لغز «التسفير» يتواصل أمام الاستئناف    انطلاق أشغال ملتقى الأعمال السعودي التونسي بالرياض    المرصد الوطني للسلامة المرورية يطلق خطة خاصة لتأمين احتفالات رأس السنة الإدارية    وزير البيئة يؤكد حل الإشكاليات العقارية لإنجاز محطات التطهير بولاية الكاف    اعترفت باستشهاد مجموعة من قياداتها من بينهم ابوعبيدة... «حماس» تعلن عدم التخلي عن السلاح    مع الشروق :«أرض الصومال»... خنجر جديد في الجسد العربي    تونس ضد تنزانيا في كأس أفريقيا.. الموعد والتشكيلتان والقنوات الناقلة    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة (مرحلة التتويج)... نتائج مباريات الجولة الافتتاحية    الضحية طبيب نفسي تونسي مشهور في فرنسا .. يقتل والده ويدفنه في حديقة المنزل    في تظاهرة فريدة من نوعها بسوسة .. «البيتزا» تعرّف بالموروث الغذائي التونسي    طقس الليلة    سوسة: حجز أكثر من طن من المنتوجات البحرية غير صالحة للاستهلاك    وزير الاقتصاد: تونس تكرّس حرية الاستثمار وتضمن حماية حقوق المستثمرين    البنك الوطني للجينات: تركيز ثلاث مدارس حقلية بكل من ولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    الدورة 40 لمعرض تونس الدولي للكتاب: تواصل قبول الأعمال المرشحة لجوائز الإبداع الأدبي والفكري وجائزتي النشر إلى يوم 30 جانفي 2026    بقرار قضائي.. هيفاء وهبي تعود إلى الغناء في مصر    وفاة امرأة وفقدان 3 اخرين بعد غرق قارب مهاجرين قبالة هذه السواحل..#خبر_عاجل    كيفاش نقصوا في L'impôt بش نزيدوا في الشهرية؟    تونس تستعد لسنة 2026: فرص جديدة للسكن لكل التوانسة    نابل: الشروع في استغلال السوق الاسبوعية بقرمبالية مطلع الأسبوع القادم    كيفاش تقرى fiche de paie متاعك؟    معارض الكتاب فضاءات تجمع بين التجارة وتنمية عادة المطالعة    دواء معروف طلع ينقص الرغبة في التدخين والكحول... نتائج مفاجئة من دراسة جديدة    الترجي الرياضي: إرتفاع عدد المصابين .. وجلسة منتظرة بين الإدارة وعدد من اللاعبين    حوالي 40 بالمائة من المساحة المحترثة مخصصة للزياتين وتونس تساهم عالميا ب30 بالمائة من التمور    عاجل: إلغاء انتخابات الرابطة المحترفة وإقرار إعادتها    دبي تستضيف حفل جوائز الفيفا للأفضل العام المقبل    وزير التربية يعلن 2026 سنة مطالعة    مدرب تنزانيا: مستعدون لخوض "حوار كروي قوي" ضد المنتخب التونسي    رياض دغفوس : المتحوّر "K" المتفرّع عن فيروس H3N1 لا يشكّل خطورة أكبر من غيره ويجب الالتزام بالإجراءات الوقائية    مدرب تنزانيا :'' أنا فرحان برشا بالتجربة وبالأيامات اللي عديتها في تونس''    الأونروا: انهيار 17 مبنى وتضرّر أكثر من 42 ألف خيمة في غزة جراء المنخفض الجوي    عاجل/ الاشتباكات مع "داعش": وزير الداخلية التركي يكشف حصيلة الضحايا في صفوف الشرطة..    تتزعمها ستينية: تفاصيل تفكيك شبكة دعارة..#خبر_عاجل    إدمان قطرات الأنف؟...سرّ خطير علر صحتك لازم تعرفه    عاجل: شحنات لحوم مبرّدة ملوثة كانت ستباع للتوانسة ...تفاصيل تكشفها غرفة القصابين    التسجيل مازال مفتوح: دورة فيفري 2026 للتكوين المهني تنتظركم    عاجل: تركيا.. اعتقال ملكة جمال ومغني راب في قضية مخدرات    التوانسة في فرنسا يتصدّروا قائمة الحصول على الجنسية الفرنسية    ديوان البحرية التجارية والموانىء ينتدب تونسيين    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 94 بالمائة    هام/ 6 مؤشرات أساسية لتطمئن على صحة قلبك..    مصنفان بالخطيران جدا ... "مونتيتي" و"الزبراط" في قبضة عدلية سيدي حسين    برشا ماتشوات اليوم: اليك شكون ضدّ شكون الوقت والقنوات الناقلة مباشرة    جدل واسع بعد حفل رادس : تذاكر مرتفعة وشكاوى من سوء التنظيم    عاجل/ بعد جريمة الأسبوع الماضي: "براكاج" جديد يستهدف سائق تاكسي..وهذه التفاصيل..    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة "الشاذلي خزندار" الابتدائية بالزهراء    عاجل: هذا اللاعب سيحرم من المشاركة في ماتش تونس ضدّ تنزانيا    عاجل/ وفاة طفلة دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير..التفاصيل الكاملة للحادث..    شوف شنوا تاكل باش تقوي مناعتك في الشتاء    16 قتيلا و3 مصابين بحريق مدمر في دار مسنين بإندونيسيا    المكسيك: 13 قتيلا وعشرات المصابين بعد خروج قطار عن مساره... التفاصيل    القيروان: اعتداء جديد على سائق تاكسي فردي يثير مخاوف مهنيّي القطاع    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة رفع الحصار عن تونس
نشر في الوسط التونسية يوم 06 - 03 - 2013

بقطع النظر عما سيفرزه لقاء المصلحة في حال ما اذا كتب له ان يتم من نتائج فإن فرص نجاح او فشل الحكومة الجديدة تبقى مرتبطة الى حد كبير بقدرتها على فك حصار الداخل بالانفتاح بصفة اكبر على معارضيها وتقليص حدة التجاذبات والانقسامات وايضا حصار الخارج ببعث رسائل طمأنة الى جيران تونس والى الشركاء الاقتصاديين في اوروبا بألاساس على قدرة البلاد على انجاح مسار انتقالها الديمقراطي رغم كثرة الصعوبات والعراقيل التي تحيط به من كل جانب والتي يتحملون هم ايضا قسطا مهما من المسؤولية عنها.
اذا ما تمكن رئيس الحكومة المكلف علي العريض من الحصول على موافقة غالبية اعضاء المجلس التاسيسي لصالح تركيبة وبرنامج عمل حكومته الجديدة فإنه يمكن القول بأن تونس تكون بذلك قد خطت خطوة مهمة نحو غلق قوس طويل من الترقب والانتظار الذي كلفها الكثير من الوقت والجهد وذلك على خلفية ما اصبح يعرف بمسلسل التحوير الوزاري ومارافقه من تجاذبات ومزايدات بين مختلف الاطراف ثم استقالة حكومة الترويكا عقب جريمة اغتيال بلعيد ووصول مقترح رئيس الحكومة المتخلي حمادي الجبالي بتشكيل حكومة كفاءات الى طريق مسدود. الا ان الاعلان الرسمي عن استلام حكومة العريض لمهامها سوف لن يكون وحده كافيا لجسر هوة عميقة من الشكوك المتبادلة بين سلطة مشوشة الصورة بفعل تراكم اخطائها وتعدد دائرة مناوئيها وبين معارضة لم تبلغ بعد رشدها السياسي المطلوب.
لقد استنزفت طاقات البلاد في معارك جانبية حادة لم يعدم موقدوها حيلة لاشعالها كل مرة متى خفت لهيبها وظن الجميع انه بالامكان تجاوزها والالتفات قليلا الى مسار انتقال ديمقراطي غض تحيط به مخاطر الانتكاس من كل جانب وتحولت حتى المناسبات النادرة التي كان يفترض ان يجتمع التونسيون حولها مثل عملية اغتيال بلعيد الى فرص اضافية لحشد الاصطفاف الحزبي والايديولوجي وتوزيع الاتهامات على الخصوم يمينا وشمالا والتشكيك في نزاهة القضاء وحياد جهاز الشرطة.
وامام كل ذلك وغيره تجد حكومة العريض نفسها الآن في سباق مع الزمن بالنظر لقصر المدة التي يفترض ان تفصلها عن الانتخابات القادمة وذلك من اجل تهيئة المناخ المناسب كي يكلل ذلك الاستحقاق الهام بالنجاح.
ويفترض ان يقودها ذلك الى البحث عن اكبر قدر من التوافقات والسعي من جديد للظفر بما سماها الرئيس التونسي منصف المرزوقي في بداية عمل الحكومة السابقة بهدنة اجتماعية تسمح لآلة الانتاج باستعادة طاقتها القصوى وترسل اشارات ايجابية الى رؤوس الاموال في الداخل والخارج كما ان الملف الامني الشائك يبقى ايضا قطب الرحى الذي تدور حوله جهود الفريق الحكومي الجديد. ويدرك الطرفان اي الحكومة ومعارضوها ان الوصول الى تحقيق نسبة مقبولة من تلك الاهداف لن يكون على مرمى حجر فما تعيشه البلاد اليوم من حالة حصار حقيقية لكن غير معلنة تزيد الامور تعقيدا وتقلص الى حدود مقلقة امال انتعاش اقتصادي يجمع الخبراء على قدرة البلاد على الوصول اليه متى توفر حد معقول من الاستقرار السياسي ووضوح الرؤية.
ولئن وصف البعض حكومة الجبالي بحكومة الايدي المرتعشة لأنها عجزت عن القيام باصلاح فعلي للمنظومات الكبرى كالقضاء والاعلام والادارة فإن الحكومة الجديدة لن يكون بوسعها المجازفة بتحريك سلم الاولويات بصفة قد تقود الى حرق المراحل او الحسم بصفة جذرية في ملفات تبدو خلافية من قبيل قانون تحصين الثورة مثلا والذي توحي التصريحات الاخيرة للشيخ راشد الغنوشي في جريدة 'لابراس' التونسية بأنه لن يكون ضمن صدارة الاهتمامات. وما يزيد في تعقيد الوضع هو ان زمام المبادرة بوضع خارطة طريق مقبولة وتحظى باكبر قدر من الاجماع الوطني حول موعد الانتهاء من صياغة الدستور وباقي المواعيد المهمة الاخرى كالانتخابات يبقى مرتبطا الى حد كبيربقدرة ورغبة الكتل الكبرى داخل المجلس التاسيسي في تحقيق ذلك.
ويبدو الآن ان هناك حاجة ملحة الى ايجاد مخرج حقيقي للازمة السياسية التي تعرفها تونس منذ عدة اشهر وذلك بالتحضير لصيغة تسمح بعقد لقاء مصلحة بين الفرقاء.
فقد قبلت حركة النهضة التخلي في الحكومة الجديدة عن حقائب السيادة وقدمت بذلك تنازلا مهما، كما ان تصريحات الشيخ راشد الغنوشي الاخيرة تركت الباب مواربا بعد ان ظل مغلقا بإحكام امام صيغة ما لحوار مرتقب مع كافة الاطراف بما فيها حزب نداء تونس والذي يحظى بدعم قسم هام من رجال الاعمال ويمتلك ثقلا اعلاميا لافتا وتدل التطورات الاخيرة ايضا على ان له سندا قويا وحظوة لدى اهم شركاء البلاد وفي مقدمتهم فرنسا واذا ما تم ذلك فإن الخطوة المقبلة تبقى فيما سيقدمه كل طرف للاخر من تنازلات ضرورية حتى يمكن تامين الخروج من مرحلة المؤسسات المؤقتة الحالية في اقصر الاجال وبأقل التكاليف.
وبقطع النظر عما سيفرزه لقاء المصلحة في حال ما اذا كتب له ان يتم من نتائج فإن فرص نجاح او فشل الحكومة الجديدة تبقى مرتبطة الى حد كبير بقدرتها على فك حصار الداخل بالانفتاح بصفة اكبر على معارضيها وتقليص حدة التجاذبات والانقسامات وايضا حصار الخارج ببعث رسائل طمأنة الى جيران تونس والى الشركاء الاقتصاديين في اوروبا بألاساس على قدرة البلاد على انجاح مسار انتقالها الديمقراطي رغم كثرة الصعوبات والعراقيل التي تحيط به من كل جانب والتي يتحملون هم ايضا قسطا مهما من المسؤولية عنها.
كاتب صحفي من تونس
المصدر : صحيفة القدس العربي - 2013-03-05


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.