بدأت الجزائر أمس تخرج من صدمة التفجيرات التي نفّذها تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، وأوقعت 33 قتيلاً وعشرات الجرحى. ولجأت السلطات إلى فرض إجراءات أمنية متشددة في العاصمة وضواحيها، خشية تكرار ما حصل في «الأربعاء الأسود». واعلن وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني أن أجهزة الأمن تواصل حصار الرجل الأول في التنظيم «أبو مصعب عبد الودود» المحاصر والذي يقوم الآن بآخر عملياته». وأوضح زرهوني في تصريحات للصحافيين نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، مساء أمس، «إننا نعرف أنهم جماعة درودكال («امير الجماعة السلفية للدعوة و القتال» المدعو ابو مصعب عبد الودود). وأضاف «ان «القضاء النهائي» على نشاط درودكال «يمكن ان يتم خلال أسابيع او خلال سنوات وهذا يتعلق بقدراتنا على التحسيس و خاصة على يقظتنا». الى ذلك، قال مصدر بارز أن الهجمات لن تدفع الجزائر إلى التراجع عن مسار المصالحة الوطنية ومد اليد إلى المسلحين في الجبال ومناشدتهم تسليم أسلحتهم والاستفادة من التدابير التي يمنحهم إياها قانون الوئام المدني والمصالحة. وفيما تولى رئيس الحكومة عبدالعزيز بلخادم ووزير الداخلية تفقد المصابين في المستشفيات، قالت مصادر مطلعة أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تابع قضية التفجيرات عن قرب، ورأس اجتماعاً لمجلس الأمن الذي أقر سلسلة خطوات للتصدي لمحاولات «القاعدة في المغرب الإسلامي» القيام بمزيد من العمليات. وأقرت هذه المصادر بأن بعض الأوساط في الجزائر يأخذ موقفاً سلبياً من سياسة العفو التي قام بها بوتفليقة إزاء المسلحين الإسلاميين الذي قضوا فترات في السجون أو سلّموا أنفسهم، ويعتبرون أن ما حصل الأربعاء في العاصمة مرتبط إلى حد ما ب «التساهل» إزاء الإسلامين المتشددين. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن المحلل سليمان شنين مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجزائر: «حتى لا نعود الى نقطة الصفر، لا بد من التخلي عن الخطاب السياسي المتخاذل والمبادرة الى قراءة جديدة للواقع». ويرى شنين الذي يطعن في الخطاب الرسمي الذي يبشر بالقضاء قريباً على الارهاب، انه يجب «ربط هجمات» الأربعاء التي يصفها بأنها «مختلفة نوعياً» عن سابقاتها، «بثغرات الخطاب السياسي حول المصالحة الوطنية الذي لا يأخذ في الاعتبار الوضع الاجتماعي». وقال مصدر أمني ل «الحياة» ان القضاء على المسلحين الاسلاميين المتحصنين في الجبال ليس مسألة سهلة بل يمكن أن تستغرق شهوراً لطردهم من معاقلهم، كما حصل في نهايات التسعينات عندما اضطر الجيش الى اقتحام معاقل «الجماعة المسلحة» في منطقة أولاد علال بعد معارك عنيفة، وهو أمر في النهاية أدى إلى وقف السيارات المفخخة التي كانت «الجماعة» ترسلها الى العاصمة. وتبيّن أن «الجماعة» كانت تملك ورشاً لتفخيخ السيارات في تلك المنطقة.