أكد مسؤولون في الحكومة التونسية أكثر من مرة أن حكومة حزب النهضة "لا تسعى بتعييناتها الأخيرة لمديري المؤسسات الصحفية والإعلامية إلى الهيمنة على الإعلام، ولكنها لن تتركه يتحول إلى منابر معادية للحكومة". أطلقت مجموعة من الصحفيين التونسيين مبادرة لحل الأزمة التي نشبت بين النقابة الوطنية للصحفيين وحكومة راشد الغنوشي على خلفية بعض المطالب الصحفية. ورغم أن النقابة لم تبدِ رأيها حتى الآن في هذه المبادرة، إلا أن مسئولاً بها قال لمراسل وكالة الأناضول للأنباء إن النقابة متمسكة بكافة مطالبها من الحكومة. وتدعو المبادرة التي جاءت بعنوان ''مبادرة حول وضع الإعلام في تونس" إلى حوار جدي وبناء بين الحكومة والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، فضلاً عن إنهاء كل أشكال التوتر مع هياكل المهنة الصحفية". وتطالب المبادرة الكتل النيابية في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) بمراعاة الدستور الجديد لحرية الإعلام، والتسريع بإصدار التشريعات القانونية المنظمة لمهنة الصحافة، وتشكيل هيئة مستقلة للإعلام السمعي والبصري. وأشارت المبادرة إلى عدم الوصول إلى نتائج ملموسة في النقاشات بين النقابة والحكومة رغم جلسات الحوار المتكررة، ولفت إلى "التحريض على الإعلاميين من قبل وجوه سياسية وحزبية؛ مما أفرز عدم التزام بعض وسائل الإعلام بالمعايير المهنية والموضوعية في التعاطي مع الأحداث الوطنية بصفة خاصة". وأطلق المبادرة أعضاء في النقابة الحالية والنقيب السابق المعارض لنظام زين العابدين بن علي وصحفيون مستقلون. وتعليقًا على هذه المبادرة، قالت سلمى الجلاصي، عضو المكتب التنفيذي والمكلفة بالنظام الداخلي للنقابة، إن "الهيكل النقابي لم يجتمع، ولم يتخذ بعد قراره بخصوص المبادرة المطروحة، لكن ربما يذهب الأعضاء إلى اعتبار الوثيقة محاولة من أصحابها لإنقاذ وإخراج الحكومة والحزب الحاكم من الحرج الذي وقعوا فيه بإعلاننا عن بدء إضراب عام في قطاع الإعلام يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري". وأوضحت في تصريحات خاصة لمراسل وكالة الأناضول للأنباء أن النقابة مصرة على مطالبها من الحكومة المتمثلة في التراجع عن التعيينات التي أقرتها مؤخرًا على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية، إضافة إلى ضمان حرية التعبير، وتفعيل المرسومين 115 و116 المنظمين للقطاع الإعلامي والمعلقين منذ صدورهما في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، وتشكيل هيئة وطنية مستقلة للإعلام السمعي والبصري. وقالت: ''نحن ماضون نحو الإضراب ما لم تتقيد الحكومة بهذه المطالب". وينظم المرسوم 115 حرية الصحافة والطباعة والنشر، فيما ينص المرسوم 116 على "إحداث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري" وهي هيئة تتولى تعيين مسؤولي المؤسسات السمعية والبصرية العمومية وتحمي استقلاليتها إزاء السلطة العمومية. ويشهد الملف الإعلامي تجاذبات حادة في الساحة التونسية إذ تتهم النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وأحزاب المعارضة الحكومة بالسعي إلى "الهيمنة على مؤسسات الإعلام"، فيما تتهم الحكومة النقابة والمؤسسات الإعلامية بممارسة "المعارضة الراديكالية" ضدّها. وأكد مسؤولون في الحكومة التونسية أكثر من مرة أن حكومة حزب النهضة "لا تسعى بتعييناتها الأخيرة لمديري المؤسسات الصحفية والإعلامية إلى الهيمنة على الإعلام، ولكنها لن تتركه يتحول إلى منابر معادية للحكومة". وبدأت في 29 أغسطس/ آب الماضي مفاوضات بين ممثلي الحكومة والإعلاميين التونسيين في محاولة للخروج من الأزمة، لكن هذه المفاوضات معلقة حالياً. 3 أكتوبر 2012