أقر قادة الحكم في السودان إغلاق الباب نهائياً أمام أي احتمال للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية في ما يخص ملف المطلوبين لديها وزير الدولة للشؤون الإنسانية احمد هارون والقيادي في قوات الدفاع الشعبي علي كوشيب المتهمين بارتكاب جرائم حرب في دارفور. وكان تياران في الحكومة يقود الأول الرئيس عمر البشير، والآخر نائبه علي عثمان طه مختلفان في شأن التعامل مع المحكمة الدولية، إذ يرفض البشير التعاون مع المحكمة باعتبار أن ذلك سيكون «فخاً» لجر حكومته ومحاصرتها، بينما يرى التيار الآخر أن عدم التعامل سيؤدي إلى عقوبات دولية، ما يرجح خيار التعامل مع المحكمة ومناهضة ولايتها على السودان بصورة قانونية. واسقط اجتماع رئاسى اقتراح تشكيل فريق من الخبراء القانونيين للرد على تقرير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو داخل المحكمة. وقرر الاجتماع الذي ترأسه البشير وشارك فيه طه والمستشار الرئاسي مصطفى عثمان إسماعيل ووزيرا الخارجية لام اكول والحكم الاتحادي عبد الباسط سبدرات ومسؤولون آخرون، عدم التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها ليست ذات اختصاص على السودان، خصوصاً أنه لم يوقع ميثاق تأسيسها. وأكدت مصادر مطلعة أن الاجتماع أجرى «تقويماً شاملاً ومستفيضاً لمزايا مناهضة تقرير المدعي العام أمام المحكمة، وخلص إلى أن السودان غير ملزم بتقارير المحكمة الجنائية الدولية وقراراتها، ولا شأن له بما تصدره». وكانت المحكمة قررت أول من أمس طرد ممثل الدفاع عن المتهمين في قضية دارفور المحامى الليبي الدكتور هادي شالوف الذي كانت عينته العام الماضي، بسبب تقديمه طلبات «غير مبررة وعاطفية»، إضافة إلى وصفه ملف الإدعاء بأنه «عبثي ومستهتر». ورفضت طلبه دفع مستحقاته المالية. إلى ذلك، أصدر رئيس حكومة إقليمجنوب السودان النائب الأول للرئيس الفريق سلفاكير ميارديت قراراً برفع الحصانة عن وزير المال في حكومة الجنوب آرثر اكوين، تمهيداً للتحقيق معه في اختفاء 60 مليون دولار أعلن البشير أن زعيم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» الراحل جون قرنق تسلمها قبل وصوله الخرطوم. واجرى سلفاكير تغييرات واسعة في الحكومات المحلية في مناطق غرب الاستوائية وغرب بحر الغزال والبحيرات. وكشف وزير شؤون الرئاسة في حكومة الجنوب الدكتور لوكا بيونق أن مشاورات تجري الآن لتغيير بعض وزراء الحركة في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم. واوضح أن رفع الحصانة عن اكوين جاء «لدواعي التحقيق، وليس حكماً عليه». على صعيد آخر، فشلت مساع جديدة قادها مرشد «الإخوان المسلمين» في الأردن سالم فرحات للتقريب بين الإسلاميين السودانيين وجمع الرئيس البشير وحليفه السابق زعيم حزب «المؤتمر الشعبي» المعارض الدكتور حسن الترابي بعد نحو سبع سنوات من خلافهما. وأجرى فرحات الذي وصل الخرطوم الأسبوع الماضي لقاءات سرية مع قيادات في حزبي «المؤتمر الوطني» الحاكم و «المؤتمر الشعبي». لكن الطرفين تمسكا بمواقفهما الرافضة لأي وفاق، ووضعا شروطاً صعبة. وقال في تصريح صحافي قبل مغادرته البلاد إن محاولته لم تثمر شيئاً يمكن البناء عليه. لكنه أكد أنه لا يتعجل النتائج. وأضاف: «إذا وجدنا استجابة في أي لحظة من الأطراف سنعود لمواصلة المحاولة... نعتقد ان التقارب ممكن». واعتبر ان استمرار الخلافات «يستفيد منه الأعداء ويفتح الأبواب لتدمير البلاد». وكشف إبراهيم السنوسي مساعد الترابي في «المؤتمر الشعبي» أن فرحات جاء على رأس وفد من قيادات «الاخوان» في الاردن ضم عبداللطيف عربيات وحمزة منصور. ويذكر أن محاولة فرحات ليست الاولى، إذ سبقتها مساع مماثلة للتوفيق بين الرفيقين السابقين، أبرزها محاولات التنظيم الدولى ل «الإخوان المسلمين» والداعية اليمني البارز عبدالمجيد الزنداني وزعيم «حركة النهضة» التونسية راشد الغنوشي ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثانى، غير أنها باءت بالفشل.