اكدت حكومة الصين استمرار مسيرة تحولاتها المتدرجة من الاقتصاد الموجه الى «المتنوع» من دون التخلي عن النظام الاشتراكي. وبعد 11 يوما من الاجتماعات والنقاشات اقر نحو ثلاثة الاف مندوب في الجمعية الوطنية الشعبية (البرلمان) بغالبية ساحقة مشروعي قانونين يتناولان الملكية الخاصة والضرائب على الشركات فضلاً عن تقرير لرئيس الوزراء وين جياباو وخططه للسنوات الخمس المقبلة اعطى فيه ضمانات للأسواق العالمية بأن بلاده لن تستخدم احتياطها من العملات الاجنبية لزعزعة الاستقرار النقدي الدولي. لكن الجمعية لم تقر اي اصلاح سياسي في البلاد. وحصل برنامج الحكومة، الذي يتوقع للسنة 2007 نمواً اقل مقارنة مع السنوات السابقة لكنه يتضمن توجهاً اجتماعياً وبيئياً، على تأييد 99 في المئة من النواب. واوضح وين جياباو للصحافيين ان «سرعة الاسطول لا تحدده السفينة الاسرع بل السفينة الابطأ واذا حسَّنا ظروف عيش الذين يعانون من صعوبات سنُحسِّن رفاهية كل المجتمع». وأقر المجلس امس قانوناً مهماً لحقوق الملكية الخاصة وآخر يساوي بين الشركات الصينية والاجنبية في ضرائب الدخل في وقت تتجه الحكومة الى تأسيس هيئة مستقلة عملاقة للاستفادة من احتياط العملات الاجنبية، والذي ينمو سنوياً بنحو 200 بليون دولار وسجل حتى بداية الشهر الجاري مستوى 1.07 تريليون دولار، يستثمر منه البنك المركزي الصيني ما يصل الى 353.6 بليون دولار في سندات اميركية وفق احصاءات كانون الثاني (يناير) الماضي. واذا نجح البنك المركزي في اجتذاب خبراء اكفاء لادارة الشركة يمكن توقع شن هجمة صينية على الاسواق الناشئة، خصوصاً في آسيا، لاستغلال فرص واعدة وللتخلص من خسائر الاستثمار في سوق الدولار الذي كبد الاقتصاد الصيني 3.4 بليون دولار العام الماضي كما كشفت دراسة ل «ستاندارد تشارترد». وتواجه الحكومة الصينية تحديات كبيرة في مواجهة الفقر المتفشي في الريف والفساد المتأصل وعدم كفاءة المصارف اضافة الى الكلفة المستقبلية لتأمينات الاجتماعية في بلد يزيد عدد سكانه على 1.3 بليون نسمة. ويهدف قانون حقوق الملكية الى دعم حماية الاصول الخاصة ويمنحها قدراً أكبر من المساواة مع الاصول التي تملكها الدولة. وينهي قانون ضرائب الدخل معاملة تفضيلية للشركات التي يمولها الاجانب بتوحيد فئة الضريبة عند 25 في المئة وهي خطوة تعكس التصميم على تقليل اعتماد الاقتصاد الصيني على الصادرات والتحول عن السلع المصنعة الرخيصة. واستثنى البرلمان، في قانون اعترف بحق الملكية الخاصة، حق امتلاك الاراضي، بعد نحو 10 سنوات من المناقشات والجدل. وهدف القانون إلى حماية الملكية الجماعية والعامة والخاصة وان كانت الملكية العامة لا تزال في صلب النظام الاقتصادي، حسبما ذكرت وسائل الاعلام الرسمية. وسيبدأ تنفيذ القانون في 1 تشرين الاول (اكتوبر)، وينص على ان «ملكية الدولة والملكية الجماعية والخاصة (...) يحميها القانون ولا تمكن مخالفتها». ومع تبني قانون الضرائب الجديد على الشركات الصينية والاجنبية، يفترض ان تلغى تدريجاً الامتيازات الضريبية التي تستفيد منها الشركات الاجنبية اعتباراً من مطلع السنة 2008. واوضحت وكالة انباء الصين ان القانون حصل على تأييد 98 في المئة من اعضاء البرلمان واقر بغالبية 2826 صوتا ومعارضة 37 وامتناع 22 عن التصويت. لكنه ابقى على الامتيازات الضريبية لقطاع التكنولوجيا المتقدمة. وأكدت وزارة المال ان رفع نسبة الضرائب من 15 الى 25 في المئة على الشركات التي تعمل برؤوس اموال اجنبية، سيدر على الدولة عائدات ضريبية تبلغ اربعين بليون يوان (اكثر من خمسة بلايين دولار). وكانت هذه الامتيازات اعتمدت العام 1993 لاجتذاب رؤوس الاموال الاجنبية وتسريع تنمية الاقتصاد في عملية الانفتاح التي بدأت منذ 15 عاماً. ويأتي تحديث القوانين الاقتصادية مع اتجاه للتجديد لرئيس الوزراء في المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي الحاكم الخريف المقبل.