عاشت بلادنا منذ ليلة 23 ديسمبر المنقضي والى حدود مطلع الاسبوع الفارط على وقع حادثة لم تعشها منذ زمن طويل لكن مثل هذه الحادثة أصبحت الخبز اليومي للاخبار الدولية منذ أحداث 11 سبتمبر ..2001 وتونس بلد ال9 ملايين ونيف من السكان والتي استقبلت خلال السنة المنقضية اكثر من 6 ملايين أجنبي ليست بالبلد المنغلق على نفسه ولا المنعزل عن العالم بل هي بلد منفتح ومفتوح لكنه يقظ والدليل انه رغم عدد أفراد «المجموعة الارهابية» وعتادها لم تنجح في تنفيذ اي من مخططاتها التي كانت حسب المتداول من الاخبار وغير الرسمي تستهدف ضرب منشآت من شأنها أن تمس التونسي في قوته اليومي وكرامته وتخلّف ضحايا. وتاريخ تونس الحديث يؤكد على أنها بلد آمن ومستقر في محيط مضطرب ومتغير.. وباستثناء احداث قفصة التي تسللت خلالها مجموعة ارهابية سنة 1980 في محاولة لاحتلال المدينة لم تشهد بلادنا أحداثا ذات بال رغم الهزات الاجتماعية التي شهدتها في احداث الخبز ورغم المخططات القليلة التي كانت تحبط في المهد. واليوم وبعد أن اعلن رسميا عن القبض على كل أفراد المجموعة التي نعتتها مصادر مسؤولة بالاجرامية الخطيرة وعرّفتها وسائل اعلام أجنبية بأنها ارهابية تنتمي للجماعة السلفية للدعوة والقتال ذراع تنظيم «القاعدة» في المغرب العربي والتي تتخذ لنفسها الجبال المحيطة بالعاصمة الجزائرية معقلا لها.. تنكب الجهات الأمنية المختصة على البحث في القضية الذي يتوقع أن ينتهي خلال الأسبوع الجاري... والى حين استيفاء كامل المعلومات حول مخططاتها فإنه من السابق لاوانه الجزم بصحة ما يتداول من أخبار حول أن زعيم العصابة كان موظفا بأحد الاسلاك العمومية وغادر الوظيفة وتدرب بأفغانستان ثم عاد على رأس عصابة لتونس وان هذه المجموعة تدربت في معاقل الجماعة السلفية بالجزائر ثم دخلت تونس لكن المؤكد ان المجموعة اتخذت من الجبال المحيطة بالعاصمة معقلا لها تتدرّب في مكان قصيّ الشيء الذي جعل محاصرة جبل الاطرش الواقع في محيط بئر بورقبة تدوم أكثر من اسبوع لتحسم المواجهة فجر 2 جانفي بأحواز سليمان بعد أن حاولت الفلول المتبقية التسلل الى المدينة.. كما من المؤكد أن الاحداث اندلعت ليلة 23 ديسمبر المنقضي بمنطقة حمام الشط في أحواز منزل تسوغته المجموعة حسب معلومات من الجهة مطلع ديسمبر المنقضي في خطوة على ما يبدو تسبق تنفيذ مخططاتهم الاجرامية. وان صحّ ما تردد من أن كمية الخبز المقتناة يوميا ساهمت في فضحهم فإن ذلك يكون شاهدا على رد الفعل المتطور للاجهزة الأمنية التي انطلاقا من معلومة بسيطة قد يمر عليها البعض مرّ الكرام نجحت ربما في المسك بخيط رفيع قادها للكشف عن أخطر عصابة عرفتها تونس خلال السنوات الاخيرة تستعمل أسلحة متطورة وتضم أجانب الى جانب بعض الشباب التونسي. ختاما لن نستبق الاحداث بنشر معلومات اخرى لم نتأكد من صحتها لكن ما نأمله هو أن تكشف لنا التحريات عن الكيفية التي دخلت بها الأسلحة البلاد والتي تعتبر الاشكال المهم في بلد كما سبق وذكرنا مفتوح ومنفتح يستقبل ما لا يقل عن 2.5 مليون من الاشقاء المغاربيين ويسافر من التونسيين الى الفضاء المغاربي ما يفوق المليون ونصف المليون سنويا.. وكل ما نأمله هو أن تكون هذه الاحداث حافزا لمراجعة كل الاحزاب السياسية لمناهج عملها فتقوم بدورها المطلوب لتطوير البلاد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بعيدا عن المزايدات.. واعتقادنا أن ذلك لن يتحقق دون استقطاب للمواطنين عامة وللشباب خاصة من خلال برامج تستجيب لتطلعاتهم حتى يكونوا بحق حصنا آمنا ضد كل اشكال التطرف والارهاب اذ علينا أن لا ننكر أن ما حققته تونس في مجالات إجتماعية هامة كالاحوال الشخصية يجعلها محلّ حنق التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم «القاعدة». حافظ