أعلن ادريس بن زكري رئيس المجلس الاستشاري المغربي لحقوق الإنسان امس الاثنين بالرباط، أن المجلس سيقدم الأسبوع المقبل علي إبلاغ الضحايا بالمقررات الصادرة في شأنهم والإشعار ببدء صرف التعويضات المالية المستحقة لضحايا ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وذوي حقوقهم وفق منهجية تراعي القرب منهم وتسهيل حصولهم عليها في أوجز مدة ممكنة. وأضاف بن زكري، في كلمة خلال تنصيب أعضاء التركيبة الجديدة للمجلس، أن اللجنة التي تعمل علي مستوي رئاسة الحكومة تمكنت، بمساهمة القطاعات الحكومية المعنية ومشاركة المجلس، من وضع الصيغة النهائية التي يستفيد بموجبها الضحايا وذووهم من الحق في التغطية الصحية الأساسية الموافق لنظام (التأمين الإجباري علي المرض الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي) الذي يدخل حيز التنفيذ بعد توقيع اتفاقية ثلاثية الأطراف بين المجلس والحكومة والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. وأشار إلي أن الدولة ستتكلف بتسديد النفقات المترتبة عن الانخراط في هذا النظام طبقا للتوصية التي وافق عليها جلالة الملك في هذا الشأن وأن اللجنة التقنية تعمل حاليا علي دراسة جميع الترتيبات التدبيرية المتعلقة بأسلوب إعمال هذا البرنامج، وستقدم التفصيلات والتفسيرات عبر وسائل الإعلام والتواصل المباشر مع المعنيين بعد الاجتماع المقبل مع الوزير الأول، مشيرا إلي أن المجلس ينكب أيضا علي إجراء الدراسات والاستشارات المتعلقة بالاختيارات المناسبة لإحداث مركز مرجعي مختص بالعناية بضحايا العنف وسوء المعاملة بما يستجيب لمستوي التجربة المغربية، مع مراعاة التجارب العالمية في هذا المجال. وقال ادريس بن زكري، وهو معتقل سياسي سابق موازاة مع هذه الإجراءات، إن المجلس عمل علي استقبال وتقديم الإسعافات الضرورية للضحايا المرضي الذين يوجدون في حالة صحية تحتاج إلي تكفل طبي استعجالي بمراكز متخصصة والذين بلغ عددهم أكثر من 200 حالة وأنه تمت، بتعاون مع الحكومة، تسوية الأوضاع الإدارية والوظيفية للعديد من ضحايا الانتهاكات الماضية، وإعادة إدماج البعض منهم في أسلاك الوظيفة العمومية، وأنه تجري حاليا دراسة كل الحالات التي أوصت هيئة الإنصاف والمصالحة بإدماجهم اجتماعيا وأنه سيتم إخبار المعنيين بذلك في حينه. وقال أن التعاون بين المجلس ووزارة العدل أفضي إلي إعداد واستخراج شواهد الوفيات لجميع الضحايا الذين وافتهم المنية، مشيرا إلي أنه سيتم تبليغها للمعنيين للمساهمة في حل بعض مشاكلهم الإدارية والقانونية العالقة بسبب عدم توفرهم عليها. وذكر بأن المجلس قد استجاب لطلبات العديد من عائلات المتوفين وتابع عملية استخراج رفات 166 حالة للتثبت من هويات المتوفين وأن هذه العملية تزامنت مع أخذ عينات بغرض تحليل الحمض النووي، بعد أن تأكد من خلال المعاينة الأنثروبولوجية مطابقة المعطيات المتضمنة في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة في هذا الشأن. وأشار إلي أنه سيتم وضع بروتوكول ينظم جميع الأطوار العلمية والأخلاقية لهذه العملية من لدن جميع الأطراف المعنية وذلك طبقا للمعايير المتعارف عليها في هذا المجال. واسس المجلس الاستشاري الملكي لحقوق الانسان في ايار/مايو 1990 وعرف منذ تولي العاهل المغربي الملك محمد السادس مقايد الحكم 1999 تطورا ايجابيا في فتح عدد من ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في مرحلة ما يعرف مغربيا بسنوات الرصاص وهي السنوات التي كانت تعرف صراعا محتدما بين سلطة نظام الملك الحسن الثاني والتيارات اليسارية الديمقراطية. ونجح المجلس من خلال هيئة الانصاف والمصالحة التي انشئت في 2004 في الكشف عن مدي الانتهاكات الجسيمة والخروقات التي عاشتها البلاد ونشرت الهيئة نهاية 2005 تقريرا عن حصيلة عملها. الا ان الناشطين في ميدان حقوق الانسان وجهوا انتقادات لعمل الهيئة لاقتصارها علي سنوات 1956 الي 1999 دون ان تشمل المرحلة التي تلت والتي يقولون انها ما زالت تشهد انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان وان كانت هوية ضحاياها تبدلت حيث اصبح الضحايا من ناشطي التيارات الاصولية فيما كان ضحايا انتهاكات المرحلة السابقة من ناشطي التيارات اليسارية. كما طالبت هذه التيارات بعدم الاكتفاء بالكشف عن الانتهاكات وضرورة الكشف عن المسؤولين والجلادين وتقديمهم للمحاسبة. وكان من اهم النقاط التي سجلت في عمل هيئة الانصاف والمصالحة والذي يواصله المجلس الاستشاري لحقوق الانسان الفشل في الكشف عن مصير الزعيم المغربي المهدي بن بركة مؤسس اليسار المغربي الحديث الذي اختطف في نهاية تشرين الاول/اكتوبر 1965 من العاصمة الفرنسية باريس بالتعاون بين اجهزة المخابرات المغربية والمخابرات المركزية الامريكية والموساد الاسرائيلي وعملاء للمخابرات الفرنسية. ورغم تأكيدات علي اختطاف واغتيال بن بركة الا انه ما زال مصير جثمانه مجهولا ورفضت السلطات المغربية مساعدة القضاء الفرنسي في تقديم تسهيلات لمساءلة عدد من المسؤولين الامنيين المغاربة الذين ما زالوا يمارسون مهامهم ويعتقد ان لهم دورا ما في عملية الاختطاف. كما سجل الناشطون عجز الهيئة عن كشف مصير الناشط اليساري الحسين المانوزي الذي اختطفته المخابرات المغربية من تونس منتصف السبعينات. وأعلن بن زكري أنه بعد التقدم المحرز في وضع الهياكل والبنيات التنظيمية علي المستوي المركزي والمحلي، سيقدم المجلس علي توقيع اتفاقية شراكة ثلاثية الأطراف أيضا بينه وبين الحكومة والاتحاد الأوروبي والتي سيليها البدء بإنجاز الشطر الأول من برامج جبر الضرر الجماعي التي تغطي15 منطقة بالمغرب. وذكر بأن المجلس وقع كذلك الأسبوع الماضي اتفاقية تعاون مع صندوق الأممالمتحدة للمرأة يساهم بموجبها هذا الأخير في التمويل المشترك لبرنامج خاص بحقوق المرأة والحكامة الديمقراطية. ويتكون المجلس الاستشاري لحقوق الانسان الذي تم تنصيبه امس الاثنين من شخصيات يختارها الملك محمد السادس وهي شخصيات سياسية وحقوقية ومن ناشطين من المجتمع المدني ومن ممثلين للجمعيات الفاعلة في مجال حقوق الانسان ومن ممثلين للاحزاب والنقابات وممثلي الهيئات المهنية والمغاربة القاطنين بالخارج. وتضم هذه التركيبة14 عضوا جديدا، وهم السعدية بلمير وعائشة الخطابي وعبد القادر العلمي وعبد الحميد عقار رئيس اتحاد كتاب المغرب ورضا لمريني وعبد الفتاح البغدادي وأحمد عبادي ومحمد بنجلون أندلسي وعبد العالي بنعمور وعبد الله الولادي وأحمد بوكوس وعبد الحي مودن وادريس اليزمي ومحمد سؤال. وعبر بن زكري عن اليقين بأن خبرت اعضاء المجلس الميدانية وانخراطهم كل من موقعه في الدينامية الاجتماعية والمؤسساتية ستجعلهم يساهمون في تفعيل الأدوار المنوطة بالمجلس وفي تقوية أدائه وتطوير طرق ومناهج تدخله ضمانا للمهنية في التصدي للقضايا الداخلة في اختصاصات المجلس وللنجاعة في إعداد وتنفيذ برامجه. وأضاف السيد بن زكري أنه استمرارا في نهج المقاربة التشاركية وإشراك كافة الطاقات والكفاءات الموجودة بالمجتمع، ينكب المجلس علي استكمال ما أطلقه من برامج وسيعمل علي فتح ورشات جديدة، طبقا لبرنامج عمل سيعرض مشروعه قريبا علي أعضاء المجلس، مسنودا بتصور للتنظيم الداخلي والتأطير الإداري والتواصلي لعمله، موضحا أن المجلس سيعمل قريبا علي إحداث مكاتب إدارية جهوية سيشرع في فتح ثلاثة منها بكل من الجهة الشرقية والجهة الشمالية والجهة الجنوبية. وقال أنه يجري التحضير حاليا للإعلان الرسمي عن الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان ولإطلاق دينامية التشاور والدراسة والخبرة لإعداد الاستراتيجية الوطنية وبرنامج العمل حول حقوق الإنسان في إطار اتفاقية التعاون مع الاتحاد الأوروبي.