قافلة للحزب الدستوري الحر نحو سجن بلِّي بنابل تضامنا مع عبير موسي..    ميناء حلق الوادي: وصول باخرتين سياحيتين تقلّان قرابة 9500 سائح    استشهاد 30 فلسطينيا في قصف صهيوني على منتظري المساعدات ومنازل وخيام غزة..#خبر_عاجل    الحماية المدنية : إطفاء 189 حريقا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    إيران تعلن تفكيك خلية تجسس تابعة للموساد في طهران    كأس العالم للأندية: التعادل يحسم مواجهة إنتر ميلان الإيطالي ومونتيري المكسيكي    تونس تحتضن بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية للناشئين تحت 17 سنة بمدينة الحمامات    كرة السلة: النادي الافريقي يعزز صفوفه باللاعب الدولي اسامة المرناوي    الأسلحة النووية: كيف تُصنع ولماذا تُعد أخطر أسلحة العالم؟    94 إصابة جراء الضربات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل    ميتا تعبر عن قلقها من مطالبة إيران مواطنيها بالتوقف عن استخدام واتساب    أحمد ونيس: مخاطر التدخل الأميركي في الحرب تُهدّد بتصعيد عالمي    تونس تتسلم دفعة تضم 111 حافلة جديدة مصنعة في الصين    خامنئي يعلن بداية المعركة.. ويدعو للرد بقوة على إسرائيل    كأس العالم للأندية 2025 : صن داونز الجنوب أفريقي يهزم أولسان هيونداي الكوري 1-صفر    العرب في قلب الحدث: أبرز مواجهات اليوم في كأس العالم للأندية ...التوقيت    3'' حاجات'' لا تخرج من المنزل بدونها فى الطقس الحار    علاش يلسعك إنت بالذات؟ 5 أسباب تخليك ''هدف مفضل'' للناموس!    أطعمة تزداد فائدتها بعد التبريد: مفاجآت صحية في ثلاجتك!    انخفاض في درجات الحرارة... وهذه المناطق مهددة بالأمطار    مدينة العلوم تقدّم أنشطة مجانية السّبت المقبل بمناسبة اليوم العالمي للشمس والانقلاب الصّيفي    صاروخ ''فتاح'' يثر الرعب ...يتخفى و يناور ...شنية حكايتوا ؟    لماذا رفضت وزارة العدل توثيق الطلاق لدى عدول الإشهاد؟    عاجل/ اضراب بيوم في "الستاغ"..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    50 مقاتلة تشن غارات بطهران وصواريخ "فتّاح" تستهدف إسرائيل للمرة الأولى    بيب غوارديولا.. عائلتي تحب تونس    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    إختيار 24 عينة فائزة في الدورة الثامنة لجائزة أحسن زيت زيتون تونسي بكر ممتاز    مع تراجع المستوى التعليمي وضعف التقييم...آن الأوان لإجبارية «السيزيام»؟    تدشين قسم طب الولدان بمستشفى شارل نيكول بمواصفات متطورة    ملتقى تونس الدولي لألعاب القوى: التونسي بشير عقوبي يفوز ببرونزية سباق 1500 متر    وزارة التجارة تدعو تجار التسويق والترويج عبر قنوات التوزيع الالكترونية إلى اعلام المستهلك بتفاصيل العروض المقترحة    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    صفاقس: تنظيم يوم الأبواب المفتوحة بمركز التكوين والتدريب المهني بسيدي منصور للتعريف بالمركز والإختصاصات التي يوفرها    "عليسة تحتفي بالموسيقى " يومي 20 و 21 جوان بمدينة الحمامات    الدورة الأولى لتظاهرة "لقاءات توزر: الرواية والمسرح" يومي 27 و28    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    باجة: اعادة اكثار واحياء قرابة 5 الاف صنف من الحبوب بنجاح    منوبة: فتح الجزء الثاني من الطريق الحزامية " اكس 20 " بولاية منوبة    قفصة : حلول الرحلة الثانية لحجيج الولاية بمطار قفصة قصر الدولي وعلى متنها 256 حاجا وحاجة    المائدة التونسية في رأس السنة الهجرية: أطباق البركة والخير    ماهر الكنزاري : " أشعر بالفخر بما قدموه اللاعبون"    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    قيس سعيّد يعلنها صراحة: لا مناولة بعد اليوم في القطاع العام.. وثورة تحرير وطني في الأفق!    تحويلات التونسيين والسياحة تغطي أكثر من 80٪ من الديون الخارجية    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    6 سنوات سجنا لنائب سابق من أجل الإثراء غير المشروع    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عفيف الأخضر: نظرة وداع على2006‏‏‏
نشر في الوسط التونسية يوم 16 - 07 - 2007

تماشيا مع الملفات التقيميية التي جهزتها إيلاف لعام 2006، محاولةً لفهم مسار العام من خلال رصد أهم أحداثه الفكرية والسياسية والاجتماعية، واعطاء فرصة لقرائها لمراجعة نقدية، أجرينا حديثا شاملا مع المفكر التونسي العفيف الأخضر يحلل فيه أهم الأفكار والوقائع التي تعارضت خلال عام 2006. وحتى لا نسقط في روتينية السؤال والجواب الشائعة، لخصنا الأسئلة في عناوين فكرية مكثفة يسمح لمفكرنا العفيف الأخضر أن يجيب على نحو محوري ومُركّز، فالتاريخ، كما يوضح هو في تبنيه لفلسفة التاريخ "يحركه صراع أبدي بين الاتجاه والاتجاه المضاد؛ الاتجاه هو التقدم إلى الأمام والاتجاه المضاد هو العودة إلى الوراء. اتجاه التقدم إلى الأمام هو الاتجاه إلى الانتقال دائما أكثر من الطبيعة إلى الثقافة، من العقل الإلهي إلى العقل البشري، من الفطرة المتوحشة إلى التحكم في هذه الفطرة، أي في النوازع العدوانية المتأصلة في النفسية البشرية؛ من الاتجاه إلى القتل والحرب والعنف إلى الاتجاه إلى حب الحياة والتعلق بالسلام، ومن الدولة الدينية إلى الدولة المدنية. وهذا الاتجاه يقابله الاتجاه المضاد إلى العودة إلى الوراء: من الثقافة إلى الطبيعة، ومن التحكم في الفطرة إلى تحريرها من عقال العقل، ومن التعلق بالسلام إلى فريضة الجهاد إلى قيام الساعة، ومن الدولة المدنية إلى الدولة الدينية. التاريخ المتحقق في الواقع هو حصيلة الصراع بين هذين الاتجاهين".
والآن، لنبدأ من الاتجاه المضاد، أي بالأخبار السيئة التي حملتها سنة 2006 التي نودعها:
العالم: ضبط للتنافس أم حرب تجارية؟
مخاطر تدمير البيئة يبدو أنها جعلت الأرض على كف عفريت؛ الغابات والمحيطات تمثل الرئة التي تتنفس منها الأرض؛ أي مصدر الأكسجين الذي بدونه تنتفي الحياة. الغابات تندثر والبحار والمحيطات تتلوث والحرارة والجفاف في ازدياد، والثلوج الأبدية تذوب، ومنسوب البحار يرتفع ليغمر السهول الزراعية الخصبة، وثقوب الأوزون تتسع... وأسوأ أخبار السنة العلمية أن البشرية ستشهد بين عام 2025-2030 تكاثر الأعاصير والزوابع بمعدل تسونامي كل بضعة شهور، وارتفاع مياه المحيطات وتفاقم التصحر. والخبر السيئ الآخر أن الولايات المتحدة مازالت مصرة على عدم المصادقة على اتفاقية كيوتو المتواضعة جدا!
وخبر سيئ آخر هو توسع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وخاصة النووي منها. كوريا الشمالية مصممة على امتلاك السلاح النووي وكذلك إيران. أسلحة الدمار الشامل الموجودة الآن تشكل تهديدا وجوديا لبقاء البشرية. أما مزيد انتشارها فيزيد الخطر تفاقما. لأن الحرب النووية، وهذا مؤكّد، ممكنة حتى بالخطأ.بل إن انفجار 15 مفاعل نووي من حجم تشرنوبيل كفيل بجّعل الحياة مستحيلة على الأرض، علماً بأنه توجد حالياً عشرة مفاعلات نووية في الوضع الذي كان عليه تشرنوبيل قبل انفجاره.
ومن الأخبار السيئة الأخرى لسنة 2006 أن العالم مازال لم يجد بعد - وقد لا يجد قريبا- ضوابط للتنافس التجاري العالمي بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا والصين والهند. وذلك بعقد اتفاق دولي؛ بإشراف منظمة التجارة العالمية، لتقاسم الأسواق بين جميع الأمم تفاديا للحرب التجارية. الحرب التجارية كانت دائما خلال القرن العشرين الطريق الملكي للحرب العسكرية.
الشرق الأوسط: سباق بين الفوضى الدامية والسلام؟
ومن الأخبار السيئة في الشرق الأوسط احتمال الحرب الأمريكية الإيرانية. معظم المحللين الإستراتيجيين يتوقعوا الحرب الأمريكية الإيرانية أو الإسرائيلية الإيرانية في أواخر سنة 2006. من الأخبار الجيدة أنها لم تقع في أواخر 2006؛ لكن ذلك لا يضمن أنها لن تقع في السنة القادمة أو التي تليها. لأن إيران لن تمتلك السلاح النووي قبل عشر سنوات وسيف الحرب سيبقى مسلّطا عليها. الهوس بأسلحة الدمار الشامل تغذيه عقدة الاضطهاد الهاذية لدى المتشددين من ملالي إيران الذين يرون الأعداء في كل مكان. قطيعتهم مع الواقع الإقليمي والدولي جعلتهم لا يبالون بكون امتلاكهم للسلاح النووي خطاً دولياً أحمر.
انتخاب مجلس الخبراء الذي له الحق في تعيين مرشد الثورة وعزله، والانتخابات البلدية التي تزامنت معه في 15/12/2006، قد يدشن بداية مسار سياسي مختلف إذ أن المحافظين المعتدلين برئاسة حجة الإسلام علي هاشم رفجستاني، والإصلاحيين برئاسة الرئيس السابق محمد خاتمي هم الذين فازوا فيها على حساب الملالي المتشددين والرئيس أحمدي نجاد. وهم ليسوا متحمسين لدخول بلادهم إلى النادي النووي. هزيمة الملالي المتشددين والرئيس الإيراني، قد تبشر بإمكانية تجنب الشعب الإيراني والشرق الأوسط كله ويلات الحرب المحتملة. هذا بالطبع إذا استطاع الملالي البرجماتيون والإصلاحيون الليبراليون السيطرة الفعلية على صُنع القرار الذي أحتكره المتشددون طوال حكم خاتمي رغم هزائمهم الانتخابية، لأن ثقافة التداول على قيادة الدولة، أو حتى قيادة الحزب، ما زالت لم تدخل إلى الوعي الإسلامي. فمازال نموذج الخليفة الذي لا يعزله الا الموت او الكفر البواح متجذرا في هذا الوعي.
خبر سعيد آخر هو المظاهرات التي واجه بها الطلبة الإيرانيون زيارة أحمدي نجاد لجامعة طهران. لقد واجهوه بشعارات لا سابق لها في تاريخ رؤساء الجمهورية الإسلامية؛ مثل {الموت للديكتاتور} الذي عوضّ شعار الجمهورية الإسلامية منذ ظهورها: {الموت لأمريكا}. نجاح البرجماتيين والليبراليين، متوقف أساسا على المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. لماذا لا يقدمان لإيران عرضاً شاملا لاحترام مصالحها المشروعة في الشرق الأوسط، وتمكينها من امتلاك الطاقة النووية السلمية تحت الإشراف الدولي وتطبيع العلاقات معها بشرط مشاركتها الفعالة في استقرار العراق ولبنان ودول الخليج، واحترامها، بتعريف الحد الأدنى، للديمقراطية وحقوق الإنسان؟. مثل هذا العرض كفيل بتضييق خناق العزلة الشعبية على الملالي المتشددين ورئيسهم الهاذي الذي يعترف في التلفزيون بأنه يلتقي مرتين في الأسبوع بالإمام الغائب ويتلقى منه مبادئ سياسته!. وبالمناسبة فأن الشيخ عبد السلام ياسين مُرشد جمعية العدل والإحسان، أكبر الأحزاب الإسلامية في المغرب، مُصاب هو الآخر بذات المرض؛ انفصام الشخصية. وقد نشر منذ شهور على موقعه على الإنترنت خبرا يقول أنه يتعشى مع النبي محمد وأن هذا الأخير يقود به جواده إلى منزله. وهذا الهذيان في الواقع إحدى تجليات الهذيان الديني والسياسي المنتشر لدى النخبة والجمهور في أرض الإسلام، خاصة أرضه العربية الإسلامية.
ولماذا لا يقدم المجتمع الدولي عرضا مماثلا لسورية يعدها باسترداد الجولان وبمساعدة اقتصادية كثيفة بشرط أن تتخلى نهائياً عن تخريب لبنان والطمع في العودة إليه عسكريا أو سياسياً، وأن تشارك مشاركة فعالة في استقرار العراق، الذي هو في الوقت ذاته ضمان لاستقرار سوريا وإيران ومعظم دول الشرق الأوسط، وتحترم ألف بَا حقوق الإنسان في معاملة شعبها؟
يبدو أن حاكم سورية مستعد لذلك. فقد أعلن التلفزيون الإسرائيلي في 17/12/2006 أن الحكومة السورية أرسلت لحكومة إسرائيل وثيقة رسمية تتعهد بالسيطرة على خالد مشعل ونزع سلاح الجولان بعد استرداده "وإقامة المصانع والمشاريع الاقتصادية بمشاركة الإسرائيليين والأمريكيين في المنطقة" {القدس العربي: 18/12/2006}. إقامة مثل هذه الشراكة الاقتصادية على الحدود بين دول الجوار وإسرائيل هي ضمانة أساسية لسلام دائم ومقدمة لمناطق تبادل حر ولاحقا سوق شرق أوسطية مشتركة...وهو ما أقترحه محمد سيد أحمد في كتابه{1977} "عندما تسكت المدافع".
فلسطين: فوضى دامية أم دولة فلسطينية؟
من أخبار سنة 2006 السيئة، بل ربما كان أسوأ أخبارها، هو احتمالات الحرب الأهلية الفلسطينية بين فتح وحماس. وهو الأسوأ لأن صُناع القرار الإقليمي والدولي ينظرون للسلطة الفلسطينية كمختبر: هل هي قادرة على أن تشكل نواة دولة فلسطينية مستقرة داخليا ومسالمة مع جيرانها. النتيجة الأولى لحرب حماس- فتح ستكون تفاقم الفوضى الدامية في الأراضي الفلسطينية. وربما كانت أولى ضحايا هذه الفوضى هي الدولة الفلسطينية التي أقتنع بضرورتها المجتمع الدولي بما في ذلك حكومة الليكود التي جعلتها الديموغرفيا الفلسطينية أمام خيارين: إما أن تبقى إسرائيل دولة يهودية لِجميع مواطنيها. وهذا لا سبيل إليه إلا بظهور دولة فلسطينية مستقلة، وإما أن تضم إليها الفلسطينين كمواطنين من الدرجة الثانية، أي كأهل ذمة، محرومين من حقوق المواطنة الكاملة. وعندئذ تتحول إسرائيل حقاً إلى دولة عنصرية منبوذة من المجتمع الدولي ومن القطاع الليبرالي من يهود الشتات.
إذا فشلت السلطة الفلسطينية في هذا الامتحان فقد يلجأ صُناع القرار الإقليمي والدولي إلى إحياء سيناريوهات كنا نظن أنها قُبرت مثل إعادة الضفة إلى الأردن، وإيجاد صيغة قانونية لوضع غزة تحت الحماية المصرية...بقاء الجرح الفلسطيني مفتوحا يعني بكل غباء، تقديم هدية للإرهاب الإسلامي لتفجير حرب دينية عالمية ثالثة بين العالمين الإسلامي واليهودي-المسيحي. وهذا هو هدف "القاعدة". ألم يكتب فقيهها الأول المجاهد د. أيمن الظواهري في كتابه "فرسان تحت راية النبي {2001}: فلسطين عزيزة علينا لكنها ليست هدفنا الأول. هدفنا هو الولاء والبراء....لكن لابد لنا من وقت طويل لجعل جماهير الأمة تفهمه. لكن عدونا لن يترك لنا هذا الوقت. لذا علينا أن نجعل من الجهاد ضد اليهود والصليبيين وسيلة لإفهام الأمة الإسلامية حقيقة الولاء والبراء: كراهية اليهود والصليبيين في الله!
ما هي أسباب هذه الحرب الأهلية المحتملة؟
أرى ثلاثة أسباب أساسية:
السبب الأول هو التدخل الإيراني- السوري الذي لا يريد حلّ النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي قبل حلّ مشاكله الخاصة: إلغاء المحكمة الدولية واستعادة الجولان بالنسبة لسوريا؛ والدور الإقليمي والسلاح النووي بالنسبة لإيران التي تخوض، بواسطة المليشيات، حربا مع دول الجوار.
رهان إيران هو السيطرة على قرار العراق، ولبنان والسلطة الفلسطينية والخليج الفارسي لتستطيع التفاوض مع أمريكيا من موقع قوة.
السبب الثاني هو الانتفاضة الثانية { 2000} التي استخدمت فيها حماس سلاح القنابل البشرية وكسبت به قطاعا واسعا من الفلسطينيين الذين مازال أخذ الثأر القبلي من المدنيين الإسرائيليين أهم عندهم من أخذ حقوقهم الوطنية المشروعة. وعملا بمبدأ المحاكاة الذي أكتشفه عضو الأكاديمية الفرنسية روني جرار فأن كتائب الأقصى الفتحوية حاكت كتائب القسّام الحماسية في العمليات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين. وبذلك تم تلطيخ صورة الفلسطينيين في مرآة الرأي العام العالمي الذي هو اليوم القوة الثانية التي تشكل عديلا للولايات المتحدة الأمريكية. لذلك فكسب الرأي العام العالمي هو منذ الآن رِهان المستضعفين في أرض القرن الحادي والعشرين.
السبب الثالث هو فقه الولاء والبراء: بعد هزيمة الانتفاضة الثانية، اضطرت حماس للانتقال إلى طور "الهدنة مع العدو" في انتظار أيام أفضل كما يقضي بذلك فقه الجهاد. ولكن حماس تراجعت عن رفضها الانتخابات الديمقراطية التي يعتبرها فقه الولاء والبراء تقليدا مُحرما ومُجرما "لانتخابات الكفار"، وهو ما لامها عليه قبل أيام الشيخ المجاهد د. أيمن الظواهري. لكن حماس مع ذلك بقيت متمسكة، في مسألة مركزية، بفقه الولاء والبراء الذي يُحرم ويُجرم التفاوض مع الكفار خاصة اليهود على أرض فلسطين، التي هي وقف إسلامي لا يجوز التفريط في شبر منه. قادة -أو بعض قادة- حماس يفضلون الفوز بالجنة على الفوز بدولة فلسطينية تكون تأشيرة المرور إليها الجلوس مع اليهود ومصافحتهم وأخيرا التوقيع على سلام دائم معهم. والحال أن فقه الولاء والبراء لا يسمح لهم إلا بهدنة مؤقتة في انتظار استئناف الجهاد.عندما طلب السادات فتوى من الأزهر لتوقيع السلام مع إسرائيل لم يفته إلا ب"صلح" مؤقت قياسا على صلح الحديبية بين النبي وقريش منذ 14 قرنا!
ومن الأخبار الجيدة أن حسن الترابي تخلى هذه السنة عن فقه الولاء والبراء قائلا أن نقطة الضعف في قادة حماس هي أنهم قليلو الخبرة السياسية مما يجعلهم يتمسكون بالتطبيق الحرفي لفقه يعود إلى قرون غابرة.
المسؤول الأول عن الحرب الأهلية الفلسطينية هو المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تتحكم في قراره. منذ سنة 2000 ناديت بأن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني غير ناضجين للسلام، ولا بد إذا من تدخل مجلس الأمن لفرض حل عادل على الطرفين. ومازال هذا الحل المفروض المنشُود مطروحا على جدول الأعمال لوقف تقدم الشرق الأوسط إلى الفوضى الدامية التي سيحترق في نارها الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.