تعتبر عطلة أعياد الميلاد باحتفالاتها فرصة تشغل الناس عن المواضيع التقليدية، ففي هذه الأيام يكثر الحديث عن المتعة واللهو و هدايا الميلاد، وينسى الهولنديون كل همومهم ليرتاحوا من رتابة العمل و ينطلقوا إلى اللهو والمتعة، بينما وجد المسلمون في عطلة الميلاد لهذه السنة فرصة كبيرة للكثير منهم ليتوجهوا بأعداد كثيرة إلى الحج تجاوزت ال4000 حاج رغم ارتفاع تكلفة الحج مقارنة بالسنة الماضية وذلك لتزامن موسم الحج مع عطلة راس السنة الميلادية. وبهذه المناسبة ينشغل الهولنديون بتزيين بيوتهم ومدنهم بشتى أنواع الزينة، منها ما يرمز إلى طقوس دينية ومنها ما يعبر عن الفرحة بانقضاء سنة ومجيء أخرى، فترى المشهد يتكرر في الشوارع والأسواق و في كل زاوية: فوانيس وأشجار الميلاد، وتماثيل لرموز دينية و هدايا واكلات تتميز بها هذه الفترة من السنة، ولعل أكثر ما يشاهد هو تماثيل كبيرة وصغيرة للبابا نويل وهو عبارة عن شيخ يلبس الأحمر له لحية طويلة وشوارب بيضاء يحمل الهدايا ويوزعها على الأطفال. وأمام هذا المشهد يقف المسلمون مواقف متعددة، أبرزها انشغالهم بتوديع الحجاج من البيت إلى المطار حتى أصبح المطار الرئيسي في أمستردام يكتسي اللون الأبيض من كثرة الحجيج ومودعيهم، الذين يحرص الكثير منهم على ارتداء لباس الإحرام من هولندا، وينقسم الحجيج إلى عدد من الوفود حسب تركيبية الجالية فمنهم من الأتراك و المغاربة و السورينام وبعض الجنسيات الأخرى، و الوفد المتميز هو وفد المسلمين الجدد ويجمع كل سنة من اسلم حديثا . ولقد شرف الله عز وجل المركز الثقافي الاجتماعي في هولندا بتنظيم هذا الوفد الذي يضم ثلة من المسلمين الهولندي الأصل الذين من الله عليهم بنعمة الإسلام ممن لم يسبق لهم أداء فريضة الحج من قبل، والمركز وهو يدعو الله أن يتقبل هذا العمل، يسعى إلى رعاية بذرة الخير في قلوبهم، وتيسير لقائهم بالمسلمين، والوقوف على أحوالهم، ولقاء أهل العلم، والاستفادة منهم، وطرح المشكلات عليهم لتتجذر محبتهم لهذا الدين وليكونوا رسل خير بين أهلهم ورفاقهم ومجتمعهم، ولقد لمس كل من لقيهم الفرحة والبشر على وجوههم وابتهاجهم بتيسير الله لهم الحج هذه السنة. ورغم الأجواء المشحونة من قبل بعض الساسة والإعلاميين محذرين من خطورة المسلمين الجدد إلا أن ما أبدوه وهم متوجهين إلى البلد الحرام من معرفة نقية وصحيحة و فهم وسطي ينير طريقهم ولا يكدر حياتهم، و تأكيدهم على التعايش مع أهلهم الطيبين ومجتمعهم في امن وسلام ووئام، ووصفهم لفريضة الحج، بأنها ترسيخ لمعاني الصبر والتسامح ورحابة الصدر، يبدد مخاوف المواطن الهولندي العادي الذي لا يكن للإسلام إلا كل خير ولا يرى في المسلم أو المسلمة عدوا ولا خطرا..