أفاق الشعب التونسي صبيحة يوم الأحد 24 ديسمبر الجاري على خبر المواجهة المسلحة بين قوات البوليس والجيش التونسي وعناصر مسلحة ظلت حتى اليوم مجهولة الهوية. كما ظلت الأحداث نفسها محاطة بالغموض جراء التعتيم الإعلامي الذي اتبعته السلطة بما ترك المجال مفتوحا للإشاعة والروايات المختلفة. وقد اضطرت السلط التونسية إلى نشر الخبر بطريقة صحفية جافة ملمحة إلى أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى مواجهة بين قوات الأمن وعصابة مخدرات خطيرة أمكن التغلب عليها بسرعة، وهو ما رددته جرائد التعليمات ضاحكة على ذقون المواطنين وفاتها أن الشعب يمكن أن يستجلي الحقيقة رغم التعتيم والكذب. هذه هي حقيقة الأحداث التي جرت في تونس مؤخرا والتي تصرّ السلطات على إخفائها على الشعب حتى ترسخ الانطباع السائد حول استقرار الوضع وسيطرة النظام عليه. إن ظهور مثل هذه الأحداث إنما يؤشر على مدى ما بلغته الأوضاع في بلادنا من تردّي وأن الغضب الشعبي الذي أمكن للسلطة إخماده بالحديد والنار والقبضة الأمنية يمكن أن يؤدي رغم كل شيء إلى مثل هذه الأحداث الأليمة وإلى ظهور مثل هذه الجماعات المتطرفة والموغلة في الرجعية والتي تريد استغلال النقمة الشعبية في غير وجهتها الصحيحة. لقد آن الأوان لكي يرفع عن الشعب التونسي كابوس القمع والتسلط والفساد والقهر والاستغلال وإلا فإن لبلاد مهددة بفوضى السلاح والاقتتال الدامي الذي يتحمل مسؤوليته نظام السابع من نوفمبر الاستبدادي.