تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هشام جعيّط في حوار مفتوح حول كتابه الجديد عن السّيرة النبوية
نشر في الوسط التونسية يوم 14 - 02 - 2007

انتظم بمنتدى الجاحظ لقاء حوار بين عدد من المثقفين والطلبة والاستاذ هشام جعيط المفكر والمؤرخ بمناسبة اصداره كتابا جديدا خصصه هذه المرة لتقديم قراءة تاريخية للسيرة النبوية..
في مستهل النقاش أثار رئيس المنتدى الاستاذ صلاح الدين الجورشي تساؤلات ونقاط إستفهام حول ما يطرح حاليا حول الحاجة لاعادة بناء السيرة النبوية.. وكيف ينبغي أن تفهم شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال قراءة لعدد من المصادر والقراءات؟
وافتتح الحوار بتوجيه 3 أسئلة إلى الاستاذ هشام جعيط.. لماذا قررمؤرخ ومفكر وفيلسوف في حجمه بان يتوقف عند السيرة النبوية ويحاول تقديم قراءة تاريخية علمية لها؟ ما هو المنهج الذي اعتمده لاعادة بناء السيرة وتحديد شخصية الرسول؟ وإذا كان عدد كبيرمن العلماء والكتاب القدامى والمحدثين ممن كتب عن الرسول فما هي ملاحظاته على كتاباتهم ونقده لهم؟
الاستاذ هشام جعيط بدا خلال تقديم كتابه وإجاباته عن هذه التساؤلات كعادته متواضعا جدا.. بلهجته التي عرف بها التي تكشف كبرياء الواثق بشدة في علمه وكفاءته.. في نرجسية محبوبة فيه.. «أنا مؤرخ اولا.. انا بكل بساطة أستاذ جامعي.. ومن خلال كتاباتي حاولت أن اضع جسرا بين دروسي خلال 30 عاما وأبحاثي العلمية.. لان فهمي لدور الاستاذ هوتكوين باحثين وان تكون الدروس ملتصقة بالبحث العلمي.. ادرس بحوثي.. لا ما ينقل في كتب أخرى.. وبعد أن درست مراحل مختلفة من التاريخ الاسلامي درست السيرة النبوية وما حف بها من معطيات تاريخية من 1990 الى 1996.. وهنا جاء اهتمامي ببيئة الرسول والثقافة العربية والانرتوبولوجيا في منطقة الجزيرة واليمن..
وخلال بحث علمي أكاديمي مثل هذا كان لابد من الاعتماد اساسا على القرآن لان القرآن متزامن مع الرسول.. بينما جل ماكتب عن الرسول جاء متاخرا زمنيا وكتب نقلا عن مصادر شفوية..
علاقتي بسيرة النبي في هذا الكتاب كانت علاقة علمية بصرف النظر عن الصفة الدينية للرسول محمد وتقديس المسلمين له.. حاولت تناول السيرة من منطلق الباحث المحايد لان شخصية محمد أكثر شخصية أثرت في تاريخ الانسانية.. ولا تزال تؤثر.. واني اعتقد أن التاريخ الاسلامي الذي خصصت عمري في دراسات له يحتاج إلى مزيد من الدراسات العلمية المحايدة.. دون الانطلاق مسبقا من مواقف عقائدية ودينية أوغيرها هناك من طلابي من كتب بعمق.. ووجهت بعضهم.. واطروحات بعضهم جيدة..
رأيي أن الاستاذ الجامعي ليس مدرسا بل رجل علم يبحث سواء في التاريخ اوفي الفيزياء وغير ذلك وعليه ان يعطي للمجتمع الجديد باستمرار.. لان المجتمع يطلب منه ذلك.. ولا يعتبره مجرد موظف مكلف بالتعليم..
في السبعينات كان للاستاذ 3 ساعات تدريس فقط.. وبقية الوقت يخصصه للبحث وفق المنهج الفرنسي الأوروبي.. بعض الاساتذة درسوني في فرنسا.. كانت لهم حصة واحدة تدريس في الاسبوع.. ويقومون بأبحاث طوال الأيام الأخرى ثم يأتي الى الجامعة وله معرفة زاخرة.. يأتي إلى الطلاب وله ابحاث تصدر في كتب جامعية وعلمية.. والبعض يلومني لأني في سني هذه آخذ مآخذ الجد دوري كباحث.. حتى بعد توقفي عن التدريس وخروجي الى التقاعد.. لان بعض الجامعيين الكبار أنفسهم يعدون بحثا عميقا وجديا ثم يتوقفون عن البحث والكتابة.. لذلك فالعالم العربي متخلف في مجال العلوم والمعرفة.. سواء في مجال البحوث العلمية (وهو ما يفسر هجرة الادمغة) او العلوم الانسانية مثل التاريخ وعلوم الاجتماع والانتروبولوجيا والجغرافيا التي تتطلب مكتبات ومؤسسات تكوين باحثين.. ومعرفة باللغات الاجنبية..
والملاحظ أنه تكونت نخبة في العراق تحت تاثير الانقليز والنظام الملكي العراقي.. وفي البلدان المغاربية برز خبراء وعلماء وباحثون من النوع الجيد درسوا في اوروبا لكن اغلبهم تقاعدوا.. هناك اذن نقص في البحث العلمي.. بعيدا عن الايديولوجيا والسياسة وتمجيد الاشخاص والتوظيف الديني أو السياسي..
وفيما يخص الاسلاميات هناك نقص في الدراسات العلمية والتاريخية.. بما في ذلك في أوروبا.. لكن حتى الفترة الهتلرية كانت ألمانيا في المقام الاول في العلوم والبحوث العلمية في كل الاختصاصات ومنها الاسلاميات قبل فرنسا.. العلماء الالمان اهتموا بدراسة الاسلام دينا وتراثا.. وتاريخ القرآن والفقه والفلسفة الاسلامية.. الخ.. والتحق الفرنسيون والايطاليون والروس والانقليز 1850، 1950 1960 ثم انتقل مركز الثقل في البحث العلمي والتاريخي الى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. ثم نشر المستشرقون دراسات عميقة مهمة في اوربا ثم الولايات المتحدة.
كتابات العرب والمسلمين علميا عن رسولهم وتاريخهم محدودة جدا.. ومن بين الاسئلة هل قرؤوا فعلا سيرة ابن هشام وسيرة ابن اسحاق؟؟..
درست العراق قبل الاسلام ثم ركزت على تاريخ العراق في العهد العباسي.. في مصر في النصف الاول من القرن العشرين برزت مجهودات ومحاولات علمية عميقة وانتقل الجهد الى لبنان بعد ذلك.. بينما في المغرب لم تنتشر مساهمات كبرى.. وبعد الاستقلال عن فرنسا درس بعض الباحثين مثل الاستاذين وغيرهم جوانب من تاريخ تونس وشمال افريقيا بعمق.. لكن أغلبهم توقف عن متابعة البحوث وعن الكتابة العلمية وتفرغ للتدريس والوظيفة.. القضية إذن هي قضية هم معرفي.. قضية طموح الى الخلود من خلال العلم والابداع..
ينطبق هذا على العلماء والفنانين الكبار.. هناك تبجيل في ثقافتنا للعلم والعلماء.. في هذا السياق جاء اهتمامي بالسيرة.. وهل هناك اهم من شخصية محمد تستحق الدراسة؟
في اليابان والصين من درس القرآن والحضارة الاسلامية بعمق.. وللاسف فإن مساهمة العلماء والمفكرين المسلمين في الحضارة الانسانية الكبرى.. اقتصرت على القرون الستة الاولى.. هؤلاء يعود لهم الفضل في الابداع وسيخلدون اكثرمن السياسيين.. تاثير شخصيات محمد والعلماء خالدة وستفوق رجال السياسة من الحكام القدامى إلى عبد الناصر وجمهور مروجي الايديوليوجيا الدينية والسياسية.. العلماء والباحثون المسلمون القدامى اهتموا بالفلسفة اليونانية.. وبآثار الحضارة الصينية.. وبالمسيحية وتطورها..
وبالنسبة لسيرة الرسول اعتمدت على مصادر قديمة وعلى ما نشر من ابحاث معمقة في العلم الحديث.. لم نكتف بالاعتماد على اثار ابن اسحاق وابن هشام والطبري وغيرهم.. لانه لا بد من الاعتماد على كل المصادر ثم قراءتها وغربلتها.. ومن حسن حظنا نحن الباحثون العرب أن اجدادنا شاركوا في الحضارة الانسانية.. وتركوا لنا مصادر هائلة منها علم الكلام والفلسفة ودراسات القرآن والفقه والحديث والقانون.. أي أن اغلب المصادر بالعربية ونحن نتقنها.. وبعض الباحثين المسلمين الايرانيين والاتراك والمستشرقين تعلموا العربية لفهم تراثنا.. لكن أغلب ما كتب في العصر الحديث عن السيرة النبوية بأقلام عربية ليس عميقا وطغت عليه النزعة الدينية.. حسين هيكل ألف كتابا عن النبي محمد لا باس به بمقاييس 1930.. وكتب عباس محمود العقاد.. وهناك كتب ايرانية.. لكنها جميعا انطلقت من مسلمات إيمانية لأصحابها.. وهو ما قلل من صبغتها العلمية التاريخية.. نحن توخينا طريق المعرفة والبحث الدقيق المحايد.. بصرف النظر عن شخصية الرسول وقداسته..
هناك قضايا في كتب السيرة لا اتفق معها.. لانها حاولت ان تعطينا صورة متأخرة (بعد 150 عاما عن الهجرة) عن الرسول.. وكانت لها أساسا صورة دينية وليست علمية..
في المقابل لا اوافق على كثير مما نشر في المدرسة الاستشراقية الجديدة.. التي تجحف احيانا في النقد والتشكيك.. وفي تناولها لسيرة النبي والمسلمين الأوائل والتاريخ الاسلامي ككل.. ارجو ان يدرسوا هذا الكتاب بالعربية رغم احتقارهم للبحوث باللغة العربية وأن يستفيدوا من اضافاته.. وهو في كل الحالات بصدد الترجمة الى الفرنسية.. وعندما ننتقد دراسات المستشرقين لا بد من توفير مناخ يساعد على البحث العلمي.. لا بد من مؤسسات جادة لضمان تقدم المعرفة.. لأن الوسط العلمي ضروري جدا.. خاصة في هذه المرحلة التي غلبت فيه المشاغل الآنية والاهتمام بالاحداث السياسية المباشرة...
منذ نصف قرن أو اكثر لم يكتب شيء جدير بالاعتبار عن الرسول والسيرة النبوية.. ماعدا كتاب المستشرق الانقليزي واد.. إذا ما استثنينا كتابات عن التجارة في مكة وغيرها.. وكثير منها من مستوى محدود..
في نفس الوقت فاني احذر من الاعتبارات السياسية والايديولوجية.. لانها تشوش على البحث العلمي التاريخي.. لان ما قام به الرسول عمل تاريخي لكامل البشرية.. وليس خاصا بالمسلمين أ وبمجموعة من عرب الجزيرة.. نحن في حاجة الى ربط الصلة بالتراث من منطلق فكري وجهد علمي..
نقاط استفهام
هناك نقاط استفهام بالنسبة لفترة السيرة بسبب نقص المصادر.. وهذا النقص ليس خاصا بالاسلام.. وكذلك بالنسبة لليهودية والمسيحية وتاريخ الاديان عموما.. لذلك فإنني لم اكتف بالاعتماد على المصادر ودراسات المستشرقين بل حاولت تسليط المنهج الانتروبولوجي على التراث ومرحلة السيرة النبوية..
نقل القرآن عن التوراة والانجيل؟
وخلال حصة النقاش طرحت تساؤلات عديدة على الاستاذ جعيط منها: كيف لنا أن ننتج معرفة علمية وموضوعية عن الظاهرة الدينية خاصة عندما تتعلق بالاسلام التأسيسي الاول رغم قلة المصادر؟ وهل يمكن تقديم مقاربة علمية موضوعية لظاهرة دينية في العصرالاسلامي الاول دون تحصيل معرفة علمية دقيقة عن اللغة العربية ومباحثها؟
من بين القضايا الواردة في الكتاب تساؤلات ونقاط استفهام حول أصول الخطاب القرآني وإن كانت اصول بعض المصطلحات والمفاهيم والقصص مسيحية ورومانية؟؟ هل ان مجرد وجود صورة يوسف في التوراة والانجيل يعني نقل القرآن والنبي محمد لها منهما؟ ماذا عن فكرة التناقض بين الشورى والتنويه بالرسول واستبعاد الخلاف بين المسلمين والرسول بين ظهرانيهم.؟؟. ماذا عن الآيات التي وقع تكرارها..؟ هل يعني التكرار ضرورة التناقض والتداخل؟؟..
نقد لمنهج جعيط.
ومن بين الملاحظات التي وجهت الى الاستاذ جعيط انتقادات في حصر دور المؤرخ في سبيلين لا ارى مبررا لهما: تاثير المسيحية في القرآن والاقرار بألوهية القرآن؟؟.. لماذا اغلاق السبل امام غير السبيلين المذكورين خلال البحث.. وما الضرر في تفاعل النبي مع الاديان السابقة؟ ألم يقع الاستاذ جعيط في أخطاء منهجية وعلمية عندما شكك في تسمية النبي قبل المرحلة المدنية (اورد أن اسمه لم يكن محمدا أو أحمد) ولماذا اعتمد الباحث وثائق اورد انه مشكوك في صحتها؟ كيف كان يتكلم القرشيون؟ ولغة القرآن.. تاريخية النص..
تساؤلات عن المسلمين اليوم
وتساءل عدد آخر من المتدخلين إن كان الهدف من مراجعة التاريخ الاجابة عن اسئلة الحاضر التي تشغل المسلمين والعلم عن الاسلام والنبي محمد وتراث العالم الاسلامي؟ وما هي فائدة العودة الى الماضي لمعرفة مشاكل العصرالحديث؟ وإلى أي حد يمكن المضي مع الاستاذ جعيط في مجال الجرأة في تناول المقدس.. مثل تناول ما وصف ب«اختلاق قصة الكهف لدى النبي».. هل يمكن لكاتب السيرة أن يخرج عن النبرة الايمانية؟؟ ما هو مفهوم التاريخية عند تناول تاريخ السيرة وما الفرق بين التاريخية وفسلفة التاريخ؟ هل التجديد الذي قدمه الباحث من جهة المنهج (الانتروبولوجي) أومن جهة المضمون؟
هل اختار جعيط ان يكون مؤرخ الامة؟
التاريخ علم نسبي
وخلال تعقيبه على التساؤلات اعتبر جعيط أن دراسة تاريخ الاديان مهم جدا لانه قد يؤثر على التفكير الديني.. في هذا السياق جاء الاهتمام بتاثيرات المسيحية على النبي.. وخاصة المدرسة السورية.. نحن نعتمد على النص القرآني في فترة معينة.. ونتساءل هل وجدت تاثيرات ام لا؟
المؤرخ لا يمكن ان يجزم.. لكن يحق له ان يفكر وان يتساءل.. فالتاريخ علم.. لكنه علم نسبي.. مثل بقية العلوم الانسانية.. وبالسنبة لمصدر القرآن والوهيته عند المؤمنين فهذا معلوم.. لكن بالنسبة للباحث يحق له ان يتساءل..
دراسة السيرة اليوم مهمة جدا لكي نعتبر ان المسلمين الذين ولدوا مسلمين لهم قول في تاريخ نبيهم وتاريخ الصحابة وتاريخهم ككل.. وعدم الاقتصار على دراسات المستشرقين.. لم ادرس الدعوة المحمدية من الاعماق بل مسار الرسول في زمانه وتاريخه..
وفي جولة ثانية من التدخلات جاء في كلمة أحد المتدخلين «لا اتفق مع الاستاذ حول تقييماته لكل النصوص العربية الاسلامية والمسيحية الجديدة في تناولها للسيرة.. ورغم النقائص العلمية ومنهجيتها التي تحترم قدسية النص الديني وقدسية محمد.. فهي لا تخلو من الاضافات والتخريجات.. بما في ذلك كتابات هيكل والعقاد وعبد العزيز الثعالبي..
ابن حبيب (المحضر والمنمق) لماذا يعطيه الباحث مكانة خاصة.. وهو الذي جاء بعد قرون من وفاة الرسول مقارنة بابن اسحاق وابن هشام والواقدي؟
وبالسنبة لاعتماد النص القرآني في كتابة السيرة فإن باحثين كبار مثل بلاشار وكيطاني وجاكلين الشابي يتفقون على أن القرآن اصدق وثيقة.. اما ان نعتمده وثيقة ام ان لا نعتمده دون الوقوع في تناقضات منهجية.. مثلما حصل لجعيط.. واعتبر متدخل آخر أنه لاول مرة نجد جعيط يكتب كتابة تاريخية فقط دون توترات وانفعالات.. الله والرسول والقرآن 3 مداخل يعاني منها الباحث العقلاني المعاصر..
وبالنسبة للتوفيق بين المسيحية والاسلام.. هل أن كتاب جعيط الجديد مدخل للمصالحة بين الغرب المسيحي والاسلام؟
معاصرة النبي..
وخلال ردوده اعتبر جعيط أن معاصرة المصدر النبي لا تعني بالضرورة أنه أكثر دقة.. والقرآن يحوي عناصر مهمة منها الجدل مع الاخر.. وينبغي اعطاؤه الاولوية.. وابن حبيب مصدر موثوق جدا في الجملة خصوصا فيما هو انتروبولوجي.. لكنني انتقدته عندما يتحدث عن قرشيين امهاتهم يهوديات.. او عند تحديد قائمة الزنادقة في قريش ولا يضع بينهم ابوسفيان..
وبالنسبة لتسمية قديمة موجودة عند الغساسنة بصفتهم امراء ملوك لكنها لم تكن واردة عند قريش قبل الاسلام.. واسما محمد واحمد وردا في القرآن في الفترة المدنية.. أي بعد تسمية الوحي للرسول في المدينة..
البلاذري يروي عن اخرين أن اسم الرسول لم يكن محمد قبل المرحلة المدنية.. لان الاسم لم يكن موجودا أصلا في قريش..
وبالنسبة لمسألة الصلح مع المسيحية يقول جعيط لم افكر فيه عند كتابة الكتاب عن السيرة النبوية.. لان هدفي كان علميا وفلسفيا أساسا.. لكن القرآن نظر الى المسيح والمسيحية بطريقة ايجابية جدا.. ونجد آية واحدة اعتبرت التثليث كفرا.. في تلك الفترة كان هناك كثير من المسيحيين العرب.. والرسول تعامل مع المسيحيين ايجابا.. رغم خروج الرسول من منطقة وثنية خالصة..
الحج والحج الاكبر والاشهر الحرم مفاهيم قديمة لدى الوثنيين.. أي أنها سبقت الاسلام.. لكنني في النهاية أذكر ان التاريخ علم نسبي.. وأن العلم لا نهاية له.. وعلينا دائما الاستعداد للحوار والتفكير وإعادة النظر في المسلمات.. كما أدعو قراء كتابي إلى قراءة الهوامش وتعليقاتي فيها فكثير منها مهم جدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.