عاشت العاصمة الجزائرية، أمس، أجواء قلق وتوتر بعد نشر السفارة الأميركية في الجزائر معلومات قالت إنها «غير مؤكدة» تشير إلى تحركات لعناصر تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» لتنفيذ اعتداءات انتحارية وشيكة تستهدف مراكز حيوية وسط العاصمة التي عاشت الأربعاء الماضي أحد أعنف الاعتداءات منذ تصاعد أعمال العنف في البلاد عام 1992. ووزعت السفارة الأميركية صباحاً على موقعها على شبكة الانترنت تحذيراً جديداً للرعايا الأميركيين جاء فيه: «وفقاً لمعلومات غير مؤكدة، ربما تكون هناك هجمات مخططة في 14 نيسان (أبريل) 2007 (أي أمس) في مناطق تضم مكتب البريد المركزي الجزائري ومقر التلفزيون العمومي ضمن مجموعة من الأهداف الأخرى». وأضافت أن السفارة الأميركية «ستفتح أبوابها كالمعتاد لكنها ستحد من تحركات موظفيها في المدينة بناء على هذه المعلومات». وجاء التحذير الأميركي متزامناً مع محاولات الأجهزة الأمنية الجزائرية التعرف على هوية أعضاء «خلايا انتحارية» جديدة يُعتقد أنها تتحرك لتنفيذ هجمات جديدة، علماً أنه لم يتم بعد التوصل إلى تحديد مكان ورشة تجهيز السيارات التي استُخدمت في الهجمات التي تبناها تنظيم «القاعدة» الأربعاء في العاصمة ضد قصر الحكومة ومركز أمني في باب الزوار. وبادرت أجهزة الأمن منذ مساء الخميس إلى شن سلسلة من عمليات التمشيط والبحث عن عدد من المشبوهين في أوساط الإسلاميين المتشددين في ضواحي العاصمة بعد بروز عناصر جديدة في ملف «الخلية الانتحارية» التي نفّذت تفجيرات «الأربعاء الأسود» التي خلّفت 33 قتيلاً وعشرات الجرحى. وتردد أنه تم توقيف عدد من الشبان الذين يُشتبه في أن لهم صلة ما بالمسلحين أو وفروا لهم الدعم والسند، لكن لم ترد تأكيدات لذلك من أجهزة الأمن. ونشرت قوات الأمن أمس أعداداً كبيرة من أفراد الشرطة والدرك في وسط العاصمة وفي الضواحي، كما عُزّزت المراقبة في الحواجز الثابتة على مداخل المدن الكبرى وكُثّفت المراقبة داخل وحول المؤسسات الحيوية التي اتخذت حولها اجراءات تفتيش صارمة تحسباً لأي هجوم جديد. من جهتها، دعت القنصلية الفرنسية العامة في الجزائر رعاياها إلى التزام «الحيطة والحذر» ونصحتهم «بعدم القيام برحلات غير ضرورية إلى الجزائر حتى نهاية الأسبوع»، ودعت «الرعايا الفرنسيين الموجودين في الجزائر إلى الحد من تنقلاتهم في المدينة والتزام الحيطة والحذر». وأفاد مصدر أن لجوء واشنطن إلى نشر «مذكرة التحذير» على موقع سفارتها في الجزائر، ترك «انزعاجاً» لدى السلطات نظراً إلى أن التحذير زاد حال الرعب والذعر في أوساط السكان المصدومين أصلاً نتيجة تفجيرات «الأربعاء الأسود». وأضاف أن واشنطن لم تُخبر الأجهزة الأمنية بالمعلومات التي توافرت لديها حول وجود مخطط لتفجير البريد المركزي أو مبنى التلفزيون الجزائري. إلى ذلك، يقوم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة اليوم الأحد بزيارة ميدانية للعاصمة ويدشن عدداً من المرافق الجديدة بينها المبنى الجديد لمجلس قضاء الجزائر القريب من أحد أبرز الأحياء الشعبية في وسط العاصمة. ويتوقع أن يتحدث الرئيس الجزائري علناً للمرة الأولى عن اعتداءات «القاعدة» في العاصمة. وفي لندن («الحياة»)، تلقت «الحياة» سلسلة من بيانات الاستنكار لتفجيرات «الأربعاء الأسود» في الجزائر، وبينها بيانان من القياديين السابقين في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة رابح كبير وأنور هدام اللذين دانا في شدة ما حصل وشددا على ضرورة مواصلة سياسة المصالحة الوطنية.