الشركة التونسية للصحافة» داخل تونس وخارجها. ويتضمن الكتاب اضافة الى المقدمة والخاتمة بابين أولهما «الغايات المؤسساتية: في فصل الدولة عن النظام» يتوزع على ثمانية فصول هي «من شرع القوة الى قوة الشرعية» و «الديمقراطية: سلطة الشعب» و «النيابة والنظام الانتخابي» و «النظام والدولة» و «السيادة والتدخل الخارجي» و «الهوية والانتماء» و «المواطنة والحقوق» و «المواطنة والوجبات». والباب الثاني يحمل تسمية «الغايات القيمية: في المصالحة مع الذات» ويتوزع بدوره على سبعة فصول، هي «الحرية والتحرّر» و «التسامح والاعتدال» و «سلطة القانون من اجل العدالة» و «المساواة من اجل العدالة» و «الدولة وتحديات التنمية» و «في المصالحة مع السياسة» و «التغيير والاصلاح». وقد تأثر هذا الكتاب، بلا شك، بسير الاحداث على الارض، خاصة في تونس ومصر وليبيا، حيث بدأت بالفعل عملية البناء الديمقراطي. واكتشف الثوار انها غاية دونها طريق وعرة محفوفة بالمخاطر والعقبات. وقد أحبطنا أحيانا تعبير التونسيين والمصريين عن شعورهم بالمرارة على اعتبار بطء مسيرة التغيير. وكأنهم كانوا يحسبون طريق الاصلاح معبدة، وكأنهم كانوا يظنون الاصلاح غنيمة اكتسبوها بمشروعية الثورة فتلت المرارة الفرحة، لأنهم اكتشفوا عسر المهمة وجسامة التحديات التي تنتظرهم. فالنضال الاكبر انما يبدأ بعد سقوط الأنظمة. وفي تقديمه للكتاب يقول المؤلف: يسعى هذا الكتاب للمساهمة في نشر هذا الوعي من خلال تحليل الابعاد المؤسساتية والقيمية المرتبطة بمرحلة ما بعد الديكتاتورية فاسقاط النظام ينهي الاجماع الذي تفرضه مرحلة النضال حول ترتيب الاولويات وصياغة العقد الاجتماعي لما بعد الثورة تكون دائما مرتبطة بحسابات سياسية وتصورات ايديولوجية وجب ادراكها حتى لا يتحول الاختلاف في الرأي والخلاف حول المبادئ الى فتنة تمزق أوصال المجتمع وتمهد لعودة الديكتاتورية. ونأمل في ان يوفر هذا الكتاب، الذي حرصنا على استقلاله عن كل الايديولوجيات من حيث الادبيات والتحليلات مقدمة تفتح مجال العلوم السياسية اما جمهور القارئين في العالم العربي. لكل ثورة غايات تفشل ان لم تدركها ومبادئ تنحرف ان لم تعرفها. وقد قامت الثورة العربية من اجل الحرية والكرامة والعدالة، وهي قيم لا يكاد يختلف اثنان حول سموها اخلاقيا ولكن تعريفها نظريا وتنزيلها على الواقع عمليا محل فتنة دائمة دوام الفكر الانساني عموما والفلسفة السياسية خصوصا ولذا وجب التدبر في المعاني المختلفة لكل منها والتفكير في تبعات تبني الثورة العربية لمعنى دون اخر، وتلك او اهداف هذا الكتاب الذي يسعى في سبيل ذلك للاستفادة من الموروث التاريخي الحديث والمعاصر، مع مراعاة خصوصيات العالم العربي السياسية والاجتماعية.