رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    وزارة الصحة: علاج دون جراحة لمرضى البروستات في تونس    الرّئيس المدير العامّ لشركة النّقل: عدد الحافلات في تونس سيتضاعف    بداية من الأحد: إجراء جديد لدخول مآوي مطار تونس قرطاج.. #خبر_عاجل    موعد انطلاق العمل بالبطاقات الإلكترونية مسبقة الدفع بمآوي مطار تونس قرطاج    تعرف على المواقع الإسرائيلية التي استهدفتها الضربة الصاروخية الإيرانية القوية صباح الخميس    قافلة "الصمود" تصل الى الأراضي التونسية    إيران تقصف مبنى استخبارات لجيش الاحتلال في بئر السبع    بن غفير: أدعو لإبلاغ الشرطة عن أي شخص يتابع قناة الجزيرة    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه الجزيرة..#خبر_عاجل    كأس العالم للأندية 2025: يوفنتوس الإيطالي يمطر شباك العين الإماراتي بخماسية    النادي الإفريقي: لجنة الإشراف على الجلسات العامة تتوجه بخطاب إلى المنخرطين    الترجي الجرجيسي يضم مدافع الملعب القابسي مختار بن زيد    النادي الإفريقي : التركيبة الكاملة للقائمة المترشحة    دورة برلين WTA 500: متى وأين يمكن متابعة مباراة الزوجي لأُنس جابر وبادوسا ؟    قرابة 33 ألفا و500 تلميذ يشرعون في اجتياز امتحان شهادة ختم التعليم الأساسي العام والتقني دورة 2025    عاجل: التسجيل في خدمة نتائج البكالوريا عبر ال ''SMS'' بداية من العاشرة صباحا    عاجل: وزارة التعليم العالي تنتدب 225 عونًا في مناظرة مهنية جديدة.. طريقة التسجيل    نتائج البكالوريا: ابتداءً من الساعة 10 صباحًا، يمكن للمرشحين إرسال رسائل قصيرة    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    غازي معلّى : ثبات إيراني، تردّد أمريكي، وعجز إسرائيلي    الأستاذ الجامعي معز السوسي: قراءة متفائلة للمؤشرات الاقتصادية رغم المخاطر العالمية    "وول ستريت جورنال": ترامب وافق على خطط الهجوم ضد إيران    طقس اليوم: انخفاض في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق.. #خبر_عاجل    محرز الغنوشي: ''الحمد لله على الأجواء الفرشكة..كلو ولا الشهيلي''    رئيس الدّولة: حرب التحرير التي يخوضها الشّعب التونسي في الدّاخل يجب أن تكون مشفوعة بعمل دبلوماسي مُكثّف    قيس سعيد: يجب توفير كلّ الوسائل اللاّزمة للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم لتقوم بدورها    هجوم صاروخي كبير على تل أبيب وبئر السبع    بلومبيرغ: واشنطن تستعد لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال أيام    كأس العالم للأندية : هزيمة قاسية للعين الإماراتي على حساب جوفنتوس (فيديو)    كأس العالم للأندية: سالزبورغ يتصدر محموعته بفوز صعب على باتشوكا    تشكيلة العين الإماراتي ضد يوفنتوس الإيطالي    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    نابل...وفاة طفلة غرقا    توجه لاستعمال الحافلات الكهربائية    الإعلاء    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    سأغفو قليلا...    معهد باستور: تراجع مبيعات لقاح السل وتوقف بيع الأمصال ضد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب    شركة "إيني" الإيطالية تعزز استثماراتها في قطاع المحروقات بتونس    من جوان وحتّى سبتمبر 2025: الشركة التونسيّة للملاحة تبرمج 149 رحلة بحرية    عاجل/ خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    نابل: مخاوف من تفشي مرض الجلد العقدي ببوعرقوب وإدارة الإنتاج الحيواني تؤكد تلقيح كافة القطيع مع الاستجابة المستمرة للتدخل في حالات الاشتباه    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عاجل - يهم التونسيين المقبلين على الزواج : وزارة الصحة تصدر بلاغا هاما    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول قرار'' العفو'' الأخير

إنه لمن دواعي السعادة نبأ قرار العفو الأخير على عدد من الأخوة المساجين السياسيين و إني أغتنم هذه الفرصة لأتوجه بتهاني الحارة إلى هؤلاء الإخوة الأفاضل و إلى عائلاتهم المجاهدة و إلى حركة النهضة و إلى كل ألأحرار راجيا من الله تعالى أن يحفظنا و يحفظهم و أن يثبتنا و يثبتهم على الطريق الذي اخترناه جميعا من أجل نصرة الحق و استرجاعه بالوسائل المتاحة كل على قدرسعته
في غمرة هذا الحدث الذي أثلج صدري و أحسب أنه أثلج صدور كل مناصري الحرية في بلدي و خارجها لا يفوتني أن أذكر نفسي والجميع بأن لا ننسى البقية الباقية من أنصار الحرية في سجون تونس سيئة الذكر من الأسود الرابضة وراء القضبان صابرين محتسبين فيما أحسب يرجون من الله فرجا قريبا يجمعهم بالأحبة داعيا الله أن يمكنهم من ذلك إنه على كل شيء قدير و بالإجابة جدير آمين
كما أذكر نفسي و الجميع بأن الطريق إلى الحرية ما زال طويلا و يتطلب مزيدا من تضافر الجهود الصادقة من جميع المؤمنين بها دون استثناء.لبلوغ النهاية المرجوة ذلك أنه في الوقت الذي يطلق فيه سراح هؤلاء الإخوة الأفاضل لا تزال أجواء الرعب و الترويع تخنق و تخنق إلى حد الدوار مواطني بلدي عامة و أنصار الحرية خاصة و تتوالى الأنباء تباعا عبر و سائل الإعلام المختلفة محدثة دويا كدوي المدافع على حواسي فتقض مضجعي و تسهر ليلي مما يؤكد في ذهني أن السلطة في بلدي لا
يتوفر لدى رموزها أي نية لمصالحة صادقة و جادة مع قيم مجتمع الزيتونة و مطالب الأحرار في بلدي
وهذا يجعل القرار الذي أقدم عليه صانع السابع في بلدي على أهميته غير كافي و لا يرقى إلى المأمول بل هو من قبيل الري قطرة قطرة على حد تعبير المططلح الزراعي أو بالتقسيط على حد قول شيخي راشد الغنوشي في حوار مع قدس براس
و هو إختيار دأبت عليه السلطة منذ سنوات كلما تتالت الضغوط في الداخل و الخارج على اختلاف مصادرها ووسائلها مما يجعل السلطة على عنادها الهستيري و سلوكها الأمني في التعاطي مع ملفات المجتمع المدني تقوم بعملية تنفيس جزئية لا مفر لها منها محسوبة بدقة متناهية لتذكرنا باستمرار أن الأمور في البلد هي في النهاية بيدها تتصرف فيها بالقدر الذي تراه صالحا لها وأن لاشيء يخرج عن سيطرتها و أن إرادتها في الأخير هي العليا.
طريقة في التعامل توحي بأن دار لقمان ستبقى على حالها كما يقال وأن الأمر لا يعدو كونه في استراتيجيا الحرب و خداعها عملية تهدئة لجبهة مفتوحة بدأت تسبب إزعاجا وتؤرق المضاجع مع مواصلة الحرب على الجبهات الأخرى و ما أكثرها و ما أكثر الجروح التي خلفتها هذه الحرب المعلنة و الخفية على أبناء وطني
فعندما لا تفلح موائد الإفطار المقامة في القصر الرآسي على شرف أئمة بعض المساجد ممن ترضى عنهم السلطة أوعندما يكثف بعض من رموز السلطة حضورهم في بعض المحاضرات أوالإحتفالات الدينية متظاهرين بالتقوى عندما لا يفلح كل ذلك في التخفيف من حدة الضغوط الخارجية أو امتصاص حالة التذمر الواسعة لشعب يرى أن السلطة تجاوزت كل الخطوط الحمراء بانتهاك حرمات بناته وزوجاته من المحجبات على نطاق واسع على سبيل المثال لا الحصر
عندما لا تفلح في كل ذلك
تتذكر فقط في هذه الحالة أن لديها مساجين لا تعترف بكونهم سياسيين فتطلق سراح البعض منهم سرا كما سجنتهم سرا و دون ضوضاء.
تطلق سراحهم ضمن قوائم مساجين الحق العام و هي أدرى بأن وسائل الإعلام العالمية ستتكفل بإشهار الأمر ليعلم الجميع بذلك مما يوشك أن يحقق الهدف الذي ترجوه السلطة من مثل هكذا قرارات!
فلكن الله يا مساجين تونس الأحرار الذين لم تكتف السلطة بتعذيبهم و سجنهم و تشريد ذويهم وترويعهم بل دأبت على استخدامهم لغايات تخدم مصالحها هي أولا و أخيرا
و بذلك تتحول السياسة في بلدي إلى سلوك ميكافيلي لدى سلطة تتاجربعذابات الوطن و المواطن لتخفف بها جانبا من مآزقها وورطاتها أو هكذا يخيل لها!.
إن الذين أتموا مدة عقوباتهم في السجن أو الذين صدر عنهم قرار عفو أو من تبقى منهم داخل أقبية السجون من أبطال الحرية في بلدي ما كانوا يستحقون هذا المصير أصلا لو لم تتحول السياسة في بلدي إلى أداة لنسف الخصوم و إبادتهم ببطئ!
بحيث أن مصطلح السياسة لم يعد في بلدي يعرف بفن الممكن أوبرعاية مصالح البلاد و العباد الىآخر التعريفات المتداولة في علوم السياسة و إنما أصبح يعرف بكونه سلوك ماكيافيلي بغيض يقوم على منطق الغاية تبرر الوسيلة و على معاني الإنتهازية والوصولية و المنفعية الأنانية والآنية بحيث يصبح ً مساجين الكلمة و الحرية في بلدي أدواة أو أشياء في يد هذه السلطة التي آمنت بصاحب هذه النظرية إن صح التعبير ربا و بالنظرية ذاتها شرعة و منهاجا
فتستعمل مساجيننا متى خدمها ذلك تروعهم و تروع عائلاتهم كيف تشاء؛ و تسجنهم متى تشاء..... و تطلق سراحهم متى ترى أن ذلك يخدم مصلحتها
أما الإنسان بأبعاده الإنسانية المختلفة فلا وجود له في قاموس العصابة الماكيافيلية و سدنة الشر في بلدي ولا عجب في الأمر فقد آلت السلطةعلى نفسها منذ انقلاب السابع و تحديدا منذ بداية تسعينات القرن الماضي أن تشيء الإنسان التونسي و أن تجعل منه لعبتها المفضلة بمنفعية ميكيافيلية ندر وجودها فلا وزن له إلا من حيث كونه في نظرها أو من حيث يراد له أن يكون:
أ) بقرة حلوبا تدر و لادخل لها فيما يفعل سيدها بما تدره
ب) لا تتكلم و لا تتذمر
ج)تأخذ ما يقدم لها من طعام إن شاءت أكلته و إن شاءت عافته وتركته
أما إذا تمردت المسكينة و استمر تمردها فتذبح مرة لتريح و في هذه الحالة يكون حالها أحسن من حال المواطن التونسي لأنه يذبح كل يوم أو بتعبير أصح تسقيه العصابة الموت البطيء على طريقة الري قطرة قطرة حتى في هذه الحالة
والموت صنفان جسدي بما تسببه عاهات التعذيب و تكمله ظلمة الأقبية في السجون و رطوبتها من تخريب لجسد السجين.
و نفسية إذا تعلق الأمر بحملات المداهمات الليلية للمسرحين منهم في السجن الكبير و الخاضعين للإقامة الجبرية في بيوتهم
هكذا هي السياسة في بلد عقبة متاجرة بدموع الأطفال الذين يتموا و حرموا سنوات من حنان آبائهم في بلد ''حقوق الطفل'' و لا إعتبار لحقوقهم هذه عندما تقرر السلطة إطلاق سراح آباءهم بل تقوم بذلك لإعتبارات مصلحية كما بيناه سابقا
متاجرة بعذابات الزوجات و الأمهات في بلد ''حقوق المرأة''
متاجرة في الأخير بإنسانية الأحرار في بلد''حقوق الإنسان''
و المتاجرة قرينة المصلحة و التي تصبح ميكيافيلية إذا لم تراع فيها حقوق الإنسان بحيث يصبح شيئا لا غير يستعمل بحسب ما تتطلبه مصلحة القوي بعيدا عن كونه إنسانا له أحاسيس و أشواق و حرمات و حقوق يجب أن توضع ضمن الأولويات و إلا فما الذي سيميزنا عن حيوانات الغابة المفترسة؟؟! إذا هو يسجن ليجلب مصلحة و يطلق سراحه ليجلب كذلك مصلحة في سياق جديد مغاير للسياق التاريخي السابق سياق و جدت السلطة نفسها فيه بحاجة أكيدة لفك حصار أصبح يخنقها وينذر سدنة الشر فيها بالويل و الثبور بعد أن تجاوزوا تقريبا كل الخطوط الحمر
وإني لا أنسى ما عبرت عنه بصدق عفيفة أخرى من عفيفات تونس المناضلة الحقوقية سهام بن سدرين
عندما سألتها الحوار نت : توصفين بأنك إمرأة حديدية فهل بكيت في السجن قالت: لم أبك في السجن المضيق و إنما بكيت في السجن الكبير و هذا يكفيني كترجمة لحقائق مرة ينام و يصبح عليها التونسي.
هكذا إذا تتبدى لي السياسة في بلدي وأشهدالله أني لم أرد بهذا التحليل أن أفسد على إخوتي في الداخل و الخارج وعلى الأحرار سعادتهم بالحدث الذي من شأنه أن ينقص من عدد أبطال الحرية القابعين في سجون القهر و الظلم ولو قليلا
و لآ أريد أن أفسد فرحة المسرحين بلقاء الأحبة و لكنها رغبة مني في محاولة وضع قرار'' العفو'' في إطاره الذي بدا لي قريبا من الحقيقة الميكيا فيلية لسلطة لا ترقب من أجل مصالحها في مؤمن و لا مؤمنة إلا و لا ذمة حتى وهي تطلق سراحه من غياهب ظلمات السجن و عبث السجانين و غطرستهم
و هذا في اعتقادي ما يجرد سلطة السابع من كل فضل أو منة في قرار ما يسمى'' العفو'' هذا و في القرارات السابقة له!
و ليعلم إخواني أن سنة التدافع هي وحدها الكفيلة بعد الاتكال عليه سبحانه و تعالى بالتغيير إذا أحسنا اختيار مواقعنا فيها و في حركة التاريخ و قام كل منا بما و سعه في الاستنصار للحرية المذبوحة على عتبات و طني تونس.
و صدق شيخي راشد الغنوشي عندما وضع قرار العفو في إطاره الصحيح بقوله إن القرار جاء بعد (حصول إجماع و طني حول مطلب إطلاق سراح المساجين و تكثيف الضغوط على السلطة)
فلنواصل على بركة الله الضغوط على السلطة كل من موقعه و بالقدر الذي يستطيع و لا يحقرن أحد منكم شيئا يمكن أن يساهم و لو بالقليل في مزيد الضغط لأن رموز الميكيافيلية في بلدي لا تفهم دون هكذا لغة فإلى الأمام و بالله التوفيق وهو من وراء القصد و لا حول و لا قوة إلا به سبحانه و تعالى و السلام عليكم و رحمة الله. بركاته
أستاذ و سجين سياسي سابق
تونس نيوز6 11 2006
موقع الحوار و تونس نيوز(نفس العدد)
تونس نيوز(نفس العدد)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.