تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خميس الماجري يعلن استقالته رسميا من حركة النهضة

إنّ أصحاب الطّموح السّياسي يحلو لهم أن يستبيحوا كلّ حرمات من يريد أن يردّهم إلى الحقّ ، وما
أشطرهم في تحويل حوارالأفكار إلى محاكمات أصحابها ، و ما أبرعهم في التّخليط على النّاس ، ولكي يحمون أنفسهم ممّا هم فيه من الكبر وعدم آعترافهم بالتّهوّك ، يبادرون المصلحين بالظّلم والبغي والعدوان فيسعون إلى التّضليل عبر توظيف التّسميات الضّاغطة والمصطلحات المنفّرة أو قل عبر كلمات حقّ أريد بها باطل ، ويعمدون إلى تجريح عينيّ لمن نصحهم وقد شهد أن لا إلاه إلاّ الله . ولا شكّ أنّ هذا التّصنيف يكون أكثر قسوة على من فتح أعين النّاس على الكوارث الفكريّة التي تميّز بها " المنظّرون " المخلّطون خاصّة ، مستغلّين جهل النّاس بالشّرع وسذاجتهم أو بساطتهم ونيّاتهم الطّيّبة أو عظم العدوان على التّديّن في بلادنا ، وقد آستفادالمختطفون لتلك الحركة من كلالة الفرد في جهاز جبّار أخاف الفعاليّة وأسكن المبادرة وأمات الجرأة وأقبر المسؤليّة ، فآوى أكثرهم في مجتمعات الإستهلاك إلى كهف المعاش بعدما يئسوا من الإصلاح .
و لو أبقوا السّجال فكريا وسياسيّا خالصا كان أفضل لهم وأحسن من أن يجعلوها خصومات شخصيّة ، وكم من لوائح إتّهامات أفّاكة ألصقوها بالأبرياء وكم هي قاتمة كاذبة ومغرقة في التّضليل وأعظمها قدرتهم على قراءة ما في الصّدور ...
إنّ هذا السّلوك السّخيف المتكلّف : تثبيت شهوة التّصنيف على مخالفهم وإرادة إلحاق الأذى به بصنع الإفتراءات المتهافتة بذلك الحجم المكثّف والإفراط في توظيف إمكاناتهم ، وآستعمال أضعف سلاح وأبأس وسيلة تستعملها أحزاب الخيم الواهية : التّشويه العظيم والحصار والحضر الأثيم ، وسمّوا من دعاهم إلى التّأصيل : تكفيريّ ، وسلفي جهادي ... وآستعملوا الكذب والتّزوير ،
إنّ كلّ ذلك ، ممّا يعبّر عن خيبة أمل في أناس خدعوا العالم بشعاراتهم المزركشة ، كما يعبّر عن خلل تربويّ عظيم إذ لم يسلم منهم أيّ رجل من قياداتهم التّاريخيّة إذا قال يوما : كفى !!! إنّ هذا المسلك المرعب المخيف وهو : النّيل من إخوانهم سيكون وبالا عليهم ، لأنّ السّنن العادلة لا تعطي شرعيّة وحقّا لمن ينتقم ويعاقب كلّ من إقتنع بأنّه لا حلّ لوضع حركة النّهضة التّونسيّة إلاّ بالصّدع بالحقّ والكفّ عن المجاملة .
ولقد صنّفني من أحاورهم فكريّا في كمائن " الجهل " و " العمالة " و" التّكفير " و" السّلفيّة الجهاديّة " جزاء ما أدعوهم إليه من ضبط مرجعيّتهم الشّرعيّة والكفّ عن التّلفيق بين المرجعيّات والتّركيب بين ما يستحيل أن يتلاقى . أنقل أقوالهم وأفعالهم التي سجّلوها بأيديهم وأنفسهم بالصّفحة والتّاريخ والكتاب ، ويردّون عليّ بالبهتان .
لقد دعاهم كلّ عاقل أن يعالجوا الفكر بالفكر في مسائل سياسيّة للتّعاون في إصلاح الشّأن العام فخلّطوا والتجئوا إلى السّيف !!! والحال أنّي آتّخذت لهم سلاح العلم وحده ، وما سيفي البتّار إلاّ حجّتي ومحجّتي فمارسوا هيمنهم من أجل أن يحجروا عليّ إعلاميّا ومنعوني من مواقعهم القريبة منهم ثمّ هاجمونني كلّ مرّة بل لاحقوني في غير مواقعهم ، دعك من أنّهم لم يمكّنوني حتّى حقّ الرّدّ على إفكهم الفاقد لمناعة الأدلّة أوالحجّة ...
يطيحون بعقائد النّاس في حوارات فكريّة وحسابات سياسيّة :
ودون مؤهّلات علم وضوابط خلق يختطف هؤلاء القوم ، حقّ اللّه وحقّ رسوله في أسماء النّاس وعقائدهم و يتحكّمون فيها بالهوى والتّشهّي ، وكأنّ حرمات النّاس لعبة يتفكّهون بها وهم قد أبعدوا العقيدة من عملهم السّياسي ، إلاّ أنّهم يستعملونها من أجل ذبح من خالفهم فهم كالّذين قال الله فيهم :" وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون . وإن يكن لهم الحقّ يأتوا إليه مذعنين " 1
فصول المؤامرة وبيان نموذج الفكر الطّائش والمنهج المثير والفوضى الخلاّقة :
لقد حاولت أن أعالج الأخطاء الفكريّة والإضطرابات المنهجيّة للمنظّر فعوديت من طاحونة الفوضى التي ترشّح متعصّبة الحزبيّة أن ينالوا منك ، فجعلني الشّبح مهاجر بن محمّد جاهلا وتكفيريّا وجعلني محمّد طه عميلا ومنفّذا لخطّة أمنيّة رسمتها لي السّلطة ، وجعلني الهادي البريك متطفّلا وخارجيّا وتكفيريّا ، وجعلني البكّوش طابورا خامسا وأستا يريد أن يكون وجها ، وآتّهمني العويديدي بفعل غيري بسوء الخلق وبالتّكفيري ، وكان آخر تقليعاتهم ما جاء به قلم الشّبح علي بن سعيد بأنّني " أصبحت أقرب للتّيّار السّلفي الجهادي " ، و أسماء أخرى ساهمت في تلك الحملة الظّالمة الشّرسة . حتّى لكأنّك تجد نفسك أمام قوم تخصّصوا في صنع المعطيات الأمنيّة وبيعها للتّسلّق السّياسي . ولا شكّ أنّه لا يقوم بمثل هذه القذارة إلاّ من تجرّد من كلّ قيم الرّجولة والإيمان ، فلقد جاء الشّبح علي إبن سعيد خاصّة بعمل إستخباراتي رخيص لا يقدم عليه إلاّ تافه نمّام فتّان قتّات !
كما ليعلم من جعلني في السّلفيّة الجهاديّة أنّي لن أترك لهم السّاحة يعبثون بالإسلام ، فلقد آخترت أعظم الجهاد وأصعبه وهو جهاد الذّبّ عن الشّريعة من تحريف الغالين وآنتحال المبطلين وتطفّل الجاهلين وتلوّن المصالحيّن وتوظيف الحزبيّين .
وهذا الجهاد قد شهد به أئمّة أعلام منهم شيخ الإسلام إبن تيميّة وابن القيّم وغيرهما حيث يرون أنّ من أعظم الجهاد الرّدّ على المخالف ،كما ذكروا أنّ جهاد العلم والبيان مقدّم على كلّ أنواع الجهاد بل قالوا إنّ الرّدّ على من خالف الشّريعة أفضل من مقاتلة المحتلّ .
نصوصهم التّكفيريّة الواضحة الدّلالة الصّارخة العبارة :
وهذه أخي القارئ المنصف بعض نصوص القوم الذين رموني بالتّكفيري أضعها بين يديك ، لأبيّن غلوّهم :
النّصّ الأوّل : قال الغنّوشي :" بعد أن آهتديت إلى الإسلام في سوريا سنة 1966 ... تلك كانت ليلة دخولي الإسلام خلعت فيها عنّي أمرين : القوميّة العلمانيّة والإسلام التّقليدي في عمليّة واحدة ودخلت في الإسلام الأصلي " " 2
النّصّ الثّاني : " إنّ ما حلّ بنا ببلادنا ليس عائدا بحال إلى أنّنا كنّا متطرّفين رافضين للحوار والتّعايش ، فلقد فعلنا من أجل ذلك كلّ شيء وما بقي غير أن نعلن كفرنا مثلهم " ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء " ... وعلى قدر ما كان ربح الحركة عظيما على هذا الصّعيد لصدعها بالحقّ وتصدّيها لمخطّط إفساد تونس وتكفيرها وتهويدها " 3 .
النّصّ الثّالث: كما عرف الأستاذ بمنهج "الخارجيّة " وبالتّنظير للثّورة على السّلطة لمجرّد الجوع ، ولا أحسب أنّ عالما مسلما قال بغلوّه ذلك ، فكتب الأستاذ يبرّر لآنتفاضة الخبز التي وقعت في تونس سنة1984 وسمّاها "ثورة " تحت عنوان " من قتل دون ماله فهو شهيد "وآستدلّ بنصّ ضعيف نسبه إلى عمر بن الخطّاب " عجبت لمن لا يوجد قوت أهله كيف لا يخرج شاهرا سيفه " .
النّصّ الرّابع: وقد جاء على لسان نائب رئيس حركة النّهضة الأستاذ محمّد بن سالم في حواره الشّهير في موقع " كلمة نت " وهو ينقم على سلفيّة بعض الشّباب في تونس الذين سمّاهم تكفيريّين حتّى يوجد موقع قدم له ولحركته ويبتزّ بهذا المنهج الملوّث ، فهو من جهة يعترض على غلوّ هؤلاء الشّباب وكلّ عاقل يوافقه على ذلك إن ثبت ولكنّه هو نفسه يكفّر القوم الذين آستضافوه على موقعهم فها هو الذي يقول بالحرف الواحد :".... خاصة وأنّهم يكفّرون المعتدلين ، فنحن بالنسبة إليهم مثلكم تماما خارجون عن الدين .. "4 .
قلت :" فأين تضعون هذه النّصوص لمشائخكم يامن تذبحونني بالتّكفير عدوانا وتضليلا ؟ فهل تبيّن لكم يا قوم : من هو الخارجيّ ؟ ومن المحرّض على الخروج ؟ ومن المبيح لإسالة الدّماء ؟ ومن ؟ ومن ؟ ومن ؟
هذه حقائق قد تبدو للبعض جراحا مرّة وأليمة ، ولكن على نفسها جنت براقش ، و لأبيّن للنّاس وليعلموا أنّ من بيته من زجاج فعيب عليه أن يرجم غيره بحجر .
إنّه ليس من طبع العامل للدّين أن ينفخ في نار، أو يسبح في تيّار ،أو يشعل حربا ، فقد التزمت أن أعمل للبناء لا للهدم ، وللجمع لا للتّفريق ، وللإسلام الجامع وللأمّة جمعاء ، لا لفريق دون فريق ، وللدّفاع عن الشّريعة من التّوظيف الرّخيص والصّراع المرير. والشّرع العزيز العادل يعطيني حقّ الدّفاع فقال في أكثر من آية " لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ " 5 " وَالَّذِين َ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ" 6 " وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِين َيَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِك َ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ " 7 " فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُم فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ " 8 ْ وفي الحديث " لا قدّست أمّة لا يأخذ الضّعيف فيها حقّه غير متعتع " .
ماذا تفعل أمام تنظيم تخالفه فيوظّف الدّين لإخراجك منه ، وينغمس في دماء المسلمين بإلزامات سياسيّة وولاءات حزبيّة ، فما أخطرهم على العباد وعلى البلاد ! قال شيخ الإسلام – رحمه اللّه تعالى - : " ومن حالف شخصا على أن يوالي من والاه ، ويعادي من عاداه ، كان من جنس التّتر المجاهدين في سبيل الشّيطان ، ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل اللّه تعالى ولا من جند المسلمين ، ولا يجوز أن يكون مثل هؤلاء من عسكر المسلمين ، بل هؤلاء من عسكر الشّيطان " . 9...
إنّ هذه التّهم التي رمونني بها لا أعتبرها لأنّها لا تعنيني والذي أعلمه وأدين به ربّي أنّني رجل مسلم عضو في جماعة المسلمين التّونسيّين الذين يرفعون لواء أهل السنّة والجماعة وكتاباتي ولله الحمد والمنّة تشهد لي بذلك كما تشهد لي بالبراء من الحزبيّة والتّعصّب . وتونس العزيزة لا أريد لها أن تكوى بهذه التّحزّبات وبهذه التّعصّبات ولا بهذه الأسماء حرصا على وحدة المسلمين هناك ، قاطعا مع كل الفرق والحزبيّات التي ضيّعت المسلمين و أضعفتهم .
إنّه لا يتصوّر عاقل منصف أو خبير بأحوال النّهضويّين أنّهم إذ يرجمون كلّ من خالفهم بالخيانة والتّكفير يريدون أن يظهروا للنّاس أنّهم يغارون على العقيدة أو أنّهم أوفياء لها وقد أعلنوا أكثر من مرّة أنّهم لا يعتنون بها لأنّ الوقت ليس وقتها إنّما هو وقت مقاومة الاستبداد بل أعلنوا أنّ العقيدة عائق في طريق العمل السّياسي .
إنّهم لا يرفعون العقيدة إلاّ سيفا على من آنتقد منهجهم المتخاذل وفكرهم المائع وينتقمون بها على من تمسّك بمنهج أهل السّنّة والجماعة ، ودعاهم إلى التّأصيل وضبط المرجعيّة والفهم .
إنّهم يوظّفون العقيدة فحسب لآستئصال إخوانهم المخالفين لهم ، إبتزازا وآنخراطا في آستباق جنوني لآستحقاق وهميّ إسمه التّأشيرة والمشاركة في الحكم ، و إستجابة لتأثيرات الغازي وترويجا لثقافة صانعي صراع الحضارات والحروب المقدّسة وآنخراطا في دقّ طبول الحرب ضدّ التّكفير حقّا كان أو باطلا .
إسمع أخي ماذا يقول الأستاذ الغنّوشي حتّى يتبيّن لك هل القوم حريصون على العقيدة أم لا ؟ " ويوما ما أنا كتبت في بداية السّبعينات مقالة في تونس قلت فيها : ليتنا كنّا يهودا ، بمعنى أنّنا نطالب مساواتنا باليهود "10 ..
كلّ ذلك وغيره كثير أمدّه بين يدي كلّ منصف يرجم به من آمتهن قلب الحقائق وولع بها ويوظّف المصطلحات المثيرة ليظهر حرصه على الأمن والإيمان والسّلامة والإسلام وهو في الحقيقة يروّج لباطله .
من شغله التّأصيل عن التّضليل فهو معذور:
إنّ من آقتحم العمل السّياسي دون إعداد تربويّ عال كما هو حال هؤلاء لا تستغرب أن يقضوا حوائجهم بالإضرار بدين ودنيا إخوانهم الذين سبقوا الكثير منهم في هذه الحركة لمّا كانت تعمل للإسلام وحده .
إنّني لم أفعل جناية شرعيّة في حقّ أحد منهم بل كلّ ما فعلته بعدما عجزت سرّا إلاّ أن أعلنت أفكاري لإصلاح ما يمكن إصلاحه ، فبأيّ حقّ يوظّف هؤلاء المصطلحات الشّرعيّة في خلافات فكريّة وعمليّة ؟ فمن أعطاهم ذلك الحقّ ؟ آالله ورسوله ؟؟؟ والله إنّ كلّ هذا لا يعرفه المسلمون مع بعضهم بعضا ، بل هو ما مارسه إلاّ القساوسة والرّهبان مع النّصارى ، والحزّابون مع اليهود . قال شيخ الإسلام :" وإذا جنى شخص فلا يجوز أن يعاقب بغير العقوبة الشّرعيّة ، وليس لأحد أن يعاقبه من المتعلّمين ، والأستاذين أن يعاقبه بما يشاء ، وليس لأحد أن يعاونه ولا يوافقه على ذلك...فانّ هذا من جنس ما يفعله القساوسة والرّهبان مع النّصارى ، والحزّابون مع اليهود ، ومن جنس ما يفعله أئمّة الضّلال والغواية مع أتباعهم " 11 . إنّ عليّ بن طالب لم يقل في الخوارج وقد كفّروه وأباحوا دمه وخرجوا عليه مالم يقله النّهضويّون في مخالفهم . والله المستعان !!! ولقد قلت لهم أكثر من مرّة : إنّي أمارس حقّي في النّصح الشّرعي ّو الخلاف السّياسي و قد أكون مخطئا فعالجوا فكري بالعلم لا بالجهل وبالعدل لا بالظّلم وبالأمن لا بالإستئصال !!!
إنّ هؤلاء الذين غرسوا النّبتة الخبيثة في الخضراء : " التّكفير العيني للأبرياء من المؤمنين "، سيلعنهم شعبنا المسلم إلى الأبد إلاّ أن يتوبوا لأنّهم هم الذين زرعوا تلك النّبتة الخبيثة القاتلة .
هؤلاء جميعا ومن معهم أتحدّاهم أن يقولوا كلمة واحدة تشين اليسار والعلمانيّين في مناهجهم أو في ذواتهم ! فما أجرأ النّهضويّين على الأبرار وما أجبنهم على الفجّار ! فهل ثمّة أعظم ذلاّ وضلالا ومسخا من قوم يتركون أهل الأوثان ويحاربون أهل الإيمان !!!
بين القلم والحجّة و السّيف والزّور :
فالحاصل أنّ جماعات نهضة المهجر يعملون خارج ثوابت الشّريعة وقيمها السّمحاء ويكثرون العداوة والبغضاء ضدّ من خالفهم من إخوانهم ، ولا يشفع لهم شيئ ولو كانوا قياداتهم تاريخيّة اوأصحاب فضل عليهم ، ثمّ هم لا يديرون ذلك الخلاف الفكري والإجتهاد السّياسي في إطار الأخوّة والمحبّة والتّسامح والتواضع والرّحمة وتقصّد الحقّ .
لقد كانت حملة منظّمة وعدوانيّة ظالمة وكانت دعاويهم كلّها باطلة شكلا ومضمونا وأنّ وراءها أهدافا شخصيّة وسياسيّة وقضائيّة وأمنيّة فإلى الله تعالى وحده المشتكى ممّن يعمل للدّين بإرادة الشّرّ بالمسلمين . إنّ ما أظهروه من عدوان لينمّ عن ضعف القوم وفشلهم في مواجهة الحقائق الدّامغة ، كما يعبّر بكلّ مرارة عن إبراز أنفسهم أنّهم الفرقة النّاطقة باسم الدّين وبأنّهم النّاجون دون غيرهم فأعطوا لأنفسهم حقّ ممارسة أقصى أشكال الإستئصال عبر آمتحان النّاس على فكرهم الخليط ومنهجهم المتلوّن ، فهبّوا بما لم ينالوا لمّا جرّحوا من خالفهم من الأبرياء بشروطهم وموانعهم لأسباب واضحة لم تعد خافية على أحد .
هذا بعض ما رسمه قيادات يختطفون حركة النّهضة المبشّرين ب"الحرّيّة والعدالة والدّيمقراطيّة " في الدّنيا والجنّة في الآخرة ، هؤلاء هم أصحاب "البديل" المأمول !!! . فكيف يمكّن الله تعالى لقوم لم يتأهّلوا ؟؟؟ وكيف ينال مثل هؤلاء الإحترام من طرف شعبهم ؟؟؟
ولكلّ ما سبق وغيره ، وحيثما تبيّن لك أخي القارئ كشف حال من ينتسب إلى الإسلام وقد ارتدى ألواناً من سوء الخُلق والجهل والكبر والتّعصّب الذي يشَوِّه جمال ذلك الانتساب .
فإنّني أشهد الله تعالى وحملة عرشه وملائكته وجميع خلقه والتّاريخ :
1 خجلي أن يدرج إسمي ضمن حركة النّهضة التي أصبحت تتعامل مع الإسلام بمنهج إنتقائيّ وتصرّ على محورة الإسلام في قالب الفكر السّائب ومنهج مائع أو يدرج في شخص أو حزب ثمّ يمتحنون النّاس على ذلك .
2 خجلي أن أكون ضمن حركة صار عدد قليل من قياداتها يتصرّفون فيها كأنّها مزرعة خاصّة لهم
ويحمون أنفسهم بأشكال قديمة بالتّهديد والإنتقام وإذلال كلّ من آنتقد تخبّطاتهم ويصنعون ممّن خالفهم فزّاعات للإبتزاز والإنتهاز .
3 الشّرف العظيم أن يتّهم البريء من هؤلاء الذين رشّحتهم الحزبيّة أن يكونوا كنيسة تعدّل الدّين وتحاكم من خالفهم على شروطهم وموانعهم ومقاساتهم ، لأنّه لا يضرّ العارف بالله تعالى ، الفقيه بسنن المنصورين أن يطعن القاعدون المخذّلون فيما تبيّن لي من دين مهما روّج المفلسون الذين آنعطفوا إلى المسالمة مع الجميع إلاّ مع الّدعاة إلى التّوحيد الخالص .
4 أنّ الوقت قد حان لكبح من تحدّثه نفسه بتحويل مشروع الأمّة كلّها إلى عجلة خامسة بائسة تسوّق لليبراليّة غازية وعولمة غالبة تحت وهم أنّها السّبيل الوحيد لمواجهة " الإستبداد " فكبكبوا في الأقلّيّة المتحالفة مع المشاريع الموالية للإستكبار وآستماتوا على الإلتقاء معها توافقا أو مشاركة أو ربما تحالفا وتخلّت عن ثوابت دينها بتصنيع المغالبة ضدّ سلطة راحت تنتقم من شعبها بفعل الحسابات الخاطئة لحركة النّهضة ومن تحالفت معها ..
5 رفضنا آستخدام السّياسيّين " الإجتهاد " داة لتطويع الإسلام دين التّونسيّين وتمييعه وتذويبه لتتوافق مع رغبات للوصول إلى السّلطة أو لتتناسب مع توجّهات سياسيّة متلوّنة و فكريّة شاذّة . والإجتهاد الحقيقي الواجب في حقّ هؤلاء ، ليس هو في الإسلام إنّما هو في أنفسهم : تعلّما وعملا ، وفي فكرهم : إنضباطا للوحي الكامل وتسليما له .
6 رفضنا لخطاب النّهضة المستميت على تعقيد الأوضاع داخل البلاد ، والإدانة الممجوجة في كلّ مرّة للسّلطة ورمزها وتبرئتهم لحركتهم وزعيمها العنيد الذي أبّد وضعه في المهجر بأنفس ضعيفة صرعتها مصالحها ، رغم الكوارث الهائلة التي سبّبتها مغامراته وآنقلاباته .
7 رفضنا سياسات النّهضة المنحبسة في مناخات المؤامرة والشّكوى وأسرهم وآرتهانهم وآنحباسهم في إسقاط كلّ من آنتقد تصرّفاتهم في خانة التّكفير والخيانة والمؤامرة والطّابور الخامس وغير ذلك من الظّلم والإضطهاد والإبتزاز .
8 إنّ حملة العلم وطلبته والدّاعين إليه ليس لهم ولاء إلاّ للملّة ولا للجماعات المفرّقة أوالسّاسة المغامرة ، فالواجب عليهم أن يجاهدوا من أجل تحريرالعلم والعمل من حدود الأطر الحزبيّة التي تحجّمه و من مصالح الهياكل التّنظيميّة التي تركّعه لحساب طوائف محدودة في الأمّة ، أو تدخله في مواجهة سياسيّة أو مغالبة سلطة أو محاكمة مخالف أو توظيف لمجموعة ما قد تكون في الحقيقة معادية للعلم الأصيل المتحرّر من الولاءات الباطلة .
9 إنّ حملة العلم وطلبته والدّاعين إليه ، لا يخيفهم تهديد أووعيد والملزم في حقّهم أن يصمدوا ويقاوموا لمّا آختاروا جهاد الكلمة والبيان ، ولذا فإنّ الواجب الشّرعي والوطني يفرضان عليّ لما تبيّن لي من حال تلك الحركة أو من غيرها أن أظهرالحقّ الذي أدين به ربّي ، وأن أواصل ما عزمت عليه من تحرير الإسلام في الخضراء من التّحريف والتّوظيف حتّى تسلم الصّحوة من الزّيغ والضّلال ، وأن لا أنتصر لشخص انتصارا مطلقا عامّا إلاّ لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ، ولا لطائفة انتصارا عامّا مطلقا إلاّ للصّحابة رضي الله عنهم أجمعين ومن تبعهم بإحسان .
10 إعلان إستقالتي من حركة النّهضة التي فقدت كلّ شرعيّة ومصداقيّة وجدت نفسي فيها غريبا ومظلوما منذ سبعة عشر سنة ، ففرت بديني من فتن المناخات الملوّثة والمسمومة منذ ذلك التّاريخ ، عندما سعيت مع 12 من الإخوة المعتبرين لإنقاذ الجماعة المثقلة بكوارث الهزائم ، فواجهنا جهاز الرّعب بالتّعبئة الدّاخليّة والعلنيّة فمارسوا الإقصاء وإرادة الإذلال وأقصى أشكال الظّلم وصبرت وفارقت القوم ، ثمّ جاؤني يريدون المصالحة ليلة 10 سبتمبر 2001 فرفضت أن أرجع إلى جهاز موبوء ، لأنّه لا مكان ولا حرّيّة للأحرار في الأجهزة السّرّية ، ولم أعلن عن آستقالتي حتّى يأتي الوقت المناسب . ولمّا عزمت على إطلاع الرّاي العام على منهجي للإصلاح عبر الشّبكات العنقوديّة عوديت أشدّ قسوة ، و فات ظلمهم هذه المرّة كلّ التوقّعات وخرق كلّ الحدود .
11 أنّه مهما كانت التّحدّيّات فلن أسكت عن بيان ما ظهر لي من آنحراف ، أو أسرّه أو أجامل في ديني أو أداهن فيه أو أنافق . فهل نرى التّهوّك ولا نغضب للّه تعالى ؟ فهل تريدون أن أكون شيطانا أخرس ؟ أو تريدون أن أكتم شهادة ؟ أو ترييدون أن ألبّس على النّاس دينهم ؟ أو تريدون أن تلحق بي لعنة الله تعالى ولعنة اللاّعنين . أمّا عرضي فهو هبة لكلّ من هبّ ودبّ فليفعلوا به ما يشاؤون ! ورحم الله تعالى سيد العباد بعد الصّحابة : أويس القرني ، القائل : " إنّ الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقًا ، نأمرُهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا ، و يجدون في ذلك أعوانًا من الفاسقين ، حتّى و الله لقد رموني بالعظائم ، و أيم الله لا أدعُ أن أقوم فيهم بحقّه " 12 . ورحم الله تعالى سهل بن عبد الله القائل : " عليكم بالأثر و السّنّة ، فإنّي أخاف أنّه سيأتي عن قريب زمان ، إذا ذكر إنسان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والاقتداء به في جميع أحواله ذمّوه و نفروا عنه و تبرّأوا منه و أذلّوه و أهانوه " . ومن شهير أقوال الأوزاعي " عليك بآثار من سلف ، وإن رفضك النّاس ، وإيّاك وأقوال الرّجال وإن زخرفوه وحسّنوه ، فإنّ الأمر ينجلي ، وأنت منه على طريق مستقيم " ...
" وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ " يوسف :21 .
الإمضاء : خميس بن علي الماجري
باريس في الخميس 23 ذو القعدة 1427 الموافق ل 14 ديسمبر2006 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.